اهتم أهل البادية ، منذ القدم ، اهتماماً واضحاً بإبلهم ، لما تربطهم بها من علاقة حميمة ، ولاعتمادهم الكبير عليها في حياتهم ، حتى أصبحت محل مباهاة بينهم ، ولذا لم يعد غريباً أن ينظموا مسابقات تأخذ شكلاً عصرياً ، ترمي إلى التشجيع على امتلاك الإبل والعناية بها ، بوصفها جزءاً أساسياً في حياتهم، وعنواناً لها .

حلت وسائل المواصلات الحديثة محل كثير من حيوانات النقل والمواصلات في العصر الحديث ، الأمر الذي قلل إلى حدٍ بعيد من أهمية الكثير منها ويأتي الجمل في مقدمة هذه المخلوقات في منطقتنا العربية لما كان له في الماضي القريب من أهمية بالغة وعلى الرغم من هذه الحقائق إلا أن الجمل لايزال يحضى بالرعاية في الصحراء العربية للحاجة الدائمة للحومه ووبره وغير ذلك من منتجاته ، علاوة على الأهمية الإستراتيجية غير الخافية .والتي يجب أن يعيها الجميع ، إنطلاقاً من الحقائق الجيوغرافية لمناطقنا العربية ويوجد اليوم في العالم أعداد قليلة من هذا المخلوق الجميل والهام ، وتبلغ أعداده تقريبا حوالي 9 مليون راس آخذه بالتناقص للزحف المدني الجائر على المناطق الرعوية التقليدية.

جاء ذكر الابل في القراء الكريم: عندما اختار الله سبحانه وتعالىالإبل ليتدبرها البشر ، فلابد أن يكون فيها من الأسرار والمواعظ الكثيرة التي تدل على عظمة الخالق جل شأنه حين قال: (إفلا تنظرون إلى الإبل كيف خلقت) سورة الغاشية 17
خلق الله الإبل فجعل منها الناقة آية للناس فقال: (قل هذه ناقة لها شرب ولكم شربَ يوم معلوم ولا تمسوها بسوءٍ فيأخذكم عذاب يوم عظيم) سورة الشعراء155
والله الذي أحاط بكل شيء علما جعل الآية من الإبل (الناقة) لقوم صالح وقال : (إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر) سورة القمر 27

أشهـر الإبـل :

(1) ناقة الله لثمود : فقد اشترط قوم صالح عليه أن يقدم لهم آية ، عبارة عن ناقة عشراء تتمخض من صخرة ، فاستجاب الله لهم وكانت ترد يوماً وهم يردون في يوم آخر ، ثم أنهم عقروها فكان هذا سبب وقوع العذاب عليهم .

(2) ناقة رسول الله القصواء : وهي التي هاجر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال للإنصار حين استقبلوه اتركوها فهي مأمورة .

(3) ناقة البسوس : والبسوس إمرأة استجارت بجساس بن مرة ، وحين رآى ناقتها كليب بن ربيعة ترعى في حماه قتل فصيلها ، فثارت الحرب بسببها بين قبيلتي بكر وتغلب لأربعين عاماً .

(4) خلوج ابن رومي : ولها قصة مشهورة يتناقلها ابناء الجزيرة العربية .

الإبل في تراث العرب: تزخر الثقافة العربية بالكثير من الأدبيات المرتبطة بالإبل من مؤلفات وقصص وأشعار ، ذلك أن الإبل ارتبطت ( كما ارتبطت الخيل ) بإنسان الجزيرة العربية ارتباطاً عضوياً تحتمه طبيعة البيئة التي يعيش بها هذا الإنسان فكان للإبل كما للخيل مكانة خاصة لديهم ، فالإبل ترتبط بمناحي حياتهم ارتباطاً وثيقاً فعليها يركبون ويرحلون وينقلون متاعهم ، ومن حليبها يتغذون وعلى لحومها يقتاتون ، ومن وبرها يلبسون .

