النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    72

    افتراضي (لو كان الشهيد الصدر الأول (قده) حياً لفعل ماذا? )[1]

    أعوذ بالله السميع العليم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (لو كان الشهيد الصدر الأول (قده) حياً لفعل ماذا? )[1]



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    تهتم الاحتفالات المقامة لأحياء العظماء بسبر سيرتهم وتعداد آثارهم ومنجزاتهم وهو عمل جليل وفيه الكثير من الانصاف لهؤلاء الذين تشكل حياتهم منعطفاً في حياة الأمة إلا أنه مع ذلك يبقى صورة للماضي وارشيفاً للتاريخ فإذا اردنا أن يكون احتفالاً واعياً مثمراً فلابد من محاولة استلهام روح ذلك العظيم وقراءة افكاره ومشاريعه لنتلّمس منها الحلول لمشاكلنا وقضايانا المعاصرة المستقبلية وبذلك يتحوّل العظيم الى مصدر للعطاء يرافقنا في كل مستجدات الحياة ويضع ايدينا بدقّة على الموقف المناسب .

    هذا ما أراده السيد السهيد الصدر (قده) من محاضرة (دور الائمة في الحياة الاسلامية ) وهي واحدة إلا انني الى الآن قدّمت اكثر من عشرين محاضرة لشرحها وتعميق افكارها وما زال الحديث مستمراً وفي عقيدتي ان أحد مناشيء عظمته (قده) هو فهمه الواعي المستوعب للأدوار المشتركة التي عاشها الائمة (عليهم السلام) في حياة الأمة وقدرته على تمييز الحالة التي تناسب هذا التصرف أو ذاك مما يبدو لأول وهلة انها مواقف متناقضة إلا انها في الحقيقة ادوار متبادلة والقائد الناجح من يستطيع ربط كل موقف بحالته المناسبة وبتعبير آخر ربط كل حكم بموضوعه الخاص ، فإذا انضّم لهذه الدراسة المجموعية لحياة الائمة مهم وتفسير موضوعي للقرآن الكريم يجمع شتات الموضوع الواحد من آيات متفرقة وينظر اليها نظرة واحدة ويرتب بين مفرداتها ليحصل على نظرة متكاملة الهية لقضايا الكون والانسان ، اقول اذا انضّم هذا المكوّنان لشخصية الانسان فإنه حتماً سيكون مؤهلاً لقيادة الامة بحكمة حتى يوصلها الى الكمال المنشود لذا لم يكن غريباً أن تجد هذين العنصرين واضحين في شخصيات المصلحين العظام كالسيد الخميني والشهيدين الصدر الأول والثاني وغيره (قدس الله اسرارهم) .

    في ضوء هذه المقدمة نريد ان نقرأ افكار وآثار ومشاريع السيد الشهيد الصدر الأول (قده) لنجيب عن تساؤل مهم يفترض ان يفكر فيه كل عامل مخلص يهمّه الوصول الى حل للقضية العراقية لأخراج هذا البلد العريق وشعبه الكريم من ازمته وبناء عراق حر كريم كما وصفه الشهيد (قده) في خطاباته الأخيرة والتساؤل هو أنه لو كان الشهيد الصدر (قده) حياً الآن لفعل ماذا ؟ وهو أبو العراق والعراقيين ومؤسس الحركة الاسلامية في العراق وباعث الروح فيها بل تجاوز تأثيره الى غير العراقيين من المسلمين والى غير المسلمين من البشر فاصبح رمزاً عراقياً واسلامياً وانسانياً .

    وحينما اسجّل الافكار التالية بالترتيب فإني لا أعني أنه سيسير فيها طولياً كالسلسلة فينتهي من حلقة ليدخل في الأخرى بل أنه سيعمل لها جميعاً في خطوط متوازية وبعرض واحد وهي مسؤولية شاقة وعظيمة إلا أنها ليست كثيرة على همة أهل العزم والاخلاص لله تبارك و تعالى وذوي الاهداف السامية الكبيرة حتى قيل ( كم من همّة صنعت أمة ) وشواهدها التاريخية كثيرة .

    وبما أن العراق يواجه تحديات ستراتيجية ومرحلية فأنه (قده) سيفكّر على كلا المستويين وسيقيم مشاريعه في كلا الاتجاهين.

