لها !!!...؟
مقدمة
لابد من القول قبل الشروع في الحديث عن ما سوف نتحدث به عن تيار الجعفري سواءا كان هذا في إطار التمنيات أم إن هناك تحركا حقيقيا لمثل هذا المشروع
أن الدعاة يتحركون بصفة التيار في خطابهم السياسي وفي لقاءاتهم الجماهيرية ونادرا ما يتحدث أحدهم بصفته الحزبية إلا في المحادثات بين أطراف المعارضة سابقا أو الداخلين في العملية السياسية لاحقا
من هنا ليس بدعا في القول ان يقول الجعفري أنه يتحرك بصفة التيار دائما كما وانه يتشرف بانتمائه لحزب الشهداء
وهذا التحرك اُسلوب اتبعه كوادر حزب الدعوة الاسلامية للتخلص من الاتهامات العديدة التي واجهها الحزب في المهجر قبل سقوط النظام وحتى يومنا هذا إضافة الى أنه منهج من مناهج حزب الدعوة في خلق تيار وعي اسلامي
وكان لهذا التوجه ايجابية في انتشار الفكر الدعوتي لانه يلامس مشاعر الامة دون الاصطدام بما معبئة به من افكار ضد الحزبية بشكل عام
كما إن لهذا التوجه سلبية على حزب الدعوة من ناحيتين هما
اولا:اضعاف الجانب التنظيمي بعدم رفده بكوادر جديدة بسبب عدم التنظير للحزب بشكل علني من قبل كوادره المنطلقة للجماهير بصفتهم التيارية والاعتماد على انتقاء النوعية التي نادرا ما تنفتح على الاحزاب التي تُلزم أتباعها بخطة تنظيمية تحد من الحركة ،اضافة الى أن الشخصية العراقية ميالة بطبعها الى الانقلاب والتحرر مما يتعارض ومفهوم الالتزام الحزبي،أو قد يرى بعض هؤلاء _النوعية_انهم أكبر من أن يحده تنظيم حزبي
ثانيا:-إن هذا الانفتاح الشخصي على الجماهير دون التنظير للحزبية قد وَلَّد حالة من( الانتفاخ )-إن جاز التعبير-مما سبب إنشقاق كوادر عديدة من الدعوة كانت لها بصمات واضحة ومازالت في مسيرة العمل الاسلامي طيلة خمسن عاما أو أكثر بقليل من تاريخ حزب الدعوة الاسلامية
التسمية:تيار الجعفري
من التسمية أنطلق الى عرض مبسط لصاحب التيار الدكتور ابراهيم الجعفري فقد حفلت مسيرته الاسلامية السياسية بالانجازات الجماهيرية حيث استطاع أن يشغل حيزا من تطلعات الجماهير الاسلامية في المهجر وسرعان ما انتقل هذا الى جماهير الداخل بعد سقوط النظام ،وكان من الذين سارعوا الى شد الرحال للعودة الى الوطن حاملا معه شعار (العراق أولا)1
حاول الجعفري الانفتاح على التيارات والاحزاب الاسلامية والمرجعية بخُطى متوازنة ، وكانت العلاقة شبه جيدة مع الحزب الاسلامي بقيادة أمينه العام (محسن عبدالحميد )قبل الانقلاب الابيض داخل الحزب وتجريده من صلاحياته وشمل الانقلاب تحييد الكثير من العناصر التي تحمل توجهات الدكتور عبدالحميد وتعريب الحزب الاسلامي -إن جاز التعبير_والاتجاه به طائفيا مع مرور الوقت
ومع القيادات السنية الصوفية وغيرها من مشايخ الطائفة ورؤساء العشائر وربما تقلصت اللقاءات أو تجمدت لظروف لامجال لذكرها الان
أما في نفس الطائفة (الشيعية)فيمكنني القول أن الدكتور ابراهيم الجعفري قد خلق حالة من العلاقات المتوازنة مع الجميع دون أن تتارجح نتيجة القرب قليلا من هذه الشخصية أوالبعد من تلك
فمع مرجعية النجف كانت العلاقة متميزة مع السيد علي السيستاني كانت تأخذ طابع تبادل الاراء والمشورة الى أخذ الفتيا في بعض الامور (كما صرح بذلك في تصرفه باموال التبرعات الخاصة بشهداء حادثة جسر الائمة)2
وكذلك علاقته مع السيد محمد سعيد الحكيم التي ابتدأها في لندن قبل سقوط النظام خلال زيارته للعلاج هناك
وتميزت علاقته مع السيد مقتدى بالصراحة المتناهية والارشاد والنصح والمتتبع لمسيرة السيد مقتدى يمكن أن يلحظ التطور في أدائه وخطابه السياسي نتيجة العلاقة بين الاثنين التي لم ترق للكثير ممن كانوا قريبين أو متنفذين في مكتب الشهيد الصدر، لذلك كانت تصدر بين الحين والاخر محاولات للهجوم أو التهجم على السيد ابراهيم الجعفري من قبل أعضاء التيار الصدري لايجاد ثغرات للحيلولة دون تعميق العلاقة بين الاثنيين
وخلال تسلمه المناصب الحكومية من مجلس الحكم الى الحكومة المؤقتة مرورا بالفترة الانتقالية كانت المساحة تتسع اُفقيا بما يطمح إليه الدكتور إبراهيم الجعفري إلا أنها شهدت إنحسارا عموديا مع حزبه المنتمي إليه ومازل ناطقا رسميا له ظهرت إفرازاتها من خلال بيانات على شبكة الانترنيت نُسبت الى (مجموعة العمل الدعوتي)دون أن يتبناها أي قيادي من حزب الدعوة وسرعان ما تم تلافي هذا الامر لاحقا إلا أن ذلك لم يخفف حدة الغضب الاخوي بين الجميع
مقومات النجاح
من خلال التسمية والاخبار المنتشرة ستكون شخصية الجعفري هي المقومة لنجاح هذا (المشروع المقترح)التيار من خلال الحيز الجماهيري الواسع الذي حققه ابراهيم الجعفري مضافا إليه الظلامة التي أضافت زخما تأييدا وتعاطفا معه لاننا ميالين بطبعنا الى التعاطف مع المظلوم أيا كان فكيف به وهو قد أضحى أحد رموز الحركة الاسلامية المعاصرة !!!?1
إلا أن ذلك قد لايكون كافيا لمن يحاول أن يدفع بهذا الاتجاه ،والجعفري يعلم قبل غيره ذلك وهو صاحب السياسة الواقعية* ولو كان ذلك كافيا لاستطاع البقاء في رئاسة الوزراء وعدم الاستسلام لقطاع الطرق _على حد تعبيره-0
قد يمثل الجفعري حلقة وصل بين من سأطلق عليهم (الاصوليين الاسلاميين)*وبين (المحدثيين الاسلاميين)
*حيث يرى كل من الفريقين فيه الشخص القادرعلى أن يوصلهم الى الهدف المرجو
وربما يُراد للجعفري أن يلعب دور المطهري أو دور شريعتي في إيران ولكليهما خصائص وتحركات مضادة في تعامله مع الحوزة الدينية
مقومات الفشل
لن أتناول التحليلات التي تتحدث عن سوء النية فيمن فاتحوا الجعفري أو تمنوا عليه ذلك بتشكيل حزب جديد أو تيار جديد لعدم اطلاعي على الاسماء التي فاتحته بشأن المشروع المفترض إضافة إلى أن الاعلام لم يبين هذه الشخصيات فهل هي شخصيات بوزن الكوادر أم هم أشخاص كانوا تنفيذين وسيبقون كذلك بعد المشروع ؟
أي إنهم بقوا في ظل الجعفري ولم يتقدموا في الصف الاول للاحداث وهذا يلغي صفة التيارية عن المشروع
كما إن تجارب التيارات التي تحولت الى احزاب بعد مدة من الزمن لها رؤيتها الخاصة في مجريات الامور والامثلة واضحة ولااُريد الدخول فيها لكي لانبتعد عن صلب الموضوع الذي نناقشه ،وبذلك يكون الجعفري قد انشق عمليا عن الدعوة وهو مانفاه حتى هذه اللحظة بل افتخر بانتمائه لحزب الدعوة حزب الشهداء على حد تعبيره
واذا كانت بعض الكوادر الاسلامية ممن انشقت عن حزب الدعوة الاسلامية فإنها ستواجه نفس المشاكل التي من أجلها خرجت من حزب الدعوة وقد عبرت عن رفضها سابقا
أما العلمانيين فما هو مقدار تخليهم عن مبدا فصل الدين عن الدولة والى أي مدى اطمأنوا الى خطاب وتواجهات الجعفري في هذا المجال ?وهل اقتنعوا بشعار دولة الانسان* الذي اطلقه الجعفري؟1
والتساؤل هنا هل يستطيع من فاتح الجعفري في خلق تيار أن يبقى في دائرة الظل ؟بسبب شخصية الجعفري القادرة على الاستحواذ على الاضواء لمميزات وخصائص ذاتية
ولاننسى اللاعب الامريكي حيث يرى الامريكان أن الجعفري يمثل تهديدا صامتا ومستقبليا للمشروع الامريكي في العراق بسبب مشروعه الوطني الذي استطاع ارساء قواعده الاولى لذلك حاولت الولايات المتحدة اغتياله سياسيا وعرقلة مسيرة حكمه لذلك شهدنا حالة من التباين في أداء وزارته
ولم يشعر الجانب الامريكي باي نوع من الاطمئنان تجاهه ولذلك كانت صفة البرغماتية على لأدائه السياسي في الفترة التي أعقبت الاحتلال كنوع من الاتهام المبطن أو الشعور بالريبة نحوه
كما لابد من مناقشة التيارات الاخرى التي سترى في مثل هذا المشروع تقويضا لوجودها وستعمل من أجل تحييده ووضع العراقييل حوله في علاقته بالمرجعية النجفية ونحن نعلم أن الشارع العراقي يجد في تأييد أو رفض المرجعية القبول والرفض لاي سياسي ولاي مشروع كما سيواجه نفس الخصوم التقليدين الذين واجههم في الاحداث الماضية
وتبقى دائرة الاحتمالات مفتوحة حتى الانتهاء من هذه الاسطر بسبب عدم تصريح الجعفري نفيا أو تأكيدا لما يتم تناوله وهو اسلوب مازال يتبعه منتظرا استقرار الامور ليوجه ما يريد توجيهه
الخاتمة
انا أعتبر الدكتور الجعفري سياسيا ناجحا ومن مقومات النجاح قراءة المجتمع قبل الاقدام على أي خطوة سياسية خصوصا بهذا الحجم إضافة لدراسة كل الاحتمالات الايجابية والسلبية وردود الافعال من حزبه ومن المقربين باختلاف توجهاتهم
أتوسم بالدكتور الجعفري أن لايتحرك بردود الافعال كما كانت تلك وصيته الاولى في أول لقاء لي به قبل عشر أعوام حيث تحدث عن المؤمن الذي لاينبغي أن يتحرك بردود الافعال وانما هو الذي ينتج الفعل
يقرأ الجعفري المشروع المفترض بتأنيه المعهود ويرى هل هو حل لازمة أم تعقيد لها أكثر مما هي معقدة وهل هو بحاجة الى خلق تيار لمواصلة مشواره السياسي أم إن تحركه من خلال حزبه الذي قد وفر له كل الغطاء المطلوب بالرغم من الاعتراضات على بعض المفردات هنا وهناك في الاداء السياسي للمرحلة السابقة؟0
اعتقد ان المشروع المفترض قد لايرى النور في الفترة القريبة على الاقل وربما ننتظر موعد الانتخابات القادمة حيث تشهد الساحة السياسية تفاعلات جديدة بتحالفات هنا وانشقاقات هناك ومبدا الواقعية السياسية الذي يعتمده الجعفري هو الذي يرجح هذا الاحتمال

عبدالامير علي الهماشي
[email protected]
__________________________________________________ __
الاصوليون الاسلاميون تعبير اطلقته على من يرى المشروع الاسلامي والدولة الاسلامية هو الحل والطريق
المحدثون الاسلاميون تعبير اطلقته على من يريد تطعيم الاسلام الحركي بمبادئ الليبرالية والديمقراطية وبقية المدارس السياسية في عملية مزج لانتاج تجربة جدية تكون لها ردود فعل ايجابية في العالم الغربي
الشهيد الدكتور مرتضى المطهرس كيعتبر من الاصلاحيين الثوريين جمع بين دراسة الحوزة والدراسة الاكاديمية ومارس دوره الريادي في الحركة الاسلامية في ايران دون مواجهة أو صدمة للحوزة هناك
الدكتور علي شريعتي:يعتبر من الاصلاحيين الثوريين ولكنه مارس دوره خارج الحوزة باسلوي الصدمة والضغط الجماهيري من خلال خلق تيار ضاغط
وقد اصطدمت التجربتين فيما بينهما ولكننا لسنا في صدد مناقشة ذلك قدر ما نستفيد من تجربة هذين العلمين وانعكاس ذلك على الواقع العراقي كل على حدة أو ربما المزج بينهما بما ينفع ساحتنا العراقية
دولة الانسان: مصطلح يغري الاسلاميين باعتبار أن الاسلام يسعى الى تحقيق انسانية الانسان
كما انه يغري العلمانيين كذلك باعتبار أن العلمانية تسعى الى تحقيق ذلك أيضا وان كان بطريقة اُخرى