النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow حركات التشيع في المغرب .. ومظاهره !! ..

    حركات التشيع في المغرب ومظاهره
    د. عبد اللطيف السعداني
    تحقيق وتقديم: ا. الحسين الادريسي



    مقدمة
    يقول ابن بسام، في تعليقه على قصيدة لابي عمر بن دراج القسطلي التي قالها في رثاء علي بن حمود: «وهذه القصيدة له طويلة، وهي من الهاشميات الغر...، لو قرعت سمع دعبل بن علي الخزاعي والكميت بن زيد الاسدي لامسكا عن القول، وبرآ اليها من القول والحول، بل لو رآها السيد الحميري وكثير الخزاعي لاقاماها بينة على الدعوى، ولتلقيا بشارة على زعمهما بخروج الخيل من رضوى...»



    اذا وضعنا هذا النص في اطاره التاريخي والادبي لوجدناه يعبر عن محاولة الاندلسيين ابراز نبوغ شعرائهم وادبائهم، بعد ان ضاقوا ذرعا بتقليد كل شيء آت من المشرق،وتضايقوا من نظرة المشارقة الى المغاربة والاندلسيين باعتبارهم تبعا لهم في كل شيء،وقد اوضح ابن بسام، في مقدمة «الذخيرة»، هذا المقصد بوضوح، كما ابرزه مصنفون وشعراء آخرون، وفي ذلك قال ابن حزم الظاهري:
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة
    ولكن عيبي ان مطلعي الغرب
    واذا كانت هذه نظرة القدماء، باقتضاب شديد، فما هي وجهة نظر المحدثين في هذه المسالة؟

    لا شك في ان بعض النظرات الاستعلائية، من المشارقة الى المغاربة، قادت الى ردفعل متطرف لا يصمد امام النقد، واحسن من مثل ردة الفعل هذه هو الدكتور محمدعابد الجابري في مشروعه الذي اسماه «نقد العقل العربي»، ووصل الى خلاصة مبتسرة مفادها ان المدرسة المغربية الاندلسية عقلانية وعلمانية، بينما المدرسة المشرقية عرفانية صوفية هرمسية تصل بالعقل الى الاستقلالية. لكن الباحثين المغاربة كانوا اول من فند هذه النظرة التجزيئية الضيقة، ونذكر منهم، على سبيل المثال لاالحصر، الاستاذ طه عبد الرحمان والاستاذ الهاني ادريس، ومن المشارقة من تصدى لهذا الطرح الضيق، نذكر منهم السيد كامل الهاشمي والدكتور جورج طرابيشي وطيب تيزيني وعلي حرب... وبين التضخيم والالغاء تضيع الرؤية، وتحتم على الباحث الجادوالمتوازن ان يناى عن النظرة الاقليمية الضيقة من دون اقصاء ولا استعلاء، لكن الحقيقة المرة التي لا يمكننا ان نتجاوزها تخبرنا بان التراث الادبي والفكري في الغرب الاسلامي ظل مغيبا من جل الدراسات الادبية والفكرية، وحتى ان اهتم بعضهم به كانت النتائج مشوهة اما لعدم سلامة المنهج او لعدم مراعاة خصوصية هذا التراث وتميزه من غيره، ولا نريد ان نسقط في التعميم لان هناك دراسات جديرة بالتقديرعلى مستوى التاليف والتحقيق والتاريخ، ولقد كان بحث السيد حسن الامين «بنومرين»، في العدد الرابع عشر من مجلة «المنهاج»، ضمن هذا المجهود النير، والعلمي الذي لا يجب اغفاله. ويمكن ان اقسم الدارسين المغاربة الذين اهتموا بهذا التراث الى قسمين:


    الأول: وهو جيل المؤسسين الذين نفضوا الغبار عن المخطوطات واقتحموا مجاهل المكتبات بحثا وتحقيقا بارادة كبيرة رغم ضعف الوسائل، وقام هذا الجيل بدراسات قيمة، وله يعود الفضل في اخراج هذا التراث من المطامير والخزانات الخاصة وانقاذه من التلف والضياع.
    والجيل الثاني : وكان قد تتلمذ على يد الجيل الاول، وهو فريق نشط من اساتذة الجامعات واصلوا مهمة التحقيق والدراسة والتصنيف والتاليف، وقدموا صورة واضحة عن هذا الادب والفكر، بل وصححوا كثيرا من الاراء المغلوطة لبعض المستشرقين وبعض المشارقة الذين رددوا اقوال المستعربين الاسبان، وهم لا يزالون يتابعون مهمتهم بحثا وتكوينا، وستكون وقفتنا اليوم مع رائد من رواد الجيلين: الاول والثاني في الوقت نفسه، وهو المرحوم الدكتور عبد اللطيف السعداني خريج جامعة طهران سنة 1964. وقد كان من الباحثين الاوائل الى جانب بن تاويت التطواني الذين استطاعواالجمع بين ثقافتين عانتا كثيرا من التهميش والتجاهل من باحثي الادب العربي، ويتعلق الامر بالثقافة المغربية الاندلسية والثقافة الفارسية وما تحملانه من خصوصية ضمن التراث الاسلامي والانساني. والغريب في الامر ان نجد باحثين عرب ياخذون من هذين الثقافتين بوساطة الثقافة الغربية، وهذا ما يقود الى نتائج مبتسرة ومكرورة.


    لقد كان الدكتور عبد اللطيف السعداني استاذا للادب الفارسي في جامعة الرباط وبعد ذلك في فاس، وقد اشرف على تكوين كثير من الاساتذة الجامعيين الذين يملاون الساحة الثقافية اليوم بحثا وتمحيصا. وقد خوله اطلاعه الواسع على الثقافتين الفارسية والمغربية الاندلسية ان يلج باب الدراسات المقارنة، كما قدم بحوثا قيمة نشرت في بعض دوريات جامعتي الرباط وفاس، غير ان الاستاذ فارق الحياة وهو في اوج عطائه،وكان سعيه مشكورا اذ اوقد مصابيح كثيرة هي في حاجة، من جيل الباحثين الجدد، لان يواصلوا المهمة، والا يتنكروا لجيل الاساتذة المؤسسين. ولا تزال الدكتورة مهوش اسدي، حرم الاستاذ عبد اللطيف السعداني، تواصل مهمة التدريس في جامعة فاس في تخصص اللغة الفارسية وآدابها، كما اننا نتمنى من د. مهوش اسدي ان تنير لنا طريق ذلك الاستاذ الراحل وتزيل عنه وعن بحوثه بعض ما علق بها من الغبار، هذه البحوث التي كان لها فضل السبق في اثارة قضايا سكت عنها الكثيرون، ووفاء منا لمجهودات هذاالرجل الكريم نقوم بتقديم محاضرته هذه للقراء والنقاد والدارسين بعد ان قمنابمراجعة النص الاصلي والقيام ببعض التصويبات، ومراجعة مصادره ومراجعه وتحقيقهاواثبات احالاتها، وللاشارة فان الدكتور السعداني كان قد قدمها في المؤتمر الالفي لشيخ الطائفة الطوسي (قده) في ايران، وقد طبعت حينها في كراسة متواضعة نشرتها(دانشكاه مشهد داشنكاه الهيات ومعارف اسلامي، مركز تحقيقات ومطالعات) سنة(1398ه) تحت عنوان «حركات التشيع في المغرب ومظاهره». ويبدو ان الدكتور السعداني كان قداقتحم غمار هذا البحث منذ اكثر من عشرين سنة، وفي ذلك الوقت كان كثير من المصادر المغربية الاندلسية لا يزال مفقودا او مخطوطا، وقد يلاحظ الباحث ذلك في هوامش هذا البحث، لكن وللاسف لم يضف الدارسون شيئا جديدا،وبعض الدراسات التي تناولت الموضوع لم تخل من نزعات مذهبية ضيقة، ولذلك نامل ان يكون نشر هذا البحث في «المنهاج» الغراء منطلقا لمناقشة هذا الموضوع من زوايا متعددة.


    المحاضرة

    عادات مستقرة في بلاد المغرب
    بحلول شهر محرم، من كل عام، يتغير وجه الحياة في المغرب؛ حيث يدع الناس ايام الدعة والاستكانة الى الاهواء، ويتبدلون بها عودة الى محاسبة النفس، فيستيقظ الضميرفيهم وتعود الذكرى الى حياتهم الاسلامية لتنير فيهم واقعهم وما هم عليه، وتحيي في ايمانهم المعنى الخفي للحقيقة التي انتقلت من الوحي النبوي الى آل بيته وابناء عترته.تلك هي ذكرى عاشوراء، واستشهاد سيدنا الحسين. ففي هذا الشهر ترى الناس في جميع مدن المغرب في هرج ومرج لا يمكن ان يوصف الا بان حدثا عظيما قد حل بهم، واي حدث اعظم من الفتنة الكبرى التي ادت الى انهيار ذلك الطود العظيم حفيدرسول الله(ص)، فاذا هم منصرفون الى القيام باعمال وتصرفات امتزجت اليوم فيهم جميعهم، وحلت من السنة محلا مرموقا مترقبا، ولكن الزمن اكسب هذه المناسبة طابع العادة حتى لا يكاد الا القليل يدرك مغزاها الحقيقي.

    غير ان الامر الذي تعرف عليه اهل المغرب، ونظروا اليه نظرة احترام وتقديس هو ان شهر المحرم شهر العزاء يهيمن فيه الاسى والحزن العميق على القلوب، فلا يباح مطلقا التجمل حتى ولا غسل بيوت او ثياب، ولا تزف عروس، ولا تدق طبول او تسمع مزامير، بل ان الناس يلبسون في هذه المناسبة لباس العزاء؛ وهي في بلاد المغرب ثياب بيضاء. وتبدا الاسر العلوية هذه المواسم، منذ اليوم الاول من المحرم الى العاشر منه، اما باقي الشرفاء فيتمون الى آخر الشهر، ويطبخ في اليوم المشهود الاكل للتصدق به، وقد جعلت طبقة التجار هذه المناسبة لبذل المال، فكان هذا اليوم هو يوم الزكاة في السنة، لكانما يرمز ذلك الى محاسبة الاعمال. اما الاخرون فيمسكون عن الاكل في هذا اليوم احتسابا لله. ولا ينفك الحزن غالبا على احوالهم حتى ليعتقدوا انه غالبا مايصادف ان يبكي الانسان في هذا اليوم، يوم عاشوراء، بل لتجدنهم سعداء بتلك الدموع الغالية التي تذرف تعبيرا عن الالم لفقدان شهيد الحق. اما الاطفال فلهم من هذه الذكرى اللعب، ونلاحظ من بينها قلل (براميل) الماء الصغيرة التي تهدى اليهم من ذويهم، وذلك رمز للظما الذي مات به شهيد الذكرى. واكبر ما يستوقف الملاحظ هوبقايا مشاهد المراثي التمثيلية بالكراكيز التي تقام كل سنة في المدن: مكناس وفاس ومراكش.
    فكيف استقرت هذه العادات في الحياة المغربية؟ والى اي حد تغلغلت في عقيدة المغاربة؟ ان المغاربة، منذ بداية تاريخهم الاسلامي، لهم حب شديد وتعلق كبير ب آل البيت الاطهار، وليس ادل على ذلك من مؤازرتهم لهم حيث وجدوا عندهم الملاذالاخير بعد ان حوربوا في بلادهم ويئسوا من البقاء فيها، فالتجاوا الى بلاد المغرب،فايدهم المغاربة ونصروهم واعترفوا بحقهم، وبذلك تكونت في رحاب المغرب الاقصى وبين ظهراني المغاربة الدولة الهاشمية الادريسية، وهي اول دولة علوية تتكون في العالم الاسلامي. كما ان اول دولة شيعية وهي الدولة الفاطمية نشات وترعرعت في بلاد المغرب بتونس، وكان هذا الامر نفسه هو الدعامة الاساسية لتكوين الدولة السعدية والدولة العلوية بعد ذلك في المغرب. وهذا فضل للمغاربة سجلوه في تاريخ العقيدة يقضي الانصاف ان نذكره لهم هنا.

    دولة الادارسة


    بعد ان انجاب الظلام، في وقعة فخ، ثاني ذي الحجة سنة 169ه، عن مقتل الامام محمد (النفس الزكية) بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه؛ تفرق ابناء عبدالله في الارض شذر مذر، وولى كل وجهة يطلب النجاة بالامانة التي يحملها بين جوانبه، ويبحث عن المكان الجدير بها ليبث السر ويذيع الامر... وسقط الاخوة الواحد تلو الاخر في ميدان الجهاد من اجل الدعوة في مختلف بقاع العالم الاسلامي. وكان ادريس، احد هؤلاء الاخوة، قد يمم وجهه شطر بلاد المغرب يرافقه ويرعاه مولاه راشد، وكتبت له الاقدار النجاة من الاخطار التي كانت تترصد آل البيت حيث ما كانوا والتي كانت ترافقه وهو ينتقل من الحجاز الى مصر، ومنها الى برقة والقيروان ثم طنجة، واخيرا استقر به المطاف، غرة ربيع الاول سنة 182ه، في مدينة «وليلي». وبذلك خط في تاريخ الشرفاء العلويين عهد جديد يبشر بالخير..

    وما ان عرف صاحب «وليلي» عبد الحميد الاوربي نسب المولى ادريس الشريف حتى رحب به وانزله المكان الجدير به، وسمع به اهالي قبائل اوربة البربر فهرعوا يسلمون اليه قيادهم شاكرين لله هذه النعمة، معبرين عن ذلك بقولهم: «الحمد لله الذي اتانا به وشرفنا بجواره فهو سيدنا ونحن عبيده نموت بين يديه».فاخذ منهم عبد الحميد البيعة للمولى ادريس.