    فيبدأ بتطوير الحوزة العلمية الشريفة لتكون قادرة على تحمل هذه المسؤولية الجديدة فيتوسع في قبول الطلبة فيها لأن النجف الاشرف ليست مسؤولة عن نفسها فقط ولا عن العراق فحسب بل عن العالم كله وهذا يحتاج عدداً ضخماً من حملة الرسالة والدعاة الى الله تعالى وسيجعل شروطاً لقبولهم بأن يكونوا من الواعين للمسؤولية ولدورهم في حياة الأمة ويحاول استقطاب حملة الشهادات الاكاديمية لأنهم يكونون اكثر تأثيراً في المجتمع أولاً وذوي ذهنية معمقة ثانياً ومستوعبين لواقع الأمة لأنهم عاشوه بكل تفاصيله ثالثاً وسيعمل ضمن هذا الاطار على وضع برنامج اداري مركزي ينظم شؤونها يشابه النظام الاكاديمي ليتمكن من استثمار كل طاقاتها وقدراتها ولا يتحقق ذلك الا بالنظام .

    وسيهذب مفردات المنهج الدراسي فيحذف الكثير من المطالب التي تعتبر ترفاً فكرياً ولدّته ظروف موضوعية في حينها ولم يعد لها الآن مبرر والاستمرار بتدريسها يضيع الكثير من وقت الطالب هو في حاجة اليه وسيضع مناهج جديدة في بعض العلوم يلاحظ فيها التدرج الدراسي والتدريب الذهني واللغة المعاصرة مع المحافظة على عمق المطالب كما فعل في كتابه ( دروس في علم الاصول ) وجعله بحلقات ثلاث . ويضيف الى العلوم المتداولة في الحوزة دروساً في الوعي السياسي والاجتماعي والنفسي والاقتصادي وتعليم اللغات الحية ويدخل الوسائل التعليمية وأدوات الاتصال المعرفي المتطورة .

    كما أنه (قده) سيهتم ببناء الجانب الاخلاقي لطلبة العلوم الدينية ويهذب نفوسهم ويسمو بأهدافهم ويعمّق صلتهم بالله تبارك وتعالى ويزهدهم فيما سواه كما فعل في محاضرته الأخيرة عن حب الدنيا قبل استشهاده (قده) حتى ابكى عيون الحاضرين وارتقى بهم الى أجواء روحية صافية لازال يعيشها كل من سمعها فإن العلم وحده غير كافٍ للتكامل وهداية الآخرين اذا لم يقترن بالعمل الصالح قال تعالى ( اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) .

    وسيعمل على نشر الحوزات العلمية في جميع مدن العراق ليخلق واقعاً اسلاميا ً دينياً شاملاً بدلاً من اقتصاره على مدينة النجف الاشرف ولأنه يعلم انه الحوزات العلمية في حصون الأمة التي تحفظ لها هويتها وتقودها نحو الهدى وتجنبها الردى .

    وسيعمر المساجد بالدعاة والمبلغين الرساليين الذين يحملون همّ الاسلام بين جوانحهم ويسعون الى اقناع الناس به حتى يحكموه في حياتهم وبذلك تنطلق من المساجد شعلة الايمان المتدفقة كما كانت في عصر النبوة وصدر الاسلام فما دامت المساجد بخير وتؤدي وظيفتها فإن الأمة تكون بخير .

    وسيعطي للمرأة والشباب حيّزاً كبيراً من مشاريعه فينشر المراكز الثقافية والتربوية ويزودها بالكتب التي تنمي الوعي الاسلامي وتعرف المسلم بهويته وتعلمه تكاليفه ويرسم لهذه المراكز نشاطاتها من عقد الندوات والحلقات العلمية للفقه والاخلاق والتفسير والعقائد والسيرة ويزودها بكل المرغبات التي تجذب اليها ابناء الأمة من الذكور والاناث ويجعلها عامرة بالفعاليات وحافلة بالخدمات الاجتماعية والانسانية .

    وسيختار للمدن وكلاء من طراز خاص يفهمون رسالته ويقومون بكل تلك الأدوار ليس للدنيا في حساباتهم نصيب .

    وسيضع للأطفال برامج تثقيفية واجتماعية تنشأهم على الايمان بالله تبارك وتعالى والالتزام بشريعته بالوسائل المحببة الى نفوسهم .

