أ. د بشير ابراهيم

منذ بداية القرن الماضي ودول العالم تولي أهمية كبيرة للدور الذي يلعبه التخطيط في تنمية الريف والوصول الى الأهداف المرجوة. وذلك من أجل تحسين مستوى الريف والنهوض به. خاصة في الفترات التي كان لضعف التخطيط أثر في احداث حركة هجرة للسكان الريفيين نحو المدن. ولقد كانت الدول النامية من اكثر البلدان معاناة لمثل هذه الظاهرة نتيجة للأوضاع السائدة في ريفها. فكان لابد من اعتماد التخطيط كأساس لرفع مستوى الخدمات والنهوض بها. وعليه فقد أولت معظم الدول النامية خلال النصف الثاني من القرن الماضي اهتماما كبيراً بالريف. وذلك من خلال استخدام التخطيط العلمي اساساً للنهوض به.
ان تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي في المناطق الريفية التي تمتاز بكثافة سكانية وقفة تتطلب اعتماد اسلوب التخطيط الاقليمي كمنهج اساس للتنمية الريفية. كما وانه يحتاج وباستمرار الى اجراء الدراسات والبحوث التطبيقية بهدف التعرف على طبيعة الأوضاع السائدة لايجاد الصيغ البديلة للتخطيط لتنمية الريف. حيث ان مثل هذه الدراسات تساهم مساهمة فعالة في تمكين السلطات التخطيطية من تحديد المراكز والمناطق التي فيها نقص في الخدمات وبنفس الوقت معرفة المراكز التي لا تستغل الخدمات والأنشطة الاقتصادية الموجودة فيها او تقليلها وهذا النوع من التحليل سيؤدي الى سلسلة من التصنيفات للمراكز تبدأ اولاً من حالة الخدمات فيها لكن لاحقاً تعتمد على الجهد المطلوب لتطوير هذه الخدمات. ان اعطاء الريف أهمية متميزة سوف يعجل في عملية التطوير الاقتصادي والاجتماعي للريف. وهذا ما حدث فعلاً. في الريف الماليزي، حيث اولا الدعم المتميز والأهمية التي اولتها الحكومة الماليزية للريف لما بدأت ماليزيا حربها ضد الفقر والمرض والأُمية. فقد ادركت الحكومة ان تحسين اوضاع أكثر من خمسة ملايين شخص لا يتم الا بالتخطيط والدعم المتميز للريف وذلك من خلال برنامج تطويري تهدف من ورائه الحد من ظاهرة الهجرة. وقد اعتمدت الحكومة الماليزية هذا البرنامج عندما أدركت الحاجة اليه للحصول على فوائد تؤثر في التراجع السكاني في الريف حتى ولو أثر هذا البرنامج في الاقتصاد الكلي للبلد. وقد لعبت وزارة التنمية الريفية الماليزية دوراً كبيراً في قيادة هذه الحملة حيث لا توجد جهة واحدة مسؤولة عن التنمية الريفية بل هناك اجهزة أًخرى تتفاعل مع الوزارات المختصة مثل سلطة الأراضي الفدرالية ومنظمة الادخار فالأولى مسؤولة عن فتح الغابات وتوطينها بالسكان وتوفير السكن لهم اما الثانية فهي مسؤولة عن اقرار السكان واعطائهم النصح عن الأمور المالية وكذلك تدريب الشباب على البرامج التكنلوجية. ان المؤسسات والقطاعات التي تعمل على تحقيق التنمية الريفية كثيرة ومتعددة ففي كوريا نجد ان الأسواق الدورية تساهم مساهمة فعالة في تحقيق التنمية الاقتصادية للريف الكوري. حيث ان انتقال المزارعين والتجار الى تلك الأسواق في أوقات اختتامها لشراء حاجاتهم وعرض منتوجاتهم قد ساهم في زيادة المنتوجات الزراعية وكذلك زيادة توزيعها. ان وجود الأسواق المركزية في الشمال الشرقي والجنوب الشرقي حدد اتجاهات حركة السكان نحو تلك الأسواق. وبالتالي يظهر مدى ارتباط سكان القرى المجاورة والتي تدفع بالسكان نحو تلك الأسواق للشراء. وسهلت طرق النقل حركة السكان نحو تلك الأسواق. في حين ظهرت دراسات متعددة حول أهمية التخطيط الاقليمي في التنمية الريفية في بلدان العالم المختلفة، عالجت هذه الدراسات المشكلات التي تعترض العمليات التنموية في الريف فقد عالج (jon.R.Rogge ) مشاكل التنمية الريفية في أفريقيا بعض الدروس من غرب نيجريا، حيث قام بتحليل مشاكل التنمية الريفية الأقليمية في أفريقيا وذلك من خلال دراسته لمشروع المزرعة من غرب نيجريا. فأشار الى الكثافة المرتفعة في هذه المناطقة. لقد حدد Rogge أهداف المشروع بالتغلب على بعض المشاكل العديدة في القطاع الزراعي- الاقتصادي وذلك من خلال تأسيس مستوطنات تجارية ونشر الأفكار من هذه المستوطنات الى المزارعين المتجاوزين ومن ثم توفير البديل لخريجي المدارس في المناطق الريفية مقابل الجذب من جانب المدينة. اما أهداف المشروع فكانت:

1- عرض الأنظمة الزراعية المخططة بعناية والمصممة لجذب الشباب المتعلمين.

2- لاظهار ان المستويات العالية للمعيشة يمكن انجازها بالمشاريع الزراعية المخططة.

3- لتوفير الأرض بوحدات مستقلة وتوفير الاستقرار للمزارعين.

4- لتوفير الخدمات التي عادة ماتكون في المدينة كالخدمات الصحية والتعهليمية والترفيهية.

5- لايصال الخدمات الى المجتمعات المجاورة.

6- توفير التسهيلات الزراعية.

7- توفير الخبرة العلمية.

8- توفير النصائح للمزارعين.

9- تقليل البطالة في الريف.

10- الوصول الى قياس اقتصادي من خلال التعاون في العمل التسويقي، شراء المعدات، السماد،.. الخ. وقد أحدث هذا المشروع ثورة زراعية في المنطقة رغم الأخطار التخطيطية للمشروع.