النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,589

    Arrow ..قــراءة في كتــاب (محمد باقر الصدر...السيرة والمسيرة)..السيد عبدالسلام زين العابدين





    محمد باقر الصدر ..
    السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق

    قراءة في كتاب

    السيد عبد السلام زين العابدين



    مقدمة

    قد يتصور البعض ان مهمة المورخ سهلة ويسيرة، ولا سيما اذا كان لشخصية قريبة ومعاصرة، لسهولة جمع المادة التاريخية من مصادرها الاولية والثانوية، وما على الباحث الا ان يقرا ويطلع ويستوعب وينتقي المعلومات والحقائق من مصادرهاالمتوفرة لديه، وما اكثرها! بيد ان هذه نظرة ساذجة للبحث التاريخي ولعمل المؤرخ، لان المسالة ليست مسالة جمع وانتقاء للمعلومات فحسب، بل هي عملية معقدة لا يدرك تعقيدها الا الباحثون الذين مارسوا البحث التاريخي العلمي.

    ان على المؤرخ ان يبحث اولا عن المعلومات في مظانها ومصادرها، وان ينتقي الادق منها والاقرب الى الحقيقة والواقع، وطبيعة الاشياء، لان فيها العديد من الاختلاف والتعارض. ثم تاتي مرحلة دراسة المادة وتنسيقها وتبويبها،والتمييز فيما بينها، وتنقيتها، وفحصها، ودراستها دراسة وافية فاحصة، لتاتي اخيرا مرحلة الكتابة وصياغة المعلومات والاحداث والوقائع، وما تتطلبه من مهارة ودقة وفن، وصدق وموضوعية وامانة علمية، لتطرح الاراء والاقوال المخلتفة،والاتجاهات المتباينة، بتجرد وحيادية.

    كتاب (محمد باقر الصدر... السيرة والمسيرة) اول موسوعة بهذا الحجم، تؤرخ للمرجع الشهيد محمد باقر الصدر(رحمه الله )، بخمسة مجلدات وب (2825) صفحة، اتبعت المنهج التجزيئي الحولي الترتيبي، وفقا لمراحل المرجع العمرية منذ الولادة (1935م) وحتى الشهادة (1980م).

    والكتاب من اصدار مؤسسة العارف للمطبوعات، بيروت، سنة 2006م/1427ه .

    جاء (الكتاب الموسوعة) باجزائه الخمسة حصيلة جهود حثيثة مضنية، وعمل دؤوب، لسنوات عديدة، قضاها فضيلة الاخ المؤلف الشيخ احمد ابو زيد (حفظه اللّه) في تجميع مادته، وتوفير مصادره، وتقصي المؤلفات والمخطوطات والوثائق والرسائل المتبادلة بين السيد الشهيد وتلامذته، واللقاءات الدائبة مع طلابه ومريديه.

    ولم ينس المؤلف في بداية الكتاب ان يشكر كل الذين ساهموا في مساعدته، وقدموا شتى الخدمات لانجاز موسوعته،وراى ان (اخلاقية البحث العلمي) تستدعي التنويه الى ان الكتاب لم يكن ليصدر بصيغته الحالية لولا مساعدة العديد من الاشخاص له، وتواتر خدماتهم، على حد تعبيره، ولا سيما:

    1- مدير مركز الابحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر السيد نور الدين الاشكوري، يقول المؤلف: (الذي بسط لي يد جوده، واطلق عنان عونه، ومنحني وافر ثقته، واضعا تحت تصرفي الكامل ارشيفا معلوماتيا ضخما).

    2- السيد حامد علي الحسيني، (الذي بذل على مدى سنين متمادية جهودا جبارة في سبيل جمع هذا الارشيف).

    3- اسرة المرجع الشهيد الكريمة (زوجته السيدة ام جعفر، ونجله السيد محمد جعفر، وكريمتيه ام احمد وام علي).

    وقد ذكر المؤلف ما يربو على (150) شخصية استفاد منها في انجاز موسوعته، ممن عاصر السيد الشهيد، وعايشه، كما ذكر(29) مكتبا ومكتبة ومركزا، قدموا له يد العون والمساعدة.

    شكوى مؤلمة!

    ومع ذلك، فان المؤلف يشكو في مقدمة الكتاب مما اسماه

    بـ (التغييب العمدي وغير العمدي لكثير من الحقائق المرتبطة بتاريخ السيد الصدر (رحمه اللّه) ، ويقف الى جانب ذلك احجام بعض تلامذته المقربين منه عن الادلاء باية معلومات لا يشك الباحث بمساهمتها في الكشف عن الكثير من الخفايا والملابسات).

    ولهذا يلفت المؤلف نظر القارئ الكريم الى ظاهرة مهمة، وهي (اذا قدر ان يلاحظ ان هذا الكتاب لا يستند الى بعض المقربين من السيد الصدر (رحمه اللّه) فذلك راجع الى احجامهم لا الى عدم مبادرة الكاتب) ((308)) ويحدثنا عن معاناته بهذا الخصوص قائلا: (فقد قابلت ما يقرب من مئة شخصية، بعضهم لا يعرف الا الامور السطحية، امامن يعرف الامور الحساسة فلعلي لم اجد الا شخصا واحدا لم يمانع من الادلاء بشهادته، فما ذنب الكاتب في ذلك؟)((309)) ! نسال اللّه ان يوفق هؤلاء الطلبة المقربين، والتلاميذ المخلصين الذي كان لهم السيد الشهيد كالوالد الشفيق، والشمعة التي تحترق لتضي لهم الطريق، ليبوحوا بما لديهم من معلومات ووثائق ورسائل، ليتحول احجامهم الى اقدام، واسرارهم الى اعلان، لتسجل على صفحات التاريخ، وتقراها الاجيال بالتفصيل لا بالاجمال، بدلا من ان تبقى في صدور اصحابها،وخزائنهم المغلقة بالشمع الاحمر ان بقيت سالمة لم تتسنه!

    مقدمة الكتاب: معالم المنهج

    جاءت مقدمة الكتاب (الموسوعة) ملفتة للنظر بطولها على امتداد (63) صفحة، والتي لا تخلو من اسهاب في بعض فقراتها،وسنتكلم عن سره. بيد ان العديد منها كانت ضرورية لايضاح منهج المؤلف، ومعالم عرضه، مما سهلت علينا هذه المقدمة في تقديمنا للكتاب والتعريف به، وان لم تغن عن مراجعتنا لاجزائه الخمسة، بفصولها العشرة، وملاحقها ووثائقها.

    وقد بحثت المقدمة المعالم التالية

    المعلم الاول: اعتماد السرد الحولي غير الموضوعي حرص المؤلف على اعتماد الطريقة التجزيئية في استعراض السيرة والمسيرة للمرجع الشهيد، وما تضمنته من احداث ووقائع، ليسير وفق السنوات والتسلسل الزمني للاحداث، من الولادة وحتى الشهادة. وتكلم عن الامور والاحداث التي حصلت في كل عام، وان لم يكن فيما بينها علاقة الا السياق الزمني.