    وسيمثّل للأسلام والمسلمين نموذجهم الحضاري الأول في هذا الصراع الذي اعلنه الغرب في مواجهته للإسلام بما يسمونه (صراع الحضارات) وسيعمل في مسارين مزدوجين أحدهما التعريف بالإسلام كشريعة وقانون قادرة على قيادة الحياة بكل انشطتها ويغطي كل شاردة وواردة من فعاليات الانسان ويبين معالم هوية المسلمين كأفراد وكأمة وأسس حضارتهم ومبادئهم ومرتكزاتهم وثانيهما بيان نقائص الحضارة الغربية على مستوى النظرية والسلوك فيبين نقاط الخلل في الأيديولوجية التي يتبنونها والابتعاد عن الانسانية في تصرفاتهم التي تهبط الى مستوى الهمجية الحيوانية أحياناً وهو بذلك يفتح باباً واسعاً لحوار الحضارات لأنه ابن القرآن الذي دعى للحوار وللرجوع للثوابت المشتركة (قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعض ارباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) . (لا أكراه في الدين) فليست العلاقة بين بني البشر هي الصراع والتزاحم بل التعاون البنّاء فإن الأرض بخيراتها تسعهم جميعاً ولكل واحدٍ منهم مكان عليها ولن تضيق عن أحد .

    وعلى الصعيد السياسي فسيكون (قده) البوتقة التي تنصهر فيها كل رؤى ومطالب اطياف الشعب العراقي الدينية والعرقية ليصوغها في نسيج موحد يحفظ لهم جميعاً حقوقهم ولا يحيف على احد لمصلحة أحد وسيكون أباً للجميع وصمام أمان لوحدة هذا الشعب لثقة العراقيين جميعاً بنزاهته وفكره النيّر وتجرده عن الأنا وقلبه الكبير الذي وسع حتى أعداءه جلاوزة الأمن الذين كانوا يحاصرون بيته ومنعوا عنه أبسط حقوق الحياة ومع ذلك فلما أطلّ من شرفته عليهم في يوم حار ورءاهم يتصببون عرقاً أمر خادمه الشخصي بسقيهم الماء ، هذه الذات السامية سيجتمع عليها جميع العراقيين ويلتمسوا عنده المخرج وقد جربوا رجاحة عقله وعمق وعيه السياسي في حله للقضية الكردية حينما اجتمع به عدد من طلبة جامعة بغداد من الأكراد في ذروة الأزمة السياسية بينه وبين النظام فقدم الأطروحة التالية التي رواها أحد أعضاء الوفد قائلاً :

    (( إن حل القضية الكردية في العراق سهلٌ وبسيط إننا نؤمن أن تدار المناطق الكردية من قبل الأكراد وبأي تسمية كانت حكم ذاتي أو إدارة ذاتية وبعد اجراء انتخابات بهذا الخصوص لكي يحدد الاكراد انفسهم طريقة الحكم . ونؤمن أن تكون اللغة الكردية اللغة الرسمية للمناطق الكردية ( لغة تدريس وتداول ثقافة ) على أن تكون عقيدة الرجال الذين يديرون المناطق الكردية مسلمون حقيقيون عقيدة وسلوكاً وهذا من حقنا حيث أن رؤساء مناطق الحكم الذاتي وجمهوريات الاتحاد السوفيتي هم من نفس عقيدة السلطة المركزية (أي الشيوعيين) )) .

    وسيضع كل هذه الرؤى مع الضمانات الضرورية لتنفيذها في دستور متكامل ينظم عمل السلطات في البلاد والهيئات الدستورية المراقبة لها .

    كل هذه وغيره كان يمكن ان يقدمه السيد الشهيد الصدر الأول (قده) للأمة لولا أن مجرم العصر صداماً أقدم على جريمته النكراء بإعدامه وأخته العلوية الطاهرة بنت الهدى وحرم الأمة من بركات عطائه لكنه (قده) لم يمت بل سيبقى محركاً للأجيال كي تواصل مسيرته وتحقق له آماله كي تقر عيناه عسى الله أن يجمعنا وإياه في مستقر رحمته في جوار أجداده الطاهرين .



    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





    --------------------------------------------------------------------------------
    ([1]) كلمة اعدّت لالقاءها في الاحتفال الذي يقيمه حزب الدعوة الاسلامية بمناسية الذكرى الرابعة والعشرين لاستشهاد مؤسس الحركة الاسلامية في العراق السيد محمد باقر الصدر واقيم في كربلاء يوم 6/ 4/ 2004 وتحدث به الشيخ اليعقوبي ارتجالاً من

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2006
    المشاركات
    9

    افتراضي

    بارك الله فيك يا أخ حيدر وجعل هذا في ميزان حسناتك وجزاك الله عن الصدر الأول خيراً

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    316

    افتراضي

    [color=#00FFFF]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله الذي وفقنا لمذهب الحق مذهب امير المؤمنين واتباع نهجه القويم
    وتقليد العلماء العاملين
    [/
    color]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني