معاناة مطرب خرج من الزنزانة إلى الـنـجــومـــيــة الــعــربــــيــة
الفنان رضا العبد الله
سامر المشعل .. العراق الجديد للاعلام والدراسات
يشكل صوت المطرب العراقي رضا العبدالله، علامة مميزة في ساحة الغناء العراقي والعربي، ولعل الوسامة، التي يتمتع بها الى جانب قوة الصوت الهادر، من حنجرة مضمخة بالحزن واللوعة، جعلت الكثير من المعجبات والمعجبين يتابع اخباره الفنية ويحضرون حفلاته ويستمتعون بغنائه، ولعل هؤلاء المعجبين لا يعلمون، ان وراء هذه النجومية التي
اعتلى عرشها، قصة معاناة عجيبة غريبة، اشبه بقصة تحدث بالافلام الهندية، ولولا مشيئة الاقدار ورحمة الله، التي هبطت عليه في الاوقات الحرجة لكان الفنان رضا العبدالله الان، في عداد ضحايا النظام الصدامي، ولكان في وضع ابعد ما يكون فيه عن الوسط الفني، ورغم ان الفنان رضا العبدالله لا يحب الخوض في هذه الذكريات المؤلمة، التي يود لو محيت من طيات الذاكرة، لانها ما زالت تسبب له الاماً نفسية، الا ان الحديث اضطره الى اعادتها وسرد تفاصيلها بنفسه وعلى لسانه ليطلع عليها قراء ملحق فنون، وهي توثق لمرحلة زمنية مضت من تاريخ الفنان رضا العبدالله.
ولكي لا اطيل عليكم لنستمع الى حديث الفنان رضا العبدالله وهو يسترجع هذه الذكريات ويقول:
ـ كانت مدة الخدمة العسكرية الالزامية سنة ونصف، لكنني خدمت في الجيش ثلاث سنوات، وعندما اقترب موعد تسريحي كانت الايام الاخيرة جدا ثقيلة وارهقتني نفسيا وعندما رآني احد افراد المنطقة وسألني عن حالي شكوت له حالي وتعبي، اخبرني بانه ممكن ان يسرحني من الجيش اذا اعطيته مبلغ مئتي دولار.
ويذكر العبدالله بانه اعطاه المبلغ، وتم تسريحي من الجيش، لكن بعد ثمانية شهور، اصدر النظام السابق قراراً يقضي بان كل من يبلغ عن هارب له مكافئة مالية، والمصيبة، ان نفس الشخص الذي سرحني بلغ عني واخذ مقابل ذلك المكافئة التي تساوي بذلك الوقت الفي دولار.
ويتواصل العبدالله بذكر تفاصيل قصته قائلا: (دخلت السجن وحكمت بـ 16 سنة سجن، وبموجب هذه العقوبة اراد النظام السابق ان ينفذ بي حكم الهارب من العسكرية كوني خائناً للوطن، فتقطع اذني وتوشم علامة الصليب على جبيني، حتى لا اتزوج او اتعين في وظيفة حكومية.
ويذكر: اني كنت اتوقع في كل لحظة ان يطبق في هذا الحكم، وعندما اخرجوني من السجن، كنت في وقتها اموت من الخوف، وانا اواجه هذا المصير المأساوي، كنت ابكي، واتوسل بالسجان ان يتركني.
لم تنفع هذه التوسلات، وضعوني في صندوق السيارة واغلقوه علي، في نفسي قلت انتهيت، ثم شعرت بان السيارة تسير بطريق وعر، فبقيت احدث نفسي بان هذا الشخص يريد ان يأخذني الى مكان ما ليعدمني (يقتلني).. ثم وصل الى اذني همس صوت اخي لم اصدق ما سمعت.. رأيت اخي احتضنني، لم اصدق ما رأيت قد اكون احلم، فالاشياء اخذت تسير على نحو غير معقول والاحساس بالفناء والاعدام، قد صور لي اشياء غرائبية وغير معقولة.
ثم اعادني اخي الى صندوق السيارة، بعدها عرفت ان ثمة اتفاقاً مبرماً بين اخي وضابط برتبة رائد، لاخراجي من السجن مقابل مبلغ كبير من المال.
الهرب والوداع الأخير
يقول رضا العبدالله: عائلتي كانت فقيرة ولا تمتلك هذا المبلغ الكبير، فقد كنا نسكن في الايجار، وقد اشترط هذا الضابط انه عندما يهربني من السجن، يجب ان لا ابقى يوما واحدا في العراق، واذا بقيت فانه سوف يعيدني الى السجن بنفسه يستذكر الفنان رضا العبدالله تلك الذكريات المؤلمة ويتمنى الغاءها من ذاكرته ويقول: ودعت اهلي في هذا اليوم وسلمت على والدتي التي رفضت ان ابتعد عنها، وقبلت عيني والدي الذي توفي وانا خارج العراق.
اما بخصوص المبلغ الذي دفع للضابط في زمن النظام الفاسد، فقد عرفت فيما بعد بان شقيقتي قد باعت بيتها وسلمت مبلغ اربعة الاف دولار، لذلك الـضـابط مقابل
اطلاق سراحي وهربي، وشقيقتي لديها ثمانية اطفال.
وعن النجومية التي احتلها بعد خروجه من العراق، قد تكون هي التعويض والتي وهبها الله سبحانه وتعالى له بعد ايام الخوف والمعاناة التي لقيها في العراق، على يد النظام المباد اجاب الفنان رضا العبدالله:
ـ من المؤكد ان الله سبحانه وتعالى عوضني خيرا، ولولا هذه الظروف لما سافرت الى الخارج، وعندما غادرت الوطن مرغما عملت في مجال الفن والحمد لله والله وفقني واستطعت النجاح واخذ الجمهور العربي والعراقي يتعرف على صوتي وموهبتي وبدأت احقق طموحي الفني، وعلمتني الظروف القاسية والصعبة، ان اكون قويا واتواصل باصرار دون ان اضعف او انهزم، والحمد لله الذي وفقني لمواصلة مشواري الفني.