النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    19

    افتراضي يقظة الروح والعقل

    يقظة الروح والعقل


    الاسلام روح قبل أن يكون نصاً وهو منهج وبرنامج سلوك قبل أن يكون احكاماً او قوانين ، وقد فقد المسلمون في حياتهم روح الاسلام واخطاوا منهجه فجمدوا وانفصل واقعهم عن حقيقة أنفسهم وقيم حضارتهم ، وما لم يسترد المسلمون روح الاسلام ومنهجه في حياتهم فلن يكونوا أنفسهم ولن يتقدموا .
    ذلك يتطلب منهم امرين . اولهما التعرف على تراثهم بالمدرسة واجالة النظر فيه بالتفكير والتمحص . وثانيهما تشرب روحه ومعايشته بالتقيد بقيمه واحكامه في مسلكهم الخاص والعام .
    ولن يتسنى لهم ذلك مالم ينظروا الى حظارتهم ككل متكامل وينظروا الى أنفسهم كوليد لها وصياغة عملية لقيمها وافكارها ومؤسساتها ويسعوا الى مواجهة أنفسهم وحظارتهم مواجهة شجاعة في ضوء تجربة العصر تحقق البعث المرتقب وتحدث الثورة الحضارية التي لا بد منها لنقل الاسلام والمسلمين من هامش التاريخ ورفوفه الى قلب الحياة النابض بالحركة والفكر والتقدم في الربع الاول من قرن الواحد والعشرين .
    ولعل المدخل لهذه النظرة المتكاملة للحظارة والتراث تسليط الضوء على الفلسفة العامة التي تنطلق منها جزئيات الحضارة في ابعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ، ومتى تركزت هذه الفلسفة العامة اصبحة بمثابة الاسترتيجية الكبرى التي تنبثق منها كل مناشط المجتمع وافكاره وسهل على الافراد والجماعات تحديد خط السير الذي يوجه تصرفاتهم الخاصة والعامة .
    ولعل اهم مرتكز لفلسفة الاسلام العام ايمانها بالعقل وارتكازها عليه في تثبيت العقيدة وتدعيم ركائز الايمان .
    ويكفي في هذا الاشارة ان اول مانزل من القرأن الكريم كان دعوة الى القراءة والعلم كمدخل الى معرفة الكون والوصول عن طريق هذه المعرفة العلمية الى الايمان بصانع هذا الكون .
    وقد فقد المسلمون في قرونهم الاخيرة هذه الروح الشجاعة التي توجه عقولهم الى أنفسهم والى العالم الخارجي ليصلوا عن طريق التجربة والعلم الى حقيقة الكون الدالة على عظمة الله سبحانه وتعالى ابدع الخالقين ، (( فلينظر الانسن مم خلق ، خلق من ماء دافق )) ، (( افلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها )) ، (( فلينظر الانسان الى طعامه ، انا صببنا الماء صباباً )) ، (( افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت )) ، (( قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق )) ، (( قل انظروا ماذا في السموات والارض )) ، (( الم يتفكروا في انفسهم ما خلق الله السموات والارض وما بينهما الا بالحق )) ، (( الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويفكرون في خلق السموات والارض )) والقرأن الكريم كله موجه لقوم يتفكرون ، (( كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون )) ، (( وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )) ، (( قل هل يستوي الاعمى والبصير افلا تتفكرون )) ، (( وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم لعلهم يتفكرون )) .
    ومن هنا انطلق العالم الاسلامي يبحث في النجوم والفلك والرياضيات والهندسة وكل ما يتصل بالمعارف الكونية ولم يكتف بما عند المسلمين من معارف تقليدية بل ترجم عن كل الحضارات المعروفة واستعان بكل ما وصل اليه الفكر البشري ليزداد قدرة على التفكير في أيات الله سبحانه وتعالى في الارض وفي السماء وفي النفس .
    والعلم يقوم على التأمل والتفكير والملاحضة والتجربة وملاحضة كل جديد ولا يفيد فيه التقليد ولذلك اكثر القرأن الكريم من تقريع المقلدين الذين يقبلون بالنتيجة والانصياع لكل ما جائهم من اسلافهم دون نقد او تمحيص (( انا وجدنا أباءنا على أمة وانا على اثرهم مقتدون )) ، (( لا يعبدون الا كما يعبد اباؤهم من قبل )) ، (( اولو كان أباؤهم لايعلمون شيئاً ولا يهتدون )) .
    وهذا التركيز على العقل والعلم لا يحكم علاقتنا الخارجية وحدها ولا يقف عند تعاملنا مع المظاهر الطبيعية وعلاقات المجتمع فحسب بل يمتد الى داخل النفس الانسان ليحكم دقائق حركتنا النفسية ويوجه دوافعنا وخطواتنا وهي ماتزال في اعمق اعماقنا قبل ان تصبح فكراً او تترجم الى عمل .
    وحين ركز الاسلام على النية وجعلها اساس العمل وشرط صحة العبادة فلكي ينتقل هذا الوعي واليقظة الروحية الى داخل النفس الانسانية لكي يصبح باطن الانسان وطسته هو الحكم على افعاله وما أعظم المفارقة بين مخبي كثير من الناس ومظهرهم ولذلك فرغم ان الشريعة الاسلامية في تطبيق القوانين تأخذ الناس بالظاهر لصعوبة ادراك الباطن الذي لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى الا ان الاسلام يركز في التربية المسلمين على هذا الباطن ويجعله هو المحك والحكم في تصرفاتهم وقد تواتر في ذلك الحديث المشهور (( انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله .... الى اخر الحديث )) .
    النية تعني القصد . والتركيز على النية تدعيم للارادة وايقاظ لقوى النفس بحيث يصبح الانسان دائم السيطرة على اعماله يزنها بميزان العقل ويقيسها بمقياس الضمير الحي الذي رباه الاسلام على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .
    لان الانسان عبد للعادة وكثير من تصرفاته في حكم الالى فهو محتاج في كل لحظة الى التذكيره بانسانيته الفاعلة التي لا بد ان تتجاوز قيود العادات والتفاليد الموروثة لتتجدد طاقاته وتطور حياته ، ولهذا السبب جمل الاسلام النية ركناً من اركان العبادات جميعها ولكي تقترن الارادة والقصد بالعبادة ولاتصبح حركات ألية وليدة العادة يفعلها الانسان لا ارادياً دون اشتراك قواه الفاعلة .
    فالنية تجعل من اليقظة النفسية موجها لحركة العبادة لتصبح العبادة حركات نفسية قبل ان تكون مجرد حركات جسدية ، وحين فقد المسلمون معنى النية في اعمالهم وعباداتهم انفصلت الحركات الجسدية واصبحة العبادات حركات الية هي وليدة العادة والتقليد ففقدت معناها وانقطع اثرها في داخل النفس واستحالت الى طقوس يتوارثها الخاف من السلف في رتابة وجمود .
    ومالم يستعد المسلمون فعالية النية في التوجيه الاعمال والعبادات بايقاظ الضمير وتنشيط الارادة وهز كيان الانسان الداخلي كلما اقبل على العبادة او اقدم على عمل ، فأنهم سيظلون اسرى للغفلة التي نهى عنها القرأن الكريم ، وسيظلون عبيداً للعادة يدورون في فلك التقليد السالب كما ورثوه من اسلافهم ما اكتسبوه من معاصريهم .
    أن استعادة معنى النية في حياة المسلمين معتاه استعادة فعالية الشخصية المسلمة بتفجير وعيها بذاتها وتنشيط طاقتها الروحية لتكون مرشداً ودليلاً لعملها توجهه في القلب وهو مدار العمل في الاسلام وهو المصطلح الذي يشمل كل الطاقات الانسان المعنوية والروحية ومتى ما صلح القلب صلحت النية لقوله ( ص ) (( الا أن في الجسد مضغة أذا صلحت صلح الجسد كله و أذا فسدت فسد الجسد كله الا وهية القلب ))
    والله سبحانه وتعالى يقول (( فأنها لا تعمى الابصار ولاكن تعمى القلوب في الصدور )) صدق الله العلي العظيم .
    وشكراً
    السيد ابو جهاد الحسني
    السيد ابو جهاد الحسني

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    164

    افتراضي

    احسنت سيدنا العزيز السعيري
    نورت السويد بوجودك
    := := :=

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    19

    افتراضي

    الاخ الفاضل علي الله يبارك بكم
    تقبل احترامي وتقديري لشخصكم الكريم
    ملاحضة
    السعبري وليس السعيري
    السيد ابو جهاد الحسني

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني