النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي ما زالت تبحث عن صغيرتها صفاء!!!!

    [align=justify]نساء من طراز خاص تحدين إرهاب الدولة وصرخن عالياً بـ(يعيش العراق) وهن متوجهات إلى ساحة الاعدام أو حبل المشنقة، وتحملن كل عسف وألم زنزانات النظام المقبور. امراة عراقية أخفت زوجها وأبنها واخاها وحبيبها بل وجارها، عن أعين فئران الزيتوني البؤساء هذه المرأة مطلوب منها ان تكتب هذا التاريخ الحقيقي للمرأة العراقية لا تاريخ اتحاد النساء وحفلات نادي الصيد.
    وجدت ابنها جثة هامدة في حديقة الجيران مع بعض اصدقائه. واختفت ابنتها صفاء الى يومنا هذا
    ام زمن تناشد القراء مساعدتها في العثور على ابنتها
    كم من القوة يجب ان يمتلك المرء كي يقول (لا)؟
    وكم من الحكمة يحتاج كي يترجم (لا) الى واقع حال دن ان يثير جنون الطغيان؟!
    ويالها من روعة حين تعلن (لا) في المكان والزمان المناسبين، والاروع من ذلك حين يكون مصدرها كائناً رقيقاً حنونا اسمه (المرأة).
    (أم زمن) امراة من زمن الصحوة يحيط بها كم من الآلام تتلاشى عند حدوده كل جوازات السفر..! وتنتفي معه قساوة العقول.. ابتسامة جريحة ووجه اجتمع فيه الوقار وشجاعة الحديث برغم المصائب التي عاشتها وما زالت تعايشها بين الامس واليوم والغد التائه بين الظالم والمظلوم. انها امرأة من العراق نالت حصتها من الفجائع ودفعت ضريبة الدم بكل تواضع، بادرتني بتساؤل اقرب الى الرجاء ان كان بالامكان ان اكتب عنها دون الاشارة الى الاسم والمنطقة ولها وجهة نظرها في ذلك حيث تقول:
    بدأت اتحسس واشعر بالحزن من حالة التأكيد على الاسماء والالقاب والمناطق.
    لان المراة في عراقنا من شرقه الى غربه، ومن شماله الى جنوبه تحمل نياشين التضحية والحب العظيم لهذا التراب الذي عاشت عليه وعانت منه ولاجله بدءاً بـ(اللالة والتنور) الى المعتقلات والمشانق والابناء المذبوحين..
    عادت (ام زمن) بذاكرتها الى عام 1991 حينما عصفت رياح القمع والابادة في العراق، حيث فتحت دارها لضيافة عوائل من بغداد والمحافظات المجاورة، وحل عليها (35) فرداً يجمعهم الوجع الواحد ويحميهم حب الخير، وبرغم انها ام لستة اطفال حاولت ان تكون نعم المضيفة في ظل تلك الايام حيث كانت الطائرات تقصف بغداد والصواريخ تجول وتصول ، كان يجب ان تحرص على راحة ضيوفها المتعبين ولو على حساب ابنائها.
    تقول حينما تم وقف اطلاق النار في حرب الكويت اقترحت على ضيوفي ان لا يعودوا قبل ان تتاكد من الوضع خاصة وجميعنا نساء واطفال، كانت انتفاضة اذار مفاجأة اكثر مما نتصور وتصاعدت الاحداث، لم نترك البيت في البداية مرت الايام الاولى علينا في كل لحظة احتضار وموت، وكنا نقرأ الشهادة في كل دقيقة.
    كان هم (ام زمن) ضيوفها الذين حوصروا معهم ويجب ان توفر وتدبر اطعام ضيوفها في وقت شحّ فيه كل شيء وانعدم الماء. وعليها ان توفر الراحة المفقودة وشبح الموت يخيم على الرؤوس ولا احد يعلم بمصير الرجال والابناء والاخوة.
    تقول لا نعلم سوى ان الموت يحدق بنا من كل جانب، بل لا نعلم باية طريقة سنقتل، لا ماء ، لا كهرباء، لا وقود لا امان، لا اثر للحياة غير الانفاس المرعوبة وصراخ الاطفال الذي يتعالى مع لعلعة الرصاص.
    كان الجو بارداً والهواء يحمل انباء الموت الصريح، ومع ذلك كانت (ام زمن) مشغولة بضيوفها الذين احتموا في بيتها.
    وكانت تحدث نفسها بانها لا بد ان تتحلى بالشجاعة ورباطة الجأش في المواقف المحتملة في مثل تلك الظروف لم يكن زوجها معهم ولا تعلم باخبار اهلها رغم قربهم منها.
    تطلق حسرة ساخنة لتقول: اخر مرة كانت اتذكر رايت ابنتي (صفاء) ابنة الثماني سنوات لاننا في خضم الصواريخ والطائرات وهرج الاطفال والعويل، لم نعد ندري بانفسنا.. دخلت ابنتي واخبرتني ان في الباب عائلة حاصرهم الرصاص ويريدون الدخول عندنا، فرحبت بهم وبقوا عندنا حتى هدأ الوضع نسبياً، وكلمت جارا اخر عنده سيارة وافق الرجل بكل شهامة ان يوصلهم الى الحلة لاقاربهم ولم يهمه الخطر.
    وبقي بابنا في كل ساعة واخرى يطرقه اناس لا نعرفهم يطلبون الاحتماء بسقف او جدار، ولا مجال للسؤال او التخوف من القادمين، وجوههم فزعة وحالتهم يرثى لهم.. كانت "ام زمن" تتمنى لو ان بيتها بوسع قلبها كي تؤوي هؤلاء العراقيين ابناء بلدها الذين لا يعلم بحالهم الا الله..
    في هذه الزحمة اعلن عن اخلاء المدينة.. فكان خروجهم من البيت مشيا على الاقدام، تركت الجمل بما حمل وحملت من لجأوا اليها كامانة لديها واودعت بيتها وكل ما تملك (امانة الله ورسوله) لم يحملوا معهم ابسط الاشياء لانهم على يقين بانهم سائرون في درب الموت لا محالة.
    بدأت الرحلة مع اصوات القصف ورائحة البارود تملأ الفضاء قافلة يقودها الاطفال والنساء والعجائز...
    سارت القافلة نحو المجهول اعانتهم في المرحلة العربات التي تجرها الحيوانات (الحمير) حتى وجدوا انفسهم في الصحراء على حدود السعودية.. تقول "ام زمن" هناك عرفنا اننا على حد "رفحا" ، تساقطنا على الرمال، بلغ منا الاعياء مبلغا لا يوصف، حتى اننا رمينا باجسادنا على الرمال في الظلام بدون خوف او تفكير بلسعات الافاعي والعقارب فما رايناه كان اصعب واقسى، هناك استمر الحال اكثر من خمسة ايام في العراء كانها سنين راينا هناك العجوز التي تحتضر بسبب انقطاعها عن "حبوب السكر" او "الضغط" والحامل التي اجهضت ولا اسعاف لدينا الا رحمة الله.
    دخل بعض الناس هناك الى "رفحا" لان الحال لم يعد يحتمل ولكننا لم نستطع التفكير بذلك، كنا نبكي العراق.. نريد الموت على ارض عشقناها، كان كل يوم يمر بنا في العراء يزيدنا حبا وتشبثا بهذه الرمال التي تقيحت منها اجسادنا.
    كانت عيونهم ساهمة نحو الله وفي الصدور حسرة وقلوب تنبض بحب الارض وتشتهي نكهة الطين والتراب تراب ارض نزل فيها ذات يوم "الحسين" " عليه السلام" ابو الثوار فكان له يوم شهد له التاريخ.
    تتذكر جيداً "ام زمن" كيف شاهدت "شاحنة" احترقت امامهم وبقيت مشتعلة اياما كانت تضيء لهم وتخفف عليهم ظلام الصحراء.
    يبدو التعب واضحا بعيون محدثتي وكانها تحمل ثقل تلك الرمال على اكتافها.. بعد مرور ايام عادوا مستخدمين كل وسائل النقل ما بين المشي على الاقدام المتورمة والعربات والحمير. وقبل ان نصل باغت المخاض احدى النساء..!
    وهنا تروي "أم زمن" كيف انها ومن معها اضطروا لتعقيم سكين صغير مع (مقراضة) الاضافر بنار "القداحة" لكي يقطعوا "سرّة" الطفل.
    تلتمع دمعة في عين "ام زمن" وتتذكر كيف كانت تضع ابنة اخيها "عمرها سنة" في حجرها وتقول: لا ادري كيف اصابتها شظية اسكتتها الى الابد.. قتلت في حضني هذه الصغيرة واسلمت الروح بكل هدوء .
    تصمت لحظات وكأن وجعاً في القلب يعتصرها، حيث انهم قبل ان يصلوا الى البيت تعرفوا على اشيائهم منثورة في الشارع، حتى صورهم، مجموعة من افراد الجيش كانوا امام البيت. تضحك "ام زمن" وتقول جمعنا الصور من الشارع كي نقنع الجيش ان هذا بيتنا وكان من الصعوبة ان يتعرفوا علينا لان اشكالنا في الصور نظيفة وجميلة بينما كان منظرنا انذاك مقرفاً مفزعاً حفاة وملابس قذرة ووجوها كالفحم، اما الاطفال فحدث ولا حرج.
    كان البيت مهدما نهائيا والاثاث ما بين مدمر ومسروق ادخلونا احد البيوت المجاورة وتركونا نحترق باسئلة وحيرة لا جواب لها.. كنت اذوب قهرا فقط اريد ان اعرف اخبار جيراني ووالدي الرجل المسن.. اطمأننت على جيراني وحمدت الله الف مرة "بالمال ولا بالارواح" اما الرجال منهم فلا احد يعلم عنهم شيئاًَ.
    تذكرت ام زمن اخيرا ان علياً ابنها لم يظهر واخته صفاء لم تكن معهم وتصورت انها بقيت مع اخيها، وظلت تسال وتنتظر عودة "علي" ولكن لا اثر لهما وانشغلت من جديد بالجرحى والمصابين لمراعاتهم واسعافات بسيطة حسب ما متوفر, بعضهم لا تعرفهم نهائيا وليس من اهالي المدينة وكأم عراقية لم تهن عليها قطرة دم من أي شاب عراقي طالته محرقة (حسين كامل لعنه الله) كانت "أم زمن" مؤمنة بان ما تفعله من خير سيكافئها الله به ويعيد لها ابنها وزوجها وصغيرتها "صفاء" التي كانت في الصف الثاني ابتدائي في مدرسة الاخاء، وكما هي ترعى هؤلاء الشباب سيهيئ الله لغيابها من يرعاهم.
    ولكن هيهات. بعد ايام عثروا على "علي" في حديقة الجيران في الشارع الخلفي جفّ دمه وفارق الحياة ومعه اخرون يبدو انهم كانوا يركضون للاختفاء عن عيون الموت.. هذا ابني تقول "ام زمن" عرفت مصيره واحتسبت وجنّ جنوني، فلم نجد اثراً لجميلتي "صفاء" ، وبقينا ننتظر مفاجآت اخرى اكثر ايلاماً، وبعد فترة عرفت ان اخوتي واخوة زوجي اعتقلوا بعدها عاد زوجي وكان حاله "يصعب على الكافر" حافي القدمين يرتدي دشداشة قصيرة ممزقة يبدو شكله وكأنه قادم من العصر الحجري!
    واستمر بحثنا عن "صفاء" في كل المدينة، وزعنا صورها في كل الجوامع والحسينيات والمستشفيات، وحتى الاذاعة ومن المفارقات الغريبة في تلك الظروف والدبابات والطائرات والاثاث المتطاير وجدنا (نعالها) في باب الدار.
    عاد جميع ضيوفنا الى بيوتهم وبقيت انا افتقد "ابنتي" التي اختفت، حتى قررنا ان نبحث عنها خارج العراق لعلها خطفت او ان احداً اخذها بطريق الشفقة.
    سافرت وتركت العراق الذي طالما تشبثت به من اجل البحث عن الصغيرة "صفاء" في لبنان وسوريا وتركيا نشروا صورها حتى في القنصليات والجوامع، ولكن بلا جدوى.. تقول: كل عام يمر ارى ابنتي امامي تكبر واحسب عمرها يوما بيوم... ويعصرني الالم لمجرد التفكير بانها "تائهة" ليتني اعرف انها ماتت فاستريح ولكن لا شيء يدل على موتها، رأيت العجب في الغربة وقاسيت الامرين وكابدنا انا وابنائي وزوجي كل انواع الظلم والقسوة وتحملنا ما لا تطيقه الجبال يحدونا بصيص امل ولو خافت عن الابنة المفقودة، حيث كنا نتقصى حتى من خلال المسافرين الى بلدان اوربا وامريكا، ولكنها اختفت.
    تقول "أم زمن" وبنبرة كلها امل ورجاء: انني من خلال "منبرمؤسسة الذاكرة العراقية" هذا الذي فتح امام المرأة العراقية بابا تطل منه ومن خلاله تتعرف على هموم وقصص من لب الواقع المر والمآسي الدامية التي عشناها نحن جميعاً.. اتمنى ان تلعب المصادفة دورها بقدرة الباري عز وجل وان يصل صوتي لكل من يقرأ لعل وعسى ، وليس هناك مستحيل.
    [/align]
    مؤسسة الذاكرة العراقية
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    393

    افتراضي

    السلام عليكم

    الاخت الغالية منازار
    شكرا لك اختي على الموضوع
    حسبنا الله ونعم الوكيل فليس لهم الا الله

    اختك
    ام عباس

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    ونعم بالله أختي ام عباس

    ساعد الله قلب هذه الوالدة المفجوعة من الصعب انتظار المجهول لا تعلم هل ابنتها على قيد الحياة ام انها فارقت الدنيا في تلك الايام مع اخيها...

    حال هذه الام مثل حال الكثير من الامهات... ما لهم الا الصبر على هذا الابتلاء
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    67

    افتراضي

    [align=center]اجرها على الله سبحانه وتعاله حسبي الله ونعم الوكيل هكذا طواقيت العرب عند مايستلمو الحكم يحرقو الخضر واليابس من اجل اعتلا السلطه
    ويجيره على الوطنيه وترجم الوطنيه بحب الحاكم افقط[/align]
    [align=center]بــرٍزآن لــتــاريــخ مــجــد ومــنـــآهـــيـــج قــدامــيـــاً مــاهــي هــرابــيـــد هــراج

    ســتــرى الـعذارى والـضعوف المحاويج شلفى تعز حجاج وتطمـئــن حـجــاج[/align]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    39

    افتراضي

    لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
    الله يصبر هذه الام ويساعدها في محنتها.
    [frame="2 80"]بنت الرافدين1[/frame]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني