النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,593

    "وظيفة الحوزة في قيادة الأمة" دراسة في فــــــكر الشــــهيد الصــــدر

    [align=justify][align=center][/align]







    [align=center]

    وظيفة الحوزة في قيادة الأمة (1)

    [mark=666666]دراسة في فــــــكر الشــــهيد الصــــدر [/mark]

    سماحة الشيخ أحمد أبوزيد*

    - « شبكة والفجر الثقافية » - 19 / 11 / 2007م - 7:13 م



    [/align]

    كنت تحدثت مع الاخت الفاضله ام عباس حول اختيار بحث حول نظريه معينه للشهيد الصدر وبعد التباحث معها تم الاتفاق على ان يكون عن وظيفة الحوزه في قيادة الامة في نظره رضوان الله عليه

    الرؤى حول كيفية سد الثغرات التي كانت في جسم هذه الحوزة بحيث يصبح جسم الحوزة بشكل عام قادر على أداء دوره المرجو منه .

    ولكن قبل أن ندخل في الموضوع احببت أن نذكر في جلستنا الأولى باختصار حياة الشهيد الصدر ليتشكل بذلك منطلق لفهم تحرك الشهيد الصدر .

    السيد الشهيد محمد باقر الصدر ينحدر من اسرة علمية عبر عنها بعض العلماء بـ (السلسة الذهبية ) نظرا انَ هذه السلسة من الشهيد الصدر وصعودا الى ان تصل السلسلة الى الامام الكاظم حيث يتصل الشهيد بالامام الكاظم عليه السلام .

    كل هذه السلسلة علماء وفضلاء اذا استثنينا الحقبة التي اعقبت غياب الامام الحجة عليه السلام اذ لم يكن هناك حوزه بالمعنى المتعارف حتى نعرف ان هذا عالم او مجتهد او فقيه ،وأحد اجداده يقع في سلسلة رواة حديث سلسلة الذهب ((ولاية علي حصني فمن دخل حصني امن عذابي))..

    ولذلك عبر عن العائلة بالعائلة الذهبية .

    جده اسماعيل الصدر الذي كان قيادي من قياديين ثورة العشرين ، هذا الاسرة تنقلت تارة الى العراق وتارة الى الحجاز واخرى الى لبنان ثم انتقلت اثر المصائب التي المت بها اثر حملات الجزار الى العراق فسكنوا في الكاظمية .

    استقر السيد حيدر والد الشهيد الصدر في الكاظمية الى ان توفي رضوان الله عليه بعد ان خلف السيداسماعيل والسيد الشهيد واختهما السيدة الشهيدة بنت الهدى ..

    عاش الشهيد يتيما لان كان عمره حين توفي والده انذاك 3 سنوات فتربى في حجر ووالدته الحاجة بتول كريمة ال يس والتي يعرف اخوانها بمشايخ ال يس .

    السيد الشهيد عاش ظروفا قاسية جدا حسب مانقل احد طلابه ان آل الصدر وال يس كان وضعهم جيدا في الكاظمية ولكن كيف عاش الشهيد هذه الظروف القاسية ؟

    وذلك لأن العائلتين كل واحدة منهم اعتمدت على الاخرى في الاهتمام بالشهيد الصدر .

    والطفولة القاسية كما يقول علماء النفس ذات بعدين اما ان تولد طاقه ونبوغ او تولد احباط .

    عاش الشهيد في ظل اسرته وكان اخوه السيد اسماعيل والذي كان بمثابة الوالد له .

    كانت والدته شديدة الاهتمام به وكأنها لمحت علامات النبوغ في قسمات وجهه وكان اختياره لطريق الحوزه باصرار ودعم من والدته وعندما كان الشهيد الصدر في التاسعه من عمره تأسست مدرسة علمية باسم منتدى النشر والتي اسسها المرحوم السيد العسكري

    وبجانبه احمد الأمين لتكون مدرسة ذات طابع ديني و في السنة الاولى من تأسيسها التحق بها السيد الصدر ولشدة ذكائه كما يشهد السيد العسكري واساتذته وزملائه كان يطوي المرحلتين (السنتين) في سنة واحده وكان يدرس بعض المواد التي كان يتلقاها .

    وبعد سنتين من دخول السيد الشهيد الى مدرسة منتدى النشر رأى ان هذه المدرسة لاتلبي طموحاته العلمية فقرر الالتحاق بالحوزه العلمية وكانت هناك ضغوط من عائلته بأن يتنهج الطريق الاكاديمي فقد هيأ له السيد محمد الصدر نجل السيد حسن الصدر والذي رئيس مجلس الاعيان و مناه بالذهاب الى اوروبا بأن يتكفل كل مايحتاج اليه لكن السيد كان مصرا على موقفه بالرغم ان عمره كان تسع سنوات

    ويستشف ان اخيه السيد اسماعيل كان يشجعه ان يلتحق في السوق لكي يؤمن قوت العائله ولكن والدته قد ساندته في اتخاذ القرار والاختيار فقد روي ان صام لمدة يومين ولم يأكل الا فتات الخبز لكي يثبت لهم ان القادر على صيام يومين ولم يأكل الا فتات خبز يستطيع ان يتحمل المصاعب التي يتلقاها جراء اختياره للسلوك الحوزوي.

    ولكي يضع اهله امام الامر الواقع لم يحضر الامتحانات فرسب و ترك مدرسته رسميا .

    بدء مشواره العلمي بالدراسه عند اخيه السيد اسماعيل حيث درس المنطق وكتاب معالم الدين وملاذ المجتهدين .

    كان يتم دراسته في ذلك الوقت في فترة وجيزه والف في تلك الفترة رسالة منطقية صغيرة سجل فيها اعتراضات على بعض الاراء الوارده في الكتب المنطقيه .

    لم ترضى الحوزة العلميه في الكاظميه طموحات الشهيد الصدر ولا اخيه السيد اسماعيل والذي وصل في تلك الفترة الى مرحلة البحث الخارج ، فقررت العائلة عام 65 هجري الى الانتقال الى النجف الاشرف وكان عمر الشهيد انذاك 11 عام.

