لقد تراكمت الاحزان منذ زمن بعيد و تفجرت بأحباط كبير منذ حادثة جسر الائمة , فمنذ ذلك الحين ألي الان أخذت العزلة عن الواقع السياسي لدي كاتب هذه السطور مكانها.

فبكل بساطة لم أستطع أن أستمع ألي المزيد من أخبار القتل و الابادة الجماعية للعراقيين في كل أنحاء العراق الجريح.

أن الصعوبة النفسية تكمن و تتركز لدي من يدعي الاخلاص في النية و يزعم الوعي بالمسألة السياسية, من باب ما خلف اللعبة, و ما هو بين السطور.

أن من يزعم الوعي و يدعي الاخلاص, يعرف أن قتل العراقيين لأنهم عراقيين سيستمر, و هو مستمر للأسف الشديد بدون توقف , بأستخدام كل الوسائل المتاحة , هم أستخدموا حتي الحصة التموينية لتسميم العراقيين, و ناهيك عن المشكلة الازلية من البلوتونيوم المنضب الذي ينشر السرطانات المختلفة و الامراض البشعة بين الناس المساكين .

أن تلك المسألة السابقة, مخطط لها منذ زمن , و يتم التطبيق الان , لتنفيذ خرافات التيار المسيحي اليميني المتطرف و أطروحاته الخزعبلاتية , بوجوب قتل الملايين من أبناء الرافدين لكي يعود المسيح من جديد!!!!!!!!

أضافة الي أن هناك محاولات المستمرة لأذلال العراقيين و العراقيات , و هي محاولات مُبرمجة علي وسائل الاعلام الصدامية الجديدة , تتركز بأظهار العراقيين بمواضع الذلة و الحرمان و السؤال, و هذه المحاولات الاذلالية علي المستوي المعيشي و الاجتماعي, ستستمر لترسيخ الذلة و الخنوع في اللاوعي عند الانسان العراقي, كما يحاولون ترسيخ الطائفية في اللاوعي لديه كذلك(أنظر مقالة التكرار لخلق الاستحمار لكاتب هذه السطور)

أن هناك تخطيط مبرمج و مخطط له لقتل العراقيين و أذلالهم , أن هناك حقد دفين و كبير علي هذا الشعب المظلوم الحزين الغارق في مجالس العزاء و مسلسل فقدان الاحبة والاصحاب و الابناء و الاباء و الامهات و الاخوات من كل حدب و صوب.

حتي تولدت لدي الكثيرين العقدة النفسية و منهم كاتب هذه السطور من السؤال عن الاحبة و الاصدقاء في داخل العراق الجريح .

أن كاتب هذه السطور مرعوب من السؤال عن العديد من الاخوة و الاخوات , الذين كانوا يتواصلون معنا بالسلام و التأييد و الاسئلة التنظيرية الفكرية, و حتي المناقشات النقدية لما نكتب.

أن المسألة ليست أن تكتب لتكتب , أن المسألة أن هناك ما يحرق قلب الانسان علي قتل و أضطهاد, وعلي استمرار محاولات أذلال حقيرة و منحطة للعراقيين , من خلال أظهارهم علي فضائيات الصداميين الجدد التابعة للمشروع الأجنبي, في مناظر و مشاهد و ترتيبات أعلامية, تريد الاهانة للعراقيين , و تتحرك في خط تثبيت الاذلال و الذل للعراقيين في اللاوعي.

ليست المسألة أننا لا نريد السلطة للأخرين , التي لم يقدمها لهم الأجانب الي هذه اللحظة , و لن يقدموها الي أي أحد أخر بطبيعة الحال .

أن الأجانب يريدون عبيد و خدام لهم فقط لا غير, بغض النظر عن دين أو مذهب الشخص أو عرقه.

أن الاستخبارات الاستكبارية بشكل عام , تتفق مع جميع الاطراف في كل البلدان المطلوب السيطرة عليها , و في المرحلة الاخيرة هي تختار واحد من الاطراف المتفق معها علي الحكم حسب ظروف المصلحة الاستكبارية فقط لا غير , فهذا نوري السعيد علي سبيل المثال:

هو كردي كان يحكم العراق .

من ناحية أخري, ناظم كزار كان يقول:

أن رفاقه في حزب البعث كانوا طائفيون و يكرهونه لأنه شيعي!!!!!! و يحاربونه في مجلس قيادة الثورة لأنه شيعي , و الكل يعرف من هو نوري السعيد و من هو ناظم كزار.

لسنا نريد أكراداً كنوري السعيد.

أو شيعة كناظم كزار.

أو سنة كصدام.

أقول هنا , و اشدد علي العبارة التالية:

أن نوري السعيد لم يكن كرديا حقيقيا, و لا ناظم كزار شيعيا حقيقيا, و لا حتي صدام سنيا حقيقيا , و أضع أكثر من خط تحت العبارات السابقة.

أن هؤلاء مجرمين و خدم للأجنبي و عملاء له, أنتهي دورهم فتم أستبدالهم .

و الكلام عن كردية فلان و شيعية علنتان و سنية فلنتان و تسنن لحكومة و شيعية لحكومة أخري, هو من باب المحاولات المستمرة لأستحمار من لا يملك الوعي و ليست لديه البصيرة , و من يفتقد الفهم السليم لبواطن الامور.

لقد تم أستبدال صدام بصداميين جدد , هذا ما حدث في العراق الجريح , و ميشيل عفلق ما زال يتكلم في بغداد , و لكن هذه المرة بأسم الحرية و الديمقراطية.

و ليست المسألة أننا نتحرك بالضدية من أجل الضدية , أن المسألة هو رغبتنا أن يرتاح العراقيين الحقيقيين من كل هذا الالم المستمر منذ أكثر من خمسة و ثلاثين عاما الي يومنا هذا.

و عندما نتحرك بالنقد و السؤال و التساؤل الي من يدعي أن لديه سلطة و حكومة!!!! في بغداد , حول تلك الامور و ما يجري علي أرض السواد من مأسي لا تعد و لا تحصي.


عندما نقوم بمثل هذا التحرك نحن أو غيرنا ممن يزعمون و يدعون أنهم يعيشون الحرقة علي ما جري و ما يجري علي الناس, و المحرومين الحقيقيين في أرض السواد.

و في كل مرة نقوم أو يقوم غيرنا بمثل ذلك التحرك , و عندما يتم وضع المستعرقين و الصداميين الجدد في حكومة بلدية المنطقة الخضراء في زاوية المطالبة بالاجوبة, لا تجد منهم ألا أسلوبين في الرد.

الاسلوب الاول:

يكون بالمطالبة بلجنة تحقيق , و طبعا ما أكثر لجان التحقيق الموجودة الان, من غير أي نتيجة , أو أية متابعة لتطبيق مقررات اللجنة التحقيقية(علي حد علمي علي الاقل).

فيما عدا طمطمة و دفن الموضوع و أبعاده عن التناول الاعلامي , و هذا ما يراد أصلا من أنشاء اللجان التحقيقية , و هو الطمطمة و أبعاد الموضوع عن التناول الاعلامي , و هو بالمناسبة أسلوب أستخباراتي قديم جديد.

فأين نتائج التحقيق في حادثة جسر الائمة المؤلم و الدامي ؟

و اين نتيجة التحقيق في حادثة أكتشاف أثنان من الضباط البريطانيين باللباس العربي التقليدي , و الاخر باللباس الديني المعمم , و بحوزتهم المتفجرات و المفخخات أمام أحد الاضرحة الدينية؟

و أين هي السيادة المزعومة بأقتحام مقار الامن العامة و تخليص الضباط الاستخبارات البريطانيين؟

و هل تم عمل تحقيق اصلا في موضوع التفجيرات الانتحارية الاجرامية التي تم القيام بها في مركز مطار المثني , لثلاث مرات متتالية؟

كل مرة يتم دعوة المجندين , و هم بالاصل من الجائعين و المحرومين , ممن أضطرهم الجوع الي التقدم للتجنيد للحصول علي راتب من أجل أطفالهم و عوائلهم , نقول:

أن في كل مرة يتم الدعوة الي تجمع المجندين في نفس المكان , يتم التفجير , و هذا الامر تم لثلاث مرات و راح فيها أرواح لعراقيين أبرياء , المرة بعد الاخري, و تفجرت فيها أحزان فوق الاحزان التي لا تنتهي , فمن وراء كل ذلك يا تري؟

