العراق بحاجة الى قانون ضريبي يتمتع بالحيادية والعدالة والبساطة
الصباح- 12/03/2006



أكد الخبير الاقتصادي الدولي السيد تهامي التونسي، ان العراق بحاجة الى سن قانون ضريبي يتمتع بالحيادية والعدالة والبساطة لافتاً النظر الى ان القانون الحالي يحتوي على نقاط اختلاف عديدة ومعقدة.

وقال: ان العراق يسعى الى تحقيق الاصلاح المالي والاقتصادي وفقا للتحولات الجديدة وأزاء هذا الواقع لا إصلاح اقتصادي بدون اصلاح النظام الضريبي وهو التحدي الحقيقي لكل الاصلاحات الاخرى. جاء ذلك في الندوة الاقتصادية التي نظمتها وحدة السياسة الضريبية في وزارة المالية حول الاصلاحات الضريبية التي يجري العمل بها الان.. وتناول الخبير الدولي في محاضرته البعد التاريخي للقانون الضريبي في العراق مشيرا الى انه دخل العراق متأثراً بقانون نموذجي اعدته بريطانيا لغرض استخدامه في مستعمراتها وان هذا القانون لم يبق على استخدامه سوى عدد ممن الدول القليلة ومن بينها بنغلاديش باعتبار الضريبة معيارا يوازي التطور الاقتصادي والاجتماعي.
وبين ان التطور الاقتصادي في العراق عام 1922 يختلف عما كان عليه العراق الان.. ومنذ سنة 1927 وحتى اتمام قانون رقم (113) سنة 1982 لم يطرأ اي تطور او تجديد يذكرعلى التشريع الضريبي كما لم يشهد القانون (113) اية تعديلات مهمة تذكر، والاسباب معروفة حيث ان النظام السابق كان منشغلا بالحروب اكثر من التوجه الاقتصادي، وبعد سقوط النظام قامت سلطة الائتلاف باصدار الامر رقم (49) الذي خفض اسعار الضريبة والتي كانت تتراوح بين 40% الى 60% في حالة الشركات، وقد خفضت الى نسبة تعتبر معتدلة ما بين 3-15% لكن الاصلاح الضريبي لا يختصر فقط على تخفيض السعر الضريبي وزيادة السماحات، انما العراق يحتاج الى اصلاح ضريبي جذري.
وقال السيد تهامي: ان النظام الضريبي الحالي قد صمم لاقتصاد داخلي كان مسيطراً عليه مركزيا باعتبار ان العراق بلد غني بالبترول فان النظام الضريبي او القوانين او التشريع الضريبي لم يكن له ذلك الاهتمام في المجتمع ومؤسسات الدولة العراقية والقوانين المالية التي ترسم الادارة الضريبية لم تشرع متطلبات الالتزام بالقانون بشكل كاف وواضح، وقد منحت موظفي الادارة الضريبية حرية نقدية واسعة وتطبيقاً غير منسجم، حتى ان بعض التطبيقات تعتبر غير معقولة.. وتعاني التشريعات الضريبية الحالية في العراق من خلل مما يجعل تطبيقها والالتزام بها امراً صعباً ان لم يكن مستحيلا في بعض الاحيان والاسباب هي:
أسباب الخلل في النظام الضريبي
يعتبر النظام الضريبي معقداً وبدون فاعلية، فهناك ضريبة دخل متعددة حيث يوجد قانون رقم (113) وهو قانون ضريبة الدخل، وهناك قانون رقم (162) وهو قانون ضريبة العقار، وقوانين اخرى متعددة، حيث يشكل ذلك نظاماً مجدولا والنظام المجدول متنوع في طبيعة الحال، وهناك نظام مجدول ونظام شامل ونظام مركب، فالجدول هو كل دخل تفرض عليه ضريبة لحال ويشكل بذاته نظام ضريبة مستقل وهذا نظام قديم استعمل بداية القرن الماضي وتحديدا في الدول النامية.. وقد تحولت معظم الدول وبالاخص الغربية من هذا النظام المجدول الى نظام شامل حيث تفرض ضريبة على كل مصادر الدخل بأسعار ضريبية متصاعدة.
غموض في القاعدة الضريبية
ويؤكد السيد تهامي ان هناك غموضا في العديد من القوانين الضريبية الحالية في العراق وهناك صعوبة في آلية تنفيذها وتطبيقها وتساءل عن القانون رقم (113) ماهي القاعدة الضريبية له؟ حيث سنرى صعوبة تحديد تلك القاعدة الضريبية الامر الذي يتسبب في التهريب الضريبي والتطبيق غير السليم للضريبة، ثم افتقار النظام الضريبي الحالي للحيادية، حيث ان مبدأ الحيادية لا يمكّن نظام الضريبة من التأثير على اتخاذ القرارات الاستثمارية سواء عن طريق الشركات او الاشخاص، ونظرية الحيادية يجب ان تترك فرصة الاستثمار مبنية على اساس الاستثمار نفسه.
كذلك افتقار النظام الضريبي الى هيكل التنظيم، حيث يشكل الهيكل التنظيمي لأي قانون او نظام ضريبي (القاعدة الضريبية) وهو الذي يحدد على ماذا تفرض الضريبية وماهو الدخل الصافي وماهي التنزيلات المسموح بها في القانون الضريبي.. وما هي الاعتمادات الضريبية ان وجدت، اذن يرجع هذا الخلل الى سياسات ضريبية مجزأة أدت الى سلسلة من التعديلات العشوائية خلال العقود الماضية.
الحاجة الى نظام ضريبي جديد
هناك اهداف عامة للاصلاح الضريبي: اولاً: ضرورة مغادرة الاساليب القديمة
في فرض الضريبة والسياسات الاقتصادية.
ثانياً: الاستجابة للمادة (25) من الدستور الجديد والتي تفرض على الحكومة ضرورة القيام باصلاح الاقتصاد العراقي.. والمادة (26) تنص على ان الحكومة يجب ان تكفل وتشجع الاستثمار في العراق خاصة في هذه المرحلة، والاقتصاديون يعرفون انه لا يمكن اجراء اصلاح اقتصادي بدون اصلاح ضريبي، والمادة (107) من الدستور العراقي الجديد منحت الحكومة المركزية سلطات واسعة في وضع السياسات الضريبية لتنفيذ هذه الاصلاحات
تجنب الاعتماد الكلي
على موارد النفط
تحدث ايضا عن الاهداف الخاصة للاصلاح الضريبي والتي حددها بالآتي:
اولاً: تقويض القدرة التنافسية للمنتجين المحليين والشركات الاجنبية التي تمارس نشاطا في العراق مع الاسواق العالمية، والنظام الضريبي يعتبر مصدراً مستقراً وفعالاً للايرادات الحكومية لتقليل الاعتماد على موارد النفط وتقلبات السوق النفطية، لذا تجنب الاعتماد الكلي على عائدات النفط وضرورة وجود نظام ضريبي يؤسس الى مدخولات ضريبية للدولة تكون ثابتة بغض النظر عن تقلبات الاقتصاد او تقلبات السوق النفطية والنظام الضريبي يعتبر وسيلة فعالة في يد الدولة خاصة في فترات الركود والازمات الاقتصادية، اذن يمكن للدولة ان تستعمل النظام الضريبي لتشجيع بعض القطاعات على غيرها من خلال اعفائها من الضرائب لتجاوز مرحلة الركود والازمات الاقتصادية
سن نظام ضريبي
ويكرر الخبير الاقتصادي (تهامي) القول ان ما يحتاجه العراق حاليا هو سن نظام ضريبي بصورة متقنة يلبي ثلاثة عناصر هي العدالة والحيادية والبساطة ويقول ايضا: ان حيثيات القانون الضريبي قد تتغير، ففي كل سنة تقدم الحكومة او وزير المالية برنامج ميزانية الى البرلمان، نظاماً مجدولاً في برنامج الميزانية هذا قد تكون هناك تغييرات في قانون الضريبة او زيادة الاسعار او تقليصها او فرض ضرائب اخرى، لذا فهذه الامور تتغير لكن مبادئ النظام الضريبي حول الحياد والعدالة والبساطة لا تتغير
اذن فالتحدي الذي يواجه الحكومة العراقية الان في الاصلاح المالي والاقتصادي هو اقامة نظام ضريبي عادل وبسيط يحقق الاهداف المرسومة له
مقترحات عملية
ويقترح الخبير الدولي اتخاذ عدة اجراءات لنتمكن من سن نظام ضريبي جديد وهي:
اولاً: ينبغي ان يؤكد الاصلاح على حيادية النظام الضريبي وتبسيط مكوناته لان النظام الضريبي الحالي على عدم فاعليته يعتبر نظاماً معقداً
ثانيا: يجب توجيه العمل باتجاه رفع الايرادات الضريبية للحكومة وطرح التساؤلات التالية: ما هو الدخل الذي يخضع للضريبة؟ من يخضع للضريبة؟ ما هي النسب الضريبية؟
ثالثا: ينبغي ان لا يكون الامر عائداً للادارة الضريبية لتقرير هل هو خاضع للضريبة اوغير خاضع