    فالتحق السيد اسماعيل بدروس البحث الخارج للسيد الخوئي ولخاله السيد الشيخ محمد ال يس بينما اكمل الشهيد الصدر المشوار العلمي في فترة زمنيه قصيره جدا حيث درس اللمعه والكفايه والرسائل في سنه ونصف وكان انذاك في الرابعه او الخامسه عشر وكما تنقل الوثائق انه اجتهد في مرحلة السطوح فهو لم يقلد ابدا من حين بلوغه بل احتاط وبعد ذلك التحق في الدورة الاصولية الثانيه للسيد الخوئي واتم معه الدوره الثالثه وبانتهاء الدوره الثالثه للسيد الخوئي عام 75هجري ترك الدروس الأصوليه للخوئي واكمل بعد ذلك دروسه الفقهيه لمدة سنتين ليستقل بعد ذلك في تدريس البحث الخارج .

    كانت له في هذه الفتره الكثير من الانتاجات العلميه اولها كتاب العقيدة الالهية في الاسلام .

    ويشير اليه في كتاب فدك في التاريخ الذي الفه على مراحل ثم شرع بتدريس الاصول .

    وبعد سنتين بدأ بتدريس الفقه لذلك كان للشهيد الصدر منزله خاصه عند السيد الخوئي لنبوغه وامتيازه الخاص حيث كان يرجع تلامذته في اشكالاتهم للشهيد الصدر ولشدة تعمقه لمباني السيد الخوئي كان يجيبهم وفقا لمباني السيد الخوئي وان لم يكن هذا الرأي موافق لرأيه الخاص .

    في هذه الفتره عام 52م تم انقلاب عبد الكريم قاسم حيث انقلب على الحكم الملكي و لم يكن ينتسب الى الدين ولكنه لانه كان يريد ان يستغل الحوزه لصالحه اعطاها الكثير من الامتيازات ، وكان ذلك في مرجعية السيد الحكيم وقبل وفاة السيد البروجردي بسنتين لذلك نجد في تلك الفترة تأسست مجموعه العلماء وبعد ذلك بفترة وجيزة أصدرت مجموعه العلماء مجله الأضواء وكانت لذلك للحوزة أنشطة عظيمة وقوية لم تشهدها العراق في تاريخه كله (طبع الكتب – مسابقات – فتح المكاتب) وبعد فترة وجيزه من قيام عبد الكريم قاسم بدأ النشاط الشيوعي في التزايد واشتد هذا النشاط بحيث يقال انه عائلات علمية عميقة في النجف الأشرف غزاها هذا النشاط الشيوعي وتخوفت الحوزة العلميه من هذا الوضع وبدأت اصدارات تندد بالشيوعيه ولكن لم يكن هذا هو الحل الناجع الى ان اقترح السيد محسن الحكيم على نجله السيد مهدي الذي كان زميلا للشهيد الصدر أن يطلب منه أن يؤلف كتابا علميا ليهدم المباني العلمية التي تقوم عليها المباني الشيوعية فإن هذه الخطوه سوف تساهم أكثر في تقويض هذا النظام أكثر من مساهمة الخُطب والمنشوارت، وبالفعل أستجاب الشهيد لأقتراح السيد الحكيم فألف كتاب (فلسفتنا) خلال عشرة شهور، ضمن تزايد المّد الشيوعي في النجف خطر في بال العلماء ومنهم المرحوم الشيخ حسن الجواهري فكرة تأسيس مجموعة من علماء الصف الثاني الذين يلُّون المراجع الكبار من أجل إقامة المهرجانات والإحتفالات والخطب والمنشورات التي ممكن أن تكون الخطوة الدفاعية في مقابل المَّد الشيوعي وبالفعل تأسست وعلى رأسهم الشيخ حسن الجواهري والشيخ مرتضى ال يسين خال السيد الشهيد.

    جماعة العلماء في النجف إنطلاقاتها كانت شيء وماآلت إليه كان شيء آخر بأنه مالبثت فترة من بعد تشكيلها أنضم إليها مجموعة من الشباب كانوا يحملون أفكار إصلاحيه اتجاه الحوزه وأفكار إقامة حكومة إسلامية في العراق وهذه الأفكار لم تكن من أهداف الشيخ الجواهري بل كان هدفه من تأسيس هذه المجموعة التصدي إلى الشيوعيه ، تسرب إلى الحوزه مجموعة من الشباب وغيروا بنية الحوزه حتى أصبحت ذات طابع إصلاحي وتشكلت آنذاك مجلة الأضواء المعروفة وكان السيد الشيهد يساهم بكتابة المقالات الأفتتاحية التى حملت عنوان (رسالتنا)...

    أما سبب خروج الشيهد الصدر من الأضواء : أن الشاه (محمد رضا البهلوي) قبل وفاة السيد البروجردي أعترف بأسرائيل كدولة وعدد من علماء النجف لم يعارض حكم الشاه نظراً أنه الحكم الشيعي الوحيد في العالم لذلك لا ينبغي بأي شكل من الأشكال أضعاف هذا الحكم، ولذلك كانوا يخالفون الأمام الخميني في كيفية تعاملة مع هذا الحكم وكان انذاك النجف كان في النجف تياران من الناحية العلمائية :

    1- تيار يعارض حكم الشاه معارضة شديده

    2- تيار يؤيد نظام الشاه. والتيار المؤيد لم يكن قليلاً، ولذلك مجلة الأضواء بعد صدور هذا الأعتراف من الشاه لأسرائيل نشرت بيان نددت فيه بهذا الأعترف وأنتقدت الشاه انتقادا علنيا والشهيد الصدر بأعتباره من ضمن هيئة المجلة وبأعتبار أن الشهيد الصدر كان على علاقة مع السيد محمد الروحاني والذي كان من التيار الغير معارض للشاه، تعرض الشهيد الصدر لانتقاد قاس من السيد الروحاني فلم يتحمل هذا التوبيخ لذلك قرر العزلة وأنتقل إلى الكاظمية وبعد محاولات من زُملائهُ في المجلة توصلوا لنتيجة بأن لايشارك الشيهد بالكتابة بل بالتوجية ببذل الأفكار فظل يوجه هذه المجلة. وفي هذه الفترة توفى السيد البروجردي وكان السيد الحكيم آنذاك مرجع قبل وفاته ولكن بعد وفاة البروجردي تأصلت مرجعيتة حيث الكثير من الناس رجع إليه .

