[align=justify][align=center]رمضان.. محطة استراحة ونقاء للعراقيين

كيف يرى العراقيون شهر رمضان المبارك هذا العام.. وما تأثير الوضع الامني على الطقوس الرمضانية؟![/align]




بغداد/ محمد جياد

تمارس الشعوب عادة طقوس ونشاطات وفعاليات اجتماعية ودينية تأخذ طابع تقليدي معتاد عليه يتجسد بمرور الايام والاشهر والسنين ليتحول الى عادات وتقاليد وقيم واعراف لا يمكن نسيانها او تغييرها مهما تنوعت ثقافات وتطلعات الاجيال اللاحقة لهذه الشعوب. ودأبت الشعوب الاسلامية خاصة بممارسة شعائرها وطقوسها الدينية من خلال احيائها لمناسباتها الدينية الكبيرة واضفاء الهيبة والمكانة اللائقة لها من خلال تجديد هذه النشاطات والشعائر والطقوس المحببة الى نفوس الكثيرين حتى الذين ينتمون الى اديان سماوية او ارضية اخرى.. ويعد شهر رمضان المبارك احدى المحطات الهامة والعظيمة في نفوس المسلمين قاطبة حيث يتميز هذا الشهر العظيم عن غيره من اشهر السنة بنكهته الخاصة وتأثيراته النفسية والايمانية العظيمة في نفوس الناس عموما..

*طقوس.. رمضانية*

ويتميز العراقيون عن غيرها في اساليب وطرق استقبال ومعايشة هذا الشهر الفضيل الذي هو شهر الله بحق كونه شهر طاعة وغفران وتوبة ومراجعة جميع افعال النفس البشرية الغارقة في غياهب الشهوات والرغبات المادية والمتعرضة الى مختلف انواع الاغراءات.. حيث تجد النقاء والعفوية والبراءة والاستسلام الى مضامين هذا الشهر والتي تشمل الطقوس المعتادة والولائم الجماعية التي تقام مع انطلاقة مدفع الافطار والتفنن الغريب والعجيب بالاكلات والحلويات الرمضانية.. بل ان البعض من العراقيين اتخذ هذا الشهر محطة راحة واستراحة للجسد والروح من خلال ترك العمل والاتجاه الى الصوم في النهار والعبادة وقراءة القرآن الكريم في ساعات الليل المتوشجة بحنين التعبد ودعوات التوبة والاستغفار والاتجاه الى شرع الله..

* نوادر.. وتجمعات حول مائدة الافطار*

تتميز العائلة العراقية عن غيرها في بقية البلدان من خلال كثرة تعداد افرادها واجتماعهم حول مائدة غذاء واحدة تتخذ فرشات واسعة تتخللها الضحكات والنوادر المليئة بالقفشات الساخرة واللطيفة والتي تعزز من العلاقات الاسرية والاجتماعية بين الافراد.. فضلا عن اتجاه الشيوخ وعقلاء القوم في هذه المناسبات الى حل النزاعات والخلافات والتخاصمات بين المقربين والاصدقاء والجيران وفضها بطرق واساليب دبلوماسية قل نظيرها عند بقية الشعوب فتجد العراقي يبذل ما لديه ويتفنن في ابراز مواهبه وقدراته لحسم هذه الخلافات واعادة مجاري الود والمحبة بين المختلفين الى سابق جريانها.. واذا ما اردت وصف شهر رمضان في عيون العراقيين فما عليك سوى النزول الى ازقة واقضية ومراكز المدن لاسيما الشعبية ومعايشة اهلها في الامسيات الرمضانية.. ولتشاهد وتسمع من الغرائب والعجائب ذات السحر الشرقي والتي قل نظيرها في التاريخ الحديث..

* رمضان.. والظرف الراهن*

لكن.. رمضان لدى العراقيين كيان متحرك ومتحسس وليس شهر عادي يتحرك كبقية شهور السنة حيث تنعكس عليه معاناتهم.. ويظهر بصورة العراقيين الحقيقية وفقا لمعاناتهم او اطمئنانهم.. فهل ظهرت او انعكست الظروف الامنية والاجتماعية والاقتصادية غير المستقرة التي يعيشها العراقيون هذه الايام على هذا الشهر المبارك ونحن نعيش بداياته ونتنسم عبق عطره وحنين تقربه.. حيث نتجه الى الله جل وعلا بعد ما ضاقت بنا السبل..!

*تغيير النفوس في شهر رمضان*

يقول الحاج عبد الله حسين اللامي.. لليالي الرمضانية نكهة طيبة وتعبير خاص حيث تتغير النفوس جميعا خلال هذا الشهر باتجاه العبادة والصبر والايمان والتسامح.. مشيرا الى ان الظروف الحالية - للاسف الشديد - اثرت وانعكست على الطقوس الرمضانية الجميلة والفريدة التي كنا نعيشها في ليالي هذا الشهر المبارك من خلال اجراء مسابقات لعبة “المحيبس” او التباري في القاء قصائد الشعر بانواعه وألوانه المختلفة.. منوها الى ان شوارع وبيوت العراقيين كانت تظل مضاءة حتى ساعات الليل الاخيرة بالفوانيس واللمبات والشموع اذا ما انقطع التيار الكهربائي وان الناس كانوا يتزاحمون لحضور هذه الليالي والامسيات الرمضانية الجميلة..

* دعوة الى التكاتف ونبذ العنف*

ويعبر الحاج عبد الله عن تألمه واسفه لما يجري ويدور حاليا في ربوع هذا الوطن العظيم المعطاء داعيا الشرفاء من ابناء هذا البلد الوفي الصابر الى اخذ دورهم وتحمل مسؤولياتهم بعيدا عن السياسة والتطرف من خلال العمل على دمع شمل العراقيين ومحاولة زرع روح التكاتف والتعاون والمحبة بين الاحبة من العراقيين جميعا.. مؤكدا ان الله عز وجل امر بالاعتصام وجمع الشمل وعدم التفرق وتذكر نعمة التي وحد من خلالها المسلمين في بداياتهم الاولى حيث اصبحوا بنعمته اخوانا واستطاعوا ان يكونوا حينها خير امة اخرجت للناس..

*ذكريات.. رمضانية..*

وتتذكر السيدة ندى المعموري - استاذة وباحثة اجتماعية - ايام شهر رمضان وامسياته واعياده التي كانت مزركشة بالحب والود والتنافس في سبيل صوم هذا الشهر العظيم.. مبينة ان ما يجري الآن في هذا البلد هو امر غير طبيعي وطارئ على العراقيين.. وان لهذا الشهر هيبة وكرامة لدى العراقيين لا يمكن التجاوز عليها او نسيانها.. حيث لا عنف ولا قتال ولا خصام معبرة عن استغرابها من تصرفات وتصريحات البعض من السياسيين والذين يدعون صراحة الى التطرف والعنف والقتال بين الاشقاء الذين شربوا وترعرعوا بين جنبات هذا البلد العظيم المعطاء..

* تفاؤل.. وتساؤل*

ويتساءل محمد نوح عن الذنب الذي اقترفه العراقيون ليصلوا الى هذا الحال المحزن والاليم.. مؤكدا ان ما يجري هو امر طارئ وسوف يزول.. معربا عن تفاؤله وثقته بهمة الشرفاء في هذا الشهر المبارك.. وداعيا الى التمعن والتفكر في المعاني الجليلة والعظيمة التي ارادها ووضعها الله في صوم هذا الشهر العظيم..

*رمضان.. حزين..*

ويعبر الاعلامي ابو شيماء عن تألمه وعدم رضاه لما يجري ويدور حاليا بين ابناء الوطن الواحد.. مؤكدا ان رمضان هذا العام حزين جدا بسبب الظروف الامنية القلقة حيث لم يتهيأ العراقيون كعادتهم لاستقبال هذا الشهر المبارك بالشكل الذي اعتادوه.. بسبب الاوضاع الراهنة مبينا وجود غلاء فاحش في اسعار الكثير من المواد الغذائية والاستهلاكية التي يقبل على شرائها الناس في رمضان منوها الى ان ارتفاع اسعار الحلويات بشكل مضاعف فضلا عن ارتفاع سعر السكر بسبب الاقبال الشديد على صناعة الحلويات الرمضانية..

* غياب طارقي الطبول في اوقات السحور*

ويشير السيد ابو شيماء الى ميزة واضحة ومتواصلة كانت تتصف فيها ليالي وامسيات رمضان المبارك الا وهي ظاهرة الطبالين وطارقي الدفوف الذين يدعون الناس عند السحور الى الاستيقاظ وتناول وجبات غذائية قبل اعلان الامساك.. مؤكدا غياب هؤلاء بسبب الخوف والهاجس الامني المقلق فضلا عن صعوبة التنقل بين المحلات والازقة لا سيما في الليل وعند ساعات الفجر الاولى للاسباب نفسها مما ادى الى انقراض او اختفاء هذه الحالة المحببة الى نفوس الصائمين.. فضلا عن غياب لعبة المحيبس عن الساحات والمقاهي التي كانت تجري فيها في الامسيات الرمضانية خلال السنين الماضية.

* تصاعد وتيرة العنف*

ويتطرق المواطن ابو رغد الى ظواهر سلبية شهدتها الايام الاولى لرمضان هذا العام متمثلة بتصاعد وتيرة العنف والتفجيرات في مناطق متفرقة من العراق لاسيما العاصمة بغداد.. مطلقا تسمية رمضان الدامي على هذا الشهر العظيم والكريم بسبب الحوادث المفجعة التي حصلت في الايام الماضية في بعض المناطق المختلفة والتي راح ضحيتها الكثيرون..

*آمال.. ودعوات..*

ويشاطره الراي المواطن علاء الشمري - 33 عاما- قائلا:

ان ظاهرة العنف في شهر رمضان جديدة على العراقيين وان هناك جهات اجنبية من خارج البلد تغذي حوادث التفجيرات والاقتتال بين الاخوة..

مشيرا الى ان رمضان هذا العام يبعث على الحزن والحيرة حيث ان غالبية الناس تعرضوا الى فواجع ومصائب اضف الى ذلك اضطراب الامن وتصاعد وتيرة التفجيرات وغلاء الاسعار.. مؤكدا ان الكثير من التجار والباعة استغلوا اقبال المواطن على الشراء في هذا الشهر المبارك وضاعفوا اسعار الكثير من البضائع والمواد الغذائية كالبقوليات والسكريات والخضراوات.. متمنيا ان يعم الخير والاستقرار والامان في ربوع هذا الوطن الغالي.. داعيا الجميع الى التفكر والتدبر والاتجاه الى القرآن الكريم ونبذ العنف والتطرف..[/align]