[align=center]حلم امرأة بالثورة يؤدي الى اعدام تسعة من الشباب

قضاة محكمة الامن العام يحكمون بالاعدام وفقا لاعترافات منتزعة بالتعذيب

انشاء منظمة انسانية لدعم العوائل الفقيرة في المدن المنكوبة كاف للوصول الى حبل المشنقة
[/align]





[align=justify]بغداد - المؤتمر :

مازال الشعب العراقي يراقب باعصاب مشدودة محاكمة صدام واعوانه في قضية الدجيل، وفي الوقت الذي يرى فيه عموم العراقيين ان اعتراف صدام بانه هو صدام حسين وليس غيره كاف لتجريمه ، نسعى بنشر هذه الوثائق الى اعطاء صورة عن طبيعة المحاكمات الصورية التي كان يقوم بها ازلام صدام خلال العقود الثلاثين من حكمه وكيف كان الاعدام يطوق الاعناق لمجرد الاتهام.. هذا الامر الذي يجعل تساؤل العراقيين في مكانه الطبيعي.. لقد كانت الاحكام تصدر في غرف مظلمة ، وليس من صوت لمحام ولا حتى لمتهم يدافع فيه عن نفسه ليس سوى صوت واحد هو صوت القاضي (الحاكم) هذا الصوت الذي يعلو لكي يسمعه (الحاكم المطلق المستبد) لهذا ليس غريبا تعديل الاحكام من سجن مؤبد الى اعدام ، فرضى الحاكم لايدرك الا بحجم وسعة انهار الدم المراق، وكلما كان القاضي اكثر اجراما وابتعادا عن الانسانية كان اقرب الى قلب الحاكم الدموي. ملفات قتل هي كل مخلفات النظام البعثي الدموي، ملفات تتقابل فيها الذئاب مع الحملان، بالاسماء والتواريخ والاحداث التفصيلية والمحاكمات التي لا تزيد ولا تنقص في حكم صادر قبل الاعتقال ملفات ام حكايات انها رواية موثقة لسنوات المحنة العراقية ربما ستفتح بابا واسعا امام من استوت عنده الانوار والظلم، وهذا ما نأمله من نشرها، في حين انها تمثل للعراقيين حكايات ابنائهم الذين اختفوا مع حركة عجلات سيارات الامن في شوارع مازالت تحن لاقدامهم.

مشهد عام في (2006)

قفص وحراس، واصوات قضاة، وحلقة من محامين يعلو صراخهم في كل حين، وجمع متفرجين ، تعلو بين ظهرانيهم كاميرات البث.. كل شيء حي، الخطب الفجة، استدرار العواطف، الانفعالات المصطنعة كل شيء حي.. ها وهو يبعثر لحيته باصابع يديه، تلك اللحية التي تثير فينا ذكرى لحظة اذلاله التاريخي، لحظة اخرجته ايدي الاميركان من جحر الافاعي، لحيته القديمة لها ايحاءاتها الصحراوية ، لحية لم تعرف تشذيب المدينة، اما اليوم فانها لحية مشذبة هي اقرب ما تكون الى لحى كثيرة مرت تحت سيف لذته الدموية، فخرجت اشلاء ممزقة. اليس غريبا ان يتشبه ويتلبس انموذج القتيل التقليدي في ظل حكمه الدموي؟.. ولكن شتان بين الامرين، بين قاتل متوحش يتصنع البراءة في محكمة شعبية (عالمية) يشاهدها للقاصي والداني ولهم حق توجيه النقد لها ، وبين محاكمه . محاكمه، التي تشدق احد السفاحين من اعوانه بعدالتها... فلنتصفح عدالتها في وثائقهم.

مشهد خاص في 1992

ثلاثة من كبار ضباط الامن في غرفة عادية. يتضاحكون ، على نكت تندلق فوق اظابير لم تقلبها ايديهم يفتح باب الغرفة ويزج بتسعة متهمين، لم يبق ما يميز بعضهم عن البعض سوى قاماتهم ، اجساد احالها التعذيب الى قطع زرقاء دموية، لحى كثة طويلة، واياد معصوبة وعيون ما عرفت النور الا في الغرف (المظلمة) كان احتكاك بعضهم بالبعض كاف لاثارة الاورام. وقفوا برؤوس اناقها للضرب، كان الموت بعضا من خلاص مرتجى... لم يسأل احد منهم (القضاة) عن جرم، كان كل شيء موثقا باعترافات الخلاص، لقد اعترفوا بما اريد منهم ان يعترفوا به في غرفة خدرها الدم الذي خدد كل الجدران.. في غرف مظلمة اعترفوا .. لم تسمع عنهم منظمات العفو الدولي وحقوق الانسان و … و … شيئا .. هكذا كتب على الالاف ان يعترفوا في غرف مظلمة.. وان يحكم عليهم من قبل ضباط ما عاد يسليهم شيء غير الدم، ثم ترمى الاجساد في (قوارير) السلطان، وتحكم على عوائلهم بدفع ثمن طلقات القتل، وعدم ازعاج السلطات بقراءة شيء من آيات الله على ذكراهم..

القاتل بقامته المعهودة يقف في قفص شاسع يحتضن القرآن، لاية جثة من جثث قتلاه يعود (كتاب الله).. من يسأله اليوم؟ اية مهزلة هذه ان يتشبه القاتل بزي المقتول؟

ياترى هل محكمتنا اليوم من ستحكم باسم الشعب.. اسم الشعب المتناثر احرفا في مفازات الصحارى، في كل مقبرة حرف من اسمه... فلتجمعوا مقابركم لتعيدوا بناء اسم الشعب (الضائع).

باسم الشعب!

تشكلت المحكمة (الخاصة) في مديرية الامن العام برئاسة عميد الامن ابراهيم علاوي خلف وعضوية كل من عميد الامن باسل محمد وعقيد الامن سامي عباس مرهون واصدرت باسم الشعب قرارها.

1- الحكم على المجرمين كل من (وليد كاظم حمودي التميمي وعلي ابراهيم جساس الكعبي ورحيم كشمر مزيد الفريجي وحمدية عامر كاظم ومهدي خماس علي ومحمود محمد ناهي الاعرجي وعمر خلف الظاهري ومظاهر حبيب البهادلي وحسين محمد كاظم الموسوي ) بالاعدام شنقا حتى الموت استنادا لاحكام المادة 157 ق. ع مع احتساب موقوفيتهم عن هذه القضية ضمن مدة الحكم.

2- مصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة.

قرار صدر باتفاق الاراء وافهم علنا بتاريخ 12/ 10/ 1992

اي شعب؟

في غرفة خاصة، ومحاكمة خاصة (غير علنية) - كالعادة - وفي يوم واحد اعدم ثمانية عراقيين وعراقية لا لشيء الا لانهم اختلفوا مع نظام البعث، الا لانهم اتجهوا في طريق وجوده انفع واقرب الى الشعب، فباسم اي شعب حكموا عليهم بالموت.. انها كليشة مفرغة من كل معنى لا تختلف كثيرا عن خاتمة قرارهم (احتساب موقوفيتهم) ، بماذا تنفع من يعدم احتساب موقوفيته، هكذا افرغ كل شيء من محتواه ، ومنحته اوراق القتلة مداليل لم تكن بالحسبان، فمنذا يتصور يوما ان الشعب سيأكل نفسه بهذه الطريقة الغريبة، بيوت تهدم بالكامل، قتل الاباء ومصادرة الاموال وتشريد الابناء. هل كان صدام يفكر باحكامه هذه حين سرق اموال البنك المركزي العراقي قبل سقوطه ليضيفها الى الاموال المسروقة من قبل والمودعة في المصارف الاجنبية؟

قرار التجريم

احالت الينا مديرية امن بغداد اوراق القضية التحقيقية المرقمة 18/ 1992 الخاصة بالمجرلمين كل من (الاسماء السابقة نفسها لاجراء محاكمتهم وفق احكام المادة / 156 و 175 و 200/ 1 ق. ع وذلك لانتمائهم الى (حزب الدعوة العميل)...

- في اليوم المحدد للمحاكمة نودي على المجرمين اعلاه فحضروا وبوشر باجراء محاكمتهم وجاها وعلنا ، دونت هويتهم وتلي عليهم قرار الاحالة ثم وجهت المحكمة التهمة اليهم فاعترفوا بها..

بعد دراسة القضية من جميع جوانبها فقد تأيد لهيئة المحكمة ان ما قام به المجرمون اعلاه من فعل لا ينطبق واحكام مادة الاحالة، بل وجدت ان حكم المادة 157/ ق. ع اكثر انطباقا عليهم استنادا لاحكام المادة (190) أ من قانون اصول المحاكمات الجزائية فقد ابدلت المحكمة مادة الاحالة من 156 الى 157 ق. ع وقررت المحكمة عليهم بموجبها.

هكذا اقتيد مجموعة من العراقيين الى الموت واجبروا على الاعتراف بما يشتهيه المحقق، او لنقل سوط المحقق ويأتي الحاكم ليقول، ببساطة، اعترفوا واذا ما سرنا معهم بعدّ الانتماء الى الاحزاب الاخرى غير حزب البعث جريمة، يبقى علينا ان نسأل (محكمة الشعب) هذه كيف اعترفوا ؟ ولماذا يعترفون طالما لم تكن لديكم وثيقة ضدهم؟ اعترفوا تحت التعذيب، واي رجل هذا الذي لا يجعله التعذيب يتمنى الموت؟..

والاغرب من الاعتراف ما قامت به المحكمة من تعديل للمادة ومن حكم مسبق على المتهم بالاجرام، عدلت المادة من قبل هيئة المحكمة لكي يتم اعدامهم.. هكذا هي محاكم التفتيش البعثية، البريء متهم، والمتهم مجرم، وقرارات الموت لاتصدر الا باسم الشعب الذي اختزل بشخص القاتل (القائد)

رؤيا تقودهم الى حبل المشنقة

تقول الملفات المحفوظة ان (رحيم كشمر) حكم عليه بالاعدام لانهم (الاجهزة الامنية) عند تفتيش بيته وجدوا رسالة تحثه على كسب العناصر والالتحاق بركب ثورة الحسين واصحاب المهدي ! وعدم الخوف من الجلاوزة - رجال الامن - ووجدوا مخططا توضيحيا للعبور الى ايران عن طريق مندلي وعن طريق كلار . وهوية طالب صادرة من كلية الاداب مزورة واجازة سوق فارغة.. هذه الادلة التي قادت هذا الشاب الى حبل المشنقة.

اما الرسالة التي وجدت بحوزته فهي عبارة عن حلم راته في منامها زميلتهم (حمدية) هذا الحلم كان كافيا لاعدامها هي ايضا.

هكذا اعدم الاول لانه امتلك نسخة مكتوبة من هذا الحلم، واعدمت هي لانها حلمت (هذا اليوم الفجر رأيت بك رؤيا كنت انا في مدينة بغداد وانا امشي في شارع طويل وفي نصف الشارع التفتت..) الحلم بالثورة كان مسوغا يكفي لاعدام العشرات وليس اثنين فحسب.

في حين اعدم كل من علي ابراهيم ووليد كاظم ولم يجدوا في بيوتهم غير هويات مزورة ،لقد كانت هذه الهويات كل ادلتهم الجنائية وسواهما لم يكن الا الاعتراف تحت التعذيب بجرم الانتماء الى حلم حلمته شابة عراقية في الثالثة والعشرين من عمرها، فاعدم ثمانية شباب لم يتجاوز اكبرهم الثامنة والعشرين من عمره ربما لكونهم من ابناء (مدينة صدام!) حكم عليهم بالا يحلموا بـ (الثورة!).

هذه فحوى الافادات فليس، هناك ارتباط مؤكد بحزب الدعوة، وان دخل بعضهم الى ايران، فليس هناك ارتباط مؤكد باية جهة ايرانية او عراقية في ايران.. انهم هاربون من الخدمة العسكرية ويحلمون بالثورة، لهذا كان من المنطقي ان يحكم قاضي التحقيق بتجريمهم على وفق مواد قانونية تشمل السجن المؤبد وماهو اقل، ولكن عدالة المحكمة رأت ان في ذلك الحكم تساهلا كبير سيفتح الباب امام بقية الحالمين من الشعب العراقي، وهم كثر فحكمة عليهما بالاعدام.




[/align]