يكثر الحديث في الاردن عن ظاهرة ما يسمى بالرضع مجهولي النسب وذلك بعد العثور على عدد منهم في أماكن مهجورة من بينهم رضيعة كادت أن تهرسها شاحنة قمامة لو لم يلحظها عامل في اللحظات الأخيرة داخل حاوية القمامة في أيلول/سبتمبر الماضي.

وعثر في العام الماضي على 36 رضيعا وجنينا مجهول النسب بزيادة ثمانية عن عام 2006، ما سلّط الأضواء الإعلامية على هذه الحالات في مجتمع محافظ تقليديا يتجه بتسارع إلى الانفتاح والعولمة.

وتتفاوت توصيات الخبراء ورجال الدين بين الدعوة لفرض الشريعة الإسلامية، وإدخال تقنيات لبناء قاعدة معلومات عن الحمض النووي (dna) وإدخال الثقافة الجنسية إلى المناهج المدرسية.

ثنائية
ترجع الناشطة النسائية رنا الحسيني انتشار هذه الظاهرة إلى ثنائية "الجهل والانفتاح" على فضاءات ثورة المعلوماتية والانترنت.

وتتحدث الحسيني عن "جهل بالدين وبالثقافة، فالمناهج المدرسية ضعيفة والمدرسون ليسوا مؤهلين. وفي نفس الوقت هناك انفتاح على الانترنت والمحطات التلفزيونية الفضائية والناس تنزع للتقليد".

ولا تعفي الحسيني الأهل ونظام التعليم من المسؤولية معتبرة أن الأسر "لا تفتح هذه القضايا الحساسة مع أبنائها فيلجون الحياة دون معرفة أو وعي".

كذلك تشير الحسيني إلى غياب التثقيف والوعي ضمن مناهج التربية والتعليم معتبرة ان بعض المعلمين يقفزون عن دروس الأحياء في المدارس.

ويشاطرها في الرأي رئيس المركز الوطني للطب الشرعي مؤمن الحديدي، ويزيد عوامل جديدة من قبيل "العمالة الوافدة المحرومة من الزواج، ارتفاع معدلات العنوسة وتكاليف الزواج".

ويتحدث الحديدي عن أمهات عاملات يتركن "أطفالهن المراهقين في البيوت مع عاملات المنازل".

اما استاذ علم الاجتماع موسى شتيوي فيلقي باللائمة على "علاقات جنسية خارج الإطار الشرعي، وارتفاع مستوى الجهل، والضغوط المجتمعية وخلل في نظام القيم والعلاقة بين الجنسين".

لكن الاختلاف بين مقاربات رجال الدين والعلم تتناقض احيانا في ما يتعلق بافضل الوسائل لكبح ظاهرة الأطفال مجهولي النسب.

فالنائب السابق الشيخ عبد المنعم أبو زنط يجادل بأن "تعطيل الحكم بالشريعة الإسلامية" يقف وراء ما يصفها بـ"الجرائم المجتمعية."

ويرفض الشيخ ابو زنط مبدأ الإجهاض من ناحية دينية معتبرا أن الضحايا من الأطفال "قد يصبحوا علماء وعمال منتجين في المستقبل."

على أن الحسيني والحديدي يتحدثان عن استثناءات يتفق معها علماء دين.

ويقر الحديدي بأن "فعل الإجهاض بغيض ومرفوض"، لكن هناك في المقابل "رأيا دينيا محترما يتحدث عن أن النطفة المحرمة شرعا تعتبر منعدمة حسا. لذلك فإن بعض علماء الدين والعالمين بالشريعة يتحدثون عن إجازة الإجهاض في النطفة المحرمة".

ويستدرك الحديدي بالقول: "لا نستطيع أن نترك الضرر الأكبر يحل إن كان بالإمكان إزالة هذا الضرر بضرر أخف وهو إنهاء الحمل".

ويقول خبير في الطب الشرعي إن معظم هذه الحالات نتاج علاقة خارج اطار الزواج، والغالبية تنتهي الى الشارع او الحاوية او الى مكان مجهول