النظام الأسري في تناول الأكل يقي من سمنة الأطفال

ضرر الوجبات السريعة يطال الوالدين


الرياض: «الشرق الأوسط»
وفق ما نشرته مجلة رابطة التغذية الأميركية في عدد يناير الحالي، يقول الباحثون من الولايات المتحدة في دراسة جديدة وواسعة لهم إن قضاء الأطفال أوقاتا أطول عند مائدة الطعام لتناول الوجبات مع بقية أفراد العائلة وتقليلهم من أوقات مشاهدة التلفزيون يُمكن أن يُساعدا في وقاية الأطفال من الإصابة بالسمنة. كما حذرت دراسة أميركية أخرى نُشرت في عدد يناير من المجلس الأميركي لأطباء الأسرة للباحثين من جامعة أيوا من مغبة تمادي الآباء والأمهات في توفير وجبات الأطعمة السريعة لأطفالهم، لأن الضرر آنذاك لن يقتصر على الأطفال، بل يطال صحة البالغين.
ووجدت الدكتورة سارا غابلي، الباحثة الرئيسة في الدراسة من جامعة ميسوري بولاية كولومبيا الأميركية، أن متابعة ما يربو على 8000 من أطفال المدارس في مرحلة الروضة وحتى المستوى الابتدائي الثالث تدل على أن منْ يقضون أوقاتا أطول لمشاهدة البرامج التلفزيونية كانوا إما لديهم زيادة في الوزن أو أنهم أكثر عُرضة للإصابة بها. كما تدل على أنه كلما قل عدد المرات التي تناولوا فيها وجبات طعامهم مع بقية أفراد أسرهم كلما زادت احتمالات الزيادة في عدد كيلوغرامات وزن الجسم لديهم.

* الجو الأسري وقالت الدكتور غايلي إن على الأسر العمل معا في سبيل محافظة أطفالهم على أوزان طبيعية لأجسامهم. وأضافت ان الاهتمام بأشياء في غاية البساطة مثل الإكثار من الاجتماع الأسري على تناول وجبات الطعام وإبعاد الأطفال عن قضاء أوقات طويلة أمام شاشات التلفزيون يُمكنها أن تلعب دوراً مهماً وحاسماً فيما يتعلق بوزن الطفل.

وحاول الباحثون في الدراسة التعرف على الأسباب التي قد تُؤدي الى سمنة الأطفال أو زيادة أوزانهم. وفي سبيل ذلك قسم الباحثون مجموعة تجاوزت 8000 طفل الى ثلاث مجموعات. المجموعة الأولى شملت الأطفال الذين لم يسبق لهم أن أُصيبوا بأي زيادة في الوزن. والثانية الذين كانت أوزانهم طبيعية عند البدء في الدراسة. والثالثة منْ كانت أوزان أجسامهم زائدة طوال الوقت.

ووجد الباحثون من تحليل نتائج المعلومات أن نسبة خطورة البقاء بمعدل وزن زائد للجسم تتجاوز 3% مع كل ساعة إضافية خلال الأسبوع يقضيها الطفل في مشاهدة البرامج التلفزيونية. وأن تفويت وجبة عائلية خلال الأسبوع يرفع بنسبة 8% من استمرارية الزيادة في وزن جسم الطفل. كما أن السكن في أحياء يخشى الوالدان على أطفالهم من أذى الجيران أو المارة، بأي أنواع الأذى التي تمنع الأطفال بالتالي من ممارسة الرياضة في حديقة الحي أو ملاعبه، هو عامل مهم آخر في استمرارية زيادة الوزن ونشوء ذلك بالأصل.

كما لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين ظلوا محافظين على أوزان طبيعية لأجسامهم كان معدل ساعات مشاهدة التلفزيون أسبوعياً هو 14.12 ساعة. في حين أن معدل ذلك لدى منْ بدأوا بأوزان طبيعية في بدء الدراسة ثم ظهرت الزيادة في الوزن لديهم لاحقاً هو 15.63 ساعة. لكن معدل ساعات مشاهدة التلفزيون عند من كانت لديهم زيادة في الوزن منذ البدء في الدراسة تجاوز 16.10 ساعة.

