العريش، مصر (CNN) -- بعيداً عن الجدل السياسي الدائر حالياً حول عبور ما يزيد على نصف مليون فلسطيني، من سكان قطاع غزة، إلى الجانب المصري من الحدود، فإن هذا الوضع الإنساني "المأساوي"، تواكبه أيضاً حركة تجارية نشطة، أسهمت في ضخ ما يزيد على 250 مليون دولار للاقتصاد المصري.

وبدت مدن "العريش" و"رفح" و"الشيخ زويد" المصرية، وكأنها مدن "غزاوية"، حيث انتشرت فيها سيارات تحمل اللوحات الفلسطينية، بينها عدد كبير من سيارات الأجرة ذات اللون الأصفر المميز، وعلى متنها العشرات، الذين جاءوا لشراء ما يلزمهم من احتياجاتهم المعيشية اليومية.

كما تدفقت مئات الشاحنات المصرية المحملة بالبضائع المختلفة، على تلك المدن الواقعة بمحافظة شمال سيناء، بل وتجاوز بعضها الحدود إلى داخل قطاع غزة، فيما تكثف قوات الأمن من وجودها في محيط مدينة العريش المطلة على البحر المتوسط، لمنع الفلسطينيين من تجاوزها باتجاه عمق الأراضي المصرية.

وفيما جاءت معظم تلك الشاحنات من محافظات شرق الدلتا، فقد جاءت شاحنات أخرى من محافظات الغرب، مثل الإسكندرية ومرسى مطروح، بل ومن صعيد مصر أيضاً، بعد أن أدرك الجميع بأن هناك "سوق تجارية"، أو "منطقة حرة مصرية- فلسطينية"، منتعشة على الحدود الشرقية.

واعتبر معظم التجار المصريين أن سوقاً بهذا الحجم، تضم أكثر من 500 ألف مستهلك فلسطيني، يمثل "فرصة لا تعوض"، في ظل حالة الركود التي تخيم على الشارع المصري نتيجة "موجة غلاء" حادة، تسببت في ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وعلى الجانب الفلسطيني، فقد كشفت دراسة لـ"مركز أبحاث المستقبل"، أن سكان قطاع غزة ضخوا حوالي ربع مليار دولار في مصر، خلال أول ثلاثة أيام بعد فتح الحدود بين قطاع غزة ومصر، إثر قيام ناشطين فلسطينيين بتفجير الجدار الحدودي، في وقت مبكر من صباح الأربعاء الماضي.



وأوضحت الدراسة، التي أجريت على عينة مكونة من ألف و121 مواطن من العائدين عبر الحدود المصرية إلى قطاع غزة ونشرتها وسائل الإعلام والصحف الفلسطينية السبت، أن متوسط الإنفاق للفرد الواحد في الأراضي المصرية وصل إلى 260 دولار أمريكي.

وذكرت الدراسة أن عدد المغادرين من القطاع إلى الأراضي المصرية، منذ اليوم الأول، بلغ حوالي 600 ألف مواطن، بحسب تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، الأمر الذي يعني أن حجم الإنفاق للمواطنين الفلسطينيين في مصر يتجاوز 155 مليون دولار.

كما أشارت الدراسة إلى أن هذه المبالغ يُضاف إليها قيمة تبادل تجاري ناتج عن صفقات معدة مسبقاً لتجار فلسطينيين مع نظرائهم في مصر، فضلاً عن الاتفاقات العاجلة التي تمت عبر حوالي خمس منافذ أخرى على الحدود.

وأوضح المركز الفلسطيني في دراسته، أن سبعة في المائة من حجم هذه المبالغ، أنفقها سكان القطاع على المواصلات والاتصالات أثناء مكوثهم في الأراضي المصرية، فيما تم إنفاق حوالي 39 في المائة على المواد الغذائية والأدوية والماشية، و19 في المائة على منتجات التبغ والوقود.

وجاء الأسمنت ومواد البناء في المرتبة الثالثة من حيث الإنفاق، بمعدل بلغ 14 في المائة، بحسب الدراسة، فيما احتلت السلع المعمرة مثل الأجهزة الكهربائية، المرتبة الرابعة بنسبة 7.5 في المائة، تلتها الملابس والأحذية بنفس النسبة، فيما احتلت السلع الأخرى ما نسبته ستة في المائة.

وأشارت الدراسة إلى أن 43 في المائة من "أفراد العينة"، قاموا بالاقتراض من أجل القدوم إلى الأراضي المصرية، فيما أشار حوالي 13 في المائة منهم، إلى أنهم قاموا ببيع بعض ممتلكاتهم الشخصية من أجل الحصول على السيولة النقدية اللازمة.

كما أفاد حوالي سبعة في المائة من الفلسطينيين، الذين خضعوا للدراسة، بأنهم استفادوا "بشكل ما" من قرار رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، بصرف راتب شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، قبل موعد استحقاقه.