بقلم: علاء بيومي – كاتب وباحث سياسي – واشنطن

الناشر: جريدة الرياض، 25/10/2002


نشرت وكالة الأنباء اليهودية الدولية "جيوش تلجراف آجانسي" والتي تتخذ من ولاية نيويورك الأمريكية مقرا لها، مقالا للكاتب ماثو برجر في 15 أكتوبر الحالي يتحدث فيه عن تنامي العلاقات بين المنظمات اليهودية الأمريكية وبعض جماعات المعارضة العراقية في واشنطن خلال الفترة الأخيرة، إذ زاد عدد المنظمات اليهودية الأمريكية المهتمة بالتواصل مع جماعات المعارضة العراقية في واشنطن، كما تحولت العلاقة إلى العلانية بشكل واضح بعد أن ظلت تحت السطح لفترة طويلة خوفا من أن تتسبب العلانية في الإضرار بمصالح المنظمات اليهودية وجماعات المعارضة العراقية.

وذكرت المقالة أن منظمات يهودية أمريكية معروفة مثل لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك) والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي قد قامتا خلال الأسبوعين الماضيين برعاية مناقشات مع أعضاء في منظمة الكونجرس الوطني العراقي وهي أحد أكبر جماعات المعارضة العراقية المدعمة ماليا من قبل الولايات المتحدة.

وقالت المقالة أن أحمد شلبي رئيس الكونجرس الوطني العراقي قد دعي للقاء نظمه المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي في التاسع من أكتوبر الحالي، كما تحدث مدير مكتب الكونجرس الوطني العراقي في واشنطن في مؤتمر الإيباك الذي عقد في أطلانطا بولاية جورجيا في 7 أكتوبر.

وعن أسباب العلاقة المتنامية بين الطرفين، تقول المقالة أن الطرفين يدفعهما مبدأ "عدو عدوي هو صديقي"، وأن التحالف بين الطرفين زاد مع إصرار إدارة جورج دبليو بوش على تغيير النظام العراقي، كما يسعى الكونجرس الوطني العراقي إلى استخدام "النفوذ اليهودي" في واشنطن وإسرائيل لحشد التأييد لأهدافه، كما يرى مدير مكتب الكونجرس الوطني العراقي في واشنطن أن تقرب منظمته من الجماعات اليهودية الأمريكية هو لكونها أفضل طريق للوصول إلى الحكومة الإسرائيلية، والتي ينبغي عليها – في وجهة نظره – أن تنشط في التقرب من جماعات المعارضة العراقية ولعب دورا أكثر نشاطا في تشكيل التغيير السياسي في العراق.

ويرى المقالة أن الكونجرس الوطني العراقي يحاول الاستفادة من التحالفات القوية التي تربط المنظمات اليهودية الأمريكية مع الكونجرس الأمريكي، على أمل أن يساعد تأكيد الكونجرس الوطني العراقي على مستقبل إسرائيل بعد زوال صدام حسين على دفع مزيد من الساسة الأمريكيين المساندين لإسرائيل إلى مساندة التحرك الأمريكي ضد صدام.

أما المنظمات اليهودية الأمريكية فترى العلاقة كفرصة لتمهيد الطريق لعلاقات أفضل بين إسرائيل والعراق في حالة مشاركة الكونجرس الوطني العراقي في حكم العراق في فترة ما بعد الإطاحة بصدام حسين، وفي هذا الخصوص يقول توم نيومان المدير التنفيذي للمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي أنه "من المهم للجماعات اليهودية أن تمتلك علاقات مع أية فرد يشكل مشكلة لصدام"، كما يرى أن تحسين العلاقة مع جماعات المعارضة العراقية هو ضمانة لعدم عدائها لإسرائيل على الأقل إذ لم يكن أسلوب لضمان كونها مساندة لإسرائيل في حالة حكمها للعراق.

