الارهاب عدو للبشرية

صـــــــباح ســـــــــعيد الزبيــــــــدي

ان العمليات الارهابية في العراق والتي تقوم بتنفيذها جماعات العنف الوحشي والتعصب الاعمى والظلم والتخلف والتي ادت الى سفك دماء وسقوط ابرياء هم خارج دائرة الصراع السياسي والديني تؤكد لنا بأن الارهاب اصبح حالة مرضية خطيرة وقد ان الاوان للوقوف امام التيارات المشبوهة والاهواء المغرضة واعداد العدة لمواجهته بكل الامكانيات لازالة هذاالشر وللقضاء على هذه الظاهره الدخيلة على مجتمعنا العراقي المسالم.

تشتق كلمة "إرهاب" من الفعل المزيد (أرهب) ؛ ويقال أرهب فلانا : أي خوَّفه وفزَّعه ، وهو المعنى نفسه الذي يدل عليه الفعل المضعف (رَهّبَ) . أما الفعل المجرد من المادة نفسها وهو (رَهِبَ) ، يَرْهبُ رَهْبَةً ورَهْبًا ورَهَبًا فيعني خاف ، فيقال : رَهِبَ الشيء رهبا ورهبة أي خافه . والرهبة : الخوف والفزع . أما الفعل المزيد بالتاء وهو (تَرَهَّبَ) فيعني انقطع للعبادة في صومعته ، ويشتق منه الراهب والراهبة والرهبنة والرهبانية . . . إلخ ، وكذلك يستعمل الفعل ترَهَّبَ بمعنى توعد إذا كان متعديا فيقال ترهب فلانا : أي توعده . وأرهَبَه ورهَّبَه واستَرْهَبَه : أخافَه وفزَّعه . وتَرَهَّب الرجل : إذا صار راهبًا يخشى الله . والراهب : المُتَعَبِّد في الصومعة.

والإرهابيون في "المعجم الوسيط" : وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية.

والإرهابي في "المنجد" : من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته ، والحكم الإرهابي هو نوع من الحكم يقوم على الإرهاب والعنف تعمد إليه حكومات أو جماعات ثورية .

و"الإرهاب" في الرائد" هو رعب تحدثه أعمال عنف كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب ، و"الإرهابي" هو مَنْ يلجأ إلى الإرهاب بالقتل أو إلقاء المتفجرات أو التخريب لإقامة سلطة أو تقويض أخرى ، و"الحكم الإرهابي" هو نوع من الحكم الاستبدادي يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف بغية القضاء على النزعات والحركات التحررية والاستقلالية.

نستخلص مما تقدم أن "الإرهاب" يعني التخويف والإفزاع ، وأن "الإرهابي" هو الذي يُحدث الخوف والفزع عند الآخرين . ولا يختلف هذا المعنى عما تقرره اللغات الأخرى في هذا الصدد ، فقد ورد في قاموس "المورد" أن كلمة terror تعني : "رعب ، ذُعر ، هول ، كل ما يوقع الرعب في النفوس ، إرهاب ، عهد إرهاب" ، والاسم terrorism يعني : "إرهاب ، ذعر ناشئ عن الإرهاب" ، و terrorist تعني : "الإرهابي" ، والفعل terrorize يعني : "يُرهب ، يُروِّع ، يُكرهه (على أمرٍ) بالإرهاب" .

وفي قاموس أكسفورد " Oxford Dictionary " : نجد أن كلمة Terrorist "الإرهابي" هو الشخص الذي يستعمل العنف المنظم لضمان نهاية سياسية ، والاسم Terrorism بمعنى "الإرهاب" يُقصد به "استخدام العنف والتخويف أو الإرعاب ، وبخاصة في أغراض سياسية".

وتجدر الإشارة إلى أن تعبير "الإرهاب" هو من ابتداع الثورة الفرنسية ، ولم يتبلور الإرهاب واقعيًا إلا في عام 1793م ، وكان ذلك عندما أعلن روبسبير (Robespierre) بداية عهد الإرهاب أو الرهبة "Reign of Terror" في فرنسا (10 مارس 1793م - 27 يوليو 1794م) ومن اسم هذا العهد اشتقت اللغتان الإنجليزية والفرنسية كلمة (Terrorism) بالإنجليزية و (Terrorisme) بالفرنسية ، بمعنى "الإرهاب" . فخلال الثورة الفرنسية مارس روبسبير ومن معه من أمثال سان جيست (St . Just) وكوثون (Couthon) العنف السياسي على أوسع نطاق ، حيث قادوا حملة إعدام رهيبة شملت كل أنحاء فرنسا ، حتى قُدِّر عدد من أُعْدِموا في الأسابيع الستة الأخيرة من عهد الإرهاب 1366 مواطنًا فرنسيًا من الجنسين في باريس وحدها . ومن أصل سكان فرنسا ، الذين كان يبلغ عددهم في ذلك الوقت 27 مليون نسمة ، تمكن هؤلاء القادة من قطع رأس 40 ألفًا بواسطة المقصلة . كما تمكنوا من اعتقال وسجن 300 ألف آخرين وكاد السناتور جوزيف ماكرثي (Joseph McCarthy)أن يصبح روبسبير القرن العشرين (1950 - 1954م) في الولايات المتحدة الأمريكية ، عندما قاد حملته ضد العناصر اليسارية الأمريكية آنذاك ، إلا أن اتهاماته بالخيانة للآلاف لم تصل إلى حدِّ قطع رؤوسهم بالمقصلة أو خنقهم في غرف الغاز المغلقة.

وقد اجتمعت لجنة الخبراء العرب في تونس ، في الفترة من20 حتى 22 محرم 1410هـ (الموافق 22-24 أغسطس سنة 1989م) لوضع تصور عربي أولي عن مفهوم الإرهاب والإرهاب الدولي والتمييز بينه وبين نضال الشعوب من أجل التحرر ، ووضعت تعريفًا يعد أكثر الصيغ شمولية ووضوحًا ، حيث ينص على أن الإرهاب "هو فعل منظم من أفعال العنف أو التهديد به يسبب فزعًا أو رعبًا من خلال أعمال القتل أو الاغتيال أو حجز الرهائن أو اختطاف الطائرات أو تفجير المفرقعات وغيرها مما يخلق حالة من الرعب والفوضى والاضطراب ، والذي يستهدف تحقيق أهداف سياسية سواء قامت به دولة أو مجموعة من الأفراد ضد دولة أخرى أو مجموعة أخرى من الأفراد.

والإرهاب هو باختصار عبارة عن العمليات المادية أو المعنوية التي تحوي نوعًا من القهر للآخرين ، بغية تحقيق غاية معينة وكذلك استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، يهدف أساساً إلى بث الرعب بين الناس، ويعرض حياة الأبرياء للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة أم فرد، وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعة، وهو بذلك يختلف كلياً عن حالات اللجوء إلى القوة المسلحة في إطار المقاومة المشروعة.

وهو بهذا انتهاك للقواعد الأساسية للسلوك الإنساني، ومنافٍ للشرائع السماوية والشرعية الدولية لما فيه من تجاوز على حقوق الإنسان.

ان مسؤلية مكافحة الارهاب بمختلف اتجاهاته الفكرية والعقائدية مسؤولية جماعية لاتتحملها جهة دون اخرى ولابد للوقوف بحزم امام هذه الاعمال الجبانه والوحشية والقضاء على هذا الوباء.

لقد اصبح الارهاب اداة لتدمير الحضارة البشرية وتدمير الشخص ذاته ومن حوله وان العمليات الارهابية تقف وراءها جهات انتزعت من قلوبهم الرحمة والانسانيه وكل القيم الحضارية.

وها هي جماعات العنف الوحشي والتعصب الاعمى والتخلف تحصد ارواح الابرياء، ولذلك لابد من التلاحم الواعي لصد هذا العدوان وعلى الحكومة وضع ازمة الامن في البلاد على رأس اولوياتها ومحاربة الارهاب والعنف والعدوان وبناء مجتمع اكثر عدالة واكثر تسامحا.



صـــــــباح ســـــــــعيد الزبيــــــــدي

بلغراد – صربيا

05/06/2007

[email protected]

******************