رهانات شيعية يتيمة ولكن
أحمد عبد الكريم ناصر
إذا أردنا أن نتحدّث عن مشروع شيعي عراقي ينهض بالشيعة ، ويسعى إلى تأمين حقوقهم ، ويرتقي بهم اجتماعيا وسياسيا وفكريا ، لابد أن نستعرض بعض الرهانات التي طالما نسمع بها من بعض الأطراف والقوى .
الرهان الأول : رجل العشيرة
هل يمكن الرهان على رجل العشيرة الشيعية العراقية ؟
أعتقد أنّ هذا الرهان مبالغ فيه ، فلم تعد العشيرة العراقية الشيعية تلك التي كانت على زمن العهد الملكي ، لقد دخلت في معادلة المساومة ، شيخ العشيرة في الغالب يتطلّع إلى دور سياسي وجاهي اقتصادي ، وليس بالضرورة يتعامل مع الاتجاه المذهبي والطائفي كعامل سابق على كل شي ، نعم ، إن العشيرة العراقية السنيّة تتعامل بهذا المقياس قبل كل شي ، أو بدرجة طاغية ، ولذا من الصعب الرهان على زعيم العشيرة العراقية الشيعية ، لا أقول النفي بالمرّة ، ولكن لا أطمئن إلى مستوى عال من الاعتماد ، مع العلم أني أتحدث هنا عن الأيام الطويلة ، وليس عن أيام آتية .
هل سوف يصمد رئيس العشيرة أمام إغراءات دولة جارة ؟
هل سوف يصمد أمام محنة قتالية تكلفه الكثير ؟
لست أدري ، وليس حكمي هنا عام ، ولكن أقول من الصعب المراهنة على رئيس العشيرة ا لشيعية الآن وبالمطلق .
الرهان الثاني : العلماني الشيعي .
هل يمكن الرهان على العلماني الشيعي ؟
نعم في حدود ما ، ولكن العلماني الاديولجي الشيعي العراقي صعب المراس ، ربما العلماني بشكل عام، وليس العلماني المتأدلج ، وهي مفارقة غريبة في التاريخ ، فإن العلماني السني المتأدلج منحاز إلى طائفته بشكل صريح ، فنحن نرى العلمانيين الشيعة أشد على طائفتهم من العلماني السني ، رغم أن هؤلاء العلمانيين مروا بتجارب كان من المؤمل أن توقظ فيهم الحقيقة التي لم تعد خافية ، وهي إن الطائفية فوق العلمانية ، فقد كشف انقلاب شباط عن ذلك صراحة ، حيث تم تصفية الشيوعيين الشيعة فيما نجا الشيوعيون السنة من المجزرة ، وما نقرأه على لسان عزيز الحاج وكاظم حبيب دليل ملموس على ذلك .
الرهان الثالث : إيران .
هل يمكن الرهان على إيران ؟
صعب ، لان إيران تحوّلت إلى دولة مصالح ، دولة قوميّة وربما الحكم فيها مخابراتي بدرجة حادّة ، هذا رهان غير مضمون . بل إيران تريد استخدام الشيعة لمصالح قومية، وهي تعمل اليوم إلى تحويل شيعة العراق إلى واجهة قتالية ، ضد أمريكا، وتضخ المال من أجل كسب ألأجندة القوية في هذه المهمة ، لها أحزابها ، وسلاحها ومخابراتها في العراق في هذا الاتجاه ، بل هي تعمل مع السنة في سبيل ذلك ، وليس في خانة اهتماماتها الشيعة في أي بقعة من بقاع العالم ، بقدر ما يتصل بأمنها القومي .
الرهان الرابع : شيعة العالم
هل يمكن الرهان على شيعة العالم ؟
هو الآخر رهان غير مضمون ، اللّهم إلا على الصعيد العاطفي بشكل عام ، نعم ، ربما بعض شيعة العالم يتعاطفون معنا ، ولكن ما ذا يمكن ان يقدموا لنا في معركتنا ، ثمّ ، كل أمة منشغلة بحالها هذه الأيام ، فشيعة البحرين منهمكون في معركتهم الحقوقية مع الحكومة ، وشيعة إيران بعيدون عن هموم كل شيعة العالم ، لهم مشاكلهم مع حكومتهم ، مشغولون بالتحولات التي تشهدها إيران ، ومن ثم ، لم يعد الإسلام في إيران هم ، فأين نضع الهم الشيعي العراقي ؟ وشيعة لبنان مشغولون بمصيرهم الذي بات على كلف عفريت ...
الرهان الخامس : شخصية كارزمية
هل يمكن الرهان على شخصيّة شيعية مدنيّة كارزميّة ؟
ليس الآن ، هناك جدب شيعي على صعيد الشخصيّة الكارزميّة ، بل هناك جدب عراقي في الوقت الحاضر ، فصدام لم يدع مجالاً لمثل هذا الاحتمال .
الرهان السادس : المرجعية الدينية
هل يمكن الرهان على المرجعية الدينية ؟
المرجعية الدينية أثبتت جدارة كبيرة ، ولكن ذلك يتوقف على إيمانها بمواصلة عملها ، ومن ثم ، يتوقف على مدى طاعة الناس لها ، وعلى مدى ممكناتها المادية ، ولا ننسى أن المرجعية الدينية في العراق تعاني من حرب إيرانية خفية لإسقاطها ، ثم أن المرجعية الدينية لا تملك جهاز منظم ، ولا أجندة منظمة ، وكل ذلك يقلل من قدراتها رغم عظمتها .
الرهان السابع : الأحزاب الإسلامية الشيعية
هل يمكن الرهان على الأحزاب الإسلامية الشيعية العراقية ؟
لا ...
أولا : بدأت تضعف شعبيا ...
ثانيا : منقسمة وهميا ...
ثالثا : بعضها مرتبط أمريا بخارج الحدود بشكل وأخر .
رابعا : لم تملك رؤية واضحة تقريبا .
أن الرهان الحقيقي يقوم باجتماع كل هذه القوى تحت ضغط المرجعية الدينية ونظمها ، في سياق كلي ، مترابط ، واضح الأهداف ، واضح الأجندة ، وإلا الخراب
لستُ متشائما ، ولكني اقول ان شيعة العراق ليس لهم إلاّ شيعة العراق ، ودول الجوار مع الاخوة السنّة ، وفي الحقيقة ممّا يثير الإنتباه بالنسبة لعلاقة دول الجوار بالسنة كونها علاقة ستراتيجية ، تتقوّم بإعادة النفوذ السني على ما كان عليه في زمن صدام حسين ، بل على ما كان عليه لعقود من الزمن ، وهو علاقة يسودها حب واحترم وتأصر ، فيما علاقة إيران بالشيعة العراقيين هي علاقة إ ستغلال ستراتيجي ، يصبّ في المصلحة القومية الإيرانية ، فايران تريد تحويل الجنوب العراقي ارض مواجة وإحراج مع الولايات المتحدة الأمريكية .