    كان هدف المولى ادريس، منذ اللحظة الاولى، هو نشر الاسلام على نطاق واسع بين مختلف قبائل البربر المغربية؛ اذ ان اكثرهم كان لا يزال يدين باليهودية والنصرانية.وعاود هذه الحملة التطهيرية سنة 173ه، واردفها باخرى حتى اسلمت بلاد تامسناوتادلا، ممهدا لارساء اسس دعوته، ولكنه لم يستمر طويلا في القيام بالامر فقد عاجلته القوى المترصدة لال البيت(ع) في بغداد بعد ان قضت على كل اثر لهم في الشرق،فقتل ولما يمر على حكمه سوى زمن يسير. ثم ما لبثت النكبات ان بدات تظهر من جديد، فقتل مولاه راشد الذي اخلص للدعوة لال البيت، وتفانى في خدمة المولى ادريس، وكان له اكبر الاثر في تكوين هذه الدولة الفتية. وركدت امور هذه الحركة الاسلامية المباركة في بلاد المغرب قليلا، غير ان البربر استمروا في الوفاء للعهد الذي بذلوه الى ان شب ادريس الثاني الابن الوحيد الذي تركه مؤسس دولة الادارسة من زوجته البربرية «كنزة»، وبلغ الحادية عشرة، فتسلم زمام الامور وتابع القيام بهذه المسؤولية...
    فبرزت المرحلة الثانية من مسيرة الدولة الادريسية، وما زال يوطد دعائمها، فكان مماعمد اليه واهتم به قطع الصلة بين المغربين وبين الدولة العباسية((233)) واستئصال الخوارج الصفرية من البلاد. وبهذا نرى انه وضع الخطة التمهيدية الثانية، وافسح في المجال للدعوة والقائمين بها. ومضى خلفاؤه من بعده في محاربة الخوارج كما فعل علي بن عمر بن ادريس ويحيى بن ادريس الذي قضى على الخارجي الثائر في فاس عبدالرزاق الفهري الصفري((234)). ولكن خلفاء المولى ادريس الثاني واجهوا، في سبيل نشر دعوتهم والاعلان عنها، عراقيل كثيرة وصعابا جمة، فقد كثرت الاضطرابات والقلاقل من كل جانب بعد ان وزعت المملكة بينهم، واستفاد المتربصون شراوالطامعون في احتلال البلاد. فالامويون في الاندلس يحاولون باصرار بسط نفوذهم على المغرب والسيطرة على دولته، ويستخدمون لذلك جميع الوسائل ليضطرواحكامه الى الخضوع حتى انهم سلطوا عليهم اشد الحقد وارادوا استئصالهم من المغرب نهائيا، وظلوا لهم بالمرصاد الى آخر ايامهم حتى اجلوا عن اوطانهم ورحلواالى الاندلس... الى جانب هذا كان على مسرح المغرب في المرحلة الحساسة لتكامل دولتهم نشوء الدولة الفاطمية في تونس ومزاحمتها في تزعم هذه الحركة.

    ومع ذلك، فقد تخللت مرحلة حكم الشرفاء الادارسة للمغرب اوقات اعلن فيها الحكم الشيعي الصريح ومذهبه حيث سمحت الفرصة بالبوح بعقيدتهم. ذلك ان هذه الدولة كانت تشهد على حدودها الشرقية مولد اول دولة شيعية هي الدولة الفاطمية في تونس،وسرعان ما تم الامر لهذه الدولة، وبدات توسع رقعة سلطانها في المغرب من جهة وتتطلع الى مصر من الجهة الاخرى، ففي سنة 305ه توجه مبعوث عبيدالله «مصالة بن حبوس المكناسي»، قائد عبيدالله المهدي، الى المغرب، ووصل الى فاس حاضرة الادارسة فحاصرها، وكان اميرها يحيى بن ادريس الادريسي الامير الذي ملك جميع بلاد المغرب وبلغت الدولة الادريسية في عهده اعلى مقام واصبحت الحال على وشك الاستقرار. فشدد الحصار الى ان صالحه هذا الامير بقبول طاعة عبيداللهالشيعي، فابقاه على حكم باقي البلاد المغربية، وكان من الجائز ان تسير امور الادارسة والفاطميين على احسن ما يرام، وان ينمو هذا الاتجاه الجديد في العقيدة المغربية يؤازراحدهما الاخر ويعينه لو لم يدب الحقد والحسد الى ابن ابي العافية فيوغر صدر«مصالة» على يحيى الادريسي ويوقع بينهما وهو يظهر النصح للشيعة والاخلاص لهم والتمسك بدعوتهم. وهنا يتحول اهتمام الادارسة فينصرفون الى الانشغال بمبارزة العداء الذي يواجههم، وتتم المؤامرة فيعزل يحيى، ولكن اهل فاس لا يقبلون «ريحان»بديله عليهم من قبل العبيديين، ثم لا يلبث ان يثور الحسن الحجام بن محمد بن القاسم بن ادريس سنة 310ه، ولكنه يلقى حتفه بسبب خيانة عامل فاس سنة 313ه.وهنا ينتهي عهد الادارسة في فاس؛ حيث يعتصمون «بحجر النسر» بالريف، ذلك المعقل الذي بناه اخو الحسن الحجام ابراهيم سنة 313ه، وظل ابن ابي العافية متحكمافي المغرب من طرف العبيديين الى سنة 320ه؛ حيث خلع طاعتهم ودعا للامويين،فحاربه الفاطميون، وخرج اذ ذاك الادارسة من حصنهم «حجر النسر» بعد ان ظلوا فيه اربعة اعوام، وانضموا اليهم في قتال موسى بن ابي العافية حتى قضوا عليه... ولكن البلاد بقيت مع ذلك في قبضة الامويين الى سنة 323ه؛ حيث قدم ميسور الفتى الى المغرب من لدن ابي القاسم عبيدالله المهدي على اثر وفاة والده، وحاصر مدينة فاس الى ان تمكن منها، وبقيت هذه المدينة تحت امرة الفاطميين حتى سنة 330ه، اي مدة ثماني عشرة سنة فتولى الادارسة جميع البلاد قائمين بدعوة ابي القاسم الشيعي.ويظهر انه تم بذلك اجتماع هاتين الحركتين وبدا الانسجام بينهما... فنجد الادارسة في هذه المرحلة يظهرون تشيعهم؛ اذ ملك منهم اذ ذاك القاسم بن محمد بن القاسم بن ادريس الثاني الملقب ب «كنون» وقام بدعوة الشيعة((235)).

