السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نبث اليكم خطبة هذا الاسبوع لسماحة الشيخ حبيب الكاظمى ، فى مسجد الرسول الاعظم (ص) فى امارة ابوظبى ، الجمعة :7 ربيع الاول 1423 - 9-5-2003 ، وقد تناول فيه سماحته النقاط التالية :

1- إن الذنوب تنقسم إلى قسمين : فمنها ما لها تحقق قبيح في الخارج : طعنا بالسكين ، أو إراقة للماء الحرام في الموضع الحرام ، أو سلبا للمال من صاحبه ، وغير ذلك من الذنوب التي يرى الإنسان أثرها بشكل مباشر .. وهناك من الذنوب ما ليس لها تجسم في الخارج بشكل واضح ، مما يجعل صاحبها يستهين بأمرها وهي عند الله تعالى من الموبقات المهلكة .. ومن مصاديق ذلك : التعرض لكرامة المؤمن ، و ان لم يبلغ أعلى درجات الإيمان ، فانه لا يرى الا حركة فى اللسان ، والحال ان القرآن يعتبر ذلك أكلا لأقبح مأكول على وجه الأرض ، الا وهو لحم الميتة من رحم ماسة كأخ شفيق !!

2- ان الوجاهة الاجتماعية بمثابة الهواء الذي يتنفسه الكائن الحي ، وعليه فان من يسقط إنسانا عن أعين الآخرين ، فانه يقضي على حياته من خلال خنقه ، إذ سلب منه الهواء الذي يتنفسه . وليس من العجب بعدها ، ان نرى بعض الروايات ترجح إثم هذا الإسقاط على إثم الزنا ، وذلك لان الزنا أمر يتم في ستر وخفية ، ومن السهل ان يعود صاحب هذه المعصية إلى حياة الاستقامة ، بعد الندامة الصادقة والتوبة النصوح .. فتأمل في هذا النص النبوي : ان الرجل قد يزني فيتوب الله عليه ، وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه !!

3- ان البعض يعيش حالة من السذاجة والبساطة في التفكير، فيفتح عقله لكل ما يبث في وسائل الإعلام هذه الايام ، والحال ان الكثيرين ممن يتصدون لمثل هذا الأمر، ينطلقون من منطلق تجاري بحت ، فلا يهمهم تزوير التاريخ ، ما دام يدر عليهم دريهمات فانية .. والقرآن الكريم أراد بهذه الآية تحذيرنا اليوم من الابواق المنطلقة من صدور الفاسقين حيث قال : { ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } .. أو ليس المؤمن كيساً فطناً ، عالما بزمانه ، لا تهجم عليه اللوابس ؟!.

4- لقد حثت الشريعة الغراء في نصوص متعددة ، على ضرورة الحمل على الأحسن ، بمعنى محاولة خلق الأعذار لمن صدر منه الخطأ ، ما دمنا غير قاطعين بسوء نيته ، فان العمل الخارجي لا يكشف دائما عن المنطلقات الباطنية ، أولسنا في حياتنا العملية نقوم بما يوحي الوهن والانتقاص ، لأحب الناس إلينا ، من دون ان نقصد شيئا من ذلك ؟! .. إننا نرفض بشده ترتيب الأثر على ما يسمى في العرف بالتوهين العملي من دون قصد ، فليكن شعارنا دائما : عامل الناس بما تحب ان يعاملوك به .

5- لقد كثر في أوساط المؤمنين ما يسمى هذه الأيام بالتحليل والتقييم ، فنرى الفرد يخوض في أعراض المؤمنين من دون برهان قاطع ، سوى ما يثار من القيل و القال ، والحال انه ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ، والله تعالى سريع الانتصار لعبده المؤمن، لأنه يعدّ من اقرب الشؤون إليه ، ومن هنا رجحت كرامته على كرامة الكعبة!! .. ولكن هذا لا يعنى تجميد الأفكار في مقابل ما نراه من هفوات و أخطاء ، بل يمكننا تقييم الفعل لا الفاعل ، والمناقشة الموضوعية في الفعل الخارجي ، لا يستلزم دائما جرحا لصاحب الفعل .. ومن هنا لزم اخذ الحيطة المضاعفة عند التحدث عن المؤمن ، فان من كسر مؤمنا فعليه جبره !!.. و هل يمكن الجبر دائما ؟!.

6- ان الحديث عن أي مؤمن يستلزم الدقة في اختيار الكلمات لئلا يزل بنا القدم حيث السقوط من عين الله تعالى ، ولكن لا بد من الالتفات إلى خطورة الأمر عندما يكون الحديث عن رموز الدين من الذين لم نعهد منهم الا الخير، فان التجريح الذي لا مبرر له ، يوجب و هن الدين في نظر عامة الناس ، الذين يعرفون الدين من خلال حَمَلته .. وبالتالي فان من أدى حديثه إلى مثل هذا الوهن المستلزم للجرأة على المعاصي ، سيشارك المنحرفين في إثمهم ، وسيتجلى له ذلك في يوم تبلى فيه السرائر !!.. فتأمل في هذا النص المروى عن الصادق (ع) : من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروءته ليسقطه من أعين الناس ، أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان ، فلا يقبله الشيطان .

7- ان من مناشئ الوقيعة والمبالغة في نقد الآخرين هي : الحالة النفسية المسبقة ، فان طبيعة من يحمل في قلبه حقدا لأخيه المؤمن ، تستلزم الانجرار للحديث الآثم من منطلق النفس الأمارة بالسوء ، التي تجره للشهوة تارة ، وللغضب تارة اخرى !.. وتبلغ المشكلة مداها عندما يضفي المتحدث طابعا شرعيا لمقولته ، وهو يعلم في أعماق نفسه انه تبرير مختلق ، سولته له نفسه .. وعليه فان من مفاتيح الحل هو البحث دائما في خفايا أعماق النفس ، لئلا يجد الإنسان فيها زاوية اتخذها الشيطان وكرا لبث سمومه!! .. ومن هنا كان القلب السليم غاية منية العارفين طوال التاريخ .

8- ان الحل الجامع للتخلص من كل الذنوب بقسميها الحقيقي والاعتباري هو: الاعتقاد بان الإنسان بين يدي ربه في كل حركاته وسكناته ، مستحضرا جهاز التصوير فوق رأسه ، والذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا وصورها ، وهو مظهر من مظاهر حقيقة : { فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه } ومصداق من مصاديق العتاب الإلهي البليغ : { ألم يعلم بان الله يرى } .. وليس من الغريب ان يجعل القران من أولى صفات المتقين هو الإيمان بالغيب ، ثم يختار من بين الغيب خصوص الإيمان بالآخرة تأكيدا للأمر .. واخيرا تامل فى هذا النص المروى عن الامام الجواد (ع) : واعلم انك لن تخلو من عين الله ، فانظر كيف تكون ؟!.
===============================
ملاحظات :

* ظننا بالاخوة الذين تصلهم رسائلنا انهم مبرؤون من كل ذلك ، ولكن مع ذلك ! ، احببنا نقل هذه النفثات فى ضمن برنامج صوتى مع مؤثراته خلال ( 7 دقائق و6 ثوانى ) راجين ان تكون وسيلة تذكير لنا اولا ، وواسطة لتحذير الاخرين ثانيا ، ممن لا يصلهم صوتنا فى زحمة تداخل الاصوات !!

اضغط هنا للاستماع الى ما ينبغى سماعه الان / تحميل
http://www.alseraj.net/cgi-bin/scri...ail/Warning.ram

* هل غفلنا عن محاسبة انفسنا !! http://www.alseraj.net/13/

* للمشاهدة أو الاستماع ، اذهب إلى العنوان التالي

http://www.alseraj.net

* إذا أردت ان تكون شريكا في نشر الهدى فاطبع وانشر هذه الصفحة


*** الدال على الخير كفاعله ***

===========================