    في فترة مرجعية الحكيم كما قلنا إنقلاب عبد الكريم قاسم هيأ لمرجعية السيد الحكيم أرضية العمل وبعد زوال عبدالكريم قاسم وبعد مجئ العارفيين تهيأت الظروف أكثر للسيد الحكيم بأن الظروف كانت مؤاتيه جداً لأن تتسلم المرجعية زمام حكومة الدولة بيدها لكن السيد الحكيم لم يكن يؤمن بأن الدولة تكون في يد الفقية بل أن تكون في يد ذوي الخبرة والفقيه يمارس دور الموجة لا أكثر، فنظرته تختلف عن نظرة الأمام الخميني للحكم في الإسلام .

    في هذه الفترة أبعد الشاه الأمام الخميني إلى النجف معتقداً أنه من الممكن أن يدفنه حيا هناك حيث لم تكن النجف مدينة تسلط عليها الأضواء الاعلامية وقد استقبله السيد الصدر والسيد الخوئي استقبالا حافلا وعندما استقر السيد الامام في النجف الأشرف لم يمارس اعماله كما كان يمارسها المراجع الكبار وبعد حكم العارفين سنة 68 اتى البعثيين على رأس الحكم (تیار صدام والبكر) هنا وضع العراق اختلف كلياً ، وضع المرجعيه ، وضع الحوزه ، وضع الأمام ووضع السيد الحكيم بشكل كلى اختلف وتغير.

    البعثيين لم يكونوا على نسق العارفين كانوا في شدة القسوه حيث تعرض السيد الحكيم الى ضغوطات لم يتعرض لها سابقاً حيث قام البعثيين بتسفير طلابه الذي كان أكثرهم من الايرانيين (حيث كان فيها مايقارب 50_60 طالباًمن العراقيين فقط والأغلبيه من الطلاب الأيرانيين) واراد البعثيين من خلال تسفيرهم للطلبه توجيه ضربه لمرجعية السيد الحكيم وبالفعل آلمت هذه الخطوه السيد الحكيم ، وتلتها خطوه اخرى هي اشد الخطوات خطوره على وضع السيد الحكيم وهي اتهام نجله السيد مهدى الحكيم بمحاولة الأنقلاب على الحكم وربما كان هذا صحيحاً ، استفاد البعثيين من هذه الخطوه وتم التضييق على السيد الحكيم ووضعوالسيد الحكيم تحت الأقامه الجبريه في داره إلى ان الحَّ عليه الأمام الخميني لأن يخرج الى صلاة الجماعه حتى يصل صوته الى الجماهير ليتفاعلو معه وبالفعل خرج السيد وكسر هذا الطوق من الحصار.

    اما عن وضع السيد الصدر في تلك الفتره (سنة 69 أي قبل سنه من وفاة السيد الحكيم ) : سافر الى البنان و بمعونة السيد الصدر وطلابه مثل الشيخ ملك و الشيخ كوراني حاولو جميعهم نصرة مرجعية السيد الحكيم من خلال الأعلام اللبناني وبالفعل نجحاو في حملتهم الاعلاميه هذه لدرجة ان النظام العراقي اصدر قراراً نشره في الصحف الرسميه وتسببت ازمه دبلوماسيه بين لبنان والعراق وعلى اثرها قال النظام العراقي اني امهل رعايايي 48 ساعه لمغارة لبنان وإلا سوف يتحملون كافة المسؤوليات من مصادرة الأموال والجنسيات هنا غادر السيد الصدر لبنان ورجع الى العراق بعد ان اتمَّ هذه المهمه الاعلاميه بنجاح .

    في هذه الفترة سافر السيد الحكيم الى لندن حيث اجرى عمليه جراحيه وبعدها عاد الى العراق وتوفى هناك رضوان الله عليه وبعد وفاته شهدت مرجعية العراق وحوزة النجف الأشرف تاريخاً مختلفاً كلياً حيث كانت وفاة السيد الحكيم بمثابة المفصل الذي غير وجهة الحوزه العلميه وهذا ما يعبر عنه السيد الصدر في احد مسائله قد هُدَّ البنيان ، حيث فقدنا مرجعية السيد الحكيم التي كنّا نتفيئ بظلالها ونلجئ إليها ونستعين بها


    -------------------------------------------
    - مؤلف كتاب "الشهيد الصدر ..السيرة والمسيرة حقائق ووثائق ".
    - معد حلقات "الشهيد الصدر" على قناة المنار
    [/align]





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,593

    افتراضي

    [align=justify][align=center][/align]

    [align=center]

    وظيفة الحوزة في قيادة الأمة (2)

    [mark=666666]دراسة في فــــــكر الشــــهيد الصــــدر [/mark]

    سماحة الشيخ أحمد أبوزيد*

    - « شبكة والفجر الثقافية » - 17 / 12 / 2007م - 4:47 ص:13 م


    [/align]

    كان مقرّراً أن ننهي حديثنا عن سيرة الشهيد الصدر في اللقاء السابق لننتقل إلى الحديث عن الموضوع الذي عقدنا هذه اللقاءات لأجله، وهو رؤية الشهيد الصدر إلى الحوزة والمرجعيّة ووظيفتهما تجاه الأمّة . ولكن يبدو أنّ رغبة الأخوات الكريمات هي أن نكمل الحديث عن سيرة الشهيد الصدر على رسلنا وبشكل أكثر تفصيلاً ، وسنحاول النزول عند رغبتهنّ لنعرض أهمّ مفاصل حياة الشهيد الصدر السياسيّة والمرجعيّة وبشكل مختصر ، على أن نكمل هذه اللقاءات بعد انتهاء موسم الحج إن شاء الله تعالى .

    حول فائدة استحضار التاريخ :

    لكن بما أنّنا قرّرنا المسير في هذا الاتجاه ، لا بأس بالاستدراك على اللقاء السابق، بأمر، وهو أنّه قد يقول القائل : ما هي فائدة استرجاع التاريخ واستحضاره ؟! فما فات مات ؟! وأنا لن أطيل كثيراً عند هذا الموضوع الذي أحسب أنّ فائدته يجب أن تكون واضحةً ، خاصّةً في ذهنيّتنا الشيعيّة الضاربة في التاريخ، فالماضي ـ كما يقول الشهيد الصدر في إحدى رسائله ـ ((حاضرٌ دائماً وليس منفصلاً عن المستقبل بحال من الأحوال)).

    وأكتفي هنا بتسجيل نصٍّ لأمير المؤمنين عليه السلام حول هذه المسألة حيث يقول في وصيّته لابنه الإمام الحسن عليه السلام :

    [align=center][frame="7 80"]((أي بنيّ ! ... إنّما قلبُ الحَدَث كالأرض الخالية ، ما ألقي فيها من شي‏ءٍ قبلَته ، فبادرتُك بالأدب قبل أن يقسوَ قلبُك ويشتغلَ لبُّك ، لتستقبلَ بجدِّ رأيك من الأمر ما قد كفاك أهلُ التّجارب بغيتَه وتجربتَه ، فتكون قد كفيتَ مؤونةَ الطّلب ، وعوفيتَ من علاج التجربة ، فأتاك من ذلك ما قد كنّا نأتيه ، واستبان لك ما ربّما أظلم علينا منه.

    أي بنيّ ! إنّي وإن لم أكن عُمّرتُ عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في أعمالهم وفكّرت في أخبارهم وسرت في آثارهم ، حتّى عدت كأحدهم ، بل كأنّي بما انتهى إليّ من أمورهم قد عُمّرت مع أوّلهم إلى آخرهم ، فعرفتُ صفوَ ذلك من كدره ، ونفعَه من ضرَرِه، فاستخلصتُ لك من كلّ أمرٍ جليلَه ، وتوخّيتُ لك جميله ، وصرفتُ عنك مجهوله
    ))[/frame][/align]

    وهناك نصٌّ آخر أودُّ تسجيله ، وهو لأبي علي مسكويه الرازي ، إذ كتب يقول :

    [align=center][frame="7 80"]((إنّي لمّا تصفّحت أخبار الأمم وسِيَرَ الملوك وقرأت أخبار البلدان وكتب التواريخ ، وجدتُ فيها ما تستفاد منه تجربةٌ في أمور لا تزال يتكرّر مثلها ويُنتظر حدوث شبهها وشكلها . . . ورأيتُ هذا الضرب من الأحداث إذا عرف له مثالٌ ممّا تقدّم وتجربةٌ لمن سلف ، فاتّخذ إماماً يقتدى به ، حذر ممّا ابتلى به قومٌ ، وتمسّك بما سعد به قومٌ ؛ فإنّ أمور الدنيا متشابهة ، وأحوالها متناسبة ، وصار جميع ما يحفظه الإنسان من هذا الضرب كأنّه تجارب له ، وقد دفع إليها واحتنك بها ، وكأنّه قد عاش ذلك الزمان كلّه ، وباشر تلك الأحوال بنفسه ، واستقبل أموره استقبال الخَبِر ، وعرفها قبل وقوعها ، فجعلها نصب عينه وقبالة لَحظِه ، فأعدّ لها أقرانها وقابلها بأشكالها. وشتّان بين من كان بهذه الصورة وبين من كان غِرّاً غُمْراً لا يتبيّن الأمر إلاّ بعد وقوعه ، ولا يلاحظه إلاّ بعين الغريب منه ، يحيّره كلُّ خطبٍ يستقبله ، ويدهشه كلّ أمر يتجدّد له ))[/frame][/align]

    وأختم بنصٍّ للإمام الخميني قدس سره حيث يقول بالنقل المشافهي :

    [align=center][frame="7 80"]((عليكم أن تحملوا أنفسكم وتعوّدوها على وضع الحبّ والبغض جانباً لدى كتابة التاريخ . وعليكم أن تكتبوا الحقائق ، وإن لزم من ذلك تضرّركم أو تضرّر من تربطكم بهم علاقة.

    أنا أيضاً من الممكن أن أقع في الخطأ ، ولا ينبغي أن تمرّوا من جانب أخطائي أو ما تعتقدونه كذلك من دون أن تحرّكوا ساكناً ، ولا ينبغي أن تحاولوا إخفاء ذلك، فهذا لا ينسجم مع المهمّة التي أخذتموها على عاتقكم ، والمؤرّخ الذي يمتشق قلمه لله لا يلغو ولا يكتم الحقائق.

    إذا أردتم أن يكون التاريخ الذي تكتبونه مفيداً للإسلام والمسلمين ، فعليكم أن تكتبوه بعيداً عن أيّة أغراض، حاولوا أن تكونوا مؤرّخين بهذا النحو . وعليكم أن تبيّنوا المسائل والحوادث كما وقعت ، ولا يكونّن في ما تكتبونه مبالغة أو سترٌ للأمور
    ))
    [/frame][/align]

    حول تقديس الشهيد الصدر؟!

    قد يعتقد البعض أنّنا بصدد تكريس الشهيد الصدر مرجعاً مطلقاً ، ولسنا نقصد المعنى الفقهي ، بل المرجع المعرفي ، ليلعب ـ وكما يقولون ـ دور الصنم المعبود ، وهذا ليس وارداً ؛ فلو أردنا أن نكون أوفياء لرسالة الشهيد الصدر وخطّه ، فعلينا أن نحذر من أن نجعله ـ وكما يعبّر هو بنفسه ـ موضوعاً لاستصحابنا بحيث نجمد ونقف عند أطروحاته ونتعامل معها بوصفها الحقّ المطلق ، فالوفي لنهج السيد الشهيد هو الذي يدرس تجربته ويستفيد من إيجابياتها ويتجنّب سلبيّاتها ويحاول تجنب ما وقع فيه الشهيد الصدر من موارد.

    مؤخّراً وقع في يدي رسالة أرسلها الشهيد الصدر إلى أحد طلاّبه ، وقد حصلتُ عليها بعد نشري للكتاب ، فهي غير موجودة فيه . في هذه الرسالة يقول الشهيد الصدر :

    [align=center][frame="7 80"]((ولدي العزيز ! تذكر في رسالتك أنّ لك مناقشات فكرية معي وقد أصبحت شجاً في حلقك ، وإنّ مما يسعدني أن أستمع إلى أي شيء تودُّ أن تقوله لي ؛ فإن أباك ليس معصوماً وليس مسدّداً من الله إلاّ بعقل ناقص محدود وأعصاب أرهقتها الآلام والصدمات ، فقد أخطئ أو أتورّط في قصور أو تقصير ، ومن حسن عناية الله بشخص أن يرزقه ولداً صالحاً باراً يناقشه وينبّهه إلى أخطائه)).[/frame][/align]

    إنّ الوفي لرسالة السيد الشهيد هو الذي يتحلّى بهذه المواصفات . . .

    عودة إلى أصل البحث . .

    نعود إلى ما كنّا فيه ، لقد استعرضنا في اللقاء السابق نبذه سريعة ومختصرة عن حياة الشهيد الصدر، وقمنا بوصف الأوضاع إلى حين رحيل المرحوم السيّد محسن الحكيم ، أمّا مرحلة ما بعد السيّد الحكيم فتعتبر في غاية الأهميّة ومرحلة مفصليّة بالنسبة إلى الشهيد الصدر، وهذا يعود في الحقيقة إلى أسباب عديدة ، بعضها يرجع إلى ظروف الحوزة العلميّة ، وبعضها يرجع إلى ظروف السلطة الحاكمة (البعثيّين) .

    لقد كانت علاقة الشهيد الصدر بالسيد الحكيم ممتازة جداً ، فقد كان الشهيد الصدر الجندي المجهول في حركة السيد الحكيم ، حيث كان يقف وراء الكثير من البرامج والمشاريع والأعمال التي كانت تقام باسم السيد الحكيم وباسم المرجعية العليا ، وكان يهدف من ذلك لتعزيز موقع المرجعية الدينية ووجود السيد الحكيم في المجتمع العراقي .

    اختلاف مشارب العلماء :

    هناك نقطة تمهيديّة لا بدّ أن تكون واضحة لدى الأخوات الحاضرات ، وهي أنّ مناهج العلماء مختلفة في التعامل مع جملة من الأمور ، فمنهج الإمام الخميني مثلاً يختلف عن منهج السيد الحكيم ، ومنهج الأخير يختلف عن منهج السيد الخوئي ، ومنهج الأخير يختلف عن منهج الشهيد الصدر، وهكذا . . ولا بأس هنا بالتعرّض إلى اختلاف مشارب العلماء والمراجع في تلك الفترة :

    هناك حوار مشهور ومسجل بين المرحوم السيّد الحكيم وبين السيّد الإمام يشير إلى وجود اختلاف بينهما في المشرب والاتجاه ، حيث يطلب الإمام من السيد الحكيم أن يكون حسينيّاً في نهجه ، بينما يطلب السيد الحكيم من السيد الإمام أن يكون حسنيّاً . وهذا الحوار لا شكَّ في وقوعه ، وإن شكّك في ذلك بعض الباحثين؛ فالمرحوم السيّد محمّد باقر الحكيم الذي كان مخالفاً للإمام في ذلك الحين ـ حتّى أنّه منع توزيع صورة فوتوغرافيّة جمعت الإمام بالسيّد الحكيم ـ يقرّ في بعض محاضراته بحصول هذا الحوار بينهما ، إضافةً إلى أنّ المرحوم الميرزا الشيخ علي الغروي ـ أحد تلامذة المرحوم السيّد الخوئي ـ قد نقل مضمون هذا الحوار في رسالةٍ أرسلها في ذلك الحين إلى المرحوم السيّد كاظم شريعتمداري ، ويُظهر الشيخ الغروي في هذه الرسالة مخالفته لأستاذه السيّد الخوئي حول استقباله للإمام الخميني لدى وصوله إلى النجف الأشرف ، وكيف أنّ ـ أي السيّد الخوئي ـ أرسل سيّاراته (المرسيدس) لاستقبال الإمام .

    وعلى كلّ حال، فما جرى بين السيّد الإمام وبين المرحوم السيّد الحكيم كان مسبوقاً بحادثة أخرى ، ففي عام 1382هـ ق وقبل انتقال السيّد الإمام إلى النجف الأشرف أرسل المرحوم السيّد الحكيم برقيّة إلى كافة علماء إيران المرموقين ـ ومنهم السيّد الإمام ـ دعاهم فيها إلى الهجرة جماعيّاً إلى النجف الأشرف من أجل التداول في شأن إيران والتوصّل إلى حل تجاه هذا الملف ، إلاّ أنّ السيّد الإمام لم ينزل عند رغبة المرحوم السيّد الحكيم وعارض بشدّة هذا الموقف وأرسل إليه رسالة يعتذر فيها عن تلبية الدعوة . والسبب في ذلك أنّ السيد الإمام كان يرى أنّنا لو قمنا بإخلاء الحوزة العلمية من العلماء فسنحقّق بذالك مآرب الشاه .

    وفي الحوار الذي دار بين الرجلين في النجف الأشرف ، وعد السيّد الإمام المرحومَ السيّد الحكيم بطاعته ، فتبسّم السيّد الحكيم

    [align=center][/align]

    ويفسّر المرحوم السيّد محمّد باقر الحكيم هذه الابتسامة من والده المرحوم السيّد الحكيم بأنّ الإمام خرج عن طاعة السيّد الحكيم عام 1382هـ عندما دعاه إلى الهجرة ولم يهاجر ، فهل ستكون نتيجة وعده هي عدم الطاعة ؟! وينتقد السيّد محمّد باقر الحكيم السيّدَ الإمام على موقفه هذا ويقول بأنّ علينا إطاعة أمر القائد وإن لم نقتنع بذلك ، لا أنّنا نطيع متى اقتنعنا ونعصي عندما لا نقتنع ، وقد أثرنا في الكتاب استغراباً حول عدم عمل المرحوم السيّد محمّد باقر الحكيم بهذا المبدأ في قضيّة القيادة النائبة عندما كان السيّد الشهيد في الحجز ولم يقتنع المرحوم السيّد محمّد باقر الحكيم بطلب السيّد الشهيد منه الخروجَ من العراق .

    على كلّ حال ، فالمرحوم السيد الخوئي لم يكن أيضاً على وفاق مع السيّد الإمام لدى مجيئه إلى النجف الأشرف .

    [align=center][/align]

    لكن الملفت للنظر هو أنّ السيد الخوئي كان له قبل مجيء البعثيّين إلى الحكم اتجاه معيّن ، وبعد مجيئهم إلى الحكم صار له اتجاه آخر ، فقبل مجيئهم إلى الحكم كان يعتبر من الرجال الثوريّين بالدرجة الأولى وكان له العديد من البرقيات والتنديدات والبيانات ، وكان في بعضها أشدَّ على الشاه من السيد الإمام نفسه ، ولكن بعد مجيء البعثيّين اختلف الوضع ، خاصة أنّه تزامن مع تصدّيه للمرجعيّة وتشكّل مجموعة من الحواشي حوله ممّن عملوا على تغيير صبغة مرجعيّته وتوجّهه السياسي .

    [align=center][/align]


    علاقة الشهيد الصدر بالإمام الخميني :

    عندما وفد الإمام الخميني إلى النجف الأشرف كان يعتبر نفسه ضيفاً ، وكان تعامله مع الحوزة العلمية على هذا الأساس ، لذلك نجد أنّه لم يطرح نفسه للمرجعيّة في العراق ولم يكن يسعى لذلك ؛ لقناعته بأنّ نقطة التغيير لا بدّ أن تبدأ من إيران ، فبالنسبة إليه كان يرى أنّ تكليفه هو إزالة حكم الشاه ؛ لأنّه لم يكن باستطاعتة توزيع طاقاته لاجتثاث النظامين معاً (نظام البعث ونظام الشاه) ، وليس بسبب عدم اهتمامه .

    وربّما صار واضحاً من كلماتنا السابقة في اللقاء السابق أنّ الشهيد الصدر كان الجندي المجهول في حركة المرحوم السيد الحكيم الذي كان يثق به وبعلمه كثيراً ، وكذلك كانت نظرة السيّد الخوئي له ؛ فقد كانت علاقتهما العلميّة مميّزة جداً ، حتّى أنّ الشهيد الصدر إذا حضر في مجلس السيّد الخوئي فيكون النصاب قد اكتمل بالنسبة إلى السيّد الخوئي .

    طبعاً هذا كلّه قبل وفاة السيد الحكيم ، ولذلك قلنا : إنّ وفاة السيّد الحكيم منعطف مرحلي مهم جدّاً في حياة الشهيد الصدر .

    على كلّ حال، بالنسبة إلى ما أردنا الحديث عنه هنا ، وهو علاقة الشهيد الصدر بالسيّد الإمام ، فنقطة الفارق بينهما هي اعتقاد الشهيد الصدر بالحاجة الأكيدة إلى العمل الحزبي المنظّم في سبيل الوصول إلى الحكومة الإسلاميّة ؛ لأنّ العمل الحزبي يؤمّن صيغه مقبولة ومنطقيّة يمكن من خلالها تشكيل الحكومة الإسلاميّة .

    وعندما استقرَّ السيّد الإمام في النجف الأشرف زاره الشهيد الصدر ـ الذي كان قد ساهم في استقباله ـ وسأله : هل لديكم مجموعة أو حزب يعمل إلى جانبكم بشكل منظّم ؟ فأجاب الإمام بالنفي ؛ لأنّه يؤمن بالعمل الجماهيري وليس بالعمل الحزبي , فاستغرب الشهيد الصدر من ذلك.

    وفي ذلك الوقت أشيع بأنّ علاقة الشهيد الصدر بالسيّد الإمام ليست على ما يرام ، فسأل الشيخ حسّان الحسّاني الشهيد الصدر عن ذلك فأجابه: (( خطّه أقرب خطوط العالم إلينا وشخصه أحب أشخاص العالم إلينا )).

    ثمّ إنّ الشهيد الصدر كان الشخص الوحيد الذي سمح بنشر دروس السيّد الإمام حول الحكومة الإسلاميّة ، في وقتٍ رفض كلّ العلماء فيه ذلك باعتبار أن تلك الدروس كانت لوناً جديداً من الدروس الفقهيّة غير المعهودة في حوزة النجف .

    ماذا بعد رحيل السيّد محسن الحكيم قدّس سرّه؟!

    [align=center][/align]

    ما ذكرناه من علاقة الشهيد الصدر مع الجميع وعلاقة كل واحد منهم مع الآخر أمر مهمٌّ لا بدّ منه ؛ لأنّه بمثابة التمهيد ؛ لأنّ ملف ما بعد وفاة المرحوم السيد الحكيم يبتني على هذه المسائل.
    توفي السيّد محسن الحكيم وكان من المراجع الذين حازوا منصب المرجعية العليا في العالم الشيعي ، وقد عمل البعثيّون ومنذ وصولهم إلى الحكم على إشعال نار الفتنة والتضييق على السيد الحكيم ، إلى أن رحل عن هذه الدنيا وهو حانقٌ عليهم أشدَّ الحنق وفي حالة نفسيّة تعيش النكسة ؛ وذلك بسبب شدّة الضربات التي تلقّاها منهم .

    بعد وفاة السيد الحكيم برز ملفّان :

    الملف الأوّل: كيفيّة تعامل النظام البعثي مع الحوزة العلميّة بغض النظر عن من هو المرجع المطروح.

    الملف الثاني: من هو المرجع بعد السيد محسن الحكيم ؟



    الملف الأوّل: سياسة البعثيّين تجاه الحوزة العلميّة وتراشق الاتهامات .

    عند مجيء البعثين إلى الحكم دخلوا في عداء شديد مع النظام الشاهنشاهي ، وهذا واضح جدّاً ، وقد استمرت حالة العداء هذه من سنة 1968 إلى سنة 1975م ، سنة توقيع معاهدة الجزائر المعروفة بين النظامين البعثي والشاهنشاهي ، حيث اتفقا فيها على الكف عن حالة العداء . ومن هنا نجد أنّ سياسة البعثيّين كانت قبل عام 1975م شيئاً وأصبحت بعد هذا التاريخ شيئاً آخر .

    أمّا قبل عام 1975م فقد كان النظام البعثي يستفيد من وجود الإمام الخميني في العراق من أجل ممارسة الضغوطات على النظام الشاهنشاهي ، وكذلك كان الشاه يستفيد من أطراف المرحوم السيد الحكيم من اجل التضييق على السيد الإمام وإشعاره بالعزلة النفسيّة. ولهذا نجد أنّ النظام العراقي كان يفسح المجال أمام السيد الإمام ليتحرك بحريّة في العراق ، وفي المقابل كان الشاه يفسح المجال أمام الحكييميّين ـ إن صحّ التعبير، وإن كنتُ لا أحبُّ هذه التعابير ـ للتحرّك ،هادفاً من وراء ذلك إلى التضييق على السيّد الإمام ، فكان هناك سوء استفادة متقابلة من قبل الطرفين ، كما كان هناك تراشقات متقابلة من قبل الحكيميّين والخمينيّين .

