أنقل لكم هذه الاحاديث للمربي الفاضل عادل القاضي..................






ظاهرة مؤسفة نقرأها في حياة أسرنا وشبابنا، وهي أن الكثير من الشبان والفتيات لا يريدون مغادرة المرحلة الطفولية حتى وإن تجاوزوا عتبة المراهقة ودخلوا في سنّ الشباب وناهزوا العشرين.

شبّان تغيّرت أجسادهم، ونمت عظامهم، وخطّ شعرُ اللحية عوارضهم وهم لا يزالون يمارسون اللهو كما لو كانوا أطفالاً بعد.. وفتيات بلغن مرحلة الانوثة ونهدت صدروهنّ وهن لا زلن فارعات سافرات يلاعبن اللواتي أصغر منهن سنّاً، أو لازلن يتصرفن تصرفات من لم تبلغ ومن لم تظهر عليها علائم الانوثة، واذا سألت قيل لك: ينتظرها تعب طويل، فلماذا نرهقها من الان؟ وهو جواب مغالطة لأن التعب الطويل المنتظر أو المفترض إذا لم يجد الظهر القوي فإنه سيكسره!!

قد يكون لطبيعة الحياة المادية الاستهلاكية الترفية دور في تمديد مرحلة الطفولة لسنوات أخرى.. لكن للمشكلة وجهاً آخر.

الأسرة هي المسؤول الأول.. فلقد عرفتُ شباباً تخطّوا سنّ التكليف الشرعيّ وهم بعد لا يعرفون الصلاة ولا شيئاً من العبادات ناهيك عن مسائل الحلال والحرام الأخرى.. وتعرّفت على شبان متزوجين وهم لا يعرفون معنى غسل الجنابة والكثير من أحكام الحياة الزوجية..

الحياة العصرية ليست حياة قدرية، هي تفرض واقعها وتفرز سمومها لكن المسألة هي مسألة (المتلقّي) و(مدى الاستجابة) فإذا كانت الأم أو الأب أو الوالدان يرون في ابنهم الذي اصبح شاباً طفلهم الصغير المدلّل، وفي ابنتهم التي اجتازت عتبة الطفولة، تلك الطفلة التي لم تزد عن أمسِ الا اصبعاً، كما يقول شوقي، فإن منشأ الخطورة يكون من هنا، ذلك أن التعامل يتغيّر بادراك الوالدين أنّ المرحلة تغيّرت، وأن المسؤولية أيضاً تغيّرت تبعاً لها.

متى يشعر أولادنا - أكبادنا - أن الحياة ليست طفولة مستديمة ولا لهواً دائماً ولا عبثاً ولا سدى؟ ومتى يستشعرون مسؤولياتهم الدينية والاجتماعية إذا كان الذي تغيّر هو طبيعة الألعاب الي يلعبون لها ومازال اللعب هو اللعب؟ ومتى نلتفت - كأسر حريصة - لنحدّ من الظاهرة لا أن نقف موقف المتفرج أو المكتوف اليدين منها؟!

المربّي الإسلامي حينما يدعو إلى التوطئة وتمهيد الأرضية للشاب أو الفتاة قبل دخولهما عالميّ الرجولة والأنوثة لا يريد أن يسرق من سنوات الطفولة سنة أو سنتين بشكل تعسّفي، أنّما هو يحضّر للمرحلة القادمة حتى يكون الدخول إليها سلساً سليماً وبلا ردود فعل سلبية أو متشنّجة، فهو يعطي مرحلة التمرين أو التدريب ما تستحقه من اهتمام، حتى يكون ما بعدها هيّناً لينا وكأنه جزء موصول بما سبقه، وهو ايضاً لم يسقط حق المتدرّب او المتمرّن، فأعمال الصبيّ المميّز - حتى قبل بلوغهم - مقبولة إن اراد بها وجه الله وأدّاها بشكلها الصحيح.

ظاهرة مؤسفة، ظاهرة تداخل المراحل العمرية على نحو الامتداد الطوعي لتبتلع سنوات حيوية من عمر الشاب أو الفتاة بحجة انهما لا يزالان صغيرين، فمتى تتنبّه بعض العوائل لخطورتها وآثارها المستقبلية؟!