الإبل في أشعار قدماء العرب :

يقول عمرو بن كلثوم :

ذراعـي عيطلٍ أدماء بكــرٍ هجــان اللون لم تقرأ جنينا

ويقول عنترة :

فـوقـفت فيها ناقتـي وكأنها فـدنٌ لأقـضي حاجة المتلومِ

كما يقول :

هـل تبلّغنـي دارهـا شدنـيةٌ لعنـت بمحروم الشراب مصرم

ويقول الحارث بن حلزة:

غيـر انـي قد استعين على الهم اذا خـف بالثـوي النجـاء

كما يقول:

اذ رفعنا الجمال من سعف البحـ ريـن سيراً حتى نهاها الحساءُ

ويقول النابغة الذبياني :

اعطـى لفارهـة حلـو توابعها من المواهب لا تعطى على نكد ِ

أهم الكتب والمؤلفات العربية في الإبل ومن أهمها ما يلي:

(1) الإبل للكلابي

(2) الإبل للنظر بن شميل

(3) أعشار الجزور لمعمر بن المثنى

(4) الإبل للأصمعي

(5) الإبل لابن سيده

(6) حنين الإبل إلى الأوطان لربيعة البصري

(7) الإبل والشاة لابن أوس الأنصاري

(8) الإبل لأحمد بن حاتم

(9) الإبل للسجستاني

(10) الإبل لنصر بن يوسف

(11) أسنان الجزور للكلبي

(12) الإبل للرياشي

المراحل السنية للأبل: حوار - فطيم - حق - لجي - يذع - ثني - رباع - سدس - ثلب

__________________________________________________ __

مصدر آخر

الإبل في الشعر والأدب

كانت الإبل ومازالت ذات أثر كبير في الأدب العربي،فقد تناول الرواة أخبارها في أشعارهم وأقوالهم وأمثالهم فإذا كان الشعر العربي هو ديوان العرب،فإن الإبل عمود مهم من أعمدة هذا الديوان منذ عصر الجاهلية حتى الإسلام ومابعده،ولعلنا عندما ننتقي من اهتمامات فحول شعراء العربية ماتعلق بالإبل فإننا بذلك نكون قد أرجعنا السيف إلى غمده،والفرع إلى أصله،لا سيّما وأن الإبل كانت محط عناية الطبقة الأولى من الشعراء العرب.
:الإبل في الشعر


شالح بن هدلان :
يا ذيب بأوصيك لا تاكل الذيب ... كم ليلة عشاك عقب المجاعة
كم ليلة عشاك (( حرش العراقيب)) ... وكم شيخ قوم كزتة لك ذراعة

قال الشاعر سليم عبد الحي

قم يا نديبي وارتحل بنت هملول

عملية تقطع سراب أشهب اللال

شملولة منجوبة نسل شملول

هباعه رباعة تهذل هذال

وجنا تبوج من الفضا كل مجهول

وتدني المدى النايد بخف و زرفال

هي منواة الطارش الى راح مرسول

من عند اديب مهدى نظم الامثال



وقال عبد الحي

ياركب يا معتلين اكوار كوم

من عرايب خيره القوم الهمام

صعيريات النضا حمص الخصوم

كنهن هيم ولا فيهن اهيام

با طنيات صحيفات الحزوم

كنس حيل لهن سبعه اعوام

من نما ظبيان صحيفات الحزوم

لينات الروس طوعات الخطام



قال الشاعر محمد بن حريب العاطفي القحطاني

يا فاطري درهمي بي دام به شله

من ديرة الغرب يا وجناى هجي بي

يا ما حلا بعض مرواح على حله

لي طرف اليوم وقد الشمس بتغيبي



وقال الشاعر شليل بن عايض العلياني القحطاني



يا راكب فوق حيل ما لها اثماني

كنها نعام بصافي الملح رامينه

حراير من ضرايب جيش ابن ثاني

هدو ولا باعها المكزوم في دينه



وقال الشاعر راكان بن حثلين



يافاطري خبي طوارف طمية

الى زمالك لون خشم الحصان

خبي خبيب الذيب في جـرهدية

لاطالع الزيلان والليل داني

خبي طمية والرياض العذيــة

وتنحــري برزان زيــن المباني

في الوصف

لعل أجود ماقيل في وصف الإبل،قول الشاعر العربي طرفة بن العبد في معلقته المشهورة:

وإني لأمضي الهم عند احتضاره
بعوجاء مرقالٍ تروحُ وتغتدي
أمون كألواح الآران نصاتها
على لاحب ظهرٍ كأنّه برجدِ

وقال امرؤ القيس:

فدع ذا وسل الهم عنك بحسرةِ
ذمولٌ إذا صام النهار وهجرا
تقطع غيطاناص كأن متونه
إذا أظهرت تكسي ملاء منشرا
بعيدة بين المنكبين كأنها
ترى عند مجرى الضفر هراً مشّجراً

وقال خصيمه عبيد بن الأبرص:

كأن فيه عشاراً جلةٌ شرفا
شعثاً لها ميم قدْ همّت بأرشاحِ
بحا حناجرها هدلاً مشافرها
تسيم أولادها في قرقر ضاحي

وقال شاعر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حسان بن ثابت رضي الله عنه:

طوى أبرق العُزاّفِ يرعدُ متنَهُ
حنين المثالي نحْوَ صوتِ المشايِعِ

ويمضي الشاعر المرقّش الأكبر بناقته تاركاً خلفه الليل الطويل وموقد النار،وينتهي به إلى وصف المكان في هدأة الليل:

تركتُ بها ليلاً طويلاً ومنزلاً
وموقدُ نارٍ لمْ ترُمْهُ القوابيسُ
وتسمعُ تزقاءً من البومِ حوْلنا
كما ضُربتْ بعدَ الهدوءِ النواقيسُ

ومن جميل قول الشعراء في وصف الناقصة ما نظمه الشاعر بشامة بن الغدير:

كأنّ يديها إذا أرقدت
وقدْ حرن ثمّ اهتدين السبيلا
يدا سابحٍ خرّ في غمرةٍ
وقد شارف الموتُ إلاّ قليلا
إذا أقبلت قلت مشحونةً
أطاعت لها الريح قلعاً جفولا
وإذا أدبرت قلت مذعورةً
من الربد تتبع هيقاً ذمولا

وقول الشاعر أبي تماّم الطائي:

وبدلها السرى بالجهل حلما
وقد أديمها قد الأديمِ
بدت كالبدر في ليلٍ بهيمٍ
وآبت مثل عرجونٍ قديمِ

ناقة طرفة بن العبد

يذكر بأن الشاعر طرفة بن العبد من أكثر الشعراء صحبةً للناقة حتى أن مشكلته مع أهله صغيراً وإسرافه في اللهو شاباً دفعه إلى التغرب في البلدان هائماً على وجهه متنقّلاً بين أحياء العرب أو قاصداً الملوك،ولا أنيس له إلا ناقته ،وهو القائل:

كأن حدوج المالكية غدوةً
خلايا سفينٍ بالنواصفِ من ددِ
غدوليةً أو من سفين ابن يامنٍ
يجوزُ بها الملاح طوْراً ويهتدي
يشق حباب الماء حيزومها بها
كما قسم التربُ المفايل باليدِ

وقالت الخنساء ، وقد اتخذت الناقة مثالاً لها للتعبير عن حزنها على فقدها لشقيقها صخر فرثته بقولها:

ياصخر وراّد ماءٍ قد تناذرهُ
أهل المواردِ ما في وردِهِ عارُ
فما عجولٌ على بوٍّ تطيف بهِ
لها حنينانِ:أصغارٌ وأكبارُ

أما شاعر المعلقات عنترة بن شداد العبسي،فكثيراً ماكان يوقف ناقته في دار عبلة،ويشبهها بالبناء المتماسك المحكم في قوّته وعنفوانه:

فوقفتُ فيها ناقتي وكأنها
فدنٌ لأقضي حاجةَ المتلوّمِ
تأوىّ له لقْصُ النعامِ كما أوَتْ
حزق عانية لاعجم طمطمِ

كما تعبد ناقته ملهمته التي توصله إلى محبوبته وابنة عمه فيقول:

هل تبلغني دارها شدنية
لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارة غب السرى زيافه
تطس الآكام بذات خف ميثم

وصو الشاعر كعب بن زهير الناقة بقوله:

أمست سعادُ بأرْض لا يبلغها
إلى العتاق النجيبات المراسيل
ولن يبلغها إلا عذافرة
لها على الإين أرقالٌ وتبغيلِ

وغير هذه الأبيات كثيرة في هذا الشأنْ,,فالإبل لمْ تكن فقط رأس مال يتفاخر به،ولكن كانت إلْهاماً يشكي إليه الشاعر همّه،ويصفه بعدَ المشاكاة بالوصْف الدقيق.

المصْدر:الأصايل...ملحق أصدره نادي تراث الإمارات بمناسبة سباق الإبل التراثي ال أصيل في سويحان.
____________________

الإبل في تراث العرب

تزخر الثقافة العربية بالكثير من الأدبيات المرتبطة بالإبل من مؤلفات وقصص وأشعار ، ذلك أن الإبل ارتبطت ( كما ارتبطت الخيل ) بإنسان الجزيرة العربية ارتباطاً عضوياً تحتمه طبيعة البيئة التي يعيش بها هذا الإنسان فكان للإبل كما للخيل مكانة خاصة لديهم ، فالإبل ترتبط بمناحي حياتهم ارتباطاً وثيقاً فعليها يركبون ويرحلون وينقلون متاعهم ، ومن حليبها يتغذون وعلى لحومها يقتاتون ، ومن وبرها يلبسون

أهم الكتب والمؤلفات العربية في الإبل

لقد وصل إلينا النزر القليل مما كتبه العرب عن الإبل ، فقد ذكر اصحاب الفهارس الكثير منها وعدوا عددا كبيرا من المؤلفين الذين كتبوا حول هذا الموضوع ، إلا أن أغلبها لم يصلنا على الأقل حتى الآن ، ومن أهم الكتب حول الإبل ما يلي

(1) الإبل للكلابي (2) الإبل للنظر بن شميل (3) أعشار الجزور لمعمر بن المثنى

(4) الإبل للأصمعي (5) الإبل لابن سيده (6) حنين الإبل إلى الأوطان لربيعة البصري

(7) الإبل والشاة لابن أوس الأنصاري (8) الإبل لأحمد بن حاتم (9) الإبل للسجستاني

(10) الإبل لنصر بن يوسف (11) أسنان الجزور للكلبي (12) الإبل للرياشي

______________________________________



الإبل في أشعار قدماء العرب

لقد أعطانا القدماء من شعراء العرب أجمل الصور الشعرية التي تتحدث عن علاقة العربي بناقته ، وقل أن تجد شاعراً جاهلياً لم يتناول هذا الغرض بالحديث ، فكم طال بهم الحديث عن الضعائن وحداة القوافل ، ولو أردنا سرد بعض ما جادت به قرائح الشعراء لاحتجنا مساحة كبيرة لهذا ، ولكن انتقاء بعض هذه الأبيات فيه ما يغني ، فقد ورد وصف الإبل كصور شعرية رائعة في معلقات الشعراء الجاهليين :

يقول عمرو بن كلثوم :

ذراعـي عيطلٍ أدماء بكــرٍ هجــان اللون لم تقرأ جنينا

ويقول عنترة :

فـوقـفت فيها ناقتـي وكأنها فـدنٌ لأقـضي حاجة المتلومِ

كما يقول :

هـل تبلّغنـي دارهـا شدنـيةٌ لعنـت بمحروم الشراب مصرم

ويقول الحارث بن حلزة:

غيـر انـي قد استعين على الهم اذا خـف بالثـوي النجـاء



كما يقول:

اذ رفعنا الجمال من سعف البحـ ريـن سيراً حتى نهاها الحساءُ



ويقول النابغة الذبياني :

اعطـى لفارهـة حلـو توابعها من المواهب لا تعطى على نكدِ



ولعل من أجمل القصائد التي ورد فيها صور جميلة هي معلقة طرفة بن العبد والتي قال بها :-


طرفة بن العبد


لِخَـوْلَةَ أطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ

تلُوحُ كَباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليَدِ

وُقوفاً بِها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ

يقولونَ لا تَهْلِكْ أسًى وتَجَلَّدِ

كأنَّ حُدوجَ المالِكِيَّةِ غُدْوَةً

خَلا ياسَفينٍ بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ

عَدَوْلِيَّةٌ أو مِنْ سَفينِ ابن يامِنٍ

يَجورُ بِها الملاَّحُ طَوْراً ويَهْتَدِي

يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزومُها بِها

كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلَ باليَدِ

وفي الحَيِّ أحْوَى يَنْفُضُ المرْدَ شادِنٌ

مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدِ

خَذولٌ تُراعىَ رَبْرَباً بِخَميلَةٍ

تَناولُ أطْرافَ البَريرِ وتَرْتَدي

وتَبْسِمُ عن أَلْمى كأنَّ مُنَوِّراً

تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ له نَدِ

سَفَتْهُ إياةُ الشَّمسِ إلاّ لِثاتِهِ

أُسِفَّ ولم تَكْدِمْ عليهِ بإثمِدِ

ووجْهٍ كأنَّ الشَّمسَ ألْقتْ رِداءهَا

عليه نقيِّ اللَّونِ لم يَتَخَدَّدِ

وإنِّي لأُمْضي الهَمَّ عند احْتِضارِهِ

بعَوْجاءَ مِرْقالٍِ تَرُوحُ وتَغْتدي

أمونٍ كألْواحِ الإرانِ نَصَأْتُها

على لاحِبٍ كأنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ

جُمالِيَّةٍ وَجْناءَ تَرْدى كأنَّها

سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لأزْعَرَ أرْبَدِ

تُبارِي عِتاقاً ناجياتٍ وأتْبَعَتْ

وظيفاً وظيفاً فوْقَ موْرٍ مُعْبَّدِ

تَرَبَّعتِ القُفَّيْنِ في الشَّولِ ترْتَعي

حدائقَ موْلِىَّ الأسِرَّةِ أغْيَدِ

تَريعُ إلى صَوْبِ المُهيبِ وتَتَّقي

بِذي خُصَلٍ روْعاتِ أكْلَف مُلْبِدِ

كأنَّ جَناحَيْ مَضْرَحيٍّ تَكَنَّفا

حِفافَيْهِ شُكَّا في العَسيبِ بِمِسْرَدِ

فطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّميلِ وتارَةً

على حَشَفٍ كالشَّنِّ ذاوٍ مُجَدَّدِ

لها فِخْذان أُكْمِلَ النَّحْضُ فيهِما

كأنَّهُما بابا مُنيفٍ مُمَرَّدِ

وطَيُّ مَحالٍ كالحَنيِّ خُلوفُهُ

وأجْرِنَةٌ لُزَّتْ برأيٍ مُنَضَّدِ

كأنَّ كِنَاسَيْ ضالَةٍ يَكْنِفانِها

وأطْرَ قِسِيٍّ تحت صَلْبٍ مًؤيَّدِ

لها مِرْفقانِ أفْتلانِ كأنَّها

تَمُرُّ بسَلْمَىْ دالِجٍ مُتَشَدِّدِ

كقَنْطَرةِ الرُّوميِّ أقْسَمَ رَبُّها

لَتُكْتَنَفَنْ حتى تُشادَ بقَرْمَدِ

صُهابيةُ العُثْنونِ مُوجَدَةُ القَرَا

بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ

أُمِرَّتْ يَداها فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ

لها عَضُداها في سَقيفٍ مُسَنَّدِ

جَنوحٌ دِفاقٌ عَنْدَلٌ ثم أُفْرِعَتْ

لها كَتِفاها في مُعالىً مُصَعِّدِ

كأنَّ عُلوبَ النِّسْعِ في دَأَياتِها

موارِدُ مِن خَلْقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ

تَلاقَى وأَحْياناً تَبينُ كأنَّها

بَنائِقُ غُرٍّ في قَميصٍ مُقَدَّدِ

وأتْلَعُ نَهَّاضٌ إذا صَعَّدَتْ به

كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بدَجْلَةَ مُصْعِدِ

وجُمْجُمَةٌ مثلُ العَلاةِ كأنَّما

وَعَى المُلْتَقَى منها إلى حَرْف مِبْرَدِ

وخَدٌّ كقِرْطاسِ الشَّآمِي ومِشْفَرٌ

كَسِبْتِ اليَماني قَدُّهُ لم يُجرَّدِ

وعَيْنانِ كالماوِيَّتَيْن اسْتَكَنَّتَا

بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ

طَحورانِ عُوَّارَ القَذَى فتراهُما

كَمَكْحولَتَيْ مذْعورَةٍ أُمِّ فَرْقَد

وصادِقَتا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرَى

لِهَجْسٍ خَفيٍّ أو لِصوْتٍ مُنَدِّدِ

مُؤَلَّلتانِ تَعْرفُ العِتْقَ فيهِما

كسامَعَتَيْ شاة بِحَوْمَلَ مُفْرَدِ

وأرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ

كَمِرْداةِ صَخْرٍ في صَفيحٍ مُصَمَّدِ

وأعْلَمُ مَخْروتٌ من الأنْفِ مارِنٌ

عَتيقٌ متى تَرْجُمْ به الأرضَ تَزْدَدِ

وإنْ شِئْتُ لم تُرْقِلْ وإنْ شِئْتُ أرْقَلَتْ

مَخافَةَ مَلْوِيٍّ من القَدِّ مُحْصَدِ

وإنْ شِئْتُ سامَى واسِطَ الكُورِ رأسُها

وعامَتْ بضَبْعَيْها نَجاءَ الخَفَيْدَدِ

عَلى مِثْلِها أمْضِي إذا قالَ صاحبي

ألا لَيْتَني أفْديكَ مِنْها وأفْتَدِي

وجاشَتْ إليهِ النَّفُسُ خَوْفا وخالَهُ

مُصاباً ولو أمْسَى على غيرِ مرْصَدِ

إذا القَوْمُ قالوا مَن فَتَىً خِلْتُ أنَّني

عُنيتُ فَلمْ أكْسَلْ ولم أَتَبلَّدِ

أحَلْتُ عَلَيْها بالقَطيعِ فأجْذَمَتْ

وقد خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المُتَوَقِّدِ

فَذَالَتْ كما ذالَتْ ولِيدَةُ مَجْلِسٍ

تُرِى ربَّها أذْيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ

نَدامايَ بِيضٌ كالنُّجومِ وقَيْنَةٌ

تَروحُ إِليْنا بينَ بُرْدٍ ومُجْسَدِ

رَحيبٌ قِطابُ الجَيِبِ منها رفيقَةٌ

بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ

إذا نَحنُ قُلنا أسْمِعينا انْبَرَتْ لنا

على رِسْلِها مَطْروفَةٌ لم تَشَدَّدِ

إذا رَجَّعَتْ في صَوْتِها خِلْتَ صَوْتَها

تَجاوُبَ أظْآرٍ عَلَى رُبَعٍ رَدِ

وما زالَ تَشْرابي الخُمُورَ ولَذَّتي

وبَيْعي وإنْفاقي طَريفي ومُتْلَدي

إلى أنْ تَحامَتْني العَشيرَةُ كُلُّها

وأُفْرِدْتُ إَفُرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ

رأيْتُ بَني غَبْراءَ لا يُنْكُرونَني

ولا أهْلُ هذاكَ الطِّرافِ المُمَدَّدِ

ألا أيُّهذا الزَّاجِرِي أحْضُرَ الوَغَى

وأنْ أشْهَدَ الَّلذَّاتِ هل أنتَ مُخْلِدِي

فإنْ كُنْتَ لا تَسْطيعُ دفْعَ مَنِيَّتي

فدَعْني أُبادِرْها بِما مَلَكَتْ يَدِي

ولوْلا ثلاثٌ هُنَّ مِن عَيْشَةِ الفَتَى

وجَدِّكَ لم أحْفِلْ مَتَى قامَ عُوَّدِي

فمِنْهُنَّ سَبْقي العاذِلاتِ بِشَرْبَةٍ

كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تزْبِدِ

وكرِّى إذا نادى المُضافُ مُجَنَّباً

كَسِيدِ الغَضا نَبَّهْتَهُ المُتَورِّدِ

وتَقْصيُر يَومِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ

مُعْجِبٌ بِبَهْكَنَةٍ تحتَ الخِباءِ المُعَمَّدِ

كأنَّ البُرينَ والدَّماليجَ عُلَّقَتْ

على عَشَرٍ أو خِرْوَعٍ لم يُخَضَّدِ

كريمٌ يُرَوِّي نَفْسَهُ في حَياتِهِ

سَتَعْلَمُ إنْ مُتْنا غَدا أيُّنا الصَّدِي

أرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بخيلٍ بِمالِهِ

كقَبْرِ غَوِيٍّ في البَطالَةِ مُفْسِدِ

ترى جَثْوتَيْنِ مِن تُرابٍ عَلَيْهِما

صَفائحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ

أرى الموْتَ يَعْتامُ الكِرامَ ويَصْطَفي

عَقيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ

أرى العَيْشَ كنْزا ناقِصاً كُلَّ لَيْلَةٍ

وما تَنْقُصُ الأيَّامُ والدَّهْرُ يَنْفَدِ

لَعَمْرُكَ إنَّ الموتَ ما أَخْطَأَ الفَتَى

لَكالطِّوالِ المُرْخى وثِنْياهُ باليَدِ

مَتَى ما يَشَأْ يَوْما يَقُدْهُ لحتْفِهِ

ومَن يَكُ في حَبْلِ المنِيَّةِ يَنْقَدِ

فما لي أَراني وابْنَ عَمِّي مالكاً

متى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأ عَنِّي ويَبْعُدِ

يلومُ وما أدْري عَلامَ يلومُني

كما لاَمني في الحَيِّ قُرْطُ بنُ مَعْبَدِ

وأيْأَسَني مِن كُلِّ خيرٍ طَلَبْتُهُ

كأنَّا وضعْناهُ إلى رَمْسِ مُلْحَدِ

على غيرِ شيْءٍ قُلْتُهُ غيرَ أنَّني

نَشَدْتُ فلَمْ أُفِلْ حُمولَةَ مَعْبَدِ

وقَرَّبْتُ بالقُرْبى وجَدِّكَ إنَّهُ

متى يَكُ أمْرٌ للنَّكيثَةِ أشْهَدِ

وإنْ أُدْعَ للْجُلَى أكُنْ مِن حُماتِها

وأنْ يِأْتِكَ الأعْداءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ

وإنْ يِقْذِفوا بالقَذْعِ عِرْضَكَ أسْقَهِمْ

بِشُرْبِ حِياضِ الموْتِ قبْلَ التَّهَدُّدِ

بِلا حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْدَثٍ

هِجائي وقَذْفي بالشَّكاةِ ومُطْرَدي

فلَوْ كانَ مَوْلايَ امْرأً هُو غَيْرُهُ

لَفَرَّجَ كَرْبي أوْ لأنْظَرَني غَدي

ولكنَّ مَوْلايَ امرؤٌ هُوَ خانِقي

على الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أو أنا مُفْتَدِ

وظُلْمُ ذَوي القُرْبَى أَشَدُّ مَضاضَةً

على المرْءِ مِن وَقْعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

فذَرْني وخُلْقِي إنَّني لكَ شاكِرٌ

ولوْ حَلَّ بَيْتِي نائياً عِنْدَ ضَرْغَدِ

فلَوْ شاءَ ربِّي كُنْتُ قيْسَ بن خالِدٍ

ولو شاءَ ربِّي كُنْتُ عَمْرَو بن مَرْثَدِ

فأصْبَحْتُ ذا مالٍ كثيرٍ وزارَني

بَنـونَ كِـرامٌ ســادَةٌ لِمُسَوَّدِ

أنا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفونَهُ

خَشـاشٌ كَــرَأْسِ الحيَّةِ المُتَوَقِّدِ

فآلَيْتُ لا يَنْفَكُ كَشْحي بِطانَةً

لِعَضْبٍ رقيــقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ

حُسامٍ إذا ما قُمْتُ مُنْتَصِراً بِهِ

كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدءُ ليْسَ بَمَعْضَدِ

أخي ثِقَةٍ لا يَنْثَني عَنْ ضَريبَةٍ

إذا قيلَ مَهْلاً قالَ حاجِزُهُ قَدِي

إذا ابْتَدَرَ القوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَني

منيعـاً إذا بَلَّتْ بِقائِمـهِ يَدِي

وَبَرْكٍ هُجودٍ قَدْ أثارَتْ مَخافَتي

بَواديَها أمْشي بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ

فَمَرَّتْ كَهاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جَلالَةٌ

عَقيلَــةَ شَيْـخٍ كالوَبيلِ يَلَنْدَدِ

يقولُ وقد تَرَّ الوَظيفُ وِسَاقُها

أَلَسْتَ تَرَى أنْ قد أتَيْتَ بِمُؤِْيِدِ

وقالَ ألاَ ماذا تَرونَ بِشارِبٍ

شَديـدٌ عَلَيْنا بَغْيُـهُ مُتَعَمِّدِ

وقالَ ذَروهُ إنَّما نَفْعُها لهُ

وإلاَّ تَكُفُّوا قاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ

فظَلَّ الإِماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوارَها

ويُسْعَى عَلَيْنا بِالسَّديفِ المُسَرْهَدِ

فإنْ مُتُّ فانْعيني بِما أنا أَهْلُهُ

وشُقِّي عَليَّ الجَيْبَ يا ابْنَةَ مَعْبَدِ

ولا تَجْعَليني كأمْرِىءٍ ليْسَ هَمُّهُ

كَهَمِّي ولا يُغْني غَنائي ومَشْهَدي

بَطيءٌ عَنْ الجُلَّى سَريعٍ إلى الخَنا

ذَلـولٍ بِأَجْماعِ الرِّجالِ مُلَهَّدِ

فَلَوْ كُنْتُ وَغْلا في الرِّجالِ لَضَرَّني

عَداوَةُ ذي الأصْحابِ والمُتَوَحِّدِ

ولكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجالَ جَراءَتي

عَلَيْهِمْ وإِقْدامي وصِدْقي ومَحْتِدي

لَعَمْرُكَ ما أمْري عَلَّي بُغُمَّةٍ

نَهـارِي ولا لَيْلي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ

ويَوْمٌ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِراكِها

حِفاظـاً عَلَى عَوْراتــه والتَّهَدُّدِ

عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى

متـى تَعْتـَرِكْ فيهِ الفَرائِصُ تُرْعَدِ

وأَصْفَرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حِوارَهُ

عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ

أرى الموتَ أعْدادَ الُّنفوسِ ولا أَرَى

بعيداً غَدًا ما أَقْرَبَ اليَوْمَ مَنْ غَدِ

سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ ما كُنْتَ جاهِلاً

ويَأْتيـكَ بِالأَخْبارِ مَـنْ لَمْ تُزَوِّدِ

وَيَأْتيكَ بِالأَخْبارِ مَنْ لمْ تَبِعْ لَهُ

بَتاتاً ولَمْ تَضْرِبْ لَهُ وقْتَ مَوْعِدِ