    وقد برر المؤلف منهجه السردي الحولي بانه الخطوة الاولى الضرورية في دراسة الشخصية التاريخية، والاطلاع على تفاصيل حياتها وسيرتها ومسيرتها، (لتتاح الفرصة امام الدارسين للكتابة موضوعيا)، لان الكتابة الموضوعية خطوة متقدمة على الكتابة التجزيئية، كما عبر المرجع الشهيد عند حديثه عن العلاقة بين التفسير الموضوعي والتفسير التجزيئي.

    ان الكتابة الموضوعية على صعيد شخصية المرجع الصدر غير المسبوقة بكتابة تجزيئية، لها مؤاخذتان:

    الاولى: اعتمادها على خلفيات القارئ ومعلوماته حول الشخصية، وهذا ما لا يتوفر في المقام الا لدى عدد ضئيل جدا من القراء.

    والثانية: اعطاء القراءة الموضوعية صورة مشوهة وغير متكاملة للكثير من الاحداث والوقائع اذا لم تقرا اولا في سياقاتها التاريخية التي توفرها القراءة التجزيئية ((310)) .

    ولهذا جاءت فصول الكتاب بمنهج القراءة التجزيئية الحولية الا في الفصل الرابع: (جوانب من شخصية السيد محمد باقرالصدر)، فقد اعتمد المؤلف فيهذا الفصل الاتجاه الموضوعي، فذكر مقتطفات رائعة من احوال المرجع الشهيد حول:عبادته، واخلاقه، ومسكنه، وملبسه، وماكله، وعلاقته باسرته (والدته، وزوجته، واولاده)، وعلاقته بطلاب درسه، وشظف عيشه... ((311))

    المعلم الثاني: شمولية العرض شمولية العرض التي يمتاز بها الكتاب شملت جانبين:

    ا- الكتب والمؤلفات سعى المؤلف بما اوتي من وسع ان تكون موسوعته حول المرجع الشهيد الصدر (مصدرا جامعا)، يضم كل ما كتب عنه، ولاسيما المؤلفات التي اختصت به، ومن اهمها: (شهيد الامة وشاهدها)، (الشهيد الصدر: سنوات المحنة وايام الحصار)، (محمدباقر الصدر: حياة حافلة، فكر خلاق)، (الامام الشهيد محمد باقر الصدر.. دراسة في سيرته ومنهجه)، (ملامح من السيرة الذاتية)، (الصدر في ذاكرة الحكيم)، مقدمة كتاب (مباحث الاصول) والتي صدرت مؤخرا ككتاب مستقل بعنوان:

    (الشهيدالصدر: سمو الذات، وسمو الموقف)، والكتاب الذي صدر مؤخرا (وجع الصدر.. ومن وراء الصدر ام جعفر) والذي يتضمن اسرارا جديدة لم تكشف من قبل، على لسان زوجته ورفيقه عمره ومحنته السيدة ام جعفر (حفظها اللّه).

    ب- الاقوال والروايات حاول المؤلف ان يستعرض المقولات من عشرات الشخصيات الذين عاصروا المرجع الشهيد وتتلمذوا على يديه، وسعى الى محاكمتها في ضوء ما توفر لديه من قرائن وشواهد، ووثائق وحقائق.

    ويعترف انه في حرصه الشديد على استعراض الاقوال والمعلومات (قد يبدو مزعجا) في بعض الاحيان، ومطنبا، بيد انه كان يحرص على (رسم قصة كاملة)، و(توثيق الحدث والتثبت من صحة الصورة المرسومة). وهو امر يعتقد المؤلف(بضرورته) في الخطوة الاولى، وان راينا غير ذلك في بعض الموارد ((312)) .

    المعلم الثالث: العرض المجرد غير المعياري، مع ممارسة النقد ان مسالة الموضوعية وعدم التحيز شغلت بال المؤرخين والباحثين في كل زمان، لصعوبة الغاء المؤرخ ذاته ومشاعره وعواطفه وانفعالاته وانتماءاته في تناول الاحداث والوقائع والاشخاص بصورة موضوعية مجردة. ولذا يرى علماء التاريخ ان الموضوعية مطلب صعب المنال. وقد بحث المرجع الشهيد الصدر منابع خطر الذاتية. وذكر اربعة اسباب (بوصفها اهم المنابع لخطر الذاتيه) ((313)) .

    يحدثنا المؤلف ابو زيد انه قد حرص في بحثه على ان يكون موضوعيا متجردا من ميوله الخاصة وعواطفه، وان اقر بمدى صعوبة التخلص من الذاتية، مهما حرص، (لان العواطف، والمتبنيات، والنشاة البيئية والفكرية.. كلها تدخل في آليات التعامل مع الموضوعات محل البحث)، مما تجعل الباحث لا يمكن ان يتخلص من الذاتية مهما جاهد في توفيرالموضوعية في تقييمه وحكمه، وترجيحاته للاقوال والاراء والروايات.

    كما حرص على تجنب (التعليقات المعيارية) التي تحكم على الاحداث والوقائع التاريخية بالسلب والايجاب، والخطا والصواب، الا في بعض الموارد (التي كما يقول لا ربط لي بها مما نقلته عن الاخرين ضمن نصوص لم استطع فيها عزل الجانب المعلوماتي والاكتفاء به)، وليس من (الحديث المعياري) تحقيق الحدث تاريخيا وقبول شهادة ورد اخرى . ((314)) ولذا فقد التزم المؤلف مبدا (نقد متون الاقوال ومضامينها) من خلال تسجيل ملاحظات نقدية في الهوامش، فلا بد من(تحكيم النظر والبصيرة في الاخبار)، فانه لا ملازمة (بين اسناد المعلومة وبين الاعتماد عليها)، فكثيرا ما نرى المؤلف يمارس عملية النقد ومحاكمة الاخبار والمعلومات ومعالجة التعارض فيما بينها وفق القرائن والمعطيات المتوفرة. ولا سيماانه لا حجية بالمعنى الاصولي لخبر الثقة في مجال البحث التاريخي، وخصوصا انه قد اكتشف حقيقة مرة خلال سنوات تاليف الموسوعة، ولم يستطع ان يكتمها، فقد وصلت في تراكمها الى مرحلة (البث) الذي لا يمكن ان يكتم في الصدور،تتعلق ببعض (الثقات) واقوالهم، ومدى تحريفهم للحقائق، وتزييفهم للوقائع الى درجة (انهم يلوون عنق الحقيقة مع سبق الاصرار والترصد) ((315))، وقد اوكل اكتشاف تلك الموارد الى ذكاء القارئ وفطنته، وان اشار الى بعضها بطرف خفى.

    وهناك نمط من المخبرين يعيشون العاطفة الجياشة تجاه استاذهم مما يؤدي بهم في نقل الاحداث والوقائع الى ان يذهبوابعيدا في المبالغة الى درجة لا يمكن قبولها، وفق المعطيات والشواهد، الامر الذي يؤدي الى تغيير الحقيقة وتشويهها.

    وقد حاول المؤلف ان يعلق على تلك المبالغات باشارات سريعة ولبقة في العديد من الموارد والمواطن.

    وقد اشار الى هذه الملاحظة في المقدمة، وذكر عددا من المعلومات التي لم تخل من عنصر المبالغة والافراط في الاعجاب:

    ا- ان السيد الشهيد قد الف (الحلقات) الثلاث في علم الاصول اعتمادا على ذاكرته. مع ان الواقع غير ذلك.

    ب- وقراءته لمجلدات موسوعة (قصة الحضارة) لديورانت (43 مجلدا)، خلال اسبوع واحد، عام 1379ه. مع ان الكتاب آنذاك لم يترجم منه الى العربية الا (6) اجزاء فقط.

    ج- وما نقل عنه(رحمه الله ) انه قال: ان المعادلات الرياضية التي اعتمدتها في كتاب (الاسس المنطقية للاستقراء)، والمطالب التي توصل اليها، كانت من خلال (التشخبط) بالقلم في الليل! مع انه(رحمه الله ) قد درس عند بعض اساتذه الرياضيات العالية، وكان يذهب في ايام العطل الى بغداد ليحضر الدروس، حتى قال له الاستاذ: (قد اعطيتك اجازة الاجتهاد في الرياضيات)!، اضافة الى تحضيراته الدائبة في حل المسائل الرياضية، واستعانتة بالكتب والمصادر الرياضية العربية والاجنبية (الانجليزية والفارسية)، ومع ان المعادلات الرياضية التي اعتمدها في(الاسس المنطقية) هي قوانين رياضية اكتشفها علماء الرياضيات على مدى قرون متطاولة، وقد درسناها في الجامعة.

    المعلم الرابع: شفافية العرض لقد اسهب المؤلف في مقدمته بالتاكيد على هذا المعلم (شفافية العرض)، ليوضح مقاصده ونواياه في عرضه للكثير من الحقائق والوثائق والمعلومات التي تمس بعض الشخصيات او الكيانات، في الاوساط الحوزوية، لما لها من قدسية، حتى لايسارع القارئ الى اتهام المؤلف وجعله في مقام التجريح او التسقيط او الاستفزاز او التهميش لتلك الشخصيات والرموز.

    وقد اوضح مبررات (الشفافية) رغم ما بها من مخاطر، وتتلخص في كلمتين: المقتضي موجود، والمانع مفقود.

    ومقتضي الشفافية هو (المساهمة في ترشيد وعي الناس عموما، وطلاب الحوزة خصوصا )، والتنبيه الى الاخطاء والسلبيات لاجتنابها والحذر منها اما المانع بعنوانه الاولي، المتمثل ب (اشكالية الغيبة والاهانة)، وعنوانه الثانوي المزدوج المتمثل ب (انكفاء الناس عن المرجعية وابتعادهم عنها)، ولزوم (الهرج والمرج فيما يتعلق بردة الفعل) فمفقود، ذلك بانه لا شك في مشروعية هكذاعمل تاريخي، يناى بنفسه عن التشهير والتوهين والاسقاط، وان الانكفاء اذا تحقق فلا يكون عن المرجعية، وانما عن اتجاه فيها، (واذا قدر للقارئ الانكفاء عن احدهما، فانه سيتفاعل مع الاخر)، لان الكتاب يؤرخ لاتجاهين في المرجعيات المعاصرة، وخطين مختلفين في الهموم والتطلعات وطريقة الاداء، ولا بد للانسان من ان يشخص الاتجاه الذي يراه اكثروعيا، واكبر كفاءة، والاقدر على تجسيد الاسلام وقيادة الامة. فالانكفاء والحال هذه سيكون من مرجع الى مرجع، ومن اتجاه الى اتجاه في داخل الكيان الواحد، والمؤسسة الواحدة، والتستر على السلبيات والامراض اعظم مفسدة من طرحهاوالمبادرة الى معالجتها.

    وما يعتقده العوام من الناس في العلماء من (كرية واعتصام) تجعلهم فوق النقد، من الامور الخطيرة التي نبه اليها بعض الاعلام المعاصرين كالشهيد مرتضى المطهري، لان (الاسلام لا يقول بكرية احد ولا باعتصامه) بعد المعصومين چ.

    بيد ان ذلك كله لا ينفي التريث في اصدار الاحكام، وتوفير شروط البحث العلمي، واخلاقية النقد، حتى لا نظلم اساتذتناومراجعنا باسم (الشفافية) و(حرية النقد) و(عدم الكرية)! وقد اسهب المؤلف في توضيح هذا المعلم، الى حد الافراط، كما نرى، بحيث استغرق طرحه ما يربو على ثلاثين صحفة((316)) ! وما ذلك الا لحذره من ردود الافعال الخاطئة على الكثير من المعلومات، والوثائق، والحقائق التي تضمنتهاالموسوعة، والتي يمكن ان يتصف صاحبها بالشجاعة، او الجراة، بعد ان كانت مستورة لعقود من الزمن، فلا تذكر الابالكناية تارة، وبالايماء اخرى، وبالفراغات المنق طة بدل الاسماء تارة ثالثة! التحذير من المزايدات ولذا يحذر المؤلف من المزايدة عليه في حرصه على المؤسسة المرجعية، واخلاصه لها، وايمانه العميق بدورها وقيمتها،وضرورة تكريس مسؤولياتها الكبرى في قيادة الامة، وتسديدها، وترشيدها، وانها وعلى حد تعبير المرجع الشهيد نفسه (واجهة الاسلام في نظر الامة، وهي المعبر الشرعي عن الاسلام واحكامه ومفاهيمه وحلوله لمشاكل الحياة) ((317)) .

    وقد تضمنت الموسوعة اروع المحاضرات للمرجع الشهيد حول الحوزة العلمية، ودورها، وعظمتها، وضرورة اضطلاعهابمهامها الجسام ومسؤولياتها العظام.

    بيد ان هذا لا يمنع من ممارسة النقد، وتشخيص الاخطاء، وتحديد الاعراض والامراض، والسلبيات في مسيرتها، ولا سيمااذا كان ذلك من قبل ابنائها وعلمائها ومراجعها.

    من هنا، فان العديد من المراجع الاعلام المعاصرين قد مارس النقد، واكد على ضرورة تفعيله، وتوفير (الشفافية) في تناول الشخصيات التاريخية، ومناقشة آرائهم ومواقفهم من دون مبالغة اوستر للوقائع والحقائق، ولا سيما اذا كانت (الشفافية)ترفع الظلامة، وتكشف الحقيقة، وتشجب لا اخلاقية النقد.

