[align=center][/align][align=justify]التاريخ سجل الكثير من الجرائم الوحشية التي نفذها الطغاة ضد ابناء شعبهم . ولكنها لو عدت فلن تتحمل المقارنة بجزء بسيط من جرائم النظام البعثي التي وثقها التاريخ على انها الاسوأ منذ اول جريمة نفذت على يد احد ابناء ابونا آدم قبل الاف السنين . ولو استعرضنا تلك الجرائم فحتما لن تتسع لها ملايين الاوراق فعددها واشكالها تفوق كل تصور . ولكن هنا وعبر هذه السطور سنستعرض واحدة من هذه الجرائم التي نفذها النظام المباد بحق ابناء الشعب العراقي تلك هي قيامه بقطع اذن عدد كبير من الشباب الذين رفضوا الانصياع لاوامره القاضية باقحامهم في حروبه المتكررة وغير المبررة ففي تسعينيات القرن المنصرم نفذ رجالات وازلام نظام صدام جريمتهم التي طالت اولئك الشباب منتهكة بذلك كرامتهم وحقوقهم الانسانية والتي حرمتها جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية . ولمعرفة تفاصيل تلك الجريمة كانت لجريدة الذاكرة هذه اللقاءات مع عدد من ضحايا هذه الجريمة .



*بشاعة

اول من التقيناهم كان المواطن سعد عبد الحسين هويدر مواليد 1971 يسكن مدينة الناصرية والذي تحدث عن الموضوع بأسى بالغ حيث قال :
ـ لن انسى ماحييت تلك اللحظات . ولن انسى لجلاوزة ذلك النظام ما فعلوه بي . فجريمتهم الوحشية ترتسم امامي كل يوم وانا اطالع وجهي في المرآة. ووقتها وفي كل يوم تعود الي تلك الذكرى البشعة كشريط سينمائي . يومها اقتادوني من مركز الشرطة الى مستشفى الناصرية العام وهناك كان بعض رجالاته من( ذوي الزيتوني ) ومعهم طبيب وعدد من الممرضين واحد ممثلي مبنى المحافظة في انتظاري . في تلك اللحظات.. كم انهارت اعصابي وانا أراهم يقتلعون اذني ويضعونها أمامي .. صرخت بهم : لن انسى ما فعلتم بي أبدا . وبقيت طوال اليوم في آلام شديدة كان سببها ليس الجرح وحده.. وانما شعوري بالذل والمهانة.

*اساليب وحشية

أما المواطن بشير لهمود قاسم فقد عبر عن تلك الجريمة بالقول :
ـ كنت عسكريا اخدم في احدى قطعات الجيش في غرب القطر وكانت وحدتي العسكرية تقع في منطقة نائية يستوجب الوصول اليها قطع مسافة طويلة. وركوب العديد من المواصلات وبما ان حالتي المادية كانت تحت الصفر والراتب الذي اتقاضاه لم يكن يكفيني لايام قليلة فقد اضطررت الى الهروب من الخدمة ولمدة ثلاثة اشهر . ولكن جلاوزة البعث قاموا بتطويق بيتي ليلا واقتحامه واخذوني الى احد مقراتهم . وهناك استخدموا ضدي كل اساليب الاهانة سواء الجسدية منها او المعنوية . وبقيت ليلة واحدة ثم تم ترحيلي الى احد مراكز الشرطة القريبة بانتظار تسفيري الى وحدتي لكن حظي الاسود كان لي بالمرصاد ففي هذه الفترة صادف ان صدر ذلك القرار المشبوه والقاضي بقطع اذن الهاربين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية . وفعلا وبعد مدة قصيرة تم تنفيذه فكنت ضحية تلك الاساليب الوحشية.

*بلا زواج

المواطن محمد عاشور خلف تولد 1970 كان احد ضحايا تلك الجريمة وكانت له قصة محزنة تلت واقعة التنفيذ ، حيث تحدث عنها بالقول :
لم اتوقع تلك اللحظة ولم تكن بالحسبان فكيف ياتي بتصوري ان اكون في يوم من الايام وقد اصبحت امتلك اذنا واحدة . لم اتاثر كثيرا من الجرح، او الطريقه الذي نفذ بها البعثيون جريمتهم ضدي ولكني وحتى هذه اللحظه لازلت متاثرا بمنظري فانا وبعد الجريمة تلك ، كنت ارى نظرات الناس لي فاحس بالذل والهوان .. وحتى يوم تقدمت لخطبة الفتاة التي احب عاملني اهلها بازدراء وتعاملوا معي على انني( نكرة ) ولا اصلح لان اكون زوجا لابنتهم ومن تلك الساعة وحتى يومنا هذا ما زلت عازفا عن الزواج خوفا من ان اعامل بمثل تلك الطريقة.

*رأي قانوني


لكي نغطي الموضوع من زاوية اخرى توجهنا بالسؤال الى احد القانونيين حول شرعية ذلك القرار فاجاب قائلا:
ـ في جميع القوانين والمواثيق والاعراف السماوية والارضية لن نجد أي فقرة او مادة او نص يبيح تنفيذ مثل تلك القوانين . بل على العكس يعد مشرعها ومنفذها مجرما تنطبق عليه القوانين الخاصة بالاجرام وكذلك قوانين انتهاك حقوق الانسان . الادهى والامر هو ان مثل ذلك القرار كان ( بدعة ) اختلقها ذلك النظام الدموي والذي تفنن في تعذيب ابناء الشعب . وبرايي ان على جميع من نفذ عليه ذلك القرار ان يلجا الى القانون ويطالب بالقصاص من مرتكبي تلك الجريمة والمطالبة ايضا بتعويض عن الضرر الجسدي والمعنوي الذي لحق بهم

*وللاطباء النفسيين رأيهم

بعد ذلك توجهنا بالسؤال الى احد الاطباء المختصين بعلم النفس عن تاثيرات ذلك القرار على الضحايا فاجابنا بالقول :
ـ الاكيد ان ذلك القرار او تلك الجريمة كانت لها تاثيراتها السلبية الواضحة ليس على مستوى الضحايا فحسب وانما على المجتمع العراقي بأكمله . فجريمة قطع الاذن اذا تناولناها من باب اخلاقي فانها تعد وصمة عار في جبين النظام البعثي كونها كانت حالة مخجلة لم تحصل في جميع بلدان العالم ولاحتى الدكتاتورية منها . كما انها ساهمت في ان اغلب الضحايا ونتيجة لتاثير الجريمة على نفسيتهم قد انحرفوا اخلاقيا نتيجة شعورهم بالعزلة من العالم الطبيعي . فاحساس الانسان بالذل والمهانة والنقص يدفعه دائما للثورة والتمرد. وبما ان اساليب القمع كانت متوفرة فحتما سيلجا الضحايا الى منافذ اخرى لتنفيذ فكرة انتقام تبقى تراود الضحية وتلك الافكار لابد وانها ستضر بباقي فئات المجتمع . ناهيك عن تاثيراتها الامنية وربما سيكون هناك ضحايا آخرون . واعتقد ان تلك الجريمة ساهمت في خلق جيل متمرد على المجتمع بسبب احساسه بالعزله التي ذكرناها . فبعضهم قد احس ان من حوله ينظرون له انه انسان( نكرة )وغير سوي . وتلك المشاعر ستمنحه احباطا آخر . اذا افترضنا ان على المجتمع ان يحتصنه على انه ضحية وليس مجرما . ولكن الوضع العام والمستوى الثقافي للمواطنين آنذاك كان يجعلهم غير مسؤولين عما يحصل .
[/align]


استطلاع : عدنان الفضلي