    غير ان القوة التي كانت تجاورهم من الشمال كانت تهددهم باستمرار، فما ان توفي «القاسم» سنة 337ه، وتولى ابنه «ابو العيش احمد بن القاسم» حتى دعا الى الامويين وبايع لعبد الرحمن الناصر لدين الله (300 377)، ويمتاز هذا الامير بانه كان يتوق الى الجهاد في بلاد الاندلس وبها مات سنة 343ه، تلك البلاد التي كان لها في ما بعد شان في تاريخ هذه الدعوة، فما لبث الفاطميون ان اعادوا الكرة سنة 349ه، وردوا الامور في المغرب الى نصابها. وبعد هذا ظهر آخر ملوك الادارسة، وهو اخو ابو العيش، الحسن بن كنون مبايعا للعبيديين ثم للامويين «خوفا منهم لا حبا فيهم» كما يقول ابن ابي زرع في كتابه القرطاس((236)) الى ان دارت عليه الدائرة، فابعد واهله عن المغرب،وانتهى الامر ان حاربهم وقتل وهو يحاربهم سنة 375ه، وبذلك انقرضت الدولة الادريسية وهي تخوض المعارك((237)). لقد ملكت هذه الدولة العلوية الشريفة بلاد المغرب زهاء مئتين وثلاث سنوات، وبسطت نفوذها من السوس الاقصى الى مدينة وهران، وبالرغم من هذه المدة الطويلة فانها لم تتمتع بالاستقرار الذي يمكنها من خوض المعارك الفكرية والعقدية التي كانت على اهبة القيام بها بعد المعارك السياسية((238))، فقد اصابتها هزات عنيفة من كل جانب، وقصرت عن الوصول الى مستوى منافسيها في الخلافة ل «ضعف سلطانهم وقلة مالهم»((239))، على ان هناك في راينا عاملين اساسيين آخرين كان من شانهما ان لا يشجعا على ظهور التشيع في المغرب يجب ان يضافا الى ما تقدم. فبالرغم من ان المغرب قد عرف ظهور دولة المذهب الشيعي ومبادئه فان ازدهار هذا المذهب وبلوغ الدولة الفاطمية شاوا كبيرا تم بعيدا عن البلاد المغربية في مصر، وقد كان هذا من الاهداف التي جعلت الفاطميين ينقلون دولتهم من المغرب الى مصر.كما ازدهر الفكر الشيعي في البلاد الشرقية مثل ايران، حيث كانت هذه البلادمستعدة فكريا لقبول العقائد الشيعية والخوض فيها لماعرفته من قبل ذلك من فلسفات وعلوم ومعارف، كما انها كانت مستعدة روحيا لذلك بعدما عاشت الصراع السياسي الذي خاضه ائمة التشيع. وهذا كله لم يكن يتوافر في البلاد المغربية التي كانت عقيدتها الاسلامية ولا تزال بسيطة وايمانها بهذه العقيدة ساذجا.
    ومهما يكن من امر فقد بذل المغاربة للادارسة الولاء ودانوا لهم بالطاعة الكاملة اخلاصامنهم في محبة آل البيت، واوضح دليل على هذا التفاني في الاخلاص لهم انهم كانوادائما معهم يؤيدونهم في حالاتهم جميعها، في متابعتهم للمروانيين، وفي متابعتهم للعبيديين.


    دولة بني حمود
    كاد اثر دولة الادارسة ينمحي، او هكذا ظن اعداؤهم الامويون بعد ان اجلوهم عن معاقلهم في الريف الذي كان يدين لهم بالحب، وفي جبال اغمارة التي ظلت تنقاد لهم وتعظمهم((240)) بعد ابعادهم عن بلادهم حتى لم يبق منهم بالعدوة رئيس((241)) ونفيهم الى الاندلس. غير ان التشيع الموروث لاولاد ادريس((242)) خلد هذه الدولة الى الابد في نفوس المغاربة والبربر بعامة، فلم تخب دولتهم ولا زال امرها بل سرعان ما انتقلت الى الاندلس لتزيل دولة بني امية وتخلفها،وكانت حركة اولئك النازحين الى هذه البلاد من تلك الاسرة الادريسية الذين استقرواسنة 324ه بقرطبة تحت رعاية ملكها الحكم الاموي الرمز الاول لهذا الانتقال.كماانتقلت مع البربر الفاتحين للاندلس في ذلك العهد الذين حفظوا للشرفاء عهد المحبة والولاء، فما ان ظهر احفاد للادارسة على مسرح الحياة السياسية بالاندلس حتى التفواحولهم ودعوا لهم.. كان ذلك عندما عبر اثنان من اعقاب الادارسة الى بلاد الاندلس في خدمة سليمان بن الحكم الاموي، وهما القاسم وعلي ابنا حمود بن علي بن عبيداللهبن عمر بن ادريس الثاني بن ادريس الاول. وكان اول امرهما ومبدا نشاة الدولة في اسرتهما ان وليا قائدين على المغاربة في الاندلس، ثم وكل سليمان القاسم امورالجزيرة الخضراء، وعليا وهو الاصغر امور سبتة وطنجة. وقد كانت لقبائل صنهاجة((243)) وزناتة وبني يفرن بتاكرونة((244)) وبرغواطة((245)) اليدالبيضاء في مدهم بالمساعدة وشد ازرهم، حتى قال الشاعر ابو عبيدالله الرعيني في مدح القاسم:
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    [email protected]


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    ولما دعا الشيطان في الخيل حزبه
    واقبل حزب الله فوق خيوله
    كتائب من صنهاجة وزناتة
    تضايقت في عرض الفضاء وطوله
    ويكفي دليلا على هذه الصلة الوثيقة التي كانت تربط هذه الاسرة الهاشمية وبرابرة المغرب ان زوال ظلهم عن قرطبة يعزى الى ما اخذه عليهم اهل هذه البلاد من ميل الى البربر((246))
    ولم يخف بعض الناصحين لملك سليمان، من البربر الموالين للامويين، تخوفهم من تولية هذين العلويين الطالبيين((247))؛ اذ سيظل هذا الحق مطلوبا ما دام فيهم عرق ينبض... ولم يمض زمن يسير حتى بدت رايات الدعوة العلوية يقودها احد ذينك النازحين الحموديين الى الاندلس علي بن حمود سنة 457ه. واستجابت الرغبة الدفينة في قلوب مواطنيهم الذين كانوا يسكنون قرطبة فسما ذكرهم((248)). ومنذ ذلك الحين تكونت هذه الدولة. اطلق بعضهم عليهم الحسنيين، وسماهم بعض آخر«العلويين» او «العلويين الادارسة» او «الفاطميين»، ومهما تكن التسمية فان هذه الدولة قامت لارجاع الحق المغصوب لال البيت من اسرتهم. ونلاحظ ان الظروف كانت تفرض قيام من يدافع عن هذا المبدا؛ اذ ان الشيعة كانوا يمرون باوقات عصيبة، فقدساءت حالهم بتونس ولاقوا التقتيل والتعذيب، وقامت الفتن بين السنة والشيعة على اشدها في العراق بواسط((249)). من ذلك نستبين الهدف الذي قصدت اليه هذه الدولة، وقد كان في امرين اساسيين:


    - اولهما مناهضة الحكم الاموي في الاندلس.
    - وثانيهما الدعوة للدولة العلوية وللمذهب الشيعي .


