يطفئون السجائر في عينه - عبد الزهرة المنشداوي
[align=justify]السيد صادق شايع الموسوي من مواليد 1957 ومن سكنة مدينة الصدر يعمل حالياً كاسباً عاش وقائع مريرة ، تعرض فيها للضرب والاعتقال ، ذاكرة التقته ليروي قصة الاعتقال والتعذيب
في شهر تموز عام 1984 وفي الساعة التاسعة من احدى ليالي تموز طرق باب بيتي ازلام النظام ، عندما فتحت الباب عرفت انهم رجال آمن فضلا عن مسؤول القطاع الامني للمنطقة وقالوا لي: انت مطلوب حضورك في مركز الشرطة بناء على شكوى مقدمة ضدك لتحرشك بامرأة.
عندما امسكوا بي حاولت الافلات منهم وضربت احدهم على انفه فأدميتها لذلك انهالوا علي بالضرب المبرح ثم كبلوا يدي بالقيد الحديدي وساقوني إلى داخل سيارة نوع لاندكروز كانت بانتظارهم امام باب البيت. وفي داخلها أعادوا كيل ضرباتهم لي إلى ان اوصلوني إلى منطقة قريبة من مركز شرطة الرافدين في مدينة الصدر.
انزلوني من السيارة ورموا بي ارضاً ثم جرجروني وانا منبطح على الارض إلى ان أوصلوني إلى داخل المركز. وجدنا الضابط نائماً فأيقظوه من نومه وبعد ان تكلموا معه، جاءني ليسألني لماذا ضربت الرفيق؟ فقلت له : كنت ادافع عن نفسي ولم اتعرف اليه وبدوره ضربني هو الآخر ثم أمر بارسالي إلى دائرة أمن صدام في منطقة القناة عند مدخل المدينة وفيها ربطوني إلى السلم الداخلي مدة ثلاثة ايام متوالية كنت خلالها لا استطيع النوم لان ربطي تم في درجة السلم الخامسة.
في التحقيق قالوا لي : انك منتم إلى حزب الدعوة فانكرت ذلك. وحقيقة لم اكن منتمياً إلى اي حزب سياسي ثم قالوا لي ان احدهم فاتحك لاجل الانضمام إلى هذا الحزب العميل على حد قولهم ولكنك أجبتهم بانك سوف تقرر ذلك في بعد.
كان التحقيق معنا يبدأ من الساعة الثانية عشرة ظهراً إلى الساعة الثانية بعد الظهر ثم يبدأ ثانية من الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل وحتى الساعة الثانية صباحاً.
كنا حوالي ستين متهماً محتجزين في غرفة مربعة طولها 5 امتار. وكانوا خلال استجوابهم لي يريدون معرفة اسم التنظيم الذي انتمي اليه وعندما يئسوا من ذلك عمدوا إلى ذكر ثلاثة تنظيمات اسلامية قالوا لي لاي واحد منها انتمي وعندما قرأ اسماءها لي قلت لهم انتمي لاحدها وكنت قد اخترته اعتباطاً لا لشيء غير تجنب التعذيب الجسدي الذي كانوا يمارسونه ضدنا اثناء التعذيب، الذي اشتمل على التعليق بالمراوح السقفية وتعريض الجسد للصعقات الكهربائية خاصة العضو التناسلي فكان عذاباً لا يطاق كنت اعتقد ان اعترافي سوف يجنبني العذاب الذي اتعرض له اثناء التحقيق كل يوم ولمدة ستة اشهر في دائرة امن صدام كما كان يطلق عليها في السابق.
وقد جاؤا اثناء التحقيق بالشاهد الذي اعترف ضدي وفعلاً عرفته وهو من سكنة القطاع 39 في مدينة الصدر ومن الذين اعرفهم وقد التقى بي سابقاً وفاتحني من اجل الانضمام إلى حزب الدعوة وقلت له بأنني ربما افكر في الموضوع وانتهى اللقاء بيني وبينه على هذا الشكل، وكان اسمه هاشم.
بعد ذلك اودعوني في سرداب مظلم لم أر الضوء فيه لمدة ثلاثة اشهر وكانوا يسلطون الماء على ارضيته فلا نستطيع النوم فعمدنا إلى طي البطانيات المتخلفة من الذين يحالون إلى المحكمة فنجمعها الواحدة فوق الاخرى لكي نتجنب الماء المسلط علينا والذي كان ارتفاعه ما يقارب الاربعة اصابع.
خلال هذه المدة كان شعر رؤوسنا وذقوننا ينمو فعانينا تجمع القمل والقراد واصيب من في السرداب بامراض مختلفة خاصة الحكة في الجلد، كان الطبيب الذي يعودنا بتكلم معنا من وراء القضبان ولا يتعدى علاجه حبات (الباراسيتول) كان عنادنا رهيباً لكنه بالقياس إلى ما تعرض له متهم آخر اسمه سيد محمد النوري لا يعد شيئاً فلقد جيء به وتم ربطه على الشباك وعمد حراس السجن إلى اطفاء سكائرهم في عينيه وجسده وبقي يئن ليلتين متتاليتين بعدها لم نسمع له من صوت فأخبرنا الحراس وعندما فحصوه اذكر بان الحراس حينما يطفئون سجائرهم على جسده يقولون له ضاحكين "اذكر آلهتنا بخير" ثم يضحكون منه وهو يتألم. نسيت ان اذكر كذلك بان صغاراً في سن الخامسة عشرة كانوا معنا في السرداب. بعد هذه الفترة التي قلت بانها دامت لمدة تسعة اشهر. جاء يوم ذهبوا فيه بنا إلى دائرة مدينة الطب وفيها تم تقدير اعمارنا بواسطة الاجهزة الطبية.
فمن كان عمره خمس عشرة سنة قدروه بتسع عشرة سنة لكي يستحق الحكم عليه بالاعدام. كانت تهمتنا هي اننا جنود المهدي المنتظر ورئيس تنظيمنا هو باقر مطر جعفر.
قدمنا للمحكمة مرتين وفي كل مرة كان يتم تأجيلنا لمدة اسبوع وآخر الامر حكم علينا باحكام مختلفة منها الاعدام لثلاثة منا ومنهم باقر مطر وآخرون بالمؤبد أو عشرين سنة سجناً وكان نصيبي الحكم بسبع سنوات.
الذي قام بمحاكمتنا هو المدعو مسلم الجبوري والذي قام بالتحقيق معنا هو علي الخاقاني والذين مارسوا عمليات التعذيب ضدنا هم الشرطة ساري وعهد وعبد الله. امضيت فترة 4 سنوات وخرجت بعدها.
اتذكر اني سجنت في سجن أبي غريب الذي وجدت فيه السيد محمد سعيد الحكيم كان السجن قد عبئ به مئة وستون سجيناً بينما عدد الاسرة المعدة كان تسعين فقط.
اود ان اضيف بان الحاكم مسلم الجبوري لا يدع المتهم يدافع عن نفسه ويصرخ به عندما يتكلم (اسكت كلب) وان لي اخاً شقيق اقتادته اجهزة النظام قبلي ولم نعرف عنه شيئاً لكنني خلال مكوثي في دائرة امن صدام كانوا يقولون لي متسائلين اليس انت شقيق المخبول الذي ياكل القشور ويتغوط على ثيابه وحسب المعلومات التي وردتنا بان شقيقي قد اعدم ولم نقف له على جثة وانه خلال فترة التعذيب اصيب بالجنون فعلاً.
[/align]


مؤسسة الذاكرة العراقية