|
-
التسوّل الإجتماعي
التسوّل الإجتماعي
كلنا يدرك قبح التسوّل. وتعتبرها المجتمعات ظاهرة سلبية تحاول معالجتها والقضاء عليها. وقد مقت الإسلام التسوّل وهيئ عوامل للقضاء عليه، فأعطى قيمة للعمل والتكسّب واعتبر اليد العليا خيرا من اليد السفلى، وشجّع على الإنفاق وصدقة السرّ، وأوجب على المسلمين إخراج الحقوق الشرعية، وأثنى على المتعففين. كل ذلك وغيره لمنع ظاهرة التسوّل التي تنافي كرامة الإنسان وتذهب ماء وجهه. فالتسوّل يحط من الكرامة الإنسانية ولذلك نجد العزيز من الناس يتحمل ألم الجوع ومعاناة الفقر ولا يمد يده حفاظا على كرامته، حتى يظنه الآخرون، أنّه غني.
﴿.... يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ... ﴾ (273)البقرة
وغني النفس لا تسمح له كرامته، طلب شئ مادي أو أي مساعدة على الرغم من إحتياجه لها وقد جاء من أخلاقيات الإسلام قضاء حوائج الناس قبل أن يسألوها، ورجاحة التخفي من قبل مقدم المساعدة حفظا على ماء وجه طالب المساعدة.
إنّ الذي يدعو للتسوّل هي الحاجة. ولكن الحاجة وحدها ليست مدعاة للتسوّل حيث لابد من أن لا يعير المتسول لكرامته أي اعتبار. ولو كان حريصا على كرامته لم يقدم على التسوّل. وقد تدفعه الحاجة لإخفاء شخصيته أثناء التسوّل للحفاظ على كرامته ظاهريا أمام الآخرين إلا أن ذلك يمس كرامته في داخله ويؤثر على تقديره لذاته، ولا يجد لنفسه أهلية للعيش كالآخرين.
وإذا كانت ظاهرة التسوّل معروفة للآخرين وأنها سلبية ولا يتمناها أحد. إلا أن هناك تسولا من نوع آخر وهو التسوّل الإجتماعي، الذي يقدم عليه صغار الشأن في المجتمع للخنوع للشخصيات الإجتماعية المرموقة من ذوي النفوذ السياسي أو الإجتماعي. وهم يظنون أنهم حصلوا من علاقتهم المزيّفة هذه، إعتبار إجتماعي، وقد يتصرف هؤلاء المتسولون على حساب المعايير الأخلاقية مقابل ما يريدون الحصول عليه من علاقتهم بذوي الإعتبار الإجتماعي.
هذه الحالة تحصل عند ضعاف النفوس الذين يبتلون بنقص إجتماعي فهم محتاجون لسّد هذا النقص وليس بوسعهم سدّه إلا من خلال التظاهر بالقرب من كبار الشأن في المجتمع. فهو يقيم العلاقة المزيفة لا لشئ إلا ليقول فلان يعرفني.
إن ضعاف النفوس لم تمنعهم وضاعتهم من التذلل للآخر مهما كلفهم ذلك فهم متسولون لا يتحرجون من استعطاف أصحاب المكانة الإجتماعية والنفوذ الإجتماعي بالتصدّق عليه لإعطائه بعض الوقت أو الجهد. ولو رفضوا طلبه عشرات المرات لم يتحرج من الإلحاح المتواصل عسى أن يحض أمام الآخرين بالقرب المزيف ليسد نقصه الإجتماعي. وغالبا ما يمنع ضعيف النفس، الآخرين من للتقرب من صاحب النفوذ الإجتماعي ليتفرد بنفسه بالعلاقة التي يظن أنها تزيده اعتبارا إجتماعيا ليرتقي السلم الإجتماعي قبل الآخرين. وحتى لو سأله صاحب النفوذ عن شخص معين يتجاهله. ولا يجيب على التساؤلات ولا يهيئ أسباب التواصل بين صاحب المكانة الإجتماعية والنفوذ الإجتماعي وبين اللآخرين.
إن هذا المتسوّل تكون علاقته غير صادقة تنتهي بمجرد تغير الأحوال لأن علاقته مصلحية زائفة. فضعاف النفوس تتلاعب بهم الظروف وتملكهم ولا يملكونها. وإذا انقطعت علاقته بأحدهم يبحث عن آخر حيث لا يمنعه ضعف نفسه من استعطاف الكثيرين، ولا كرامة تمنعه من ذلك.
إنّ هؤلاء الخانعين يظنون إنهم يحصلون على إعتبار إجتماعي من تقربهم المزيّف من أصحاب النفوذ. ولكنهم في حقيقة الأمر لا يحصلون على المكانة الإجتماعية وما يزيدهم التسوّل الإجتماعي إلا تدنّيا وضعفا لأنهم احتقروا ذواتهم باستجداء الإخرين وينتج عنه احتقار المجتمع لهم.
إنّ التسوّل الإجتماعي حالة مرضية يحاول المتسوّلون من خلالها الصعود على السلّم الإجتماعي بأي ثمن ولو على حساب كرامتهم. وإذا كان المتسوّل لطلب المادة قد يصير من الأغنياء ظاهريا بما يكسب من المادة بسبب التسوّل. لكن المتسول لطلب المكانة الإجتماعية لا يحصل عليها لا ظاهريا ولا واقعيا. ولم يزده التسوّل إلا دونيّة ووضاعة.
-
الله تبارك وتعالى
يقول
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ..
:
:
بنت الشهيد بوركتِ لهذا الطرح الرائع والمفيد ..
تحياتي .
[align=center] (`'•.¸(` '•. ¸ * ¸.•'´)¸.•'´)
« ´¨`.¸.* أمـانـاً يـاعـراق *. ¸.´¨`»
(¸. •'´(¸.•'´ * `'•.¸)`'•.¸ )
[/align][align=center] [/align]
-
أعزك الله يا أختي خادمة الزهراء ووقانا وإياك من الإمراض الإجتماعية. وشكرا لك وأرجو أن أكون عند حسن ظنك دائما.
-
أختي العزيزة بنت الشهيدة بارك الله بك على هذا الطرح. عودتينا دائما على طروحاتك المفيدة
أختي العزيزة
المتسولون لحاجة مادية من مأكل وملبس أهون من المتسولين الاجتماعيين وان كان سلوك غير مستحسن ولا يليق بالمؤمن الذي كرامته فوق كل شيء.
المتسول الاجتماعي لا يواجه صاحبه الا بالحقارة والاذلال من النظرات وحتى التصرفات تجاهه فهؤلاء المعتاشون على المنافع الاجتماعية من أصحاب المراكز أو الشأن الرفيع يحومون حول كل من سيأتي له من معرفته بالنفع.
العلاقة القائمة على المنفعة والاستغلال لا تدوم أبداً.
وزيادة على التسول الاجتماعي هناك تسول يطفوا على سطح الوضع العراقي الراهن وهو التسول السياسي.
تحياتي لك
التعديل الأخير تم بواسطة منازار ; 03-06-2008 الساعة 14:26
يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......
-
الاخت منازار شكرا لك بما تصفين كتابتي
وأود أن أقول بالطبع هناك تسول سياسي وهو يقع ضمن التسول الإجتماعي فالأخير أعم والأول أخص وكما تعلمين أن صاحب الموقع السياسي هو صاحب نفوذ أيضا.
شكرا لتعليقك
-
لم اقل الا الحقيقة ونتمنى ان لا ننحرم من هكذا كتابات ويستمر عطاء قلمك.
ما قصدته بالضبط بالتسول السياسي هو التملق لوسائل الاعلام السياسية من أجل رفع شخصه او الجهة التي يتبع لها . بالاضافة الى ما ذكرتيه من تقرب لاصحاب النفوذ السياسيين.
خالص التحيات
التعديل الأخير تم بواسطة منازار ; 04-06-2008 الساعة 20:08
يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......
-
اللهم صلي علي محمد وال محمد
بارك الله فيك على هذا الطرح المتميز
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
|