    اما الهدف الاول فقد اصابت منه الكثير حتى ذكر انهم كانوا سبب زوال الامويين من الاندلس والقضاء على دولتهم((250)). اما الدعوة للدولة العلوية فانهم نجحوا في القيام بها الى حد بعيد، فكونوا دولة بجميع مظاهرها وتلقبوا بالقاب الخلافة مثل «الناصرلدين الله» و«المامون» و«المستنصر» و«المتايد»، وبسطوا نفوذهم على كثير من بلادالاندلس، فكانت عاصمتهم مالقة، وملكوا الجزيرة الخضراء وقرطبة واشبيلية وغرناطة والمرية وقرمونة ورندة واعمالها ومن مدن المغرب طنجة وسبتة. وخطب لهم في جميع هذه البلاد وضربت السكة باسمهم.
    اما تشيعهم فقد ظهرت آثاره عليهم، لكن المصادر التي بين ايدينا، وهي مصادر في اغلبها تؤيد المذهب السني، تقول: انهم «تشيعوا ولم يظهروا ذلك ولا غيروا على الناس مذهبهم»((251))، ولم تعقب على ذلك ولا علقت عليه مما يكاد يحس معه من الاشارات العابرة انها اغفلت الحديث عن هذا الامر، وغضت الطرف عنه، ولم تذكر الاما اضطرت اليه اضطرارا عند نقل شعر لاحد شعراء الاندلس في هذه المرحلة مثلا؛اذ كان من اللازم الاشارة الى الشعر الشيعي، وقد بلغ في هذا العصر شاوا عاليا. على اننايجب ان لا نغفل ما يكون قد ركن اليه دعاة هذه الدولة من السرية التي تحتمها الظروف القاسية التي تواجه كل عقيدة تحاول الظهور في محيط جديد.
    ومع ذلك، نستطيع ان نتبين الجو الذي خلفه وصولهم الى الحكم وآمال الناس فيهم.يقول ابو عبيدالله الرعيني الاعمى، من قصيدة في القاسم بن حمود يذكر فيها خيران الصقلبي وقتل المرتضى المرواني وفتح غرناطة:


    لك الخير خير ان مضى لسبيله
    واصبح ملك الله في ابن رسوله
    وفرق جمع الكفر واجتمع الورى
    على ابن حبيب الله بعد خليله
    وقام لواء النصر فوق ممنع
    من العز جبريل امام رعيله
    واشرقت الدنيا بنور خليفة
    به لاح بدر الحق بعد افوله



    على ان اهم ما كان الناس يمجدون به هذه الدولة وما يرجون منه كل الخير هو نسبهم الهاشمي، لذلك كان هؤلاء الامراء يسلكون نهج اجدادهم في اعطاء صورة لتلك العهود التي يرجونها بوجودهم. فعندما تولى علي بن حمود، الملقب بالناصر لدين الله،اخذ الحكم بقوة وساس الناس بالعدل حتى نقلت في ذلك الاخبار العجيبة، ووجدالناس في كنفه الامن والطمانينة، وقد قصده الشاعر احمد بن عبد المالك بن شهيد،وقال وهو يودع قرطبة ملتجئا الى مالقة:


    عليكم بداري فاهدموها دعائما
    ففي الارض بناؤون لي ودعائم
    اذا هشمت حقي امية عندها
    فهاتا على ظهر المحجة هاشم
    وطبعا كان كباقي اسرته متشيعا. ونستطيع ان نستدل من الاوصاف التي وسم بها ان الافكار الشيعية كانت تروج بالاندلس آنذاك، فقد كان ذا ولع بالمدائح النبوية، فكثر هذاالفن في عهده وشاع في الاندلس في ذلك الحين، وكان يجزل العطاء لشعر المدائح النبوية، وقصده الشعراء المتشيعون، فهذا عبادة بن ماء السماء كان معروفا بالتشيع يمدحه ويثبت احقيته في الامامة ويهيب بالناس الى طاعته. يقول:


    أبوكم علي كان بالشرق بدء ما
    ورثتم وذا بالمغرب ايضا سميه
    فصلوا اجمعون وسلموا
    له الامر اذ ولاه فيكم وليه
    ويصف ابو عبيدالله الرعيني القرطبي عليا هذا بالامام فيقول:


    سقا منبت اللذات منها ابن هاشم
    اذا انهملت من راحتيه الغمائم
    امام، امام الدين حد حسامه
    طرير، ومنه في يد الله قائم
    وقد قيلت في رثاء علي بن حمود احدى الروائع من غرر الشعر الشيعي لابي عمراحمد بن دراج القسطلي ابدع فيها واجاد، فاستنزعت من ابي الحسن علي بن بسام في كتابه «الذخيرة في محاسن اهل الجزيرة» اطراء جميلا واعترافا جعلها في قمة الشعر الشيعي، فقال عنها: «وهذه القصيدة له طويلة، وهي من الهاشميات الغر... لوقرعت سمع دعبل بن علي الخزاعي، والكميت بن زيد الاسدي لامسكا عن القول وبرآ اليها من القول والحول، بل لو رآها السيد الحميري وكثير الخزاعي لاقاماها بينة على الدعوى، ولتلقياها بشارة على زعمهما بخروج الخيل من رضوى...»((252)). وتبدا هذه القصيدة ببكاء شجي، بكاء تجهش به قلوب الشيعة في كل مكان، ويترددمعناه في الشعر الفارسي، مستوحى من حمرة شمس الاصيل، يقول:
    لعلك يا شمس عند الاصيل
    شجيت لشجو الغريب الذليل
    فكوني شفيعي الى ابن الشفيع
    وكوني رسولي الى ابن الرسول
    ثم يصف الواقعة الاليمة التي حلت ب آل البيت، فيقول:


    تهاوت بهم مصعقات الرواع
    د في مدجنات الضحى والاصيل
    بوارق ظلماء ظلم قبيح
    دمى من حمى او دما من قتيل
    فأذهل مرضعة عن رضيع
    وانسى الحمائم ذكر الهذيل
    ويصف فيها علي بن حمود ونسبه، فيقول:

    لعل عواقبه ان تتم
    فتهدي الغريب سواء السبيل
    الى الهاشمي الى الطالبي
    الى الفاطمي العطوف الوصول
    الى ابن الوصي الى ابن النبي
    الى ابن الذبيح الى ابن الخليل

    وهذه القصيدة طويلة تنوف على سبعين بيتا((253))، كلها ذات نفس واحد الى آخرها، وقد ختمها مؤكدا مقام آل البيت واحفادهم بني حمود، وامامتهم المدعمة بالكتاب وبالمنطق، فيقول:


    فأنتم هداة حياة وموت
    وانتم ائمة فعل وقيل
    وسادات من حل جنات عدن
    جميع شبابهم والكهول
    وانتم خلائق دنيا ودين
    بحكم الكتاب وحكم العقول
    أما ابن علي بن حمود، وهو يحيى بن علي بن حمود، الملقب بالمعتلي بالله، فقد زادعلى من سبقه من بني حمود بمزية، رفعته مقاما سنيا تلك هي كرم الولادة، فامه هي بنت محمد بن الامير حسن بن القاسم، فهو اذن هاشمي الابوين. وقل ان اجتمع ذلك لاحد من خلائف الاسلام الا ثلاثة من ابناء القرشيات كان هو مكمل اربعتهم. اولهم جدهم الاعلى سيدنا علي بن ابي طالب (كرم وجهه)، وثانيهم ابنه سيدنا الحسن،والثالث هو الامين محمد بن هارون. وقد زاد الى هذا الشرف ولوعه بتهذيب النفس والتخلق بالفتوة شان جده (الفتى) فكان شغوفا بالفروسية وجري الخيل والخروج للقنص.


    ولقد قصد الشعراء، كما اشرنا في ما سلف، بني حمود ينثرون في مدحهم درر الشعر. واذا كان في عمل هؤلاء الشعراء ما يعبر عن عصرهم لانهم لسان المجتمعات في مختلف العصور، فاننا نجد ذلك ان اغفلنا جانب التقرب في مديحهم؛ حيث ان شعرهم يحمل نزعة روحية ورسالة عقدية تنم عن الايمان باهل البيت ومذهب اشياعهم في امامتهم وعصمتهم وحقيقتهم التي قال عنها احدهم: انها قبس من نور الله،بل اننا لنجد من بينهم بعض الشعراء ممن عرفوا بالتشيع. ومن ذلك نجد قصيدة طويلة قالها ابو زيد عبد الرحمن بن مقانا الفندقي الاشبوني في ادريس بن يحيى بن علي بن حمود الملقب بالعالي (438-434)، وكان معروفا بالخير والعدل ننقل منها هذه الابيات:


    يا بني احمد يا خير الورى
    لابيكم كان وفد المسلمين
    نزل الوحي فاجتبى
    في الدجى فوقهم الروح الامين
    انظرونا نقتبس من نوركم
    انه من نور رب العالمين((254))
    هكذا عاش جزء كبير من الاندلس احدى مراحل تاريخه في مطلع القرن الخامس،وظل تحت حكم آل البيت المتشيعين يتبادل السلطة فيه الابناء والاخوة وابناء الاعمام من بني حمود طوال ثمان وخمسين سنة((255))، وهم يحاولون نشر الرخاءوالاخاء واقامة العدل، حتى نجد هذه الصفة تلزم سيرة اكثر ملوك هذه الدولة في ما ذكرفي شانهم، وحتى قال الشاعر ابن مقانا في ذلك:

    خلقوا من ماء عدل وتقى
    وجميع الناس من ماء وطين
    وحتى ان خمسة منهم قد لقبوا انفهسم بالهداية، وفي ذلك احد مظاهر نزعتهم الشيعية.

    من مظاهر التشيع
    ومرت هذه الدولة الهاشمية كما مرت سابقتها، يكتنف الغموض امر الدعوة الشيعية في ايامها ومدى اثره في المجتمع الذي مارست فيه الحكم. ونحن لا يمكننا ان نقتنع باقتصار تاثيرهم على من حولهم من الشعراء فقط وعدم وجود صدى لهذه الدعوة بين مختلف الطبقات من الناس. ومن حسن حظنا هذه المرة ان احد اعلام المفكرين في القرن الثامن الهجري، لسان الدين بن الخطيب، اتحفنا باشارة ذات اهمية كبرى.والفضل في ذلك يعود الى احدى النسخ الخطية الفريدة من مؤلفه التاريخي: «اعلام الاعلام في من بويع بالخلافة قبل الاحتلام» التي حفظتها لنا خزانة جامعة القرويين في مدينة فاس من عاديات الزمن((256)). وبهذه الاشارة تنحل العقدة المستعصية، وينكشف لنا ما كان غامضا من قبل، وهو ما اغفل الحديث عنه المؤرخون مما كان يجري في الاندلس من اثر التشيع. ذلك ان ابن الخطيب، عند حديثه عن دولة يزيد بن معاوية، انتقل به الحديث الى ذكر عادات الاندلسيين واهل شرق الاندلس، وبخاصة في ذكرى مقتل سيدنا الحسين من التمثيل باقامة الجنائز وانشاد المراثي. وقد افادنا عظيم الفائدة، حيث وصف احد هذه الاحتفالات وصفا حيا شيقا حتى ليخيل اننا نرى احياءهذه الذكرى في بلد شيعي. وذكر ان هذه المراثي كانت تسمى الحسينية وان المحافظة عليها بقيت مما قبل تاريخ عهد ابن الخطيب الى ايامه. ونبادر الان الى نقل هذا الوصف على لسان صاحبه:


    ولم يزل الحزن متصلا على الحسين والم آتم قائمة في البلاد، يجتمع لهما الناس ويختلفون لذلك ليلة يوم قتل، بعد الامان من نكير دول قتلته ولا سيما بشرق الاندلس،فكانوا على ما حدثنا به شيوخنا من اهل المشرق (يعني مشرق الاندلس) يقيمون رسم الجنازة حتى في شكل من الثياب يستخبي خلف سترة في بعض البيت وتحتفل الاطعمة والشموع ويجلب القراء المحسنون ويوقد البخور ويتغنى بالمراثي الحسنة»((257)).

    وفي عهد ابن الخطيب كان لا يزال لهذه المراثي شان ايضا، فانه في سياق حديثه السابق زادنا تفصيلا وبيانا عن الحسينية وطقوسها، فقال:
    «والحسينية التي يستعملها الى اليوم المسمعون فيلوون لها العمائم الملونة، ويبدلون الاثواب في الرقص كانهم يشقون الاعلى عن الاسفل بقية من هذا لم تنقطع بعد، وان ضعفت، ومهما قيل (الحسينية) او (الصفة) لم يدر اليوم اصلها».

    وفي المغرب اليوم لا يزال اولئك «المسمعون» الذين اشار اليهم ابن الخطيب يعرفون بهذا الاسم وينشدون. وكثرت في انشادهم على الاخص المدائح النبوية. كما ان الموسيقى الاندلسية الشائعة اليوم في بلاد المغرب تشتمل في اكثرها على المدائح النبوية ايضا.