ورغم ذلك ترى المقالة أن العلاقة بين المنظمات اليهودية الأمريكية وجماعات المعارضة العراقية معقدة، وأن المنظمات اليهودية الأمريكية تبتغي هذه العلاقة بحذر خوفا من أن تضر بالمصالح اليهودية، ومن أن تحيي فكرة أن العمل العسكري الأمريكي ضد العراق هو لمساعدة إسرائيل، وهي الفكرة التي انتشرت – كما ترى المقالة – خلال حرب الخليج الأولى.

ولكن ترى الجماعات اليهودية التي تتعامل مع الكونجرس الوطني العراقي أنها تملك مصلحة مشتركة مع الكونجرس الوطني العراقي وهي الإطاحة بصدام حسين، ويقول مسؤولون المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي أن منظمتهم على علاقة مع الكونجرس الوطني العراقي منذ عشر سنوات، وأن جماعات يهودية أخرى تساندهم في ذلك علنا لأول مرة خلال الفترة الحالية، خاصة بعد إعلان مزيد من الجماعات اليهودية الأمريكية عن موقفها تجاه العراق.

هذا وقد أشارت المقالة إلى أن عدد من المنظمات اليهودية الأمريكية مثل المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، الكونجرس الأمريكي اليهودي، ومنظمة بناي بريث الدولية كان مقرر لهم المشاركة في مؤتمر صحفي بالكونجرس خلال أسبوع سابق مع أعضاء بالكونجرس وجماعات غير يهودية أخرى لتأييد قرار الكونجرس بخصوص العراق، وذلك وسط مخاوف من قبل المنظمات اليهودية الأمريكية من أن العلاقات العلنية قد تضر بالمصالح المتبادلة بينها وبين جماعات المعارضة العراقية.

هذا وقد نشرت وكالة "جيوش تلجراف آجانسي" في 14 أكتوبر مقالة لنفس الكاتب، وهو ماثيو برجر، تتحدث عن بيان أو قرار أصدرته منظمة مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى مؤخرا بخصوص موقف المنظمات اليهودية الأمريكية تجاه العراق، وأشارت المقالة إلى منظمة مؤتمر الرؤساء والتي تنسق بين أكبر المنظمات اليهودية الأمريكية وجدت صعوبة في التوصل إلى بيان بخصوص العراق تجمع عليه كافة المنظمات المكونة لها.

وذلك بسبب الموقف الحذر الذي تتخذه المنظمات اليهودية الأمريكية تجاه القضية، وعدم رغبتها في تأييد الحرب الأمريكية تجاه العراق علنا في هذه الفترة، الأمر الذي دفع المنظمات اليهودية الأمريكية إلى الانتظار حتى يصدر الكونجرس الأمريكي قراره بخصوص العراق، ولكن بعض المنظمات اليهودية الأمريكية مازالت حتى الآن تشعر بأن الجدل الأمريكي تجاه العراق لم يحسم بعد.

وقد حاول بيان مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى الموازنة بين تأييد المؤتمر لتهديد الإدارة للعراق باستخدام القوة العسكرية ضده إذ تطلب الأمر وبين تأييدها بعض المنظمات اليهودية الأمريكية لاستخدام وسائل الضغط غير العنيفة على العراق أولا.

لذا طالب البيان العراق "بالانصياع لقرارات مجلس الأمن والمعايير الأخرى التي حددها الرئيس بوش"، كما أيد "جهود إشراك الأمم المتحدة والتعاون الدولي لتأمين انصياع العراق، بما في ذلك استخدام القوة كملاذ أخير".

وقد اشتكت بعض المنظمات من غموض مشروع البيان، ورأت أنه لم يقدم رؤية واضحة عما إذا كانت الجماعات اليهودية تؤيد القضايا الأكثر استشكالا في الجدل الأمريكي بخصوص العراق، خاصة فيما يتعلق بالتحرك الأمريكي الفردي في حالة غياب الدعم الدولي.

وبعد صدور القرار رأت العديد من المنظمات اليهودية الأمريكية أن القرار مثل تلخيصا جيدا لمواقفها المتعددة، وأحجمت منظمة يهودية كبرى وهي الكونجرس اليهودي الأمريكي عن تأيد القرار لأنها تري أنه ليس من المناسب للجماعات اليهودية الأمريكية الحديث عن العراق في الوقت الحالي.