    عرض موجز للكتاب يقع (الكتاب الموسوعة) في خمسة مجلدات كبيرة، تتضمن الاربعة الاولى منها عشرة فصول، فيما خصص الجزءالخامس للصور والوثائق، حيث تطالعك رسائل المرجع الشهيد بقلمه وخط يده الى تلامذته وطلابه المنتشرين في الاقطاروالبلدان.

    وقد اعتمد المؤلف كما ذكرنا المنهج الحولي الترتيبي ما عدا الفصل الرابع بيد ان ذلك لم يمنعه من ان يضع عنوانالكل فصل من الفصول العشرة.

    الفصل الاول: النسب والاسرة بحث فيه نسب السيد محمد باقر الصدر الذي ينتهي الى الامام على بن ابي طالب(ع) عن طريق الامام موسى الكاظم(ع)،بحيث يكون علي(ع) جده السابع والثلاثون. كما بحث تاريخ اسرة آل الصدر العريقة، علما وفضلا وادبا، المنتشرة في بلدان متعددة (لبنان، العراق، مكة المكرمة، ايران)، مع ترجمة لابرز شخصيات هذه الاسره الفذة، ابتداء من ابراهيم المرتضى ابن الامام موسى الكاظم(ع)، وانتهاء بوالده السيد حيدر الصدر ((318)) (رحمه اللّه) كما ترجم لاخواله اسرة آل ياسين العلمية العريقة، ثم مدخل تاريخي وسياسي ((319)) .

    الفصل الثاني: النشاة العلمية (1353 1375ه تضمن هذا الفصل ولادة السيد محمد باقر الصدر عام (1353ه) الموافق لسنة (1935م)، وولادة اخته آمنة (بنت الهدى)بعد سنتين، ووفاة والده حيدر الصدر عام (1356ه/1937م)، وعمره سنتان، والاحداث السياسية آنذاك، والتحاقة بالمدرسة الابتدائية (منتدى النشر)،ودراسته المقدمات في الحوزة، ثم السطوح (1365 1368ه)، وحضوره البحث الخارج (1369ه)، ومدى نبوغه المبكر وعبقريته التي مكنته من ان يصل الى درجة الاجتهاد والقدرة على استنباط الحكم الشرعي قبل مرحلة البلوغ! ثم الشروع في تدريس الكفاية عام (1375ه).

    الفصل الثالث: في ظل مرجعية السيد الحكيم (1376 1379ه) تناول الكتاب تلك الفترة وما فيها من احداث سياسية مهمة :

    بداية تشكيل حزب الدعوة الاسلامية عام (1376ه)،ووضعه (الاسس الاسلامية)، والشروع بتدريس البحث الخارج (الاصول) عام (1378ه)، وتاسيس جماعة العلماء،وكتابته للمنشورات السبعة في العام ذاته، والتي كانت تذاع من اذاعة بغداد زمن الرئيس عبد الكريم قاسم، وهي بيانات خالدة في تلك الفترة العصيبة، كان السيد الشهيد يشيد فيها بالزعيم ويستنهضه، حتى اعترض السيد محسن الحكيم على ذلك.

    فقيل له: هذا جواز مرور للاذاعة! ثم صدور كتاب (فلسفتنا) (1379ه)، ومجلة الاضواء، ومساهمته في كتابة (رسالتنا)، وهي افتتاحية لمجلة صدرت بنفس الاسم، وصدور كتاب (اقتصادنا) (1381ه). ثم زواجه عام (1381ه)، وانسحابه من حزب الدعوه عام(1382ه).

    وتضمن الجزء الثاني تكملة للفصل الثالث، وفيه: تاسيس كلية اصول الدين، ووصول الامام الخميني الى النجف عام 1385ه، وكتابة اطروحة البنك اللاربوي في الاسلام (1387ه)، وغيرها.

    الفصل الرابع: جوانب من شخصية السيد محمد باقر الصدر اعتمد المؤلف فيهذا الفصل الاتجاه الموضوعي وليس التجزيئي، كما ذكرنا سابقا، فذكر مقتطفات رائعة من احوال السيدالشهيد في: عبادته، وارتباطه باهل البيت چ، واخلاقه، ومطالعاته، وملبسه، وماكله، وعلاقته بطلاب درسه، وباسرته (والدته،زوجته، اولاده)، ووصف منزله، وشظف عيشه ((320))، حيث تنقل زوجته السيدة ام جعفر انه كان نادرا ما يخيط الملابس اويشتري، وكان يكتفي باقل شي، ويقول: (عجبا! كم جسدالي حتى اخيط واشتري ملابس متعددة؟) ((321)) .

    وتنقل ايضا انهابعد زواجها منه وجدت انه لا يملك الا (دشداشة) واحدة، فسالته: اين ملابسك؟ فاجاب بتلقائية: (لقد ارتديتها)، وكانت امه حاضرة، فقالت له: (الم اقل لك ان زوجتك سوف تتعجب من قلة ما تملكه من ملابس؟!) . ((322)) #اوصى احد الحجاج بسيارته للسيد، فلما استلمها، قال: لا استخدمها. وبعد شهر طلب من احد الاخوة ان يذهب لبيعها،فبيعت ب (500/3) دينار عراقي، ثم قام بتوزيع المبلغ على الطلبة ((323)) ! #وكان يقول: (لا ارضي بشراء الفواكه الغالية (الثمن) مهما كان المبرر، حتى لو كان ذلك من اجل الضيوف، ويجب ان ننتظرالى الوقت الذي يتمكن جميع الناس من شرائها) ((324))

    الفصل الخامس: المرحلة الانتقالية (1390 1394ه) عاد المؤلف الى العرض التجزيئي الحولي الترتيبي ليتحدت فيهذا الفصل عن اهم الاحداث لسنة 1390ه : وفاة المرجع السيد محسن الحكيم، اعلان علماء ايران عن مرجعية السيد الخميني.

    واحداث عام 1391ه : صدور كتاب الاسس المنطقية للاستقراء، استشهاد القيادي البارز في حزب الدعوة الاستاذ عبدالصاحب دخيل، صدور كتاب (بحوث في شرح العروة الوثقى)، تسفيرات الايام الستة.

    واحداث 1392ه : اعتقال كوادر حزب الدعوة، اعتقال السيد الصدر، زيارة زيد حيدر ممثلا عن السلطة، بدايات التصدي للمرجعية ((325)) . وفي الجزء الثالث تكملة الفصل الخامس، باحداث عام 1393ه : الفصل بين جهاز المرجعية والعمل الحزبي.

    عام 1394ه : الحرب مع الاكراد، التاكيد على فك ارتباط الحوزة عن حزب الدعوة، اعتقال الشيخ عارف البصري وصحبه(قبضة الهدى)، اعتقال السيدين محمود الهاشمي ومحمد صادق الصدر (الصدر الثاني)، اعدام الشهداء الخمسة، عارف وصحبه.

    الفصل السادس: المرجعية الرشيدة (1395 1398ه) عام 1395: محنة السيد الصدر في الحوزة، مباشرة كتابة الفتاوى الواضحة.

    عام 1396: اثارة الفتنة بين السيد الصدر والسيد الخوئي، صدور الفتاوى الواضحة، كتابة (موجز في اصول الدين).

    عام 1397: الجماهير تتحدى قرارات السلطة، الفراغ من كتابة الحلقة الثالثة في الاصول.

    عام 1398: اختفاء السيد الامام موسى الصدر، مغادرة الامام الخميني العراق الى باريس ((326)) .








  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,589

    افتراضي

    الفصل السابع: ايام الجمر واشهر الرماد (13991400ه احداث عام 1399ه : عودة الامام الخميني الى ايران، تاليف كتاب الاسلام يقود الحياة، توسيع التحرك بعد الانتصار،ضغوط السلطة الجائرة، تحريم الانتماء الى حزب البعث، محاضرات في التفسير الموضوعي، تحرك وفود البيعة، اعتقال السيد في (17) رجب، انطلاقة الانتفاضة، نداءات الصدر الثلاثة، فكرة القيادة النائبة ((327)) .

    هموم الدولة والدستور وفيهذا الجزء (الرابع) يتحدث الكتاب عن موقف المرجع الشهيد من الثورة الاسلامية في ايران وقائدها الامام الخميني،فقد وصفها كما جاء في رسائله الى تلامذته في ايران بالحلم الذي اصبح حقيقة، والفتح المبين، واللحظات الحاسمة، في الوقت الذي كان يشعر فيه بحاجة الثورة الى ان تصبح دولة لها دستورها الدائم ولها مؤسساتها، وكوادرها السياسية.

    ولهذا فقد بادر الى كتابة لمحة فقهية تمهيدية عن دستور الجمهورية)، كان يستهدف منها السيد الشهيد هدفين اساسيين، وقدذكر ذلك في مقطع من رسالته الى احد تلامذته في لبنان، في ربيع الاول لعام 1399هـ، يقول فيه:

    (وهذا الكتاب «لمحة فقهية عن مشروع دستور الجمهورية » الذي بادرت بكتابته وارساله اليك لطبعه، هو احد شواهد عدم التباطؤ، وكنت اريد به امرين:

    احدهما: انقاذ السيد من ورطة التحدي الفكري التي يواجهها والامر الاخر: اشعار السيد «الخميني »وكل الكيان باننا نواكب وضعه بتسديدهم وسد حاجاتهم) ((328)) .

    وقد دعا الامام الخميني، السيد الصدر لسد الفراغ الفكري في الدولة الفتية، وقد بعث له بقائمة (اشتملت على ما يقرب من ثلاثين او اربعين موضوعا) ((329)).

    وقد راينا مدى اهتمام السيد الشهيد بالدستور وانجازه لسد الثغرات الحاصلة جراء قيام الدولة التي لها متطلباتها المختلفة عن متطلبات الثورة.

    حيث كتب مقالا وارسله الى احد تلامذته يقول فيه: (انها لفرصة ثمينة لهذه الامة (الاسلامية) ان تجد بعد عناء جهيد وصبرطويل قيام تجربة اسلامية تحاول ان تستمد دستورها من مبادئ الاسلام فحسب، وفي ضوء ما يشرعه من انظمة وقوانين ومناهج كفيلة بان تضمن لانسانها في كافة شؤونه، وما يحتاج اليه في الحياة، العدالة والسعادة والرقي).

    (وهذه فرصة بقدر ما توجب الشعور لدى الواعين من ابناء الامة العارفين قيمة ايديولوجيتهم بالارتياح والنصر والعزة، تثيرفيهم من ناحية اخرى مخاوف خطيرة من جراء احتمالات فشل هذه التجربة وعدم نجاحها في تحقيق كل تلك الامال التي كانت تعيشها الامة وتنتظرها، ويقصد اليها المخلصون من ابنائها عبر صراعهم الفكري والايديولوجي مع الاتجاهات الاخرى المعاصرة).

    ثم يقول: (.. ذلك ان وضع دستور يستمد كل بنوده وفصوله من الاسلام بنحو يكفل تنظيم كل جوانب الحياة الانسانية المعاصرة، واشباع كل ما تتطلبه من حاجات على مستوى العصر ليس بالامر الهين اليسير، اذ الموسوعات الفقهية وكتب الفتاوى التقليدية كما تعلمون لا تتضمن ما يمكن فرضه مباشرة دستورا شاملا للدولة، ونظاما متكاملا لحياة الامة)((330)) .

    ويقول في فقرة اخرى من الرسالة ذاتها: (هنا لك تبرز الحاجة القصوى امام المتصدين لوضع صيغة دستورية اسلامية من هذا القبيل الى الاستعانة بمذاهب اسلامية لا تزال ابواب الاجتهاد مفتوحة عند فقهائها، ولا يزال يمارس اولئك الفقهاءعلاج المشاكل المستجدة والمعاصرة عن طريق استنباط حكمها الاسلامي من الكتاب والسنة مباشرة) ((331)) .

    نداءات الصدر الى الشعب العراقي اصدر المرجع الشهيد نداءاته الثلاثة الشهيرة الى الشعب العراقي سنة 1979م، وقد اعلن في النداء الثاني الصادر يوم 4/7/1979م الموافق 10/شعبان/1399هـ تصميمه على الشهادة، بقوله: (وانا اعلن لكم يا ابنائي اني قد صممت على الشهادة! ولعل هذا آخر ما تسمعونه مني، وان ابواب الجنة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء حتى يكتب اللّه لكم النصر).

    ودعا فيه ايضا الشعب العراقي الى ادامة الجهاد:
    (فعلى كل مسلم في العراق، وعلى كل مسلم في خارج العراق ان يعمل كل ما بوسعه ولو كلفه ذلك حياته من اجل ادامة الجهاد والنضال لازالة هذا الكابوس عن صدر العراق الحبيب وتحريره من العصابة اللانسانية، وتوفير حكم صالح فذشريف يقوم على اساس الاسلام) ((332)) واوضح في بيانه الثالث والاخير في نهاية شهر شعبان من عام 1399ه/ 1979م، حقيقة لم ندرك مغزاها الا حينما وقعت الفتنة اليوم في العراق باسم الطائفية، حيث يقول:

    (فانا معك يا اخي وولدي السني بقدر ما انا معك يا اخي وولدي الشيعي.. انا معكما بقدر ما انتما مع الاسلام...
    ان الطاغوت واولياءه يحاولون او يوحوا الى ابنائنا البررة من السنة ان المسالة مسالة شيعة وسنه ليفصلوا السنة عن معركتهم الحقيقية ضد العدو المشترك.
    واريد ان اقولها لكم يا ابناء على والحسين، وابناء ابي بكر وعمر:
    ان المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني..) ((333)).

    وقد ان قلبت المعادلة حيث يحاول اصحاب الفتنة ان يصوروا الى السنة اليوم في العراق بان الحكومة شيعية، وان الشيعة يريدون ابتلاع العراق، بل السيطرة على المنطقة باكملها، وهذا ما يقصدونه ب (الهلال الشيعي!).

    مساومات السلطة وفيهذا الفصل، عام 1399ه بدات ايام الحصار، وقد جاء العنوان (ايام الحصار، الفترة الثانية: المحنة والياس) ((334)).

    يستمر الحصار عام 1400ه ، وحتى اعتقال المرجع الشهيد الاخير، بعد ان رفض كل المساومات التى قدمها ممثل الطاغية صدام (موفد السلطة)، والتي ابتدات معه بالشروط الخمسة المعروفة:

    1- عدم تاييد الثورة الاسلامية في ايران.
    2- شجب وفود البيعة في رجب.
    3- اصدار فتوى خطية بحرمة الانتماء لحزب الدعوة الاسلامية.
    4- التخلي عن فتوى حرمة الانتماء لحزب البعث.
    5- اصدار بيان يؤيد السلطة ولو في بعض منجزاتها، كتاميم النفط، او الحكم الذاتي للاكراد، او محو الامية) فقال السيد الشهيد لموفد الطاغية صدام:

    واذا لم استجب لهذه المطالب.

    الاعدام.

    تفضل، انا الان مستعد للذهاب معك الى بغداد لتنفيذ حكم الاعدام) ((335)).

    الفصل الثامن: اصداء الشهادة وفيه: انباء عن اعتقال السيد الصدر، استشهاد السيد الصدر يوم 9/4/1980م، وليس من باب الصدفة ان يكون سقوط نظام الطاغية في اليوم ذاته 9/4/2003م، ولكن بعد (23) سنة! وقد نفذ الطاغية حكم الاعدام بالمرجع الشهيد الصدر من دون محكمة ولا محاكمة، ولسنا نعرف حتى اليوم من كان القاضي، او المدعي العام،او المحامي!! كما نفذ حكم الاعدام باخته العلوية آمنة الصدر (بنت الهدى)، ولا احد يعلم حتى اليوم بمكان جثتها الطاهرة!!

    الفصل التاسع: نقل الجثما يتحدث هذا الفصل عن قصة نقل جثمان المرجع الصدر مرتين من قبره الاول الذي دفن فيه عام 1980م، وذلك في سنة 1994م، وفي سنة 1997، خوفا من ان تخفي جثته السلطة الجائرة.

    وقد اندهش الشهود الذين حضروا النقلة الاولى حينما وجدوا الجثة محتفظة بطراوتها بعد مرور نحو (15) عاما على دفنها،وكانه دفن قريبا!! وكانت لحيته محترقا نصفها، ووجدوا ثقبا فوق حاجبه الايمن وقد حشي بالقطن، وثلاث طعنات في صدره.

    ولما نزعوا القطن الذي كان على جبهته فاذا بدم عبيط يتقاطر منه!! كما يروي لنا الكتاب قصة النقل الثاني سنة 1997م ((336)) .

    الفصل العاشر: الملحقات يتضمن هذا الفصل من الجزء الرابع ستة ملاحق:

    المحلق الاول: آثار السيد الصدر المحلق الثاني: ابرز طبعات كتبه المحلق الثالث: موسوعة (تراث الشهيد الصدر) المحلق الرابع: ما كتب عن السيد الصدر المحلق الخامس: تواريخ دروس الدورتين الاصوليتين المحلق السادس: تلامذة السيد الصدر ((337)) .

    كما يتضمن المصادر والمراجع، وقد بلغت (1732) مصدرا ومرجعا، الوثائق الخطية منها بلغت (575) وثيقة ((338)) .

    اما المجلد الخامس فقد خصص للصور، والوثائق، ووثائق الشهيدة بنت الهدى وقد بلغت الوثائق اكثر من (575) وثيقة مهمة وتاريخية! كل ذلك في (608) صفحة ((339)) .

    الشهيدة بنت الهدى.. رفيقة الدرب لم ينس المؤلف ان يتحدث عن العالمة والمربية آمنة الصدر رفيقة الدرب، التي ابت الا ان ترافق اخاها في مسيرته العلمية والجهادية اللاحبة، فلم تتزوج رغم كثرة الخاطبين وعلو شانهم، لانها ربطت حياتها بحياة اخيها، وهمومها بهمومه،ومصيرها بمصيره.
    سئلت ذات يوم: لماذا تمتنعين من الزواج؟ فقالت: (اني لو تزوجت فقد اسعد بتربية طفلين او ثلاثة، ولكني الان اكثر سعادة واشد فرحا وهياما، وانا ارى امامي هذه الافواج من الفتيات الطاهرات والنساء الصالحات، اذ وفقني اللّه لخدمتهن وتنشئتهن بما يرضي اللّه) ((340).

    ومع ذلك، فهي لم ترغب ان يعرف عنها ذلك حتى لا تتحول الى سنة عند المريدات والطالبات، ولذا حينما سالتها احدى النساء: علويه! انك لم تتزوجي لانك متفرعة للعمل اجابت العلوية الشهيدة بانفعال واضح: (انا لا ارضى بهذا الكلام الذي يقال عني، انا لم ارفض الزواج..).

    سالتها احدى المقربات اليها: ولكن لماذا هذا الانفعال؟ قالت: اخشى ان تكون بدعة، وتصبح سنة سيئة، بترك النساء الزواج بحجة التفرغ للعمل، والحال انه لا يوجد تضاد بين الزواج والعمل).

    ونقرا في احدى رسائلها لاحدى صديقاتها تحثها فيه على الهجرة من العراق والالتحاق بزوجها: (اذهبي وانت سعيدة قريرة العين، فان اثمن شي في حياة الزوجة هو ان يجتمع شملها في حياة سعيدة هانئة آمنه تركن فيها الى كنف زوج فاضل،وتعطف خلالها على اطفال اعزاء، وتجعل من بيتها جنة صغيرة. نعم، اذهبي راضية قانعة ، فان المراة المؤمنة العاقلة تتمكن ان تكيف نفسها وفقا لما تتطلبه الاحوال، فتنسجم مع كل وضع، وتتلاءم مع كل اسلوب في الحياة) ((341)) .

    لقد تضمن الجزء الخامس من الكتاب عددا من الرسائل الخطية للعالمة الشهيدة بنت الهدى الى بعض صديقاتها، نتلمس فيها الهموم الرسالية الكبيرة، والعواطف الجياشة، والادب الرفيع.
    ومما جاء في احدى رسائلها:

    (عزيزتي، لقد كنا نشترك في المعاناة، وتحمل الالام، ولكن على اختلاف في انواعها، والحمد اللّه الذي جعلنا من القوم الممتحنين في مسرح الحياة)((342)).

    ونقرا الهموم الرسالية ضمن رسالتها الى احدى صديقاتها في لبنان والتي كانت معها في النجف:

    (ارجو من اللّه ان يمكنك من استعمال قوة شخصيتك وصدق عقيدتك في لبنان ايضا، فتدعين الى فكرتك المثلى ولو في نطاق خاص وعلى نحو مخفف، فاني لاعلم ان الافكار التي نعتنقها هنا في النجف، لا مجال لها في لبنان، ولا يمكن لاحدان يرددها على اسماع فتيات بيروت. ولكن لا باس من اعطائهن فكرة عامة عن امور رئيسة في الدين، كمقدرة الاسلام على الحكم في كل عصر ومصر، وكاثبات ان دين الاسلام دين التحرر من قيود الجاهلية، ودين العزة والمساواة، ونفي الفكرة الماخوذة عنه من انه دين رجعي) ((343)) نظرات نقدية يعد الكتاب اول موسوعة تؤرخ حياة المرجع الشهيد محمد باقر الصدر+، مسيرة وسيرة، من ولادته وحتى شهادته (19351980م). وتحكي القصة الكاملة لحياة مرجع عبقري فذ قد سبق زمانه، وتقدم اقرانه، بكل آلامها وآمالها، همومهاوتطلعاتها، تلك الحياة الحافلة بالجد والاجتهاد، والزهد والرشاد، المفعمة بالتضحية والعطاء، والاباء والمضاء، والباساء والضراء.

    لقد استفاد الشيخ المؤلف احمد ابو زيد حفظه اللّه من جميع ما الف وكتب، وقيل وروي، عن طريق اساتذة المرجع الشهيد ورفاقه، وتلامذته وطلابه، والمؤرخين لحياته، والمطلعين على اسراره وحالاته، والدارسين لافكاره وطروحاته،واخيرا عائلته الكريمة (الزوجة والاولاد) التي تعلم من اسرار حياته، وخفايا سلوكه ما لا يعلمه الا اللّه. تلك العائلة المجاهدة الممتحنة، التي انجاها اللّه من براثن الطاغية، وحصاره الرهيب، ومكره وكيده، وان خرجت جريحة كليمة، مهيضة الجناح، مكسورة الخاطر، متمزقة الاشلاء، بيد انها لا تزال وستبقى باذن اللّه منيعة عزيزة، صابرة محتسبة، تشكو الى اللّه تعالى جور الابعدين، وخذلان الاقربين، ترتل: (انما اشكو بثي وحزني الى اللّه)، وتردد: (ما رايت الا جميلا)! لقد جاء (الكتاب الموسوعة) ثمرة خمس سنوات من البحث والاستقصاء، والكتابة والاحصاء، واللقاءات والحوارات،والتهاتف والاتصالات، موظفا ما قرره الطلبة المجتهدون، وجمعه الباحثون المحققون، وسجله ورواه المؤرخون المطلعون،محققا ومدققا، مقارنا وموازنا، مستقربا ومستبعدا، في ضوء ما توفر لديه من اخبار ومعلومات وحقائق ووثائق، بحذرونباهة وذكاء مستعينا بالهوامش الطويلة والمتوسطة، التي تعتبر من معالم الموسوعة البارزة ولا سيما في القضايا الحساسة،والامور المهمة، التي تعد انعطافات في مسيرة المرجع الشهيد وسيرته، كقضية تاسيس الحركة الاسلامية المعاصرة،وعلاقته معها، ومواكبته لها ((344)) ، ودوره في جماعة العلماء وكتابته لمنشوراتها السبعة ((345)) ، وموقفه من الثورة الاسلامية في ايران وقائدها، ووفود البيعة، ومشروع القيادة النائبة ((346)) ، وشروعه بدرس البحث الخارج ((347)) ،والحكم بالفصل بين الحوزة والعمل الحزبي ، وعلاقته بمرجعية السيد الخوئي ((349)) ، ((348)) ومرجعية السيد محسن الحكيم ((350)) ، وتصديه للمرجعية . ((351)) لا نريد فيهذا (النقد) ان نذكر الايجابيات ومعالم الكتاب، وان كان النقد يتضمن ذلك، بيد اننا قد تحدثنا عنهما من خلال استعراضنا للمقدمة التي وفرت علينا كما اشرنا جهد اكتشاف المنهج والاسلوب. لذا، نسجل بعض (السلبيات)، التي قدينظر لبعضها من منظور آخر بانها ايجابيات وحسنات.

    ولعل من اهمها:

    اولا: تدوين الاحداث والوقائع والمعلومات في كثير من الاحيان بصورة متجزئة متفاصلة، تجعل القارئ ينتقل من حدث الى آخر لا علاقة له به، لا من قريب ولا من بعيد، لانه يشترك معه في وعاء الزمن، كما تجعل فصول الموضوع الواحد متباعدة واحداثه متناترة، لانها وقعت في تواريخ مختلفة. حيث نجد مثلا في صفحة واحدة الامور التالية:معاهدة الجزائر بين العراق وايران، بلوغ بحث (المفاهيم)، وفود الحاج عباس، مشكلة المياة بين العراق وسورية ((352))! وقد نبه المؤرخ الى هذه (السلبية) التي فرضها عليه المنهج المختار، الحولي الترتيبي الذي يتناول الاحداث بحسب السنين العمرية للمرجع الشهيد، واعتبر ذلك ضروريا كخطوة اولى لقراءة الاحداث ضمن سياقاتها، والوقائع حسب ظروفهاوملابساتها، تتبعها بعد ذلك خطوات اخرى قادمة باذن اللّه، تعتمد المنهج الموضوعي في تناول الاحداث والوقائع،وتوفر للباحثين موضوعيا الجهد والوقت، من خلال سيرة جاهزة، ومسيرة حاضرة. وذلك شبيه بما طرحه المؤرخ له(المرجع الشهيد) في اعتبار التفسير الموضوعي (خطوة متقدمة) على التفسير التجزيئي.

    وقد يضطر المؤلف من اجل توضيح الصورة كاملة غير مجزاة فيلجا الى المنهج الموضوعي، كما فعل ذلك في الفصل الرابع الذي جاء بعنوان: جوانب من شخصيته ((353)) ، والموقف من علي شريعتي ((354)) ، والموقف من عمائم السوء((355)) ، والتصدي للمرجعية ((356)) ، وغيرها.

    نتمنى من الاخ المؤلف ان يقوم هو بنفسه في طرح الموضوعات والاحداث بشكل موضوعي، لتكتمل الصورة بابعادهاالمختلفة في الموضوع الواحد، ولا سيما في القضايا المهمة والحيوية، كالحوزة العلمية وتطورها، والدولة ونظريتها، والحزب الاسلامي ودوره..

    ثانيا: عدم دقة الناقلين (الرواة) الذين شكلوا مصدرا اساسيا من مصادر الموسوعة، واخذت كلماتهم حيزا كبيرا، ولا سيمااذا كان الناقل (الراوي) يحدثنا عن معلومة لم يسمعها احد غيره من فم المرجع الشهيد، او يكون الناقل يتحدث عن نفسه،او جماعته، وما جاء من مدح بحقهما.

    واسباب عدم الدقة كثيرة ومتعددة، قصورا او تقصيرا، لان الانسان مهما كان ثقة في نقله فانه معرض للسهو والنسيان،والزيادة والنقصان، وبذلك يصل الحدث مشوها، وقد يؤثر حذف كلمة (قيد او شرط او صفة) على الخبر فتغير من معناه ومغزاه.

    وقد تلعب العواطف والمشاعر دورها في تشويه النقل من خلال اخطر اسلوبين اعلاميين حذر منهما القرآن الكريم ، وهما اسلوب التضليل واسلوب التعتيم:

    (... لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون) (آل عمران: 71).

    (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وانتم تعلمون) (البقرة: 42).

    فقد جاءت الاية الاولى باسلوب السؤال الاستنكاري التعجبي، فيما جاءت الاية الثانية باسلوب النهي.
    وهكذا تطمس الكثير من المعالم والحقائق التاريخية، وتحرف الاحداث والوقائع.

    وقد نبه المؤلف الى هذه السلبية، واعطاها مبررين واقعيين:

    1- قد يكون المتحدث (الرواي) هو الوحيد الذي سمع من السيد الشهيد لظروف عديدة واقعية وموضوعية، فان (طبيعة موقع الشخص قد تجعله الوحيد القادر على الادلاء بشهادات من هذا القبيل)، كما هو الحال في فترة الحجز وغيرها من الامور التي انفرد بالاطلاع عليها شخص واحد بحكم الظروف والملابسات وطبيعة العلاقات وسريتها.

    2- التفريق بين (النقل) و(التبني)، فانه كما يرى المؤلف (لا ملازمة بين اسناد المعلومة وبين الاعتماد عليها، ولذلك لم اتردد في ممارسة هذه العملية (عملية التقويم ونقد المتون المروية)، حيث قمت بمناقشة ومحاكمة بعض الامور التي ظهرلي عدم دقتها بتشذيبها دون ان اهمل ذكرها، اذ ربما افادت غيري. واذا وقع تعارض بين مجموعة من الاقوال كنت اعمدالى ترجيح بعضها على البعض الاخر وفق القرائن والمعطيات المتوفرة) ((357)) .

    ويؤكد التفريق بين ما يذكره وما يتبناه، بقوله: (فما اثبته في الكتاب لا يعني اكثر من اني ارويه، الا حيث انص على ذلك)((358)) .

    وقد اشار الى عدد من المحاذير في المقدمة:

    1- تجريد الحدث عن قرائنه.
    2- نقل الراوي حدسه لا ما يقع تحت حسه.
    3- مل الفراغ لمختزنات الحاضر.
    4- شهادة الكلي ونقل الجزئي.
    5- التسرع في التعميم الاستقرائي.
    6- دخالة الراوي في رسم الحدث التاريخي ((359)) .

    ثالثا: وجود العديد من الاخطاء المطبعية في الكتاب وليس النحوية وكان ينبغي تلافيها بالاستعانة بمصححين ومراجعين.

    يعترف المؤلف بوجود هذه الاخطاء المطبعية والفنية في مقدمة الكتاب، ويعزو ذلك الى انه (قد عمد الى تصحيح الكتاب من خلال جهاز (الكمبيوتر)، لا من خلال الاوراق، الامر الذي يؤدي. بطبيعته الى وجود عدد لا باس به من الاخطاءالمطبعية)، كما يعترف بان (من الخطا تصدي المؤلف نفسه لتصحيح ما كتب، لان الاخطاء تكون مختزنة في ذهنه بنحويغفل عنها اذا تعثر بها) ((360)) .

    ويقول في موضع آخر: (لقد قمت بتنضيد الكتاب وتصحيحه ومراجعته واخراجه بنفسي، ولما بلغت مرحلة الارهاق النفسي والجسدي نتيجة العمل المتواصل، اعانني الاخ الشيخ احمد عمار) ((361)) .

    ونحن اذ نبارك للاخ المؤلف هذه الجهود الرائعة، والمباركة، وهذا العزم الكبير، والاصرار على انجاز هذه الموسوعة القيمة لوحده، كما نقدر له هذه الاعترافات على الاخطاء المتوقعة، بيد ان ذلك لا يجعلنا بمناى عن (العتاب) بعدم الاستعانة بخرين لتصحيح النصوص وتخليصها من اخطائها المطبعية والفنية.

    الا يحق لنا ان نسال: لماذا لم يستعن الاخ المؤلف بمصححين ومخرجين ومدققين، لتلافي (الكتاب الموسوعة) العديد من الاخطاء؟ من اعترافه ايضا ب (ضيق الوقت) الذي لم (يسمح لي فعلا بتصحيحه بشكل متان واخراجه بشكل متقن) ! ((362)) لو كان هناك مساعدون لتوفرت لهذا الكتاب القيم درجة اعلى من الكمال والجمال، حتى لا تكتب (العذرية) بدلا من المعذرية (ج 1 ص 294)، و(نقنى) بدلا نفنى (ج 1 ص 330)، و(الاحول) بدلا من الاحوال (ج 1 ص 333)، وحتى لا تتحول(الاحاطة) الى (الاحاظة) (ج 1 ص 382)، و (السلوك) الى (السلكوك) (ج 2 ص 63)، و(المباحات) الى (المناجاة) (ج 2ص 62)، و(نقطة) الى (نقظة) (ج 4 ص 217)، و(رجال الامن) الى (رجال المن) (ج 4 ص 341). وحتى لا تمتزج بعض الكلمات، كما في (رميا بالرصاصو لم يتم) اي: رميا بالرصاص ولم يتم (ج 4 ص 203)، او في (يدر سهمكتاب المعارف)اي: يدرسهم كتاب المعارف (ج 2 ص 306). وحتى لا نجد سطرا كهذا: (ولكن الى م ح؟! الى م ح تستمر فترة الانتقال)(ج 4 ص 193)، وغير ذلك من الاخطاء المطبعية والفنية، التي كنا نتمنى ان لا نعثر عليها في مثل هذه الموسوعة الرائعة.

    بيد ان هذه الاخطاء قليلة على كثرتها، نسبة الى ضخامة الكتاب وعدد كلماته التي تربو على (المليون) كلمة على اقل التقادير.

    واخيرا وليس آخرا نسال اللّه تعالى ان يوفق المؤلف المؤرخ الى تلافي الاخطاء المطبعية والفنية في الطبعات المقبلة للكتاب، واضافة ما فاته من وثائق وحقائق ومعلومات، كما نساله تعالى ان تكون هذه الجهود المباركة التي بذلها في هذا(الكتاب الموسوعة) صدقة جارية في الحياة الدنيا، وذخرا وزادا في الاخرة (يوم لا ينفع مال ولا بنون # الا من اتى اللّهبقلب سليم) (الشعراء: 88 89).





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,589

    افتراضي

    للرفع ..بمناسبة ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر "رض" الـ 34 .





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني