بسم الله الرحمن الرحيم .

علة ( الاعتدال ) .

متطرفون في كل شؤون حياتهم .. وعندما يتعلق الامر بمصالحهم .. ولكن عندما يرتبط الامر بالعقيدة يبدأ :
( اعتدالهم ) !
فهو متطرف في السياسة .. ومتعصب في مناسباته .. فعيده القومي لا يُمس مهما كانت الظروف .. وحتى عندما يتعارض موعد عيده القومي مع مناسبة دينية حزينة يقدم العيد والفرح على الحزن .. يقدم القومية على الدين .
وهو متطرف في السياسة .. لا يفاوض عدوه .. ولا يريد علاقات .. ولا يساوم على مصالحه .
ولكن في الدين .. يتنازل بسخاء بالغ عن كل شيء .. عن العقيدة .. عن التاريخ .. عن الحوادث الهامة .. فما اسهل ان ينكر مظلومية الزهراء عليها السلام .. مقابل الحفاظ على علاقة حسنة مع جيرانه .. او مع الدولة التي يهمه استقرارها لانه تدر عليه رطباً جنياً .
لو تُصاب احدى نساءه بخدشة .. ولو بالخطأ .. لا يهدأ حتى يرفع دعوى قضائية .. او يعلن الحرب على جميع المتهمين او المشكوك في تواطئهم .. لكنه سرعان ما يتنكر لمصاب الزهراء وكسر ضلعها واسقاط جنينها ولطمها .. من اجل عيون ( الاعتدال ) الذي يحب ان يُتسمى به .
وقد يدفع باتجاه اعلان حرب من اجل أسير .. ولكنه يستنكر ان تسيل دمك او تمشي على الجمر مواساةً لاسراء آل محمد صلى الله عليه وعليهم .. واحياءً لشعائرهم عليهم السلام .
ويدعو الى الوحدة .. من اجل السياسة وعلى حساب الدين .. فالسياسة تحفظ مصالحه الدنيوية .. وهذا هو همه .. اما الدين فمؤجل واهتماماته الاخروية مؤجلة هي الاخرى .
متطرف في البيت فلا رأي الا رأيه ..
وفي السوق .. ومع اهل طائفته .. واصدقائه ..
ولكن عندما تصل القضية للدين .. فان الآخر على حق .. وينبغي ان نتنازل له .. ونتخلى عن معتقداتنا .. او بعضها .. لا يهم ..من اجل عيونه .
غير مستعد ان يساوم على قبر ابيه .. ولا جده .. ولا جد جده الذي لا يعرف اسمه .. لكنه يتنازل بكل سهولة عن قبر ولي من اولياء الله الصالحين كابي لؤلؤة فيروز رضوان الله عليه لان احد الصعاليك الوهابية انتقد وجود مقام لابي لؤلؤة الطاهر وانزعج من زيارته !
واسمه مقدس .. والقابه اكثر قدسية .. لكنه لا يتردد في التنازل عن الشهادة الثالثة لامير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام في الآذان .
ولا يقبل ان يفاوض من يعتبره من اعدائه السياسيين .. اي من يتعارض مع مصالحه الشخصية او القومية .. لكنه يتفاوض مع قتلة المؤمنين .. ويترضى على زعماء الكفر والنفاق بكل بساطة . ويحرم لعنهم .
التراب الوطني عنده اكثر قدسية من التربة الحسينية ...
هو باختصار متطرف حتى النخاع عندما يتعلق الامر بمصالحه الخاصة .. و معتدل الى حد الانبطاح عندما يتعلق الامر بالمصلحة الالهية والعقائد الدينية .. وبذلك هو على العكس لما يدعو اليه الدين من الشدة والحزم في دين الله سبحانه ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) .. في حين يدعو الاسلام الى التنازل في الامور الدنيا ويحذر من الحرص عليها .. ومن التنازل عن المباديء من اجل ارضاء اهلها . ( وما اوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خيرٌ وابقى افلا تعقلون ) . صدق الله العلي العظيم .
هذا الاعتدال في الحقيقة انما يعكس حالة مرضية .. وعلة نفسية لدى اصحابه .. فهم يبيعون الآخرة بالدنيا .. والدين لعق على السنتهم يديرونه ما درّت معائشهم واذا محصوا بالبلاء قلّ الديانون .
.