* وجبات عائلية وعند النظر الى عدد مرات تناول الأطفال وجبات عائلية خلال الأسبوع، تبين أن منْ حافظوا على أوزان طبيعية تناولوا وجبات بلغ معدلها 10.26 مرة أسبوعياً مع بقية أفراد الأسرة. في أن معدل ذلك لدى منْ اكتسبوا زيادة الوزن خلال مدة الدراسة كان 9.54 مرة، وكذلك من كانت لديهم زيادة في الوزن منذ البدء. وبالرغم من اعتقاد البعض عند النظر الى الفروق في الأرقام أنها قليلة إلا أن الفروق القليلة هذه هي أساس أهمية الدراسة ومنبع التأكيد على أهمية نتائجها. والسبب هو أن الفرق القليل في عدد ساعات مشاهدة التلفزيون الأسبوعية هو ما جعل وزن بعض الأطفال طبيعياً ووزن الآخرين مرتفعاً. وقضاء الطفل ولو مرة أو أكثر بقليل في تناول وجبة طعام عائلية يميز بين منْ سيُحافظ على وزن طبيعي للجسم ومنْ سيكون سميناً من الأطفال. وهو ما يُؤكد كما قالت الدكتورة غايلي على أهمية دور الوالدين، لأن الأطفال، على حد قولها، يعتمدون على الآباء والأمهات في بدء مثل هذه التغيرات الأسرية في نظام تناول وجبات الطعام، ولا يستطيعون مخالفة توجيهاتهم في تحديد عدد الساعات التي يقضونها في مشاهدة التلفزيون. فالأطفال كما تقول الدكتورة غايلي لا يعلمون أهمية وفائدة الأمور هذه بأنفسهم.

من جانبهم أفاد الباحثون من جامعة أيوا أن البالغين الذين يعيشون مع أطفال صغار عرضة لتناول كميات عالية من الشحوم، خصوصاً من الدهون المشبعة، مقارنة بمن يعيشون بلا أطفال في المنزل. ما يُسلط الضوء على أضرار جلب الأطعمة السريعة لأطفال المنازل على صحة البالغين فيه.

وشملت الدراسة المنشورة في عدد يناير الحالي من مجلة المجلس الأميركي لطب الأسرة أكثر من 6660 شخصا من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 65 سنة، من الذكور والإناث.

وتبين من النتائج أن البالغين الذين يعيشون مع أطفال سيستهلكون حوالي 5 غرامات من الشحوم و 1.7 غرام من الدهون المشبعة، بكمية تفوق ما يتناوله منْ لا يعيشون مع أطفال في منازلهم. وكمية الدهون هذه على مدى أسبوع توازي قرصاً من البيتزا بالببروني. وأضافت الدكتورة هيلينا لاروشي، الباحثة الرئيسة في الدراسة من جامعة أيوا، أن البالغين الذين يعيشون مع الأطفال سيستهلكون كميات أكبر من الأطعمة المملحة ومن الجبن ولحوم البقر والأيسكريم (البوظة) والكيك والبيتزا واللحوم المبردة. هذا مع عدم ملاحظة أي زيادة في الوزن نتيجة عدم تناولهم كميات عالية من طاقة كالوري (سعر حراري) الوجبات الغذائية.

وقالت إن الازدحام في الجداول اليومية لمشاغل البالغين تدفعهم الى اللجوء الى جلب الأطعمة السريعة المُعدة خارج المنزل لتأمين وجبات الطعام لأطفالهم. ما يعني بالتالي توفرها لاستهلاك البالغين والإصابة بأضرارها كأطعمة تفتقر الى كثير من العناصر الصحية والقيمة الغذائية مقارنة بما يجب أن تكون وجبات الطعام عليه عند الحديث عن الطعام الصحي. وأضافت إن النتائج تؤكد على أن إعلانات الأطعمة الموجهة للأطفال قد تُؤثر سلباً ليس على تغذيتهم وحدهم، بل حتى على نوعية تغذية آبائهم أو أمهاتهم. ولذا أكدت على ضرورة تبني نهج صحي في تغذية أفراد العائلة كلهم. لأن كل إنسان، في أي عمر كان، يجب عليه تناول طعام صحي غني بالعناصر الغذائية اللازمة للجسم.