أليس الاحري بمن يدعو هؤلاء الي التجمع في نفس المطار كل مرة , أن يتحرك بالاحتياطات الامنية و الاستخباراتية , و الحادث تكرر لأكثر من ثلاث مرات في نفس الموقع؟

أم أن وراء الاكمة ما وراءها؟

و أين نتائج التحقيق في حاثة فتح النار علي المتظاهرين السلميين, التي توجهوا بأجسادهم , لفك الحصار عن السيد مقتدي الصدر و جيش المهدي في النجف الاشرف؟

و الحادثة الاخيرة , فضيحة ما بعدها فضيحة , لأن الحادث جري علي الهواء مباشرة و نقلته وكالات الانباء و الفضائيات.

فعمل لجنة تحقيق هي فضيحة في حد ذاتها !!!!؟؟؟؟

فعمل لجنة تحقيق, هو كمن يبحث عن الماء في نهر دجلة!!!!! فالجريمة جرت أمام أعين العالم , و المجرمين يجب محاكمتهم, مع من أمرهم بأطلاق النار, و تعويض اهالي الضحايا , مع الاعتذار الرسمي العلني لأهالي الضحايا .

وأين نتائج لجنة التحقيق في حادث قتل عدد من المؤمنين في داخل مكتب الشهيد الصدر في النجف الاشرف ,و حرق المكتب كذلك , هل تم حساب أحد علي جريمته؟

و الحوادث كثيرة و لجان التحقيق أكثر , و كلها من باب الهروب من الاعلام.

و الاسلوب الثاني في الرد:

هو من الاساليب المضحكة و المخزية لمن يستخدمها , فحين يتم سؤال رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو أحد وزرائه فيما يخص أحد الحوادث التي ذكرناها بالاعلي و حوادث أخري تعد بالعشرات , أو في مسألة الخدمات الاساسية المطلوبة لأي كائن بشري في الالفية الثالثة(كهرباء و ماء و خدمات مجاري و أمن شخصي وأمن عام)

حين تتم تلك المحاصرة بالاسئلة و المطالبات, فانهم يصرحون بكل صلافة و جَلافة بالمطالبة بتنفيذ مطالب الناس!!!!!!!!!!!!

و هذه مسخرة ما بعدها مسخرة و مهزلة بكل المقاييس , و أمر غريب لم أشاهده علي مستوي العالم الا في العراق و في لبنان , حين يطالب الذي من المفترض أن لديه السلطة و القدرة و القرار و الامكانية!!!!؟؟؟؟؟؟ بالتنفيذ!!!!!

أن الحكومة لا تطالب بل هي التي تنفذ , أنها الجهة المفروض أنها مالكة للسلطة و للقرار و للامكانيات المتاحة لها كحكومة.

اذا أنت كنت الحكومة , و تدعي أنك تمثل سيادة, فانت هو السلطة , و أنت من ينفذ المطالب من خلال برامج عمل لديك.

أن المعارضة و من ليس في السلطة, هو من يطالب بالتنفيذ , و ليس من في سلطة التنفيذ يطالب بالتنفيذ.

أذا كنت أنت السلطة فكيف تطالب نفسك بالتنفيذ؟!!

أن هذا جنون و أستخفاف بالعقول و محاولة لأستغباء العراقيين.

علي من تضحكون و من تحاولون أن تستغبون؟

في الحكومات المحترمة من يفشل في التنفيذ يستقيل , و يترك المجال لغيره للعمل في خط تنفيذ مطالب الناس , و العاجز عن الحركة و التحرك كذلك يستقيل , و ليصحح لي الاخوة و الاخوات هذا الامر أذا كنت مخطئا في ما أقول.

ألا أذا كانت حكومة بلدية المنطقة الخضراء ليس لديها سلطة أساسا و ليس لها قرار و ليس لها سيادة.

فالمطالبات بالتنفيذ أذن هي موجهة ألي جهة أخري , و هذه الجهة هي الجهة الحقيقية التي تحكم العراق الجريح.

فمن هي تلك الجهه التي تحكم العراق و لديها السيادة الحقيقية , و تمثل السلطة الاستخباراتية و العسكرية و الامنية و الاقتصادية علي أرض الواقع العراقي الجريح؟

الدكتور عادل رضا

(من مدينة البصرة الاسيرة , حي الجزائر)