عبد العزيز المتعب الرّشيد

م تولّى أمارة الجبل بل أمارة نجد ابن أخيه عبدالعزيز المتعب الرشيد كان شجاعا بطلا مقداما بل أن بعض المؤلفين قالوا عنه أنه أشجع رجل أنجبته الجزيرة العربيه ، شجاعته أقوى من رأيه ، أوصاه عمّه محمد العبدالله الرشيد قبل وفاته بأن لا يتعرّض لصاحب الكويت ، ولا يطمح بنظره إليها فخالف رأي عمّه.
فبعد أن استولى على نجد كلّها طمع بالإستيلاء على الكويت فأصطدم هنالك بالشيخ مبارك الصباح وأظهر الإصطدام عدوّا آخر.
عدوّا جديد له ولبيته هو سميّه عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود (جلاله الملك عبدالعزيز).


وقعة الصّريف

بدأ ابن الرشيد يشن الغارات على الكويت تمهيدا للهجوم والاستيلاء عليها.
فأستعان الشيخ مبارك بمحالفة أبو عجيمي السعدون ، رئيس عشائر المنتفق بالعراق ـ وكان ابن الرشيد قد وصل في إغارته إلى أطراف العراق حيث ضايق أبو عجيمي الذي أرسل يطلب النجدة من الشيخ مبارك الذي كان آنا ذاك في ( الجهرى) فبادر إلى نجدته ، حتى اضطر ابن الرشيد ان ينسحب من ( السّماوة).
ثم استنفر مبارك الصباح القبائل فلبّته مطير والعجمان وآلـ مرّة وغيرهم من بوادي الجنوب.
ثم جاء السّعدون بعشائره من العراق ثم أنضم إليهم كثيرون منهم آلـ سليم أمراء عنيزة وآلـ مهنّا أمراء بريدة.
زحف هذا الجيش ومقداره عشرة آلاف يقوده الشيخ مبارك .
أرسل منه ألفا إلى الرياض بقيادة عبدالعزيز آلـ سعود وفعلا احتل المدينة ما عدا الحصن حيث طوّقه بالحصار.
وأمّا مبارك فقد احتل بلدانا كثيرة في نجد بدون قتال حيث يأخر ابن الرشيد وظلّ يتقهقر حتى جرّ خصمه إلى قلب القصيم فوقف له عند الطرفيّة التي شمال بريدة.
في جوار هذه القرية مكان يدعى ( الصريف) اشتبك فيه الجيشان وتلاحما طيلة ذاك النهار فكانت الواقعة من أعظم وقائع العرب الحديثه.
انهزم فيها الشيخ مبارك وخسر عددا كبيرا من قومه وكثيرا من عتاد الحرب فعاد ومن تبقى معه إلى الكويت .
ثم رحف ابن الرّشيد إلى البلدان النجدية لضمّها تحت لوائه أمّا عبدالعزيز فقد أخلى الرياض لما علم بوقعة الصريف وعاد إلى الكويت.
وبذلك استولى ابن الرشيد على جميع نجد وذلك في 26 ذي القعدة سنة 1318هـ.
وقد كانت وقعة الصّريف هذه مثار قرائح الشعراء فقد تنافسوا في وصفها ما بين مادح لابن الرّشيد وقادح في الشيخ مبارك وبالعكس.
سجل فيها شعراء النّبط أحاسيسهم وسوف ندرج جميع تلك القصائد في قسم الشعر بالشبكة.



كويت تطلب الحمايه البريطانية

تابع ابن الرشيد حملته حتى أحاط بالكويت وعند ما رآى صاحب الكويت نفسه في شبه حصار استنجد بالحكومة البريطانية وطلب مساعدتها ، فأسرعت إلى تلبية طلبه وعندها أدرك ابن رشيد أنه لا يستطيع احتلال الكويت 0


فتح الرياض

وتجددت في الشيخ مبارك العزيمة حيث أمدّ عبدالعزيز ابن سعود بركاب وأربعين شخصا وشيء من السلاح والمال فمرّ في طريقه على عربان طوّعهم.
ثم كان ما كان من احتلاله الرياض وقتله ابن عجلان امير الرياض من قبل ابن الرشيد وكان ذلك سنه 1319هـ.


