[align=center]كلمة السيد محمد الحسيني الياسري في المؤتمر العلمي السنوي الذي عقده مركز إحياء فكر وتراث السيد الشهيد محمد باقر الصدر في جامعة كربلاء تحت عنوان ((المنهج التجديدي عند الشهيد الصدر)) 3/5/2008م [/align][align=center][align=right]العلماء الأجلاء .. الأساتذة الأفاضل .. السيدات والسادة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إطلالة على .. المنهج .. التجديد .. الصدر .. المشروع المنهج أو طريقة البحث .. أداة معرفية .. تكونها مجموعة قواعد عامة .. تنتظم من خلالها الأفكار والمعلومات .. يكشف الباحث من خلالها الحقائق المجهولة في العلوم .. ويصل الى نتائج معلومة .. وهذا التقعيد يشكل نسقا نوعيا للوقائع والمفاهيم .. يتيح له أن يكون علما .. فالمنهج علم .. وعلم المنهج له علقة جوهرية مع جميع العلوم .. والعلم بلا منهج أفكار منثورة .. وهذا العلم يتبع لمعيارين مهمين هما .. " البنية الجوهرية لهذا المنهج وهي المواضيع التي يطرحها ويعتني بها .. والبنية التنظيمية .. وهي طرق البحث وممارساتها التي تؤثر في حصول المطلوب" . أما التجديد فسنة طبيعية عرفتها البشرية منذ القدم وستبقى .. وعالم اليوم ينزع الى التجديد في كل لحظة وفي كل شيء ..وصراع القديم والجديد قائم والمعركة بينهما سجال .. ولابد من نظرة موضوعية في ذلك لتجنب السقوط في شراك أي من المعسكرين القديم والجديد .. فليس كل قديم غير صالح وليس كل جديد صالح والعكس بالعكس .. لكن رسم الأهداف العليا كفيل بوضع المنهج المناسب ، فمن لا هدف له لا يعرف المنتهى .. ولا يمكنه الجزم بأفضلية منهج أو طريقة ما .. أما الصدر فهو المتفكر الذي جزم بأفضلية منهج لأنه حدد أهدافه العليا بوضوح .. وهنا يتميز الصدر عن غيره بأن له منهج واضح المعالم مكتمل البنى الجوهرية والتنظيمية .. متوفر على شرط أساس من شروط التطور المعرفي وهو الأفق الواسع .. حافل بالمنجزات التأسيسية في العديد من الحقول المعرفية التي تناولها .. وتأسيسا ته منعطفات فكرية كبيرة متقدمة على منجزاته الإبداعية والتجديدية .. ففي كتابه اقتصادنا كان مؤسسا من الطراز الأول وقد أصطلح على ذلك ((فقه النظرية)) في مقابل ((فقه الأحكام)) وهو اللون السائد في الحوزات الدينية العلمية ، فقدم((فقه النظرية)) كصيغة وإطار شامل تترابط عبرها أحكام التشريع .. وبذلك تم اكتشاف المذهب الاقتصادي . ومن خلال كتابه ((الأسس المنطقية للاستقراء)) قارع أقدس صور الحكماء "أرسطو" وموقفه من الإستقراء ، فكان بحق مؤسس "النزعة الاستقرائية " في دائرة الفكر الإسلامي . وهو منهج تميز بالأصالة في مقابل النزعات التلفيقية المتأثرة بالفرضيات المتداولة في الفكر الغربي ، إستلهم مقومات الإسلام الذاتية "الكتاب والسنة والتراث" واستضاء بالقوانين العلمية الحديثة . وللصدر خصوصية منهجية اجتمعت فيها عناصر المنهجيات الأخرى واحتفظت بخصوصية عالية الجودة من صنع عقل الصدر الإبداعي .. حيث التكامل أو عملية التركيب أو ما يسمى في أصول الفقه "التوفيق بين الأدلة " وحيث النقد والتحقيق والوضوح في تحديد المصطلحات وتحديد المشاكل المطروحة وبيان مراحل البحث وأولوياته وبيان موضوع البحث وهدفه الأساس مضافا إلى اللغة السهلة الممتنعة في عرض الأفكار والمطالب .. وحيث التتبع المنهجي والالتزام الشديد بوحدة الموضوع والموضوعية في مقابل ظاهرة العبث المنهجي وعدم الترابط بين أجزاء الفكرة الواحدة .. فقد أطلق الصدر منهجا جديدا وطريقة خاصة وهو "المنهج الموضوعي التوحيدي".. و لو سنحت لي الفرصة لاستخرت لكم كنوز هذا المنهج وأسراره . من هنا ينهض مركز إحياء فكر وتراث السيد الشهيد محمد باقر الصدر "قدس" ليتحمل أعباء هذه المهمة الكبيرة الخطيرة .. الذي وضع في مقدمة أولوياته التحرك العلمي في الوسط الجامعي .. لشعورنا بحاجة هذا الوسط إلى فكر الصدر الأصيل ، لذلك يأتي هذا المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان ((المنهج التجديدي عند الشهيد محمد باقر الصدر)) ضمن مشروع متكامل لسلسلة من المؤتمرات ستشمل العديد من جامعات العراق .. جئنا من النجف الأشرف إلى كربلاء المقدسة حيث جامعتها الموقرة لنطلق مشروع وعي ونهوض وإيقاظ للعقل المسلم والعراقي خصوصا بعد سباته الطويل .. فقد آن لهذا العقل أن يكسر قيود أسر التراكمات النفسية تراكمات القمع والحجر والحذف والنفي .. وأن يستعيد ذاكرته المفقودة .. والصدر من ذاكرته المشرقة المنيرة .. والصدر في هذه الذاكرة رمز الإجتهاد الذي عبر عن أعمق أنموذج لتجديد فهم الدين .. ضمن منهج وسطي متكامل لا تفزعه عملية التجديد ولا ينزع إلى التغريب أو الإغتراب الفكري والأيديولوجي .. بل يتوغل في الشك كي يفهم الواقع .. عبر ثقافة نقدية جادة تؤثر إيجابا في اتجاهات المنهج وتطويره .. لفض النزاعات العقدية والكلامية والفقهية والتاريخية وغيرها . وأن نستحضر الصدر في ذاكرتنا لا يعني البتة أن نؤسر له ونقفل رهاننا المستقبلي على تكرر شخصيته الإستثنائية .. بل يعني أنه مشروع يمكن التواصل معه كما تواصل هو مع مشاريع ومناهج من سبقه من المجددين الإسلاميين وغيرهم . ومشروعنا يتعاطى مع المفاهيم والطروحات المعاصرة في العالم بمنهجية الصدر وما بعد الصدر .. وإن كانت هذه المفاهيم والطروحات لم تبحث أو بحث بشكل جزئي ضمن قراءات المفكر الشهيد كمفاهيم "الحداثة والحداثة البعدية" و"نهاية التاريخ"و"حوار الحضارات " و "المجتمع المدني" و "الديمقراطية" و "الفيدرالية" وغيرها من الفرضيات والمفاهيم التي تملأ ساحة الفكر الحر .. نستطيع أن نفهم من روح فكر الصدر كما فهم هو من روح القرآن الكريم كبعد آخر من أبعاد مرجعية الكتاب . ومشروعنا للتواصل والتكامل بين مناهج الحوزة العلمية ومناهج الجامعات الأكاديمية .. والإستفادة من الخصائص الإيجابية لكل منهما .. لذا يدعو مركزنا الباحثين والدارسين وأصحاب الرسائل العليا ذات الصلة الى التواصل وتزويده بمنجزاتهم من أجل النهوض الجدي بالمشروع . ولا يفوتني في الختام أن أتقدم بإسم المركز بالشكر الجزيل والعرفان الجميل لكل من ساهم في إنجاز وإنجاح هذا المؤتمر التجربة سيما الدكتور عقيل الخزعلي محافظ كربلاء وأ.د حسن عودة الغانمي رئيس جامعة كربلاء وجميع الأساتذة الباحثين والأخوة الأعزاء الكرام الذين ساهموا بعمل أو فكرة أو دعاء أو إهتمام بالغ شكرنا وتقدرنا .. ختاما : لثورة الفكر تاريخ يحدثنا بأن ألف مسيح دونها صلبا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/align][/align]