بسم الله الرحمن الرحيم .
علة الاعتدال – 2 –

والمعتلّون بداء ( الاعتدال ) .. يعيشون التناقض الفاضح ..
فهم يرفضون التعايش بل ومجرد الاعتراف بالحاكم الذي حرمهم شيئاً من حقوقهم – الدنيوية – في الغالب .. لكنهم يدعون ان الائمة عليهم السلام تعايشوا مع الحاكم الذي سرق الدين وانحرف عنه .
وعلى استعداد ليخوض حرباً لثماني سنوات متواصلة على ان يعترف بعدوه ان يفاوضه .. في حرب خاسرة مجنونة .. لكنه يتفاوض مع عمر حتى وان لم يكن موجوداً .. بل ويقبله .. يقبل التعايش معه ومع نهجه الانحرافي عن الدين . وينكر علينا .. بل على التاريخ .. وحقائقه .. ان وصله منه ان امير المؤمنين عليه السلام رفض التفاوض مع الانقلابيين الذين حرّفوا دين النبي صلى الله عليه وآله بقيادة كل من ابي بكر وعمر وامثالهما .
انهم يعيشون ( اللحظة ) .. فهم متطرفون في حقيقتهم .. ولكن ينظرون الى التاريخ نظرة سطحية ..
لانهم يعيشون الواقع المر .. يرفضون التفاوض مع العدو .. الاعتراف به .. وعندما يذهبون الى التاريخ يريدون ان يحملونه ما لا يحتمل .. وما لا يحتملون هم الآن ما هو اقل منه بكثير .. فالتعايش مع صدام اللعين مثلاً .. اقل خطر .. بل لا قياس بينه وبين التعايش مع ابي بكر وعمر .. لكنهم يرفضون التعايش مع صدام .. ويدعون ان الائمة العظماء تعايشوا مع اولئك الانذال .
صدام على سؤه .. لكنه لا يشكل حتى سؤة من سيئات ابي بكر وعمر .. لان صدام لم يقل انني خليفة رسول الله .. مهما كانت جرائمه التي لا توصف .. ولكن المشكلة مع ابي بكر وعمر انه ديكتاتور + انه خليفة رسول الله كما يدعي . فالخطر مع صدام مهما بلغ فانه خطر دنيوي .. اما الخطر مع ابي بكر وعمر ونهجهما فهو دنيوي و – هذا هو الاخطر – أخروي .. فقد اسسا اسلاماً ظالماً .. محرفاً ... وضيعا على الامة بل على البشرية الدين العظيم والمشروع الوحيد لانقاذ البشرية وتحقيق سعادتها في الدنيا والآخرة .
هم كظاهرة الخوارج .. عندما فرضوا في صفين نهج ( الاعتدال ) والتفاوض مع العدو المخادع .. معاوية .. وريث ابا بكر وعمر .. ضاربين بعرض الحائط رفض الامام عليه السلام لهذا ( الاعتدال ) الساذج .. وعندما اتضح لهم نتائج هذا الاعتدال والاجتهاد في قبالة الامام المعصوم المفترض الطاعة .. عادوا الى حقيقتهم ( المتطرفة ) .. التي ظهرت في سلوكياتهم .. ونعرف ماذا فعل الخوارج من جرائم وارتكبوه من بشاعات فيما بعد .. ليظهروا على حقيقتهم المتطرفة .. التي اخفوها بشعارات التعايش والاعتدال .. والانخداع بتهريجات العدو ورفعه للمصاحف .
فاهل الاعتدال اليوم .. مستعدون لتوريط شعوبهم في حروب طويلة .. وبلا معنى .. ارضاءاً لتطرفهم .. تماماً كما هم على استعداد تام لتوريط شعوبهم في انحرافات خطيرة عن الدين .. ارضاءاً لاعتدالهم الساذج في التعامل مع اعداء الدين الحقيقيين .. والوحدة التي يرفعونها شعاراً لاستكمال مشروع ابو بكر وعمر في تحريف الدين وابعاد الامة عن نهج ائمتها الطاهرين .

والسوأل : هل الطرف الآخر الذي يدعوننا ليل نهار للوحدة معه هو ( وحدوي ) ؟
هل استجاب ابو بكر او عمر او عثمان او معاوية ونهجهم لاي دعوات وحدوية وُجهت اليهم ؟؟
كل التاريخ يؤكد العكس .. وانما كانوا مصرين على استكمال مشروعهم : ( الا دفناً دفناً ) .. وهي خلاصة كلام معاوية عندما عرض عليه المغيرة مشروعاً ( تصالحياً ) مع بني هاشم . في القصة المعروفة .
وهل هناك استجابة اليوم لدعوات ( الوحدة ) من التطرف الآخر ..؟؟ ام ان طرفنا .. والمحسوب علينا .. يقدم التنازلات الكبيرة وبالمجان .. مقابل اصرار الطرف الآخر على باطله ؟ الجواب واضح هنا ايضاً .. فالقوم ابناء القوم .. ويبقى شعارهم ( الا دفناً دفناً ) .