النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي (رجيحة --- شهيدة من الشهيدات الزينبيات )

    الشهيدة رجيحة في ذاكرة التاريخ

    [align=justify]كانت المشانق واساحات الاعدام في تلك السنين العجاف.. - سنين الثمانينيات - فترة دموية قل نظيرها في تاريخ شعب العراق، بل لا مثيل لها اطلاقاً على مستوى الامم الاخرى، انها حملات مسعورة قام بها ذئاب البعث.. انذاك حيث السجون السرية والعلنية، كان سجن ابو غريب يلتهم الخيرة من الصالحين.
    نهاية البداية
    في شتاء عام 1983، حيث خيم الموت على قاعة الموت الملثمة بالسواد، والتي تسمى قاعة (محكمة الثورة) العسكرية، والتي يرأسها (عواد محمد امين البندر) وفي قفص الاتهام جثمت (60 ضحية) ومن بينهم ثلاث فتيات.
    -اعدام فوري: وهن المهندسة رجيحة، والاستاذة ابتهاج، والدكتورة سكرية وتسع فتيات.
    -اعدام مخفف (مؤبد): هن.. نادرة الشبلي، احلام الشبلي، وسهام علي وطليعة، وطبيعة، وناجحة.. الخ.
    جميعهن من سكنة بغداد الكاظمية وقد سميت ملفاتهن بـ (قضية بنات الكاظمية) هن زينبيات في عمر الورد شربن من فرات كربلاء، فتح لهن المستقبل اوسع ابوابه، ورغم ذلك كن يتهافتن على الشهادة.
    فتعالي معي - قارئتي العزيزة - لنرتشف قليلاً من كأس الشهادة المترع من نبع كربلاء.. ولتكن الشهيدة… رجيحة..
    الشهيدة في سطور..
    الاسم: رجيحة كاظم المسلماوي، مواليد 1954، لم تتجاوز العقد الثالث، خريجة جامعة بغداد.. كلية الهندسة قسم المعادن.
    والدها الشيخ كاظم (إمام جماعة في المسجد الكائن في شارع الزهاوي - الحرية الثانية)
    ذهبت مع ابيها إلى بيت الله الحرام.. وبعد 4 سنوات اضطرت لترك الوظيفة لتتخلص من مضايقات أزلام النظام للتفرغ للعمل الاسلامي.
    كانت التهمة: الانتماء إلى احزاب المعارضة الاسلامية – حيازة وحمل السلاح، تاريخ الاعتقال (5 / 8 / 1983م).
    جهة الاعتقال: مديرية امن الكرخ، مادة الحكم (156 – أ) على يد المجرم (عواد البندر) رئيس محكمة الثورة العسكرية.
    تاريخ الاعدام: (9 / 4 / 1984) في ابو غريب، قاطع الاعدام – قسم الاحكام الثقيلة.
    الشهيدة… نشأة وسلوكاً
    ولدت الشهيدة في احضان العلم والفضيلة، في بيت ذات جاه وماض رسالي عريق، ومنذ صباها ترفض حياة الذل والانزواء… كبرت رجيحة في تلك الاجواء الدينية حرصت على حضور دروس واشارات الشهيدة بنت الهدى – رضوان الله عليها -.
    لازمت مجموعة من النساء الرائدات كالشهيدة سلوى البحراني (ام سعد) التي اعدمت عام (1980م) لم تترك صلاة الليل، قليلة الكلام،، كثيرة العمل، اذا نطقت اوجزت… كانت مصداقاً للحديث الشريف (المؤمن حزنه في قلبه، بشره في وجهه) كانت كلماتها بلسم في جروح المتعبين.
    العديد من المجاميع النسوية يعملن تحت مشورتها ويتحركن بارشاداتها، فهي من النخبة الاصيلة التي تمتاز بكفاءة وتخطيط، لم تكن تهتم بمفاتن الدنيا، الكل يتذكر كلماتها التي كانت ترددها: (اطردن الدنيا من قلبكن، فهي ليست دار اولياء الله).
    العديد من العمليات الجهادية تمت على يديها بكل دقة وكتمان… فهي من رائدات العمل الجهادي النسوي في عراق بنت الهدى، فلقد مثلت ببطولاتها بعض امجاد بغداد المنسية.
    كانت منذ بداية السبعينيات بين الحين الآخر تأخذ المجاميع النسوية والفتيات الجامعية إلى النجف الاشراف للالتقاء بالعلية (بنت الهدى).
    كانت مسيرتها الرسالية نموذجاً يقتدى به، فالوعي الرسالي طغى على سلوكها كان لها دور رئيسي في ايجاد طليعة نسوية واعية في مناطق مختلفة من بغداد وبالخصوص في منطقتي الكاظمية والحرية.. فانها تعد من النخبة النسوية الرائدة في مشرع الشهيدة (بنت الهدى – رضوان الله عليها-).
    من كلماتها الخالدة… (ان الحياة لمسؤولية، وان العمر لامانة، وان الدين لرسالة).
    واقسمت ان تعمل كل ما في وسعها حتى نيل النصر أو الشهادة، بيد انها كانت تبحث عن ثمن باهظ لاستشهادها.
    المحن.. تصنع ابطالاً..
    انها لم تكن أو تهدأ حزناً على مقتل السيد الصدر واخته العلوية بنت الهدى ومقتل خطيبها في عام (1980) وفي العام (1981م)سلمت جثة اخيها بلا عيون كل ذلك لم يوهن من عزيمتها، بل زادها اصراراً وعطاءاً في دربها اللاهب.
    كانت هادئة ولكن خلف اهدابها يكمن الف رائدة..
    اعتقال رجيحة استئصال منارة رائدة..
    وفي عام (1982م) بسبب تقارير الرفاق البعثية، وبعض الاعترافات التي كشف نشاطها وعلاقتها ببنت الهدى استيقظت عيون النظام على دورها الريادي، فحاولوا تصفيتها واستئصالها وحينذاك فقط ودعت (رجيحة) اهلها بشوق متقد، حيث خرجت من البيت إلى حيث اللارجعة..
    حيث تم تطويق البيت ليلاً وبشكل مرعب واقتحمت الضباع الدار بعد ان تسلقوا جدرانه لقد تم تفتيش الغرف بطريقة همجية، وكانوا يصرخون، اين الخائنة، اين العميلة؟.
    كان الشرر يتطاير من عيونهم، والحقد الاسود من قلوبهم، وهكذا تهيأت الذئاب للانتقام، ولبس الجلاد (علي) احقاده الدفينة ضد الحاجة (راجحة) ونهال الجميع عليها ضرباً بالهراوات والكيبلات وهم يصرخون بنت الـ (…)، اما هي فقد سبحت بدمائها صامدة إلا من ذاك الانين المر… كانت ساعات سوداء مظلمة وما هي الا بداية المشوار في رحلة العذاب الطويلة.
    الشهيدة في غرف التعذيب…
    في صباح اليوم التالي ادركت البطلة الشهيدة (رجيحة) ما ينتظرها من عذاب، فاستعدت للمعركة، انها معركة بين الذات والايثار، هنا وقف التاريخ مصغياً لما سيحدث..
    بدأ الجلاد (علي) يكشر عن انيابه التي يسيل منها الصديد، في افراغ حقده وكيبلاته على جسدها وتوالت الضربات اقسى واعنف وهو يصرخ بها كالذئب الجائع بعد ان عرف انها (رجيحة) فاحال جسدها الرقيق إلى مساحات سوداء من كثرة وشدة الضرب بالخيزران، لقد راهن يشدته وقسوته على استنطاقها وتحريك لسانها الملحوم، كان يعذبها بصورة جنونية، بعد ان يتعب يأتي اجلاف الرذيلة يتسابقون عليها كالأوباش، وهي تصرخ ولا من مجيب، حتى هوت إلى الارض بلا حراك جاءوا بها (سحلاً) إلى غرفة النساء هي لا تقوى على الحراك، وعند انتصاف الليل تتحرك (رجيحة) بصعوبة ومشقة لتصلي جالسة وتبتهل إلى الله حتى الفجر، رغم الجسد الواهن والجراح النازفة ما زالت تحمل روحاً كبيرة.
    كان يوماً آخر
    وجاء الصباح بل يوماً آخر من الجحيم، قطعان من المرتزقة يتوافدون عليها حيث الدمار وموت الضمير ورغم ذلك عجزوا عن انتزاع الاسرار.
    كانت الايام صائفة حارة، بدأ جسدها ضئيلاً متآكلاً، كان الجلاد يتشظى غضباً كيف تخدعه فتاة! بل وكيف يعجز عن استنطاقها، لقد تحملت الواناً من العذاب لا تخطر على بال انسان، وما يحدث اليوم يتكرر غداً، وهكذا كان سيؤتى بها إلى غرفة النساء عزيلة منهكة تئن من شدة الالم، عاجزة حتى عن رسم الكلمات بالشفاه الذابلات.
    جاهية النظام.. الرذيلة وذبح المقدسات
    جاهلية النظام هي الرذيلة الخالصة، حيث لم تأمن وحشيتهم حتى بنات الارحام الطاهرة فبعد ان عجزوا عن انتزاع الاسرار عمدوا إلى تعذيب الروح، لانها الوسيلة الاكثر ايفالاً في تعذيب الصامدات.
    لقد تم تعرية (الشهيدة رجيحة)، لقد قصموا روحها يتعريتها لانها قصمت بصمودها، انهم أزلام مديرية (امن) الكرخ الذين لا يعرفون للعفة من معنى.
    نعم.. لقد تم تعليقها بالسقف، حتى انهم لم يبقوا فيها من ثمرٍ إلا وعبثوا فيه!!.
    ثم وضعوا قطبي الكهرباء في اذنيها، وفي الاماكن الحساسة في جسدها فكادت تفقد ذاكرتها وعقلها.
    كانت الكهرباء تهزها كسعفة اغضبتها الريح، جسدها يهتز ويرتعش امام امواج الكهرباء، حينها كان اجلاف البعث يتقاطرون عليها ويهددونها بالاغتصاب.
    بعد ان يتم اخراجها (سحلاً) من غرفة التعذيب وبسبب قوة الكهرباء كانت (رجيحة) تغيب عن وعيها وتفقد ذاكرتها، مما جعلها احياناً لا تعرفنا فعندما تحاول بعض الاخوات اعادة خمارها المتدلي من أسها وترتيب ثيابها كانت تفدفعهن بوهن، وتمنعهن بتوسل، مبك… قائلة تلك الكلمات (عفيه إشد تسوون! هاي ليش؟ منو انتو؟ ارجوكم اتركوا ثيابي!) كانت صعقات الكهرباء القاسية تلتهم صوتها، وجعلت منها جسداً متآكلاً وروحاً مذبوحة وحبات من العرق تلألأ على جبينها.
    كلمات من شذى
    عند الليل تصلي (رجيحة) تبكي قانتة قائلة بانكسار: (الهي اكاد اشم رائحة الجنة تعطر انفي ولكن متى يا رب؟ لقد تعبت اكاد اضعف وقد ابوح بالاسرار!) كانت دموعها تسيل هادئة حزينة.؟.
    وتزداد عليها موجات التعذيب بالكهرباء وتتصاعد، وهي عارية معلقة في سقف السجن كل يوم، لقد فتكوا بالروح والجسد، وهي تئن بطريقة تجعل الصخر يصرخ… كاد الموت يغزوها كل يوم عدة مرات، وهكذا امست الشهيدة (رجيحة) جثة هامدة لا حراك فانها في سكرات الموت.
    نعم لقد اعترفت الشهيدة وتم استنطاقها وياله من اعتراف باهظ وثمين، لقد انتزعوا الاسرار منها بعدما نزعوا كل ما عندهم من معاني الشرف والانسانية، وهكذا جيء بها الينا وهي ترقب الوجوم باطراف الشعور، وكثيراً ما كان يغمى عليها وهي جالسة بيننا.
    كأنه تأنيب لضمير يبكي (رجيحة) كثيراً هي في هدأ الليل – انه البكاء الواعي – وهكذا انتهت رحلة العذاب في جحيم مديرية (امن الكرخ).
    وبعد ان استعادت بعض صحتها في الاشهر الاخيرة كانت تقرأ دعاء كميل وزيارة عاشوراء حفظاً كل ليلة جمعة، كانت تواسي السجينات الجدد وتقوي روحيتهن على الصبر والصمود وفي تلك المدة نظمت قصيدة رائعة باسم (شكوى إلى صاحب الزمان).
    رجيحة والطريق إلى الشهادة..
    تم نقل البطلة إلى مديرية الامن العامة – الشعبة الخامسة – بقيت فيها (45 يوماً) حيث عادت الكيبلات والهراوات تهوي على جسدها، لا لشيء إلا لملأ فراغات الملف – على حد التعبير – قبل ارساله إلى المحكمة وقد اشرف على تعذيبها الرائد الجلاد (عاملا) الملقب بـ (الذيب) وبهذا الشكل اغلق الملف ثم احيل إلى محكمة الثورة العسكرية، ليحكم عليها المجرم (عواد البندر) بالاعدام الفوري (شنقاً) وبعدها ارسلت إلى سجن الرشاد ببغداد حيث تنتظر تنفيذ الحكم.
    وبعدما وصلت إلى سجن الرشاد، سجنوها في (غرفة المحكومات بالاعدام) التابعة للقسم الثالث، ولم تبقى فيه غير (25 يوماً)، وخلال هذه المدة كتبت الشهيدة وصيتها، وتفرغت للعبادة والدعاء وفرغت نفسها من متعلقات الدنيا، حيث ايام العمر معدودة، وكثيراً ما كنا نسمعها تشكر الله على الشهادة…
    كانت تنام على سجادة صلاتها رغماً عنها بسبب كثرة الاجهاد تواصل صلاة الليل بصلاة الصبح وعند شروق الشمس تبدأ بقراءة (دعاء الصباح) لأمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك الصوت العذب اللحن الذي يسلب اللب.
    كانت في الايام الاخيرة تميل إلى الاختلاء بنفسها، كانت حزينة شاردة، كأن حزنها سرمدي ففي هذه الاثناء تبرعت بعض الاخوات في القسم للتفرغ لتهيئة الكفن وكتابة (دعاء الجوشن وسورة يس) عليه.
    وفي صباح اليوم التالي جاءت سيارة الاعدام القادمة من سجن ابو غريب تنتظر (الحاجة رجيحة) ورفيقاتها، فاغتسلت غسل الشهادة، وتطهرت من ادران الدنيا، ثم تعطرت بالكافور واستعدت للرحيل، ولكن قبل رحيلها ودعت الشهيدة رفيقاتها بصوتها الثائر: (أخواتي، نحن بناء الزهراء، نحن بنات زينب، فلا تنسونا، لا تنسوا الذين ضحوا في الاسلام).
    كان منظراً مراً… بدأ صراخ الاخوات – السجينات – يتعالى من النوافذ، وفاضت العيون دمعاً حزناً عند الباب الكبير تعانقت ايادي الشهيدة السعيدة (رجيحة) مع الشيهدات (ابتهاج وشكرية).
    خرجت رجيحة من الرشاد وانطلقت إلى حيث سجن – ابو غريب – ظهراً وبعد الغروب تقدمت البطلة إلى المشنقة وارتقت حبال قاطع الاعدام النسوي، قسم الاحكام الثقيلة – بعد ان وضعوا (الكيس الاحمر) على رأسها، وبعد ثوان تأرجحت الشهيدة وانتهت رحلة العذاب إلى حيث رحلة النور.
    بعد ايام تنفيذ الجريمة، تم ابلاغ اهلها لتسلم جثمانها لدفنها وذهب والدها الشيخ لتسلمها فوجد ثلاث فتيات متلفعات بالحجاب والكفن، ممددات في ارض القاعة تعرف على (ابنته) بصعوبة، فقد غيرت جولات التعذيب ملامح جسمها، ومحاسن وجهها، ولطالما كان يحرص والديها من ان ترمقها عيون الحاسدين هي اليوم امامه بقايا فتاة.
    وهكذا هوى النجم المهيب تحت التراب لقد غيب وجهاً كان يضيء املاً وعقلاً ووعياً، انه وادي السلام العتيد الذي ضم (رفات) اجيال واجيال من ابطال هذا المذهب المظلوم، فسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حية.. سلام عليك بما صبرت واحتسبت فنعم عقبى الدار (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. والعاقبة للمتقين..).[/align]


    المصدر: مؤسسة الذاكرة العراقية
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    2,491

    افتراضي

    رحمة الله عليهن أجمعين
    غسلت ايدي من الكل... بس الله

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني