النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    35

    افتراضي لمحــات مـن الســيـرة الحيــدريـــة ــ الجزء الاول

    لمحات من السـيرة الحيدريـة
    ذكرى ولادة الإمام علي عليه السلام
    الجزء الاول


    فارس حامد عبد الكريم


    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال تعالى
    ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى )
    (سورة المنازعات)
    [COLOR="Blue"][B][SIZE="5"]
    ][FONT="Verdana"][[RIGHT]


    الحمد لله الذي هدانا لهذا .... وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على اشرف الخلق نبي البشرية محمد بن عبد الله وآله وصحبه النجباء وسلم.
    حيـدر الكـرار
    على بن أبي طالب عليه السلام .. أول الذكور إسلاما، بطل الأبطال وشجاع الشجعان وصنديد العرب الأول.أما بعد فهو فحل الفحول زوج البتول بنت الرسول فاطمة الزهراء من خديجة الكبرى، قاسم ظهر الكفار بسيفه البتار ذو الفقار.
    فدى الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه يوم الهجرة فكان أول فدائي في التاريخ الإسلامي، داحي باب خيبر ومشتت اليهود ، ما سجد لصنم قط ومحطم الأصنام يوم فتح مكة، ابن عم الرسول وأخيه، أبيه وأب الرسول من أم واحدة. حتى قال عنه رسول الله سيد البشر صلى الله عليه وسلم ( لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار ). (1)
    فالسلام عليك يا أمين الله في أرضه، وحجته على عباده، السلام عليك يا أمير المؤمنين يوم ولدت ويوم قبضك ربك سبحانه وتعالى ويوم تبعث في الناس حيا.
    اشهد انك ولي كل مؤمن ومؤمنة وانك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه واتبعت سنن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حتى دعاك الله سبحانه وتعالى الى جواره فقبضك إليه باختياره وألزم أعدائك الحُجة مع ما لكَ من الحجج البالغة على جميع خلقه.

    شيء من سيرة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام

    أولا: أبيه وأمه وقرابته من الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم
    أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم خاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله صلى الله عليه آله وسلم.
    وأبوه هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم سيد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها دانت له قريش بالفضل والسماحة والكرم والسؤدد. وينحدر أبو طالب من عائلة شريفة ذات نسب عريق، عُرفت بأتباع الحنفية الإبراهيمية، ويرجع نسبه الكريم إلى أنبياء الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وهي أول هاشمية تلد لهاشمي.
    وكان لعبد المطلب عشرة أبناء، منهم عبد الله، وهو والد رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو طالب ( وهو والد أمير المؤمنين عليه السلام )، وكلاهما لأم واحدة هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عِمران بن مَخزوم.
    وعندما توفى عبد المطلب انتقلت الصدارة إلى ابنه أبي طالب، وكان يلقب بشيخ الأبطح، ورئيس قريش وشيخ قريش. ولمّا حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب، فقال له: يا بني، قد علمت شدّة حبّي لمحمّد (صلى الله عليه وآله) ووجدي به أنظر كيف تحفظني فيه؟.. فقال أبو طالب: يا أبه لا توصني بمحمّد فإنّه ابني وابن أخي.
    وكان النبيّ صلُّى الله عليه وآله في رعاية أبي طالب بعد أن كفله وهو صغير السن، وله الدور الأكبر في الدفاع عنه وحمايته فكان يحرسه ، ويُنيم أبناءه في فراشه، وفي فترة حصار قريش للنبي محمد (ص) وبني هاشم والمؤمنين ، بعد ان دوّنوا بنود المقاطعة التي تقضي بعدم مبايعة أو مناكحة أو معاملة بني هاشم على الإطلاق ، وختموا القرار بثمانين خاتماً وعلّقوها في الكعبة المشرفة وحوصر بنو هاشم في شعب أبي طالب ، وذاقوا لذلك كل عسر ومشقة وهوان. وفي هذه اللحظات العصيبة من حياة الإسلام ورسوله واشتداد الحصار القرشي على الرسول وآله واتباعه أعلن بيت النبي (ص) نبأ افتقاد أُمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد فحزن محمد (ص) لفقدانها ، ولم تمض ثلاثة أيّام حتى فوجئ المسلمين بفقدان كافل وحامي الرسول أبي طالب ، فازداد الرسول حزناً واسى وخاطب عمه وهو يلقي عليه نظرة الفراق قائلاً بلغة الاعتراف بالفضل والوفاء:
    ( يا عم ربيت صغيراً ، وكفلت يتيماً ، ونصرت كبيراً ، فجزاك الله عنّي خيراً ).
    وبلغ الحزن برسول الله على فقدان زوجته الوفية خديجة الكبرى وعمه المحب المربي حتى قال ( اجتمعت على هذه الأُمة في هذه الأيّام مصيبتان لا أدري بأيّهما أنا أشدُّ جزعاً ؟ ). وتتعلق فاطمة الزهراء الصغيرة بثياب ابيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهي تبكي وتقول : ( أبي .. أبي، أين أُمّي.. أين أُمّي ؟ ). فيبكي الرسول لبكائها فينزل جبرائيل عليه السلام، مخاطباً الرسول قائلاً: ( يا محمّد، قل لفاطمة: إن الله تعالى ـ بنى لأمّك بيتاً في الجنّة من قصب لا نصب فيه ولا صخب ).
    و لمّا توفّي أبا طالب، نزل جبرائيل عليه السّلام على النبيّ صلّى الله عليه وسلم وابلغه قائلاً: يا محمد، اخرُج عن مكة فما لكَ بها ناصر بعد أبي طالب. حتى قال صلّى الله عليه وسلم : لَم تَزَل قريشٌ كاعّةً عنّي حتّى تُوفّي أبو طالب. قد أطلق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على العام الذي فقد فيه أبا طالب وخديجة بـ (عام الحزن ) (2)
    إسـلام أبي طالـب
    يبدو لي من قراءة الوقائع التاريخية ، والله اعلم ، إن أبا طالب قد اسلم على يد حبيبه المصطفى ، إلا انه لم يعلن إسلامه ، وفي ذلك تسلسل منطقي للأحداث ، لان ابا طالب كان قد اتخذ دور الحامي لرسول الله صلى الله عليه وسلم باعتباره رئيس قريش وشيخها فإن أعلن أسلامه خرج عن صف قريش ورئاستها إلى صف الرسول المصطفى علناً، فلا تبقى له رئاسة قريش ولا يبقى في مركزه الروحي عندها وإنما سيتحول إلى خصم وعدو لها فلا يتمكن عندئذ من ممارسة دور الحامي للرسول الأكرم ولا تعد كلمته مسموعة عند قريش.
    وجاءت الرواية عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب: أكان مؤمناً ؟ فأجاب : واعَجَباه ! أيطعنون على أبي طالب أو على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نهاه الله أن يُقر مؤمنةً مع كافر في غير آيةٍ من القرآن.(3)
    ولا يشكّ أحد أن زوجة أبو طالب وأم الإمام فاطمة بنت أسد من السابقات في دخول الإسلام والإيمان بما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنّها لم تزل زوجةً لأبي طالب حتى مات رضي الله عنه.
    وعلى هذا الأساس روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: لو شَفَع أبي في كل مُذنبٍ على وجه الأرض، لَشَفعه اللهُ فيهم.
    امه فاطمة بنت اسد الهاشمية القرشية عليها السلام
    تقدم أبو طالب إلى أسد بن هاشم وخطب منه ابنته فاطمة، ولما حضرت الوفود لخطبة الزواج والاحتفال بالعروسين، قام أبو طالب وقال:
    (الحمد لله ربّ العالمين، ربّ العرش العظيم، والمقام الكريم، والمشعر والحطيم، الذي اصطفانا أعلاماً، وسدنة، وعرفاء، وخلصاء، وحجّته بهاليل، أطهار من الخنى والريب، والأذى والعيب، وأقام لنا المشاعر، وفضلنا على العشائر، نخب آل إبراهيم وصفوته وزرع إسماعيل).
    ثم قال: تزوجت فاطمة بنت أسد وسقت المهر ونفذت الأمر، فاسألوه واشهدوا.
    فقال أبوها أسد: زوجناك ورضينا بك. ثم أطعم الناس.
    ثم انتقلت السيدة فاطمة بنت أسد إلى بيت أبي طالب عليهما السلام ، المؤمن الموحّد في زمن الجاهلية، الذي أقام للشريعة الحنفية أساسها، وكان خير سند للرسالة الاسلامية في ايامها الاولى، خشيت منه قواعد الجهل والكفر فلم تجرأ على الاقتراب من الرسول وآل بيته واتباعه ، رحمة الله تعالى وبركاته على روحه وبدنه الطاهر إلى أن يبعث حياً. وأنجبت فاطمة لـه أولاداً بين ذكور وإناث هم: طالب ، عقيل ، جعفر ، علي ، ام هانئ ، جمانة عليهم السلام.
    وكانت فاطمة بنت أسد تُعنى بالنبيّ صلّى الله عليه وآله عناية خاصة وتُؤثِره على أولادها. وعُرف عنها أن أبا طالب لما أتاها بالنبي صلى الله عليه وآله بعد وفاة عبد المطلب ، قال لها:اعلمي أن هذا ابنُ أخي، وهو أعز عِندي من نَفسي ومالي، وإيّاكِ أن يتعرّض عَلَيه أحدٌ فيما يريد.
    فتبسمت فاطمة ( بنت أسد ) من قوله، وقالت له: توصيني في وَلدي محمّد، وإنه أحبُّ إليّ من نفسي وأولادي .
    واعتَنَت فاطمةُ بنت أسد بالنبيّ صلّى الله عليه وآله عناية فائقة، وأولَتْه رعايتها وحبّها، وكانت تُؤثِره على أولادها في المطعم والملبس. وقد أشار الإمام الصادق عليه السّلام إلى ذلك بقوله:( كانت ( فاطمة بنت أسد ) مِن أبَرِّ الناسِ برسول الله صلى الله عليه وآله).
    وكانت تغسّله وتدهن شَعره وتُرجّله، وكان النبي صلى الله عليه وآله يحبها ولا يناديها إلاّ أمّي.(4)
    ثانياً: علي وليد الكعبة
    يقول يزيد بن قُعنب: كنتُ جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العُزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبَلَتْ فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام، وكانت حاملةً به لتسعة أشهُر، وقد أخذها الطَّلْق، فقالت: ربِّ إنّي مؤمنةٌ بكَ وبما جاء من عندكَ من رُسُل وكُتُب، وإنّي مصدّقةٌ بكلام جدّي إبراهيم الخليل عليه السّلام، وأنّه بَنَى البيتَ العتيق، فبحقِّ الذي بنى هذا البيت، وبحقِّ المولودِ الذي في بطني، لَما يَسَّرْتَ علَيَّ ولادتي.
    قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودَخَلت فاطمةُ فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط، فرُمنا أن ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمرٌ مِن (أمر) الله عزّ وجلّ، ثمّ خَرَجتْ بعد اليوم الرابع وبيدها أميرُ المؤمنين عليه السّلام، ثمّ قالت: إنّي فُضِّلتُ على مَن تقدّمني من النساء، لأنّ آسية بنت مُزاحم عَبَدت اللهَ عزّوجلّ سِرّاً في موضعٍ لا يُحبّ أن يُعبَد الله فيه إلاّ اضطراراً ( أي بيت فرعون )، وإنّ مَريمَ بنت عمران هَزّتِ النخلة اليابسة بيدها حتّى أكَلتْ منها رُطباً جَنِيّاً، وإنّي دخلتُ بيتَ الله الحرام، وأكلتُ من ثِمار الجنّة وأرزاقها، فلمّا أردتُ أن أخرج هَتَف بي هاتفٌ: يا فاطمة، سَمِّيه عليّاً، فهو عليّ، واللهُ العليّ الأعلى يقول: إنّي شَقَقْتُ اسمَه من اسمي، وأدَّبْتُه بأدبي، ووَقَفْتُهُ على غامض عِلمي، وهو الذي يكسر الأصنامَ في بيَتي، وهو الذي يُؤذّن فوق ظهرِ بيتي ويُقدّسني ويُمجّدني، فطُوبى لِمن أطاعه، ووَيلٌ لمن أبغَضَه وعصاه .(5)
    يقول العقاد في كتابه عبقرية علي صفحة ( 43 )
    ( ولد علي في داخل الكعبة ، وكرم الله وجهه عن السجود لأصنامها ، فكأنما كان ميلاده ثمة إيذانا بعهد جديد للكعبة وللعبادة فيها ، وكاد علي أن يولد مسلما ، بل لقد ولد مسلما على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح ، لأنه فتح عينيه على الاسلام ، ولم يعرف قط عبادة الأصنام ، فهو قد تربى في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية. )
    أنشد الحميري :
    وَلدَتْهُ في حرم الإلـه وأمنـه والبيت حيـث فناؤه والمسجد
    بيضاء طاهرة الثياب كريمـة طابت وطاب وليدهـا والمولد
    ما لُفَّ في خِرَقِ القوابِل مِثلُه إلاّ ابــن آمنةَ النبـيِ محمّد (6)
    والشق لايزال ظاهراً ليومنا هذا وقد اتيح للزوار رؤيته في الفترة الأخيرة حسب ما اخبرت به.
    ثالثاً: اسلام على بن ابي طالب (ع)تربى علي عليه السلام في بيت النبوة، وأسلم قبل الهجرة النبوية، وهو أول من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من الذكور. هاجر إلى المدينة المنورة وتزوج بفاطمة الزهراء بنت محمد على أبيها وعليها أفضل السلام .
    فقد أسلم علي وهو لم يزل صبي، بعد أن عرض النبي محمد الإسلام على أقاربه من بني هاشم تنفيذاً لما جاء في القرآن، وقد جاءت الرواية ان الرسول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام دعا أهله وأقربائه المقربين الى وليمة وعندها عرض عليهم الإسلام وقال أن من سيقبل سيكون وليه ووصيه وخليفته من بعده، فلم يجبه أحد إلا علي، سمي هذا الحديث (حديث يوم الدار أو إنذار يوم الدار ).وبهذا يكون علي أول من أسلم من الذكور، وأول الناس إسلاماً بعد خديجة زوجة الرسول المصطفى .وكان قبل الإسلام حنيفاً ولم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولذلك فان من صفاته التي تذكر بعد اسمه (علي كرم الله وجهه).
    وللمأمون العباسي مناظرة لطيفة ظريفة قيمة مع الفقهاء، نقتطف منها محل الحاجة:
    المأمون: يا إسحاق أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله رسوله؟ إسحاق: الإخلاص بالشهادة.
    المأمون: أليس السبق إلى الإسلام؟
    إسحاق: نعم. ... المأمون: اقرأ ذلك في كتاب الله يقول: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) إنما عنى من سبق إلى الإسلام، فهل علمت أحداً سبق علياً إلى الإسلام؟
    إسحاق: يا أمير المؤمنين إن علياً أسلم وهو حديث السن، لا يجوز عليه الحكم، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم.
    المأمون: أخبرني أيهما أسلم قبل؟
    ثم أناظرك من بعده في الحداثة والكمال.
    إسحاق: علي أسلم قبل أبي بكر على هذه الشريطة.
    المأمون: فأخبرني عن إسلام علي حين أسلم؟ لا يخلو من أن يكون رسول الله (صلّى الله عليه وآله) دعاه إلى الإسلام أو يكون إلهاماً من الله؟؟ أطرق إسحاق!!
    المأمون: يا إسحاق لا تقل: إلهاماً.فتقدمه على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأن رسول الله لم يعرف الإسلام حتى أتاه جبرائيل عن الله تعالى.
    إسحاق: أجل بل دعاه رسول الله إلى الإسلام.
    المأمون: يا إسحاق فهل يخلو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلف ذلك من نفسه؟؟ (أطرق إسحاق)!!.
    المأمون: يا إسحاق لا تنسب رسول الله إلى تكلف، فإن الله قال: (وما أنا من المتكلفين).
    إسحاق: أجل، يا أمير المؤمنين بل دعاه بأمر الله.
    المأمون: فهل من صفة الجبار (جل ذكره) أن يكلف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟
    إسحاق: أعوذ بالله..... المأمون: أفتراه في قياس قولك ـ يا إسحاق ـ أن علياً أسلم صبياً لا يجوز عليه الحكم قد تكلف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من دعاء الصبيان ما لا يطيقون، فهل يدعوهم الساعة ويرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء، ولا يجوز عليهم حكم الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟؟ أترى هذا جائزاً عندك أن تنسبه إلى رسول الله؟؟
    إسحاق: أعوذ بالله... الخ.(7)
    رابعاً: هجرة علي بن ابي طالب عليه السلام
    بقي علي عليه السلام مع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى هاجر، بعد ان شاركه في تحمل الأذى بسبب اضطهاد قريش للرسول المصفى وأتباعه، ومقاطعة قريش لبني هاشم وحصارهم في شعب أبي طالب. ولم يهاجر علي (ع) إلى الحبشة في الهجرة الأولى حين سمح الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لبعض من آمن به بالهجرة إلى هناك.
    بات علي بن أبي طالب عليه السلام في فراش الرسول الأكرم (ص) ليلة الهجرة، وتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النائم هو النبي محمد عليه الصلاة والسلام وبهذا غطى على هجرة النبي، وأحبط مؤامرة أهل قريش لقتل النبي محمد (ص)، وبذلك يعتبر علي عليه السلام أول فدائي في الإسلام، وفيه نزلت الآية القرآنية الكريمة: ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ) اشارة الى علي بن أبي طالب (ع) حين نام في فراش الرسول (ص) . وكان محمداً (ص) قد أمره أن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل، حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند الرسول الامين (ص) ، وكانوا في مكة يعلمون أن علياً (ع) يتبع محمداً (ص) في كل مكان، لهذا فإن بقاءه في مكة جعل الناس يشكون في هجرة النبي نظراً لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ علياً معه، وبقي علي في مكة ثلاثة أيام حتى أمره الرسول (ص) بالهجرة للمدينة.
    هاجر الامام علي (ع)،إلى المدينة وهو ما بين 22 و 23 من عمره، ماشياً حتى تورمت قدماه ونزف منهما الدم ، ومعه ركب من النساء هم أمه فاطمة بنت أسد وفاطمة الزهراء (ع) بنت محمد (ص) وعمته فاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وعلى هذا سمي الركب بركب الفواطم. (8)
    خامساً: علي من اصحاب الكساء
    قال تعالى في سورة عمران الاية 61 :(فَمنْ حاجَّكَ فيهِ مِن بَعدِ ما جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تعالَوّا ندعُ ابِناءَنا وأبنَاءَكمْ ونِسَاءَنا ونِساَءَكَمْ وانفُسَنَاَ وانفُسَكُمْ ثُمَ نَبتَهِلْ فَنَجعَل لَّعنَةَ اللهِ عَلىَ الكاذِبِينَ.) واجمع المفسرون على نزول هذه الآية في اصحاب الكساء محمد (ص)، علي، فاطمة، الحسن والحسين عليهم السلام.(9)
    سادساً: علي عليه السلام اخاً للرسول عليه الصلاة والسلام:
    حين آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون أخاه.
    والرسول الاكرم هو افضل الناس ، ومن يختاره الرسول له اخاً لا بد ان يكون افضل الناس ايضاً ، فلا يآخي الرسول ويختار له اخاً الا من كان قرينه في الفضل بين الناس بعد الرسول المصطفى .
    قال علي عليه السلام عن ذلك في خطبته المعروفة بالقاصعة:
    ( وقد علمتم موقعي من رسول الله(ص) بالقرابة القريبة والمنزلةِ الخصيصة، وضعني في حجره وانا وليد، يضمني الى صدره، ويكتنفني فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجدَ لي كذبه في قول، ولا خطلةٍ في فعل،ولقد كنتُ اتبعه اتباع الفصيل أثر امه، يرفع لي في كل يومٍ من اخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الاسلام غير رسول الله وخديجة وانا ثالثهما، ارى نور الوحي والرساله، واشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه(ص) فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال هذا الشيطان قد آيس من عبادته، انك تسمع ما اسمع، وترى ما ارى الا انك لست بنبي ولكنك وزير وانك لعلى خير.) (10)
    سابعاً: زواج علي بن ابي طالب (ع)
    في السنة الثانية من الهجرة زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم من ابنته الزهراء فاطمة عليها السلام. و قد فرحت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها بزواج ابنها علي (ع) من فاطمة (ع) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحاً شديداً، وعاشت مع ابنها وزوجته في الدار ، وقال علي لأمه عليه وعلى أمه أفضل السلام : لو كفيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وكفتك في الداخل الطحن والعجن . فتراضوا على ذلك .
    فاطمة الزهراء عليها السلام
    فاطمة الزهراء وديعة النبي (ص) عند امته وقرة عينه وريحانته المباركة وبضعة منه، يقول العلامة الإربلي إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي سليلة النبوة ورضيعة درّ الكرم والاُبوة، ودرّة صدف الفخار، وغرّة شمس النهار... قُرّة عين أبيها، وقرار قلب أُمِّها، الحالية بجواهر عُلاها، العاطلة من زخرف دنياها، أمة الله وسيدة النساء... وريحانة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بين أهله، فما يجاريها في مَفْخر إلا مغلّب، ولا يباريها في مجد إلا مؤنّب، ولا يجحد حقّها إلا مأفون، ولا يصرف عنها وجه إخلاصه إلا مغبون.(11)
    أمها خديجة بنت خويلد، ولدت يوم الجمعة في العشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية وبعد واقعة الإسراء والمعراج بثلاث سنين،على خلاف في الرأي بشان سنة ولادتها.
    ولما حضرت خديجة الولادة وجهت إلى نساء قريش ونساء بني هاشم يجئن ويلين منها ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها : عصيتينا ولم تقبلي قولنا ، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له ، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا فاغتمت خديجة لذلك ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنهن من نساء بني هاشم .
    ففزعت منهن ، فقالت لها إحداهن : لا تحزني يا خديجة ، فإنا رسل ربك إليك ، ونحن أخواتك ، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه صفراء بنت شعيب ، بعثنا الله تعالى إليك لنلي من أمرك ما تلي النساء من النساء
    فجلست واحدة عن يمينها ، والأخرى عن يسارها ، والثالثة من بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت خديجة فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة .
    فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها نور حتى دخل بيوتات مكة ، ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها ، فغسلتها بماء الكوثر ، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك والعنبر ، فلفتها بواحدة ، وقنعتها بالآخرى ، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة بشهادة " أن لا إله إلا الله ، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء ، وأن ولدي سيد الأسباط " ، ثم سلمت عليهن ، وسمت كل واحدة منهن باسمها ، وضحكن إليها ، وتباشرت الحور العين ، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة ، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم ، فلذلك سميت " الزهراء " ، وقالت : خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة ، زكية ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها .
    فتناولتها خديجة فرحة مستبشرة فألقمتها ثديها فشربت ، فدر عليها .
    شهدت الزهراء فاطمة (ع) منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرة، فقد كان النبي(ص) يعاني اضطهاد قريش وخاصة من أذى عمه أبي لهب وامرأته أم جميل ، فضلاً عن المعاناة بسبب حصار قريش الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبى طالب، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات وكانت فاطمة (ع) تعينه وتسانده وتؤازره وتهون عليه.
    فلم يكن المشركون يتركون طعاما يدخل مكة ولا بيعا إلا واشتروه، حتى أصاب التعب بني هاشم والمسلمين وآل بيت النبوة ، وكان لا يصل إليهم شيئا من الطعام إلا خفية.
    وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة (ع) فضلاً عن وفاة امها خديجة الكبرى فبقيت طوال حياتها تعاني من ذلك، ولكن ذلك لم يزدها الا إيمانا وصلابة.
    وهكذا وجدت الزهراء نفسها ، وهي لم تزل صبية ، أمام مسؤولية بيت أبيها النبي الكريم (ص) ، وهو في اشد اوقات الدعوة تعرضاً للقسوة والالم بعد وفاة زوجته خديجة الكبرى وعمه أبى طالب فوقفت الزهراء (ع) إلى جانب أبيها فأزاحت عنه مشاعر الهم والغم ، لذلك كانت تكنى بأم أبيها.(12)
    اسماء والقاب فاطمة الزهراء عليها وعلى ابيها وزوجها افضل السلام
    تتعدد أسماء فاطمة (ع) وألقابها.أما تسمية فاطمة فقد قال عنها الخطيب البغدادي (12:331) وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ( أن الله سماها فاطمة لأنه فطمها ومحبيها عن النار). و في سنن الأقوال و الأفعال روى الديلمي عن أبي هريرة : إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار‏‏‏‏. بينما قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى( بإن الله فطمها وولدها عن النار).
    ومن القابها:
    الزهراء: أن أبيها (ص) هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة..
    البتول:لأنها ،بإرادة الله سبحانه وتعالى ،لم يصبها الحيض والنفاس قط.
    الحوراء الأنسية: وفي رواية عن الرسول (ص) أوردها الطبراني في المعجم الكبير: (فاطمة حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقتُ إلى رائحة الجنّة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة).
    و جاء الحديث برواية السيدة عائشة رواه الطبراني ان الرسول المصطفى (ص) قال: (إنّي لما أُسري بي إلى السماء أدخلني جبريلُ الجنّة فناولني منها تفّاحة، فأكلتُها فصارت نُطفةً في صُلبي، فلمّا نزلتُ واقعتُ خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، وهي حوراء إنسيّة، كلمّا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلتُها.) ولها (ع) القاب اخرى كثيرة تعبر عن عظم مكانتها في الاسلام وفي قلب ابيها الرسول المصطفى (ص).
    تزوجها علي بن أبي طالب (ع) وأصدقها درعه الحُطمية. في ذي القعدة أو قُبيله من سنة اثنتين بعد معركة بدر ( قاله الذهبي ) .(13)
    ثامناً: إنا أعطيناك الكوثر
    يقول المفسرون في سبب نزول سورة الكوثر:أن أحد أقطاب المشركين، وهو العاص بن وائل، التقى يوماً برسول الله (صلى الله عليه وآله) عند باب المسجد الحرام، فتحدّث مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك بمرأى من جماعة من صناديد قريش، وهم جلوس في المسجد الحرام، فما أن أتمَّ حديثه مع الرسول (صلى الله عليه وآله) وفارقه، جاء إلى أولئك الجالسين، فقالوا له: من كنت تُحَدِّث؟
    قال: ذلك الأبتر، وكان مقصوده من هذا الكلام أن النبي (صلى الله عليه وآله) ليس له أولاد وعقب، إذن سينقطع نسلُه، فكان هذا سبباً لنزول سورة الكوثر وهي :
    (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) سورة الكوثر.
    رَدّاً على العاص الذي زعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) أبتر.
    أما المعنى، فهو أن الله سوف يُعطيك نسلاً في غاية الكثرة، لا ينقطع إلى يوم القيامة.
    وعلى هذا المعنى فان فاطمة الزهراء عليها السلام هي الكوثر.
    وقال فخر الدين الرازي في تفسيره: الكوثر أولاده (صلى الله عليه وآله)، لأن هذه السورة إنما نزلت رَدّاً على مَن عَابَهُ (صلى الله عليه وآله) بعدم الأولاد.فالمعنى أنَّه سيعطيه نسلاً يبقون على مَرِّ الزمان، فانظر كم قُتل من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكن العالم ممتلئٌ منهم، بينما لم يبق من بني أمية أحد يُعبَأُ به.
    وقد ودرت تفسيرات عديدة لمعنى الكوثر وقيل: هو حوض النّبي الذي يكثر النّاس عليه يوم القيامة.وقيل: هو النّبوة والكتاب، وقيل: هو القرآن. وقيل: كثرة الأصحاب والأشياع. وقيل: هو كثرة النسل والذرية وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة(عليها السلام) حتى لا يحصى عددهم، واتصل إلى يوم القيامة مددهم، وروي عن الصادق(عليه السلام) أنّه الشفاعة(3)
    ونقل الفخر الرازي خمسة عشر رأياً في تفسير الكوثر.(14)
    وزواج علي من فاطمة عليهم السلام تم بامر الله سبحانه وتعالى لتكون هي الأم التي تنجب أئمة أهل البيت. أولادها: (الحسن ، الحسين ، المحسن ، زينب الكبرى. أم كلثوم ) عليهم السلام. وفاطمة (ع) في المرتبة الثالثة من حيث المكانة بعد أبيها محمد (ص) وعلي بن أبي طالب (ع).
    وفاة فاطمة الزهراء عليها السلام
    عن الإمام علي (عليه السلام) قال: غسلت النبي (صلى الله عليه وآله) في قميصه فكانت فاطمة (ع) تقول أرني القميص فإذا شمته غُشي عليها فلما رأيت ذلك غيبته.
    توفيت فاطمة (ع) بعد ستة أشهر من وفاة الرسول (ص). فقد انتبهت عليها السلام من غفوتها وهي على فراش المرض، واستعدت للرحيل إلى الآخرة، فقد سمعت من أبيها الصادق المصدَّق الذي قال: (من رآني فقد رآني) سمعت منه نبأ ارتحالها فلا مجال للشك والتردد في صدق الخبر ودخل الإمام علي (عليه السلام) البيت، وإذا به يرى عزيزته قد غادرت فراش العلة وهي تمارس أعمالها المنزلية.
    رقَّ لها قلب الإِمام حين نظر إليها وقد عادت إلى أعمالها المتعبة فسألها من سبب قيامها بتلك الأعمال بالرغم من انحراف صحتها.
    أجابته: لأن هذا اليوم آخر يوم من أيام حياتي، قمت لأغسل رُؤوس أطفالي لأنهم سيصبحون بلا أم، سألها الإِمام عن مصدر هذا النبأْ فأخبرته بالرؤْيا، فهي بذلك قد نعت نفسها إلى زوجها بما لا يقبل الشك. وانتقلت من يومها الى جوار ربها ، ولما حَلَّ الهزيع الأخير من الليل قام (عليه السلام) فصلّى عليها، وعهد إلى بني هاشم وخُلَّصِ أصحابه أن يحملوا الجثمان المقدّس إلى مثواه الأخير.
    ولم يخبر علي (عليه السلام) أي أحد بذلك، سوى الصفوة من أصحاب رسول الله الخُلَّص وأهل بيته عليهم السلام. وأودعها في قبرها وأهال عليها التراب، ووقف (عليه السلام) على حافة القبر يبكي بحرقة قائلاً:
    (السَّلام عَليكَ يا رسولَ الله عَنِّي وعنِ ابنَتِك النَّازِلَة في جوارك، السريعة اللحاق بك، قَلَّ يا رسولَ الله عن صَفِيَّتِك صَبرِي، وَرَقَّ عنها تَجَلُّدِي، إِلاَّ أنَّ في التأسِّي بِعظِيم فرقَتِك وَفَادحِ مُصِبَيتِك مَوضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقد وَسَّدتُكَ فِي مَلحُودَةِ قَبرِك، وَفَاضَت بَينَ نَحري وصَدرِي نَفسُكَ.
    إِنَّـا لله وإنَّا إليه راجعون، لقد استُرجِعَتْ الوَديعةُ، وأُخِذَتْ الرَّهينَة، أمَّا حُزنِي فَسَرْمَدْ، وَأمَّا لَيلِي فَمُسَهَّدْ، إلى أَنْ يختارَ اللهُ لي دارَك التي أنتَ بِها مُقيم، وَسَتُنَبِّئُكَ ابنتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ على هَضمِها، فَاحفِهَا السُّؤَالَ، واستَخبِرْهَا الحَالَ).(15)
    بعض مما قاله الرسول (ص) بحق فاطمة (ع)
    قال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
    - (إذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة).
    ـ (كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة).
    ـ (حَسْبُك مِنْ نساءِ العالَميَن أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة)
    ـ (يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة).
    ـ (ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة)
    ـ (كُلِّ بَنِي أُنثى عصْبَتُهم لأَبيهِمْ ماخَلا وُلْد فاطِمَة).
    ـ (أُنْزِلَتْ آيَةُ التطْهِيرِ فِيْ خَمْسَةٍ فِيَّ، وَفِيْ عَليٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفاطِمَة).
    ـ (إنّ اللّهَ عَزَّوَجَلَّ فَطـــَمَ ابْنَتِي فاطِمَـــة وَوُلدَهـــا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة).
    ـ (فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها).
    ـ (فاطِمَة أَحَبُّ إِليَّ مِنْكَ يا عَلِيّ وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْها).
    ـ (فاطِمَة شُجْنَةٌ مِنّي يَبْسُطُنِي ما يَبْسُطُها وَيَقْبِضُنِي ما يَقْبُضُها)
    ـ (فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي).(16)
    شيء من كرامات فاطمة الزهراء (ع)لما قدم جعفر على النبي (ص) بخيبر أتاه بالفرع من الغالية والقطيفة فقال النبي (ص): لأدفعنّ هذه القطيفة إلى رجل يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله، فمدّ الأصحاب أعناقهم إليها.
    فقال النبي (ص) : أين علي؟
    فوثب عمّار بن ياسر فدعا علياً (ع)، فلما جاء قال له النبي (ص): يا علي خذ هذه القطيفة إليك.
    فأخذها وأمهل حتى قدم المدينة، فانطلق إلى السوق وأمر صائغاً ففصل القطيفة سلكاً سلكاً، فباع الذهب، ثم فرّقه في فقراء المهاجرين والأنصار، ثم رجع إلى منزله ولم يترك لنفسه شيئاً.
    فلقيه النبي (ص) من غد في نفر من أصحابه فقال له: يا علي اجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك.
    فقال علي (ع) مع انه لم يدّخر شيئاً: نعم يا رسول اللّه، على الرحب والسعة.
    فدخل رسول اللّه (ص) مع أصحابه وكانوا خمسة: حذيفة، وعمّار، وأبوذر، وسلمان، والمقداد.
    قال حذيفة : ودخل علي (ع) على فاطمة (ع) يبتغي عندها طعاماً، فوجد وسط البيت جفنة من ثريد تفور وعليها عراق كثير، وكأن رائحتها المسك، فحملها علي (ع) حتى وضعها بين يدي رسول اللّه (ص) فأكل وأكلنا حتى تملأنا ولم ينقص منه شيء.
    فقام النبي (ص) حتى دخل على فاطمة (ع) وقال (ص) ونحن نسمع كلامه: أنّى لك هذا الطعام يا فاطمة؟
    قالت (ع): (هو من عند اللّه إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب).
    فخرج النبي (ص) مستعبراً وهو يقول: الحمد للّه الذي لم يمتني حتى رأيت لابنتي ما رأى زكريّا لمريم، وكان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً، فيقول لها: يا مريم أنّى لك هذا؟ فتقول: (هو من عند اللّه إنّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب).(17)
    تاسعاً: مشاهد وغزوات الامام علي عليه السلام:
    شهد الامام علي عليه السلام جميع الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك حيث خلف الرسول على المدينة وعلى عياله بعده .
    وقال له‏:‏ ‏( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ‏)، وسلم له الراية في الكثير من المعارك.
    عرف علي بن أبي طالب (ع) ببراعته في القتال، وقد تجلى هذا في غزوات الرسول، ففي غزوة بدر، هزم علي (ع) الوليد بن عتبة، وقتل ما يزيد عن 20 من الوثنيين. وفي غزوة الأحزاب قتل عمرو بن ود العامري أحد فرسان العرب.
    غزوة خيبر:
    كان علي بن أبي طالب (ع) يومئذ صاحب راية رسول اللّه (ص) فلحقه رمد فمنعه من الحرب، وأخذ المسلمون يتناوشون اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها، فلما كان ذات يوم، فتح اليهود الباب وكانوا قد خندقوا على أنفسهم خندقاً وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب.
    فدعا رسول اللّه (ص) أحد الصحابة وقال له: خذ الراية، فأخذها فما لبث أن عاد يجبّن أصحابه ويجبّنونه. وفي الغد أخذ الراية صحابي آخر وسار بها غير بعيد ثم رجع يجبّن أصحابه ويجبّنونه.
    فغضب رسول اللّه (ص) وقال: (ما بال أقوام يرجعون منهزمين يجبّنون أصحابهم؟ أما لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله كرّاراً غير فرّار، لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه).
    وكان علي (ع) أرمد العين، فبات الناس يتسألون ليلتهم أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللّه (ص) وكلهم يرجو أن يعطاها.
    فاعطى علياً (ع) الراية، وكانت راية بيضاء وقال له: (خذ الراية وامض بها فجبرائيل معك، والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم يا علي انهم يجدون في كتابهم ان الذي يدمّر عليهم اسمه ايليا، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي، فإنهم يخذلون إن شاء اللّه تعالى).
    فخرج علي (ع) بالراية يهرول هرولة حتى ركزها قريباً من الحصن، فاستقبله حماة اليهود، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، ثم دعاهم إلى الذمّة فأبوا إلاّ الحرب، وخرج إليه ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:
    قد علمت خيبـر أنّي مرحب شـاكي السـلاح بطل مجرّب
    ان غُلب الدهـر فـإني اُغـلب والقـرن عندي بالدما مخضّب
    وكان مرحب لعظم هامته لا تصلح لرأسه بيضة ولا مغفر ولذلك جعل على رأسه نقير من جبل، وكان شاكاً في السلاح.
    فقال الامام علي (ع) في جوابه:
    أنا الذي سمّتني اُمّي حيـدرة كليث غابات شــديد قسـورة
    اُكيلكم بالسيف كيل السـندرة أطعن بالرمح وجــوه الكفـرة
    فلمّا سمع مرحب اسم حيدرة سقط في يده،ذلك ان عرافة كانت قد تنبأت له انه سيقتل على يد بطل يدعى حيدر، فما كان إلا لحظات حتى ضربه علي (ع) ضربة سقط منها لوجهه، وانهزم اليهود وهم يصرخون: قتل مرحب، قتل مرحب، ودخلوا حصونهم وأغلقوا باب الحصن عليهم دونه.
    فأقبل علي (ع) إلى الباب، وكان الباب منحوتاً من الحجر يعجز عن فتحه جمع من الناس مجتمعين فاجتذبه علي (ع) اجتذاباً وتترّس به، ثم رمى به فجعله على الخندق جسراً للمسلمين يعبرون عليه حتى ظفروا بالحصن ونالوا الغنائم، وقد قال ابن أبي الحديد في عينيته:
    يا قالع الباب الذي عـن هزّه عجزت أكفّ أربعون وأربــــع
    فاستأذن حسان بن ثابت الأنصاري رسول اللّه (ص) أن يقول فيه شعراً، فقال:
    وكان علي أرمد العيـــن يبتغي دواءاً فلمـا لم يحس مداويــا
    شفاه رســـول اللّه منه بتفلـة فبورك مرقيـاً وبــورك راقيا
    وقال سأعطي الرايـة اليوم صارماً مكياً محباً للرســـول مواليـا
    يحبّ الـهي والإلــه يحبّـــه به يفتح اللّه الحصـون الأوابيا
    فأصفى بها دون البريــة كلهـا علياً وسـماه الوزير المواخيــا
    ولما فتح علي (ع) الحصن أخذ فيمن أخذ صفية بنت حييّ بن أخطب، فدعا بلالاً فدفعها إليه، وقال له: يا بلال لا تضعها إلا في يدي رسول اللّه (ص) حتى يرى فيها رأيه.
    فأخرجها بلال ومرّ بها في طريقه إلى رسول اللّه (ص) على القتلى، فكادت تزهق روحها جزعاً.
    فقال له رسول اللّه (ص) لمّا علم بذلك: أنزعت منك الرحمة يا بلال؟
    ثم عرض عليها رسول اللّه (ص) الإسلام، فأسلمت فاصطفاها لنفسه، ثم أعتقها وتزوّجها، فكانت امرأة مؤدّبة، وذلك انه لما أرادت أن تركب ثنّى رسول اللّه (ص) رجله لتركب، فأبت.
    ورأى (ص) قريباً من عينها خضرة، فسألها عنه.
    فقالت: يا رسول اللّه رأيت قبل قدومك علينا كأنّ القمر زال من مكانه وسقط في حجري ـ وما كنت أذكر من شأنك شيئاً ـ فقصصتها على زوجي فلطم وجهي لطمة اخضرّت عيني منها وقال: ما هذا إلا انك تمنّين ملك الحجاز.(18)
    يتبــــــــــــــــــــــــع
    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

    فارس حامد عبد الكريم العجرش Faris Hamid Abdul Kareem AL Ajrish
    ماجستير في القانون Master in Law
    باحث في فلسفة القانون BAGHDAD - IRAQ
    والثقافة القانونية العامة
    بغداد ـ العراق
    http://farisalajrish.maktoobblog.com/
    [email protected]
    ][FONT="Verdana"][

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    1,948

    افتراضي

    بارك الله بيك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    35

    افتراضي

    نأسف للخطأ المطبعي في اسم السورة ،فهي النازعات لا المنازعات مما اقتضى التنويه ،اللهم لا تؤاخذنا ان اخطأنا او نسينا .

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال تعالى
    ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى )
    (سورة النازعات)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني