أرشيف الرسائل المرسلة إلى صدام يكشف أسرارا وحيلا
قطري أرسل يمتدحه شعرا وفلسطيني طلب مالا لمصنع ميداليات عليها صورة الرئيس

لندن: كمال قبيسي
عثر ناشطون مع المؤتمر الوطني العراقي في القصر الجمهوري ببغداد قبل يومين على رسائل تسلمها في العام الماضي وبدايات هذا العام الرئيس المخلوع، صدام حسين، وبعضها ألمت «الشرق الأوسط» ببعض محتوياته أمس من مصدر في المؤتمر، فاذا بالرسائل تشير الى أي حد كان الرئيس الميت أو المتواري عن الأنظار مرصودا من مستغلين لشعوره بالعظمة، بل وهدفا لمطبلين ومزمرين في الخارج يريدون سلبه بالسلاح الكلماتي الرشيق. الرسائل كثيرة، وهي من أشخاص بمستويات متنوعة، فاحداها من كوفي أنان، السكرتير العام للأمم المتحدة، يهنئه فيها بعيد الفطر الماضي، ورسائل للمناسبة نفسها من عدد كبير من الرؤساء العرب والأجانب، من بينهم الزعيم الكوبي فيدل كاسترو.
لكن الأطرف هي رسالة بخط اليد بعث بها اليه في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عازف الجاز الأميركي، أندرو ألن، المعروف حيث يقيم في نيويورك باسم (تيكس) ومرفقة بصورته الشخصية، وفيها كتب ألن (الى القائد والرئيس صدام حسين، والى شعب العراق) كلمات عاطفية وتأييداً شاملاً لمواقف الزعيم المخلوع، موقعا بنهاية الرسالة اسمه مع رسم لقلب، في اشارة منه الى الحب والتعاطف على ما يبدو، طالبا أن يستضيفه العراق كدرع بشري مميز عن سواه.
وفي أرشيف الرسائل عثروا أيضا على واحدة كتبتها وفاء عبد السلام عارف، ابنة الرئيس الراحل عبد السلام عارف، الذي حكم بعد انقلاب 8 فبراير (شباط) 1963 العراق، حيث تقول بنهاية رسالتها المؤرخة في 17 فبراير الماضي، وبعثت بها كتهنئة بعيد الأضحى: «إننا جنودك، وسنبقى جنودك دائما حتى آخر نقطة من دمائنا».
وفي الأرشيف البريدي للرئيس المخلوع قصيدة بأسلوب الشعر النبطي، وهو البدوي باللهجة العامية، كتبها شيخ من قطر، هو محمد بن ناصر آل خليفة، في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفيها مدح اذ يصف الرئيس العراقي بأنه نسر لا يعرف الوديان، انما هو لا يتنقل الا بين القمم (بل يرفع دائما رأس العرب الى ما لم يرفعه اليه سواك) على حد ما يمكن شرحه من أبياته بالعامية البدوية.
وكان الشيخ محمد قد أرسل القصيدة الى الرئيس العراقي المخلوع عبر السفارة العراقية في الدوحة، التي أرسلتها بدورها الى الخارجية العراقية، ومنها الى القصر الجمهوري في بغداد، بحسب ما تشير الأختام على رسالتين مرفقتين بها من السفارة والوزارة.
وهناك فلسطيني، هو جمعة أبو زكري، كتب اليه من غزة رسالة غير مؤرخة، لكن الختم المرفق بأخرى معها يشير الى أنه بعث بها اليه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفيه يطلب 75 ألف دولار (لانشاء مصنع في فلسطين الحبيبة لتصنيع الميداليات والأوسمة) مقترحا أن ينتج ميداليات متنوعة الأشكال (على وجه من الميدالية نضع صورتكم الكريمة يا قائد العز العربي، فيما بامكاننا أن نضع على الوجه الآخر صورة لشهيد من شهداء الانتفاضة الأبرار) كما قال.
وكتب أحدهم تحت الرسالة جملة (الموافقة على المشروع بعد دراسته). فيما كتب طه ياسين رمضان، وهو نائب الرئيس العراقي آنذاك، وبخط يده بالذات عليها في الأسفل مع امضائه الشخصي: (إنها فكرة جيدة للتمويل).
وعثروا بين الرسائل أيضا على واحدة من مواطن نمساوي في فيينا، هو هيلموت هييرتزر، وكتبها في 24 سبتمبر (أيلول) الماضي، يطلب فيها (من القائد الكبير صدام حسين) ساعة يد ذهبية )طرزة بصورتكم الشخصية لأضيفها الى مجموعة من الساعات النادرة التي أملكها كما قال.
ووقع صدام في الفخ على ما يبدو، فصرف من أموال النفط مقابل الغذاء مبلغا لشراء الساعة للرجل، لأن في أسفل الرسالة نفسها كتب أحمد حسين خضير، وهو على ما يبدو سكرتير شخصي في بعض الشؤون والخدمات للرئيس العراقي المخلوع: )موافق.. وسيتم اتخاذ الخطوات اللازمة قريبا لتأمين المكرمة الرئاسية للمواطن النمساوي) ثم وقع امضاءه الشخصي مع اسمه بالكامل.
وفي الأرشيف البريدي رسائل تهنئة كثيرة، منها من فنانين وفنانات وصحافيين وغيرهم في مصر والأردن ولبنان بشكل خاص، ومعظمها مشبع بتمجيد صدام وتذكيره بأنه يختلف عن سواه من القادة، الى درجة أن أحدهم وصفه بأنه (صلاح الدين القرنين، العشرين والواحد والعشرين). فيما كتب آخر، وهو رجل أعمال أردني: (الى ضارب اسرائيل وراعي نهضة التصنيع والتعمير في العراق الحبيب ومرعب الأعداء من الفرات الى النيل) كما قال.