السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نبث اليكم خطبة هذا الاسبوع لسماحة الشيخ حبيب الكاظمى ، فى مسجد الرسول الاعظم (ص) فى امارة ابوظبى ، الجمعة :22 صفر 1423 - 25-4-2003 ، وقد تناول فيه سماحته النقاط التالية :

1- ان من المسائل الشاغلة للبال عند الكثيرين : هي مسألة العلاقة بين الفكر و العاطفة ، و دور كل منهما فى ضمان النجاح فى حركة التكامل ، و التوفيق بينهما بما يضمن عدم تقديم أحدهما على حساب الآخر .. فكما ان جمود العاطفة يؤدى الى ضمور الفكر وعدم فاعليته ، فان فوران العاطفة ايضا يؤدى الى حجب الفكر عن ساحة الحياة .

2- ان الناس في هذا المجال صنفان : فالصنف الأول يتناول أمور الإيمان و العقيدة تناولا أكاديميا نظريا ، و كأنه ينظر إلى ظواهر علمية جامدة ، ليس لها انعكاس خارجي على حركة الحياة‍‍ ، فشأنه فى ذلك شأن من يدرس الرياضيات و الفيزياْء بلا حب او تعاطف مع موادهما ، حتى و لو تخصص فيهما أعمق التخصص.

3- ان مثل هذا الإلغاء التام للعاطفة قد جر البعض - حتى من تخصص في أمور الشريعة و اشتهر بالكتابات الموسعة فيها - إلى التفريط في أهم الواجبات اليومية ، و ممارسة المعاصي الى حد الاسراف وتجاوز الحد .. و الحال ان مثلهم فى ذلك كمثل المستشرقين الذين ساهموا فى اثراء جانب من الفكر الإسلامي، من دون ان يستثمروا هذه المعرفة النظرية ، في اتباع هذا الفكر والتعبد باقوال صاحب ذلك الفكر .

4- ان الصنف الآخر من الناس ، هم الذين تغلبت عليهم العاطفة في مجال العقيدة من دون ان يترجموها إلى التزام فى الخارج محتجين بالحديث : ( و هل الدين الا الحب ؟) .. ومن هنا قد نرى من النساء من لا تلتزم بالحجاب الشرعي ، بدعوى أن الدين حركة في القلب وطهارة فى الباطن .. و هذه دعوى باطلة لا يمكن قبولها ، و الحديث المذكور يشير الى أهمية و موقع الحب في الدين ، لا ان الدين منحصر بالقلب المنفصل عن قالبه !!

5- قد يلجأ البعض إلى تأجيج العاطفة المبالغ فيها ، كنوع من التعويض مقابل ما يرتكب من المعاصي ، وكاسلوب من اساليب تهدئة الضمير الثائر على صاحبه ، اذ قد نرى من لا يدفع ما فى ذمته من الحقوق المالية الواجبة كالخمس و الزكاة ، ملتجئا الى بعض صور الخير المحدودة ، كالمساهمة في بناء مسجد او كفالة ليتيم ، و ذلك لإرضاء وجدانه ، رغم علمه بالتقصير الكبير فيما بينه وبين ربه ، وهل يمكن ان تنطلى هذه الحيلة على من لا تخفى عليه خافية فى الارض و لا فى السماء ؟

6- ان الموقف الصحيح فى نظر الشريعه ، هى محاولة التوفيق بين الأمرين.. فمن جانب : علينا ان لا ننتقص من قيمة العاطفة تماما، إذ ليس من الصحيح ما قد يعتقده البعض من ان الحب يكتسب قيمته فيما لو تحول إلى عمل ، و انه ليست له قيمة فى حد ذاته.. و السر فى بطلان هذا القول : هو ان الحب حركة في الباطن ، كما ان العمل حركة في الخارج ، و لكل منهما قيمته المستقلة في ميزان تقييم الفرد .. و من جانب آخر: فان العاطفة اذا لم تتم السيطرة عليها و ضبطها ، فإنها قد تتحول إلى حالات من الوهم و المبالغة فى عالم السياحة فى الخيال ، كما شاهدنا ذلك كثيرا في التاريخ : مثل تأليه عيسى (ع) من قبل أتباعه ، و بعض صور الغلو في المسلمين ، فان العاطفة الفوارة ، بمثابة الطاقة الكامنه التي اذا لم تستثمر في المشاريع النافعة ، فإنها قد تتحول إلى طاقة تدميرية كبيرة .

7- اذا كانت حالة الحب لدى البعض تدفعهم إلي الكسل في الجوانب العبادية و الجرأة على المعاصي - اعتمادا على شفاعة هذا الحب يوم القيامة - فليعلموا ان الله تعالى هو مقلب القلوب وهو الرابط على القلوب كما ربط من قبل على قلب ام موسى (ع) وكذلك اهل الكهف ، و هو الذي يهب لعباده الحب : { ولكن الله حبب إليكم الايمان …} و هو الذي يسلبه ، اذا رأى العبد يتمادى في المنكر غير شاكر لهذه النعمة ، بل قد يصل إلي مرحلة الختم على القلب كما صرح به القرآن الكريم ، وعليه فلا ينبغى ان يعول اصحاب الحب على ما هم عليه ، فان صور الارتداد فى التاريخ مخيفة !!.. اوهل هناك من ضمان لئلا نكون منهم ، اذا اوكلنا الله تعالى الى انفسنا طرفة عين ؟! ..

===============================
ملاحظات :

*** قال الحسين (ع) :

ابن آدم !.. إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همّك ، وما كان الخوف لك شعارا ، والحذر لك دثارا .

ابن آدم !.. إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله جل وعز ، فأعدّ له جوابا . ***

هل غفلنا عن محاسبة انفسنا !! http://www.alseraj.net/13/

للمشاهدة أو الاستماع ، اذهب إلى العنوان التالي

http://www.alseraj.net

إذا أردت ان تكون شريكا في نشر الهدى فاطبع وانشر هذه الصفحة


*** الدال على الخير كفاعله ***

===========================