مفتي مصر: "فتاوى" غير المتخصصين بلاوي

القاهرة - صبحي مجاهد - إسلام أون لاين.نت





د.علي جمعة
وصف الدكتور علي جمعة مفتي مصر فتاوى "غير المتخصصين" التي تعج بها القنوات الفضائية حاليا في أنحاء العالم الإسلامي بأنها "بلاوي" تثير الفتنة بين طوائف الأمة.

وقال المفتي في محاضرة عن "مصير الأمة" أمام "ملتقى الفكر الإسلامي" بالقاهرة: "الفوضى الحالية التي تعاني منها الأمة، وحدوث البلبلة بين الناس سببها أن أي رأي لمتخصص أو غير متخصص يقول الناس عنه إنه فتوى".

واعتبر أن "تسمية كل رأي يصدر في قضية تتطلب وجهة نظر شرعية من غير متخصص واعتبارها فتوى هو أمر محرم شرعا؛ لأن هذه الآراء الضالة تعد بلاوي، وليست فتاوى لأنها خرجت من غير عالم، فنرى شخصا يريد أن يستحل أعراض الناس، وآخر يبطل عقود الزواج المستقلة، وثالثا يتكلم عن إراقة الدماء وكأنها دماء دجاج وليست دماء مسلمين".

وشدد خلال محاضرته مساء الخميس 12 -10 - 2006 على أن "تسمية آراء غير المتخصصين بأنها فتاوى تسمية مرفوضة شرعا"، ولفت إلى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية الأشياء بغير مسماها، مستشهدا بقوله صلى الله عليه وسلم : "سيأتي على أمتي زمان يسمون الخمر بغير اسمها يستحلونها بذلك".

وتزايدت في الفترة الأخيرة موجات النقد الموجهة ضد من يطلقون الفتاوى في كل مكان من العالم الإسلامي والتي انتشرت بشكل خاص على شاشات الفضائيات.

وكان جمعة تقدم في يونيو الماضي بمشروع إلى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي حول تأسيس جهاز رقابي على القنوات الفضائية يتولى مراجعة الفتاوى التي تُذاع على الناس.

وحدة الأمة

وانتقل المفتي إلى الحديث عن أهمية وحدة الأمة، منتقدا محاولات هؤلاء "إشعال نار الفتنة بين السنة والشيعة عن طريق فتاويهم".

وقال: "إننا نرى من يقدح في وحدة الأمة بكل طريق، فيظهر من يريد أن يجري فتنة بين السنة والشيعة ويساعد على ذلك غير المتخصص وغير الواعي؛ فيؤجج النار بين السنة والشيعة ويكفر ويهدد.. وهذا خلاف لما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وشدد على أن "وحدة الأمة تقتضي منا في هذه الأزمة التي نعيشها والهجوم الشرس على الإسلام من الشرق والغرب أن نلملم أنفسنا وألا نفرق بين أحد في هذه الأمة ممن يستقبل القبلة.. وتستوجب علينا أن نمتنع من الاستماع إلى آراء الضالة، وسبب ذلك صدورها من غير المتخصصين من علماء الدين الذين يفهمون النص ويطبقونه على الواقع، خاصة أن الفتوى صناعة تحتاج إلى علم وتدريب وميراث ومعرفة بالشرع وحال سريان الأمة حتى نصل لتحقيق مصالح الأمة".

وأشار إلى أن الله "أمرنا أن نعفو ونصفح حتى مع المخالفين في العقيدة ونستمر في نشر الحق والتمسك به، وبعد ذلك كله... نستمع إلى من يريد أن يشعل الفتنة بين سنة وشيعة، مع أننا في أمة واحدة، وأمرنا الله أن نتجاوز ونعفو ونتصافح ونصبر الصبر الجميل، وجعل هذا المنهج جهادا في سبيل الله، وهذا يحتاج إلى تربية ومناهج نسير عليها ابتداء".

واعتبر مفتي مصر أن "وحدة الأمة والصف مقدمة على أي شيء حتى على قضية التوحيد بالله، خاصة في وقت الأزمات".

وأوضح أنه نظرا لأهمية "وحدة الأمة وتماسكها أصبحت هناك مقررات إسلامية أن الأمن إذا نزع من المجتمع فلا إيمان، وأنه بهذا المفهوم الراقي علينا أن نجعل وحدة الأمة تعلو كل شيء وكل موضوع. ويكفي للإشارة إلى أهمية توحيد الأمة إلى أنه مع مكانة المسجد في الإسلام إلا أنه يمكن هدمه إذا كان قادحا في وحدة الأمة".

واستشهد بأن النبي صلى الله عليه وسلم "هدم مسجد الضرار وجاء الأمر من الله، وهذا تأثير ترتيب الأولويات، ودليل على أن وحدة الأمة هي المقدمة، حيث نراها في قصص الأنبياء وتربية النبي وفي أحكام الدين".

وخلال الدورة السابعة عشرة لمؤتمر مجمع الفقه الإسلامي في يونيو الماضي طالب فقهاء وعلماء بضرورة تقنين عملية الإفتاء وضبطها من أجل التصدي لما وصفوه بـ"فوضى الإفتاء"، داعين في الوقت نفسه إلى العودة إلى "الفتوى الجماعية" بين العلماء.

وبدأ التنظيم لمواجهة فتوى الفضائيات في أعقاب ندوة نظمتها قناة "اقرأ" العام الماضي بعنوان "الفقهية الإعلامية لتأصيل قضايا الإعلام والفن"، حيث اتفق جميع المشاركين من العلماء والمفكرين على ضرورة وضع ضوابط للفتاوى عبر الفضائيات.