وقعة ابن جراد

ظلّت المناوشات بين ابن رشيد وابن سعود تتوالى فتعددت الوقائع ولكن زحف ابن سعود ظل يسير إلى الأمام.
وفي عام 1321هـ. رحل ابن الرشيد من القصيم قاصدا البطينيّات لعلّه يظفر ببعض عربان ابن سعود ، وارسل سرية بقيادة حمود ابن الرّشيد إلى عنيزه وثلاثمائة بقيادة حسين بن جراد إلى جهة السّر.
ثم انحدر إلى اطراف العراق ليستنجد شمر هناك ولمّا علم ابن سعود بذلك واصل السير بالسّرى فالتقى في 18 ذي الحجة من هذا العام بابن جراد في السّر وبادره القتال فقتله وأكثر من معه وغنم أموالهم.
وتدعى هذه الوقعة بوقعة ابن جراد ومن نتائجها أنّها قسّمت قبائل حرب المقيمة بين السّر والقصيم والتي كانت كلها تابعة لابن رشيد ، فأنحاز قسم منها بعد الوقعة إلى بن سعود.


وقعة البكيرية

بدأ زحف الإمام عبدالعزيز بن سعود فأحتل عنيزة وبريدة من نفوذ آل الرشيد ، ثم تقابل الخصمان: ابن الرشيد نزل من القرعا إلى جهة البكيرية وابن سعود في الجهة المقابلة لها فاصطدمت الجيوش صدمة شديدة وكانت المذبحة هائلة على كلا الفريقين وفيها قتل ماجد بن حمود الرشيد وعبدالعزيز بن جبر الرشيد وأصيب عبدالعزيز بن سعود بشظايا قنبلة في يده اليسرى ووقع ابن الرشيد من فرسه وقعة آلمته ولم تقعده وذلك سنة 1322هـ.


وقعة الشّـنّانة

وقعة الشّنّانه هذه وقعت في وادي الرّمه والشّنّانه تقع جنوب الرّس وهي الجزء الثالث من مذبحة البكيرية السابقة.
إذ تنحى كل من الخصمين قليلا وأخذ يشغل الآخر بالمناوشات وكان مع ابن رشيد جنود من الأتراك ومؤن وذخائر ساعده بها والي بغداد بإيعاز من الدولة العثمانية هزمت هذه الجنود في عدّة مناوشات في البكيرية والخبراء والرّس وكان لفهد الرّشودي من وجهاء بريدة مسعى جميل في صالح ابن سعود، وكانت خطّة ابن سعود ان ينهك خصمه بالمفاجآت والمناوشات ثم ينزل عليه الضربة القاضية بعد ذلك ، فقد لحق خصمه في وادي الرّمه وتهاجم الفريقان وتقارعا وكانت الغلبه آنا ذاك لإبن رشيد.
ولكن إبن سعود عندما رآى جناحة الأيمن متقهقر ، هجم بقومه هجمه الاستبسال وهدم بيوت الحرب فاشتد الضّرب والطّعان .
فأنهزمت عساكر الترك المحاربه مع ابن رشيد ، ثم انهزم ابن الرشيد وفرّوا رجاله هاربين إلى الكهفه من قرى حائل.
وغنم الجيش السعودي من المؤن والذّخائر والأسلحة والفرش والثّياب والإبل والغتم شيئا كثير أغنت هذا الجيش وجعلته يتطلع إلى المزيد.
وذلك في 18 رجب سنة 1322هـ.
_________________
وفي سنة 1323هـ. كان القتال محتدما بين العجمان وآلـ مرّة وقد خلا الجو في نجد لأبن رشيد حيث شنّ عدّة هجمات على القبائل السعودية ، اضطرت إبن سعود أن يرجع إلى نجد يستنفر العربان من عتيبة ومطير ، فجمع جيشا لا يتجاوز الألف وستمائة مقاتل عاد به إلى القصيم.


متعب بن عبدالعزيز الرّشيد

ثم تولّى الإمارة متعب بعد موت أبيه عبدالعزيز وكان راغبا في السلم وتم الاتفاق بين الفريقين على أن تكون حائل وملحقاتها وشمّر لابن رشيد وباقي بلاد نجد بما فيه القصيم لابن سعود.
ثم أطلق الأمير متعب سراح من كانوا مأسورين في حائل فجاؤوا بريده وأقاموا فيها.
وبعد عشرة أشهر من أمارته،،قتله وأخويه مشعل ومحمد أبناء حمود بن عبيد العلي الرشيد: فيصل وسلطان ومسعود وماجد.. ولم ينج غير سعود أخيهم الصغير فر به خاله "ابن سبهان" إلى المدينة خوفا من أن يقتله ابناء عبيد.. وبهذا أنتقلت الإمارة من آلـ عبدالله إلى آلـ عبيد.
وذلك في يوم 21 ذي القعدة سنة 1324هـ.