    كما افادنا ابن الخطيب، بنقله انموذجا لهذه المراثي، مدى عناية الشعراء بهذا الموضوع وعرفنا باحد الشعراء الشيعة في الاندلس الذي اشتهر برثاء سيدنا الحسين. وهو ابوالبحر صفوان بن ادريس التيجيبي المرسى (598561ه). وهذه القصيدة كانت مشهورة ينشدها «المسمعون» منها((258)):

    سلام كازهار الربى يتنسم
    على منزل منه الهدى يتعلم
    على مصرع للفاطميين غيبت
    لاوجههم فيه بدور وانجم
    على مشهد لو كنت حاضر اهله
    لعاينت اعضاء النبي تقسم
    على كربلاء لا اخلف الغيث كربلا
    والا فان الدمع اندى واكرم
    مصارع ضجت يثرب لمصابها
    وناح عليهن الحطيم وزمزم
    ومكة والاستار والركن والصفا
    وموقف جمع والمقام المعظم
    وبالحجر الملثوم عنوان حسرة
    الست تراه وهو اسود اسحم
    وروضة مولانا النبي محمد
    تبدى عليه الشكل يوم تخرم
    ومنبره العلوي للجدع اعولا
    عليهم عويلا بالضمائر يفهم
    ولو قدرت تلك الجمادات قدرهم
    لدك حراء واستطير يلملم
    وما قدر ما تبكي البلاد واهلها
    لال رسول الله والرزء اعظم
    لو ان رسول الله يحيا بعيدهم
    راى ابن زياد امه كيف تعقم
    واقبلت الزهراء قدس تربها
    تنادي اباها والمدامع تسجم
    تقول: ابي هم غادروا بنى نهبة
    كما صاغه قيس وما مج ارقم
    سقوا حسنا للسم كاسا روية
    ولم يقرعوا سنا ولم يتندموا
    وهم قطعوا راس الحسين بكربلا
    كانهم قد احسنوا حين اجرموا

    فخذ منهم ثاري وسكن جوانحا
    واجفان عين تستطير وتسجم...

    ونتلمس هذه الحركة في ما بعد عصر مبدع هذه القصيدة الحسينية، فنعثر على اثر للفكرالشيعي؛ حيث نلتقي باحد ادباء الاندلس في النصف الاول من القرن السابع الهجري هو القاضي ابو عبيدالله القضاعي البلنسي (المقتول في 20 محرم سنة 658ه)، ونقف على اسم كتابين من مؤلفاته العديدة موضوعهما هو رثاء سيدنا الحسين، اولهما:«[معدن ج اللجين في رثاء الحسين». ولا يعرف اليوم اثر لهذا الكتاب غير اسمه، وثانيهما: «درر السمط في اخبار السبط». وكان كل ما بقي من هذا الكتاب هو ما نقله المقري في كتابه: «نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب». وقد اعترف المقري بانه اغفل نقل بعض الفقرات من الكتاب مما «يشم منه رائحة التشيع»((259)) ثم انه اكتفى بنقل جزء من الباقي فقط. ونضيف هذا القول الواضح والشهادة الصريحة الى مااشرنا اليه سابقا عن علة سكوت كتب التاريخ وغيرها عن الاشارة الى آثار التشيع في المغرب والاندلس. ولم يخل عمل المقري مع ذلك، من اعطائه حكما موضوعيا عن هذا الكتاب. فقال: «وهو كتاب غاية في بابه». وقد اكتشف هذا الكتاب اخيرا برمته.واستطعنا ان ندرك عن كثب اهميته البالغة في هذا الباب((260)).

    ومهما اطلنا في التنويه بهذا الكتاب واسلوبه الجميل وبيانه الرائع وتاثيره البالغ في سامعيه بوصفه لتلك الحوادث المؤلمة من تاريخ الاسلام، فان ذلك لا يكفي لبيان منزلته في الادب الشيعي. وهو على كل حال يقدم لنا الدليل القاطع على رواج حركة التشيع في الاندلس في هذا العصر. ولكي ناخذ فكرة واضحة عن ذلك انقل بعض الفقرات من هذا الكتاب مما لا يبقى معه شك بتشيع صاحبه. بدا بتحية آل البيت والشهادة بحبهم: «اولئك السادة احيي وافدي، والشهادة بحبهم اوفي واؤدي، ومن يكتمها فانه آثم قلبه».
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    [email protected]


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    الدولة
    مابلد خير لك من بلد وخير البلاد ماحملك
    المشاركات
    7,411

    Arrow

    ثم خاطبهم وذكر نقاء حقيقتهم النبوية، وعاقبة امرهم:
    يا لك انجم هداية، لا تصلح الشمس لهم عن آية. كفلتهم في حجرها النبوة فلله تلك النبوة، ذرية بعضها من بعض. سرعان ما بلى منهم الجديد وغرى بهم الحديد نسفت اجبلهم الشامخة، وشدخت غررهم الشادخة، فطارت بطررهم الارواح، وراحت عن جسومهم الارواح، بعد ان فعلوا الافاعيل، وعيل صبر اقتالهم وصبرهم ماعيل».

    ويتحسر عليهم ويعرض باعدائهم، فيقول:

    «اشكو الى الله ضعف الامين وخيانة القوى، قعد بالحسين حقه وقام بيزيد باطله واخلاقه، حضر موقف القضاء الخصمان، وعنت الوجوه للرحمن، جاء الحق وزهق الباطل، ان الامامة لم تكن للئيم ما تحت العمامة من سبط هند وابنها دون البتول ولاكرامة، يسر ابن فاطمة للدين يسميه وابن ميسون للدنيا تستهويه، اعطوا فكل ميسر لماخلق له، فاما هذا فتحرج وتاثم، واما ذاك فتلجلج وتلعثم، مشى الواحد الى نور يسعى بين يديه، وعشى الثاني الى ضوء نار لا يغروها لديه، يا ويح من وازى الكتاب فقال والدنيا امامه: كانت بنو حرب فراعنة، فذهب ابن بنت رسول الله ليخرجهم من العراق فانعكس الروم وحورب ولا فارس والروم».

    وعندما يصف الحادث المفجع لقتل سبط الرسول نحس ان قلبه يكاد ينفطر من الاسى، فيقول:
    عاشر محرم ابيحت الحرمات، وافيضت على النور الظلمات، فتفاقم الحادث، وحمل على الطيبين الاخابث، وضرب السبط على عاتقه ويسراه، وما اجرا من اسال دمه واجراه، ثم قتل بعقب ذلكم وغودر حتى العاديات ضبحا».

    ويضيف مشيرا في الاخير الى ان هذه الداهية كانت السبب في ادبار عز المسلمين: «اية فتنة عمياء، وداهية دهياء، لا تقوم بها النوادب، ولا تبلغ معشارها النوائب. طاشت لهاالنهى وطارت، واقبلت شهب الدجى وغارت. لولاها ما دخل ذل على العرب ولا الف صيد الصقر بالخرب ونسف النبع بالغرب. فانظر الى ذوي الاستبصار خضع الرقاب نواكس الابصار.
    وان قتيل الطف من آل هاشم
    اذل رقاب المسلمين فذلت»
    وفي الاخير، يعود الى تاكيد الايمان بهم والتعلق بحبهم وتفضيلهم على اعدائهم،يقول:

    «ما عذر الامية وابنائها، في قتل العلوية وافنائها، اهم يقسمون رحمة ربك؟ كم دليل في غاية الوضوح، على انهم كسفينة نوح؛ من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ثم يحسسهم آل الطليق ويطرهم آل الطريق، وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد. نسائهم أيامن أمية، وسماؤهم أرض بني سمية.
    من عصبة ضاعت دماء محمد و
    بنيه بين يزيدها وزيادها
    كان الحسين يقطع الليل تسبيحا وقرآنا، ويزيد يتلف العمر تبريحا وعدوانا.

    عمرك الله كيف يلتقيان»((261)).

    وقد بقي لهذا الكتاب ونزعته الشيعية صدى انتقل الى المغرب وظل بها زمنا طويلا،فبعد ثلاثة قرون من تاليفه نعثر على شرح له لاحد المغاربة هو الفقيه الاديب سعيدالماغوسي الملقب ب «بوجمعة» المولود سنة 950ه. ويعد هذا الشرح اليوم من المفقودات. غير ان ابن القاضي يخبرنا في كتابه درة الحجال((262)) انه كان موجودافي خزانة المنصور السعدي في مدينة مراكش، وتظهر عناية ملوك المغرب بمثل هذه الت آليف، في ما قيل من ان شارح هذا الكتاب اخذ مكافاة على تاليفه وزنه ذهبا.


    اتصال بالتشيع لم ينقطع
    هكذا عرف المغرب هذه العقيدة خلال تاريخه، وقد استمر على اتصال بها الى اليوم في ما نشاهده من مظاهر اجتماعية وثيقة بحياته العائلية حتى تغلغلت في روحيته، وان اقوى تلك الصلات التي ستظل تلازم عقيدته الى آخر الدهر صلة الايمان بالامام المهدي وخروجه في آخر الزمان ليقوم بامر الدين، فيحيي الشريعة ويملا الارض عدلاكما ملئت ظلما.


    والمغاربة يتعلقون بهذه العقيدة بشدة، غيرة منهم على الدين حتى لنرى اليوم من ضاقت حاله واشتد عليه الامر، ويئس من الجور وفساد الاعتقاد والاعمال في المجتمع يصعدزفرة من الاعماق داعيا الله ان يفرج الكرب بخروج صاحب «السيف». والاراء متضاربة عند العامة عن مكان بظهوره. وقد تعلق الناس بخاصة بفكرة خروجه في قلب مدينة فاس من وسط مزار المولى ادريس الثاني ابن منشى الدولة الادريسية الهاشمية. وذلك يرمز الى ربط هذه العقيدة ب آل البيت. ومن الناس من كان يعتقد ظهوره بالسوس الاقصى، وفي رباط ماسة في الصحراء المغربية. ولكي نرى كيف ان هذه العقيدة كانت شائعة بين الناس في المغرب والى اي حد تمسك بها المغاربة نذكر انها كانت الدعامة الاساسية لقيام دولة بربرية حكمت المغرب في القرن السادس الهجري، تلك هي دولة الموحدين (515-621ه).

    فمؤسس هذه الدولة هو محمد المهدي بن تومرت، شريف يتصل نسبه بسيدناالحسن ابن سيدنا الحسن ابن سيدنا علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه)، قام بالمغرب سنة 515ه، وكان مبداه الاساسي هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان تقيا ذاورع وصلاح فذاع اسمه وطار صيته وتعلق به الناس وراوا الخلاص على يديه. وادعى انه هو محمد بن عبيدالله المهدي المعصوم، فبايعوه على ذلك. وكتب لاتباعه كتبامنها: «اعز ما يطلب» و«عقائد في اصول الدين». وكان في ما يظهر ينزع الى التشيع((263)). ثم انطلق ينشر دعوته بالسيف، وارسل اول جيوشه لمحاربة المرابطين في مدينة مراكش سنة 517ه تحت شعار «الاقرار بالامام المهدي المعصوم»((264)). وقد قال فيه احد الشعراء قصيدة طويلة مطبقا اوصاف الامام المهدي التي وردت في الاحاديث عليه، ومدعيا انه هو المهدي المنتظر، انشدها على قبره. قال فيها:
    سلام على قبر الامام الممجد
    سلالة خير العالمين محمد
    ومحيي علوم الدين بعد مماتها
    ومظهر اسرار الكتاب المسدد
    اتتنا به البشرى بان يملا الدنا
    بقسط وعدل في الانام مخلد
    ويفتح الامصار شرقا ومغربا
    ويملك عربا من مغير ومنجد
    فقد عاش تسعا مثل قول نبينا
    فذلك المهدي بالله يهتدى

    وقد كان لهذه الدولة الموحدية التي انشاها المهدي بن تومرت شان عظيم في تاريخ المغرب، وازدهرت في ايامها العلوم والاداب والفنون والعمران.

    واتخذت المهدوية مظهرا آخر في الفكر المغربي عندما امتزجت بالروح الصوفية فتجلت في القرن السابع الهجري في نظريات عرفانية، ومشاهدات روحانية، ولطائف ربانية. ذلك عند الشيخ الاكبر محيي الدين بن العربي الحاتمي. فقد ذكر ان هذا الامرهو الكنز الخفي بالبحر الغربي((265)). ووحد بين المشرق والمغرب حيث يكون طلوعه. وفي ذلك يقول الشيخ الاكبر: «فصل - ولما كان فتح المدينة التي هياتها هكذا بالتكبير والتهليل، وفي مقدمة العسكر جبريل، وقد عطف اللواء المشرق نحو بلادالمشرق، ورياح المغرب تزعجه، وبشائر الفتح تلهجه والملائكة به حافون، وعليه ملتفون وامامه مصطفون».
    ثم يدعو الشيخ الاكبر الى التشبث بالامام، ومتابعته، والتحفز لتلك الرحلة الكبرى، فيقول:

    «فاذا اخذت في الرحيل، فاطو بساطك ايها الخليل، وسر معه بما معك من كثير اوقليل، فان لم يكن عندك قوة مال ولا طاقة لك بحمل العيال، فسر الى معدن الامام،ليحثو لك من المال ان استطعت ان تحمله، وذلك ايضا له علامة مع جلى الجبهة وقنى الانف، وسيرته في الملك بين اللين والعنف، فاصحب الركب المحفوظ المصان الملحوظ، فانه لا خير في ما تبقى بعده، ولكن الخير امامه وعنده».


    http://www.islamicfeqh.com/al-menhaj...7/men27006.htm
    خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
    [email protected]


المواضيع المتشابهه

  1. في المغرب.. حرب ضدّ التشيع ومعارك على جبهات أخرى
    بواسطة احمد14 في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-2009, 06:18
  2. علماء المغرب يلعنون القاعدة...
    بواسطة دجلة الخير في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-11-2005, 18:48
  3. قراءة في كتاب التشيع العلوي و التشيع الصفوي للدكتور الشهيد علي شريعتي
    بواسطة المسيباوي في المنتدى واحة الكتب والبحوث
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 27-04-2005, 15:35
  4. بعض الفروقات بين التشيع الصفوي الاسود و التشيع العلوي الاحمر (منقول)
    بواسطة الدكتور عادل رضا في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-10-2004, 23:06
  5. فصل الكلام في توثيق حركات البلوشي الشمام
    بواسطة عبدالله محمد في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-06-2003, 13:07

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني