عملية الإعدام استغرقت 25 دقيقة ووفاته جاءت بعد 10 دقائق

شاهد عيان: صدام بدا هادئا حين إعدامه.. ونطق بالشهادتين.. وحذر من الإيرانيين


بغداد ـ لندن: «الشرق الأوسط»
اقتيد صدام حسين بالأغلال، وقد بدا عليه الهدوء الى قاعة في بغداد في ساعة مبكرة من صباح امس، ثم لف الحبل حول عنقه وجذب أحد الحراس ذراعا وضع نهاية لحياته ومرحلة طويلة من تاريخ العراق.
وشهد سامي العسكري، وهو سياسي شيعي بارز مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، عملية الاعدام، وأبلغ رويترز بأنها استغرقت 25 دقيقة، غير ان وفاته كانت سريعة للغاية، ما ان انفتح باب في الارض تحت قدميه. وقال العسكري ان صدام «اقتيد الى الاعدام بعد ان تلي عليه الحكم من قبل احد القضاة، وسأله قاض آخر ما اذا كان لديه شيء يقوله او يوصي به». وقال ان أحد الحراس جذب ذراعا فسقط صدام نصف متر من خلال باب تحت قدميه وسمع صوت عنقه يدق على الفور، بل وشوهد بعض الدم على الحبل. وأضاف ان الرئيس السابق ترك معلقا في المشنقة نحو عشر دقائق قبل ان يؤكد طبيب وفاته، ثم رفع من المشنقة ووضع في كيس أبيض. وأكد مسؤول آخر حضر الإعدام إن صدام توفي على الفور.

وقال المسؤول «بدا هادئا للغاية ولم يرتجف»، مضيفا أن صدام، 69 عاما، نطق بالشهادتين قبل أن يموت. وقال العسكري إن صدام الذي أعدم لدوره في قتل 148 رجلا وصبيا من قرية الدجيل الشيعية بعد محاولة فاشلة لاغتياله عام 1982، أعدم في الساعة السادسة وعشر دقائق صباحا بتوقيت العراق، (3:10 بتوقيت غرينتش)، وفقا لساعة موجودة في قاعدة عسكرية عراقية بالكاظمية (مقر دائرة الاستخبارات العسكرية). من جهة اخرى، قال العسكري ان مقر الاستخبارات هذا اختير لإعدامه «ربما لكونه الموقع الذي كان ينفذ فيه حكم الاعدام بحق قيادات وكوادر مؤيدي الحركة الاسلامية، وخصوصا حزب الدعوة الذين كانوا يعذبون ويعدمون في هذا المكان».

وكانت القاعدة مقر المخابرات العسكرية في عهد صدام، حيث تعرض كثير من الضحايا للتعذيب وأعدموا باستخدام المشنقة نفسها. وقال العسكري إن صدام اقتيد الى القاعة الصغيرة على أيدي ستة حراس مقنعين، وكان مرتديا سترة وسروالا أسودين وحذاء أسود. وكان مقيد اليدين والرجلين. وأضاف انه بعد ان دخل صدام القاعة أجلسوه في مقعد وقرأ عليه احد القضاة الحكم، لكن عندما شاهد الكاميرا تدخل لتسجيل الحدث بدا يردد عبارات كالتي كان يرددها في المحكمة مثل «يحيى العراق» و«عاشت فلسطين»، وشعارات اخرى. وقال ان القيود الحديدية التي كانت تقيد يدي صدام من الامام عكس وضعها بحيث تقيد يديه خلف ظهره عندما اقتيد الى الاعدام. وقال العسكري ان زهاء 15 شخصا حضروا الإعدام من بينهم وزراء في الحكومة وأعضاء في البرلمان وأقارب للضحايا وممثلون للمحكمة ووزارة العدل. وأضاف انه لم يحضر الإعدام أي من رجال الدين، حيث لم يطلب صدام حضور أحدهم وانه لم تكن له طلبات اخيرة. وتابع ان الحضور ظلوا صامتين وهم يشاهدون، لكنهم تبادلوا التهاني بعد تأكيد موته.

من جانبه، روى موفق الربيعي عملية تنفيذ الاعدام قائلا إنها «تمت بحضور قضاة ومدعين عامين وطبيب وشهود». وأوضح أن «قوات التحالف جلبت صدام الى المنطقة وتسلمته القوات المسلحة العراقية وهو مقيد». وتابع ان صدام حسين «أدخل بعد ذلك الى غرفة ومعه القاضي ومدع عام وطبيب وشهود.. وتليت لائحة الإدانة عليه وهو مقيد اليدين وممسك بقرآن كريم. وبعدها اقتيد الى غرفة المشنقة». وتحدث الربيعي عن «بعض المشادات الكلامية قبل صعوده الى المشنقة لرفضه وضع كيس أسود على رأسه». ووصف الربيعي صدام حسين في تلك اللحظة بأنه «كان ضعيفا جدا بشكل لا يصور». وكان الربيعي والقاضي في محكمة التمييز في المحكمة الجنائية العليا منير حداد، الذي حضر إعدام الرئيس السابق، أكدا ان «صدام حسين وحده أعدم». وأوضح الربيعي من جهته أن «إعدام برزان وبندر أرجئ الى ما بعد عيد الأضحى»، مشيرا الى انه «أردنا إفراد هذا اليوم لإعدام صدام حسين قبل الدخول في أيام العطل الرسمية، وأجلت مسألة إعدام برزان التكريتي وعواد البندر الى ما بعد العيد». من جانبه، أكد جواد عبد العزيز الربيعي وهو شاهد إثبات في قضية الدجيل ضد صدام حسين ومعاونيه، لوكالة الصحافة الفرنسية «رأيت صدام حسين ميتا وعنقه مكسورة وملقى في سيارة إسعاف داخل المنطقة الخضراء». وأضاف «كان يرتدي بزة سوداء وقميصا أبيض وكان شعره طويلا بعض الشيء وذقنه طويلة ايضا». وأعرب الزبيدي الذي فقد والده واثنين من أشقائه؛ أعدموا من قبل نظام صدام، إثر تعرض موكبه الى هجوم في منطقة الدجيل (شمال بغداد)، ان «إعدام صدام يمثل فرحة لكل العراقيين وعيدا لكل الشهداء واليتامى والأرامل». كما أعلن القاضي منير حداد الذي شاهد تنفيذ إعدام صدام حسين لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «صدام قال كلمة أخيرة»، مطالبا العراقيين «آمل أن تكونوا موحدين وأحذركم من الوثوق بالإيرانيين والمحتلين لأنهم خطرون». وأضاف أن صدام قال «أنا لا أخشى أحدا». وكانت المحكمة العراقية الجنائية العليا قد حكمت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بالإعدام على الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد إدانته بقتل 148 قرويا شيعيا مطلع الثمانينات من القرن الماضي. وأكد الربيعي «أقول لكل العراقيين توحدوا وانسوا هذه الصفحة من تاريخ العراق لنعيش مع بعضنا»، معبرا عن أمله في ان «يكون هذا اليوم العظيم يوما للوحدة الوطنية ويوما لتحرر الشعب العراقي». وحول توثيق مشاهد إعدام صدام حسين، أوضح الربيعي أن «المشاهد صورت منذ تسلمه من قوات التحالف الى القوات العراقية وحتى اللحظة الحالية». وأضاف أن «مسألة عرضها متروكة للسياسيين لأن هذه مسألة حساسة ومهمة ولا نريد أن نثير بعض أبناء شعبنا». ورأى الربيعي أن مسألة إعدام صدام حسين «قضية إقامة العدل»، مشيرا الى «مئات الآلاف من اليتامى والأرامل في حلبجة والأنفال والحرب مع إيران وغزو الكويت». وأكد أن «أكبر رمز من رموز الطغيان ذهب الى غير رجعة وستفتح صفحة جديدة».