ذبحة عبد العزيز المتعب الرشيد

في ليلة الثامن عشر من شهر صفر سنة 1324هـ. كانت عاصفة ماطرة لا يستحبها العرب في الغزو أو الحرب.
فقد يدنوا المتحاربون بعضهم من بعض دون أن يشعروا بذلك فإذاهم في المهلكة الكبرى.
مشى ابن سعود لمحاربه ابن رشيد فتراجع الأخير ليصل إلى ( الشّقة) للإجتماع ببعض أنصاره.
عاد كشّافة ابن سعود يخبرون بأن خصمهم على مسير ساعتين منهم وقد نزل (روضة مهنا) فمشى إليه ابن سعود ورجاله إلى الرّوضه فتصادم الجيشان وتقارعا تجت جناح الليل .
وكان عبدالعزيز ابن رشيد راكبا حصانه يدور في معسكره مستنهضا محرّضاَ ، فلمّا وصل إلى المكان الذي فيه فرقة من جنوده ظنّ أنّها لا تزال هناك ، فصاح بحامل (( البريق)) العلم يحرّضه على الهجوم:
مـن هـان يـا الفـريخ
"اسم صاحب البيرق"
ويـن الفـريـخ؟؟
عرف رجال ابن سعود الصّوت فصاحوا : ابن رشيد .... ابن رشيد
ثم تكلّم الرّصاص. أطلقت البنادق السعودية على الأمير التّائه ، فخر صريعا وفيه بضع وعشرون رصاصة.
" وهذا سيفة ، وهذا خاتمه يـالامام" كان عيدا قوميا في الرياض حينما طيف برأسه الشوارع بعد حرب أقامها سبع سنوات.



سلطان بن حمود

ثم تولى إمارة حائل سلطان بن حمود بن عبيد العلي الرشيد ، وباشر حكمه بسياسة متقلّبه ارسل إلى عبدالعزيز بن سعود يطلب الصّلح وأرسل إلى أهل القصيم يخطب ودّهم ويستنصرهم عليه.


وقعة الطرفيّة

لطرفيّه على مسير اربع ساعات ونصف من شمال بريدة وقد كان مع سلطان ابن رشيد من القبائل : شمّر وحرب ومطير. وكان مع ابن سعود : عتيبة وقحطان.
تقدم ابن سعود إلى عنيزة يريد الهجوم على معسكر سلطان ولكنه علم أنه خارج بريدة فرحل إليه فنقل سلطان إلى قرب القصر.فأصطدم به ابن سعود وحصلت مناوشات دون أن يتمكن بعضهم من بعض على أنه في إحدى الغارات كبت فرس عبدالعزيز فوقع وقعة مشؤمة كسر فيها عظم كتفة اليسرى وأغمي عليه.
ثم دخل الطرفيه ودعا قادته منبها قائلا :"ابن الرشيد وأهل بريدة هاجمون عليكم هذه الليله، فتأهبوا وكونوا متيقظين ، بثّوا الحرس ، وحصّنوا القصر".
تقدم ابن الرشيد ورجاله ليباغت السعوديين ولكنهم استيقظوا فتصادموا والمهاجمين وتضاربو بكعاب البنادق ، ثم بالسيوف ، فسالت الدماء وعلت الأصوات ثم أطلقت البنادق واستمر القتال حتى الفجر... وقد أحمرت المياه الجارية بين النخيل من دم القتلى(صبحناكم لا صبّحتكم العافيه) هي الكلمة التي كان يرددها جيش ابن سعود عندما تقفّوا جيش ابن الرشيد المنهزمين.
وقد قتل في وقعة الطرفيّة هذه ثلاثون من جيش ابن سعود وثلاثمائة من جيش ابن رشيد وقد كان الفضل في هذا النصر للحضر في جيش ابن سعود أمّا البادية فشردوا ثم عادوا بعد بضعة أيّام.
وكانت في 26 شعبان سنة 1325هـ. لم يحكم سلطان بن حمود سوى أشهر ، حيث قتله أخوه سعود وتولى الأمارة بعدة سنه 1326هـ.


سعود بن حمود الرشيد

ثم تولى أمارة حائل سعود بن حمود الرشيد ، بعد ان قتل أخاه سلطان طمعا في الأمارة فصالحه ابن سعود على ما صالح عليه أخاه وابن اخته..وانتقض الصلح. ولما بلغ ابن سبهان بالمدينة خبر قتل سلطان بن حمود خرج ابن سبهان من المدينة هو وابن اخته وحاشيتهم قاصدين حائل سنه 1327هـ. فدخلوها بجيش من العربان فضرموا فيها نيران الثورة ثم هجموا على القصر فقبضوا على سعود بن حمود بن عبيد وقتلوه في الغرفة التي قتل فيها أخاه سلطان فتصفق حائل استحسانا ، وتقلد سعود ابن عبدالعزيز سيف الأمارة.


سعود بن عبدالعزيز الرّشيد

تولّى أمارة حائل صغيرا لهذا كانت جدّته فاطمة السبهان وعبيد القصر الطّامعين بالسيادة هم أصحاب الأمر والنفوذ.
ودام عرشه سنوات عدّه بالرّغم من عواصف الأخوان التي كانت تعصف بين حين وآخر من الجنوب.
وفي أحد نزعاته كان يتبارى وعبدالله بن طلال آل عبيد الرشيد برمي الرصاص ولم يلازمهما غير عبد واحد من العبيد، فقتله وقتل العبد المرافق له... ولما رآى العبيد الآخرين ماجرى هجموا على ابن طلال ثم جاء رجاجيل ومعهم عبدالله ابن متعب بن عبدالعزيز ابن أخ الامير المقتول .. وهذا عثرة في سبيل العرش.. وأبن طلال لا يريد غير العرش ،، عليه أن يزيل ابن متعب من طريقه ـ وكان ماهر في الرماية ـ شرع ابن طلال يرمي عبدالله ابن متعب بالرصاص وكان العبيد يحولون دون مرماه،، ويطلقون كذلك الرصاص من بنادقهم فقتل واحد منهم ... ثم قتلو ابن طلال.



عبدالله بن متعب

تولّى أمارة حائل وقلبه مملوء بالشك والحيرة لا سيما بعد أن عرف خبر قدوم محمد بن طلال من الجوف " أخو عبدالله:القاتل" ليدافع عن حائل ـ نعم جاء يدافع عن حائل بعد أن يقتفي أثر أخيه فيستولى على الأمارة ، هذا مايخشاه ابن متعب وبما أن الحياه لديه ـ وهو يومذاك لا يتجاوز العشرين سنه ـ أعزّ من الأمارة ، فقد فر إلى ابن سعود بالرياض.



محمد بن طلال

بعد فرار ابن متعب والتجائه إلى ابن سعود تولى الأمارة محمد بن طلال آلـ رشيد وهو شاب شجاع شهد بشجاعته جماعة الأخوان وغيرهم باشر القتال في جمله قرى من حائل كان أهلها موالين لابن سعود فهدم القرى وقتل أكثر رجالها . وحصلت بينه وبين الدويش عدة معارك قرب حائل أهمها في ماء ياطب ، انهزم فيها الدويش وقال فيها العوني قصيدته المشهورة يستحي شمر ويحثهم على مواصله القتال((من 34بيت شعر سوف تكون في صفحة الشعر))
_________
كما حصلت بين الدويش وبين محمد بن طلال عدة وقائع أخرى أهمها في النّيصيّة ، الجثامية ، أم جريف بين قبه وجراب ، إلى أن اشتد عليه الحصار في حائل من الأخوان وبعد هذا التقهقر ، أرسل سلطان نجد إلى أهالي المدينة يقول : سلّموا تسلموا ، فجاء الجواب بالتسليم على شرط أن يؤمّر عليهم ابن طلال ، والكتاب موحى به منه لأنه كان لا يزال سائدا بمن ثبت معه من والجند وحزب بيت الرشيد.



تسليم حائل

إن مدينة حائل كائنة بين جبلي أجا وسلمى ، لها سهل يتسع إلى الغرب ويضيق إلى الشمال فيفتح من الجهه الشمالية وفي شطر من الجنوبية .
هي محاطة من جهاتها الثلاث بالجبال والا يمكن الاستيلاء عليها من غير الجهه الغربية والشطر الجنوبي الغربي.
في هذا الطريق جاء السلطان عبدالعزيز فنقل من الجثامية بعد أن تقهقر ابن طلال إلى المدينة ونزل بينها وبين النيصيّة فقسم هناك جيشة إلى فرقتين : فرقة بقيت معه والأخرى تقدمت إلى جبل أجا فملكت مركزا منه حصينا.
وهناك مركز آخر يدعى " عقدة" غربي البلد يحسبة أهل حائل أحصن حصونهم الطبيعية .
أستولوا في اليوم السابع على عقدة واستمروا زاحفين إلى حائل وهم يتمترسون وراء أكياس من الرمل حتى وصلوا مكان بينها وبين جبل أجا ، فأتخدوه خط أول للدفاع.
وكان الهاجمون وراءهم قد أحاطوا بالمدينة من جهتيها الغربية والغربية الجنوبية.
إن أهل حائل سبق أن قبلوا بالتسليم على شرط أن يكون ابن طلال أميرهم ، وكانوا يئنّون الحصار .
وعند ما أدرك ابن طلال ان الامارة لاتجيه بواسطتهم كتب إلى الموفوّض السامي لبريطانيا في العراق يسأله التوسط بينه وبين ابن سعود.
قال السر برسي كوكس في تقريره إلى حكومة جلالة الملك " بعد أن سلّم الامير عبدالله ابن متعب ابن الرشيد ، تولّى عمه محمد بن طلال الدّفاع عن حائل ، وأرسل إليّ مرارا يرجوني أن أتوسط بينه وبين ابن سعود، ولكن ابن سعود لم يقبل بذلك"
دنت مدّة الحصار من الشهر الثالث فكتب السلطان عبدالعزيز إلى أصدقائة في حائل يقول : قد طال الحصار ، وأقبل الشتاء فليعذرنا الأهالي إذا أنذرناهم : لهم ثلاثة أيّام ليسلّموا المدينة وعائلة الرّشيد ، وإلاّ فنحن إلى غرضنا مسرعون بالرصاص والنّار.
فجاء الجواب وفيه أن الأهالي ينفضون أيديهم من ابن طلال وبيت الرشيد ويسلّمون الحصون المحوطة بالمدينة إذا جاءتهم سرايا من الجيش.
أرسل السلطان الفين من رجاله ، ففتحت لهم الحصون الخارجية المشرفة على حائل ، ثم أمن الناس على أرواحهم وأموالهم ، فخرجوا إليه أفواجا وهم يشكرون الله.
أمّا ابن طلال الذي شهد له حتى الأخوان بالبسالة والاقدام ... فعندما أدرك أن الأمر تفلّت من يديه تحصّن وحاشيتة في القصر.
فأرسل السلطان عبدالعزيز يؤمّنه على حياته إذا أستسلم ففعل.
إستمر هذا الحصار خمسة وخمسون يوما . أي منذ وصول السلطان في 4 محرم إلى صفر 1340هـ (2 نوفمبر 1921م) يوم سلّم ابن طلال ، ولكن حائل كانت في حال الحرب أكثر من سنة قبل ذلك وكانت القوافل من الكويت والعراق منقطعة عنها فشمل أهلها الضّيق.
وكان السلطان عالما بشدّة حالهم ، فجاءهم متأهبا لتخفيفها ـ بالمؤن .
وجاء بالثياب وبالمال فأجزل للناس العطاء ، ووزّع ألوفا من أكياس الأرز وألوفا من الكسوات.
قال أحد الذين سلّموا)) : كناّ ليلة الحصار الأخيرة على آخر رمق ترى شبح المجاعة والموت فأمسينا ليلة لتسليم الأولى وكلّنا شبعانون ، ومكسيّون مطمئنون ))
وبد ذلك شاورهم الفاتح في أميرهم : )) ومن تريدون أن نؤمرعليكم ))
فأجابوا قائلين : واحد من آلـ سعود أو من كبار رجالك فقال عبدالعزيز لست من رأيكم ، فقد كنّا وإيّاكم قوما أعداء مدّة طويلة ، يجوز أن نحكمكم الأن مباشرة ، وأنا أعرفكم يا أهل حائل أنكم أهل وقال أصحاب فتنة ولكنّي لا أخشى أن أومّر عليكم واحدا منكم ، وأنني أريد أن أحافظ على كرامتكم .. هذا إبراهيم السبهان فهو منكم وهو رجل عاقل هو أميركم وأني واثق بالله ، وعادته معي جميلة فهو سبحانه وتعالى ينصفني ممن يغدر أو يخون.
أما إبراهيم السبهان فهو الذي مهّد السّبيل لتسليم الحصون وأتّفق وأبن سعود على ذلك ، فأمره بعدئذ على حائل.حتى استقرّت الاحوال وبعدها أسند أمارة حائل إلى الأمير ابن جلوي.

وبهذا أنظمة حائل إلى وحدة الجزيرة العربية.




جميع الآراء والتعليقات تم كتابتها نقلا عن مؤلف الكتاب " الازهار النادية"
الجزء الثالث الطبعة السادسة
الناشر
مكتبه المعارف ــ الطائف
المؤلف:
محمد سعيد حسن الكمال
زار حائل في سنة 1378هـ.