    [align=center][/align]

    حتّى أنّ المرحوم السيّد محمّد باقر الحكيم يتّهم المرحوم السيّد مصطفى الخميني بأنّه لم يكن مهدّداً من قبل البعثيّين عام 1969م وأنّهم لم يعتقلوه للاستجواب ، وإنّما كان في جلسة صداقة معهم وأنّهم أهدوه ساعة ذهبيّة ، بينما يؤكّد أصحاب الإمام الخميني أنّه كان معتقلاً .

    [align=center][/align]


    وإليكم رسالة بعثها المرحوم السيّد محمّد باقر الحكيم إلى الشيخ محمّد مهدي شمس الدين عام 1969 يقول فيها :

    [align=center][frame="7 80"](( بالنسبة إلى السيّد الخوئي : هو رجلٌ متجاوب روحيّاً، ولكنّه ضعيف الشخصيّة وليست عنده أيّ مبادرة وغير قادر على مواجهة المشاكل بصلابة أو بصمود، والظاهر أنّ الحكمي من جماعته يحبّ الهدنة مع الحكومة وله دورٌ في علاقة الخوئي مع الحكومة.

    وبالنسبة إلى الخميني: فإنّ موقف جماعته مضرٌّ بالعمل فعلاً ضرراً بليغاً، فهم يسيرون باتّجاه الجبهة الوطنيّة الإيرانيّة ومقرّراتها فعلاً، وهي ترى أنّه لا يجوز معارضة العراق أو الطعن فيه لأنّ ذلك يؤدّي إلى تأييد الشاه من ناحية وإضعاف الجبهة الشرقيّة من ناحية أخرى، إذ يعتقدون أو يتظاهرون بالاعتقاد أنّ العنصر الرئيسي بالجبهة الشرقيّة هو العراق، وهذا الموقف واضحٌ منهم ومشبوه أيضاً لعدّة قرائن، منها اجتماع نجل الخميني بالبكر أيّام شدّة المحنة، وهم مصرّون عليه ولو أدّى إلى القضاء على حوزة النجف فقط !!
    ))
    [/frame][/align]

    التسهيلات التي قدّمها البعثيّون للثوريّين

    على كلّ حال ، في ما يتعلّق بالتسهيلات التي قدّمها النظام البعثي لأصحاب الإمام الخميني بغضاً للشاه لا حبّاً بهم ، أذكر لكم هذا المثال : فقد حدّثني أحد السادة الموالين للسيّد الإمام بأنّ البعثيّين قاموا بتسهيل توزيع دروس الإمام حول الحكومة الإسلاميّة في بغداد ، فكانوا يقومون بتوزيعها بأنفسهم ، وذلك لأنّ هذه الدروس كانت تضعف النظام الشاهنشاهى .

    كما يقول أحد أصحاب الإمام في الفيلم الوثائقي (روح الله) الذي أعدّته وبثّته قناة (المنار) أنّ الإمام الخميني عندما أراد السفر من النجف الأشرف قبل سفره إلى باريس ذهب هو ـ أي السيّد الراوي ـ واستصدر تراخيص الخروج وختمها من الضابط الأمني المسؤول دون اطلاع ذلك الضابط على هويّة الشخص الذي يريد السفر ، فالعلاقة مع الأنظمة الأمنية كانت بمستوى أنّ بإمكان هذا السيّد أن يذهب إلى مركز الأمن ويملأ طلب الخروج ثمّ يختم ترخيص السفر نيابةً عن ذلك الضابط وبحضوره ودون أن يثير ذلك الفضول لدى الضابط ، وهذا يعني أيضاً أنّ سياسة البعثيّين تجاه الثوريّين وإن تغيّرت بعد عام 1975م ، إلاّ أنّ العلاقات ظلّت متجذّرة في بعض الأروقة .

    التسهيلات التي قدّمها الشاه لأصحاب السيّد الحكيم

    هذا فيما يتعلّق بسياسة البعثيّين تجاه الخمينيّين ، أمّا فيما يتعلّق بسياسة الشاه تجاه الحكيميّين، فالأمر أيضاً واضح ، حتّى أنّ الثوريّين يتّهمون صهر المرحوم السيّد الحكيم بالعمالة تقريباً للنظام الشاهنشاهي ، والشواهد كثيرة على هذه الدعوى :

    1 ـ راجعوا مثلاً برقيّة المرحوم السيّد الحكيم التي أرسلها إلى الشاه بعد وفاة السيّد البرورجردي ، حيث جاء فيها :

    [align=center][frame="7 80"]((من النجف الأشرف بتاريخ 15/1/1340
    المقام الرفيع لحضرة الشاهنشاه المعظّم .
    برقيّة تعزية الذات الملكيّة بالمصاب الذي حلّ على العالم الإسلامي بوفاة آية الله البروجردي كان باعثاً على اطمئنان خواطرنا ، والاهتمام والعناية الملكيّة بسماحته في أيّام مرضه تبعث على شكرنا وشكر المجتمع العلمائي عموماً.
    [إنّ] اهتمام الشاهنشاه المعظّم بتجليل المقام السامي للعلماء يبعث على افتخار المجتمع الذي يفتخر بالدعاء إلى الله بطلب التوفيق والتأييد للذات الملكيّة المباركة في تقوية الدين الإسلامي المقدّس ونشر مذهب التشيّع الحقّ ، سائلين المولى ذلك بدعوات ولي العصر عجّل الله تعالى فرجه وجعل أرواحنا فداه.
    محسن الطباطبائي الحكيم
    ))
    [/frame][/align]

    2 ـ وانظروا في الرسالة التي أرسلها المرحوم السيّد مهدي الحكيم إلى الشاه يطلب منه فيها الرعاية المادية بعد والده ، بل يعترف فيها بدوام هذه الرعاية عليه ، وقد نشر هذه الرسالة الأستاذ عادل رؤوف في كتابه (محمّد باقر الصدر بين ديكتاتوريّتين) ضمن الملحقات.

    3 ـ ودقّقوا في الرسالة التي أرسلها الشاه إلى المرحوم السيّد يوسف الحكيم ، وهو النجل الأكبر للسيّد الحكيم الذي كان مرشّحاً للمرجعيّة بعد والده ، حيث تظهر فيها مشاعر التودّد تجاه عائلة السيّد محسن الحكيم رحمه الله ، وإن كان المرحوم السيّد يوسف لم يجب عنها وقطع دابر الفتنة :

    [align=center][frame="7 80"](( سماحة حجّة الإسلام الحاج السيّد يوسف الطباطبائي الحكيم ـ النجف
    بأمرٍ مطاعٍ من جلالة الملك المعظّم وبمناسبة رحيل العالم الربّاني سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد محسن الطباطبائي الحكيم نتقدّم إليكم وسائر أهل الفقيد بآيات التعزية.
    من المؤكّد أنّ عائلة الفقيد وببركة الخدمات الجليلة التي أسداها إلى المعارف والمقدّسات الإسلاميّة ، سوف تحظى بالعنايات الملكيّة.
    الثاني من حزيران 1970، وزير البلاط الملكي أسد الله علم
    ))
    [/frame][/align]

    [/align]





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,593

    افتراضي

    [align=justify]


    [align=center][/align]

    استدراك على ما فات

    لكن لا بأس هنا ومن باب الاستدراك على ما ذكرناه في لقائنا السابق مع أنّ الحوزة العلميّة كانت تعيش حالة انقسام فيما يتعلّق بموقفها من الشاه ، حيث ذكرنا هناك بأنّ شريحة من العلماء ـ ربّما تكون واسعة ـ كانت تنظر إلى الشاه بأنّه يمثّل الدولة الشيعيّة الوحيدة في العالم ، ولهذا لا ينبغي إضعاف دولته ، وقد ذكرنا سابقاً موقف المرحوم السيّد محمّد الروحاني تجاه الشهيد الصدر بعد نشر مجلّة (الأضواء) رسالة استنكاريّة إلى الشاه تندّد باعترافه بإسرائيل ،

    [align=center][/align]

    هنا نقل لي السيّد حسن خليفة عن خاله الشيخ عبد الهادي الفضلي - حفظ الله تعالى وشفاه -

    [align=center][/align]


    أنّ السيّد الروحاني عنّف الشهيد الصدر على ذلك وقال له بأنّ الشاه يمثّل دولة الإمام الصادق عليه السلام فكيف يتصرّفون تجاهه هكذا.

    [align=center][/align]

    كما ذكر لي السيّد محمّد حسين فضل الله أنّ السيّد محمّد الروحاني كان إذا سافر إلى الكاظميّة نزل في منزل القائم بأعمال السفارة الإيرانيّة هناك ، وهذا يدلّل على حسن العلاقة بين الجهتين ، وحسن علاقته بالشاه جعلت علاقته بالإمام سيّئة ربّما للغاية ، حتّى أنّ السيّد الروحاني عندما زار الإمام الخميني معزّياً بوفاة ابه السيّد مصطفى لم يعره الإمام أيَّ اهتمام يذكر ، فقام السيّد الروحاني وغادر المجلس .

    وأختم هذا المحور بالبرقيّتين اللتين بعثهما النظام الشاهنشاهي إلى المرحومين السيّدين كاظم شريعتمداري وأحمد الخونساري بعد وفاة السيّد الحكيم ، فقد جاء في الأولى :

    [align=center][/align]

    [align=center][frame="7 80"]((سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد كاظم شريعتمداري دامت بركاته ـ قم

    ببالغ الأسف تبلّغنا خبر رحيل آية الله العظمى الحاج السيّد محسن الطباطبائي الحكيم. وبهذه المناسبة نعزّيكم وعلماء الإسلام بهذه الخسارة ، ونسأل الله تعالى العزّة للإسلام ديننا المقدّس الذي تبعث تعاليمه على السعادة الدنيويّة والأخرويّة.

    في الثاني من حزيران 1970، قصر نياوران، الملك
    )).
    [/frame][/align]

    وأجاب السيّد شريعتمداري بالتالي :

    [align=center][frame="7 80"](( باسمه تعالى
    طهران ـ جلالة ملك إيران المعظّم
    إنّ برقيّتكم التي أبرقتموها بمناسبة الخسارة التي حلّت بالإسلام إثر رحيل زعيم الشيعة آية الله العظمى الحاج السيّد محسن الحكيم - أعلى الله مقامه - قد أوجبت منّا الشكر وبعثت على تخفيف الآلام والتأثّرات الناشئة من هذا الحدث الجلل.
    نسأل الله تعالى أن يؤيّد جلالة الملك من أجل تحكيم أسس الإسلام وتقوية تعاليم الدين المبين التي تضمن السعادتين المعنويّة والماديّة وتحفظ الملك والشعب.
    السيّد كاظم شريعتمداري
    )).
    [/frame][/align]

    [align=center][/align]

    أمّا رسالته إلى السيّد الخونساري ، فهذا نصّها المترجم :

    [align=center][frame="7 80"]
    ((سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد أحمد الموسوي الخونساري دامت بركاته ـ طهران
    ببالغ الأسف تبلّغنا خبر رحيل آية الله العظمى الحاج السيّد محسن الطباطبائي الحكيم . وبهذه المناسبة نعزّيكم وعلماء الإسلام بهذه الخسارة ، ونسأل الله تعالى العزّة للإسلام ديننا المقدّس الذي تبعث تعاليمه على السعادة الدنيويّة والأخرويّة.
    في الثاني من حزيران 1970، قصر نياوران، الملك )).
    [/frame][/align]

    وقد جاء في جواب السيّد الخونساري ما يلي :

    [align=center][frame="7 80"]
    ((بسم الله الرحمن الرحيم
    جلالة الملك المعظّم :
    لقد وصلتنا برقيّة التعزية التي أرسلتموها بمناسبة فاجعة رحيل المرحوم سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد محسن الطباطبائي الحكيم وقد بعثت السلوى في نفوسنا . إنّ ما يبذله جلالة الملك في تجليل مقام العلماء لمدعاة افتخارٍ للمسلمين. نسأل الله تعالى أن يوفّقكم لتقوية الدين الحنيف ونشر مذهب التشيّع في ظلّ عنايات صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف وجعل أرواحنا فداه.
    28 ربيع الأوّل 1390، أحمد الموسوي الخوساري )).
    [/frame][/align]

    هذا والحمد لله رب العالمين



    -------------------------------------------
    - مؤلف كتاب "الشهيد الصدر ..السيرة والمسيرة حقائق ووثائق ".
    - معد حلقات "الشهيد الصدر" على قناة المنار
    [/align]





  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    2,491

    افتراضي

    سلام عليكم
    سؤال: إذا من بين كل ألف مرجع واحد فقط يصبح محمد باقر الصدر، فهل نسلم مصيرنا لهذه الحوزة؟
    والسلام
    غسلت ايدي من الكل... بس الله

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني