هل يعني قبول الذات قبول كل نقاط الضعف لدينا وكل عاداتنا السلبية التي تراكمت عبر السنين دون ان نقوم بجهد للتقليل منها ما امكننا ذلك؟ هل يعني قبول الذات القبول بسلوكنا ومواقفنا واسلوبنا في الحياة دون ان نسعى الى تعديلها او تحسينها؟ بالطبع لا. ان هذا النوع من القبول هو استسلام وتكاسل ودعوة الى الابقاء على كل شيء كما هو.

هذا النوع من القبول قد يجعلنا نشعر براحة اكبر وقد يخفف من احساسنا بالذنب. ولكنه لا يسهم في تحقيق تقدم وتطوير الى ما هو افضل.

ويبدو ان قبول الذات مفهوم ليس واضحا في اذهان الكثيرين من الناس. لا ريب في ان قبولك لذاتك على ما انت عليه هو الخطوة الاولى التي تساعدك على التعرف الى النقاط الحسنة والنقاط السيئة في شخصيتك. ويمكن ان تخفف احساسك بعدم القيمة، واحساسك بعدم الرضا، واحساسك بالتعاسة.

ولكن قبول الذات لا يعني ان تقبل بما لديك من نقاط سلبية دون ان تفعل شيئا ازاءها وكأنها قدر محتوم لا مفر منه. ولا يعني ان تقبل حياتك بكل ما فيها من سمات تعكر صفوك وتعرقل قدرتك على التقدم والاستمتاع بالحياة.

الخطوة الاولى لقبول ذاتك هي ان تفهم سلوكك وعاداتك وشخصيتك وان تكون شجاعا بما فيه الكفاية ان تنظر الى نفسك بعين ثاقبة ذكية. وعندما تتخذ هذه الخطوة الاولى تضع نفسك على بداية الطريق لتحسين نفسك. وهذه الخطوة لا تعني وضع اعذار من قبيل: هذا انا. انا اقبل نفسي كما انا. أنا اقبل شخصيتي وفشلي وعيوبي. وليس بامكاني ان اعمل شيئا لاصلاحها.

معرفة نفسك تقدم لك امكانية ان تفهم شخصيتك وعاداتك، وتقنعك بضرورة الاقلاع عن مقارنة نفسك مع الاخرين، وتفتح لك الطريق لتتبين نقاط القوة فيك ونقاط الضعف ايضا. وفوق كل شيء، معرفة نفسك تقدم لك الفرصة لتحسين نفسك وتحسين حياتك.

والتحسين هنا يتطلب تطوير قوة ارادتك. وقوة الارادة هي القدرة على التغلب على التكاسل والتسويف. وهي القدرة على السيطرة على النزعات غير الضرورية والمؤذية. وهي القدرة على التوصل الى قرار سليم والمثابرة على تنفيذه الى ان يتحقق الهدف المطلوب. وهي القدرة النفسية على التغلب على العادات السيئة والقدرة على التغلب على المقاومة النفسية والعقلية لتحقيق عمل مفيد. قوة الارادة هي اساس من اسس النجاح روحيا وماديا.

ويسير جنبا الى جنب مع قوة الارادة الانضباط الذاتي، وهو القدرة على المثابرة على عمل تجده مفيدا. والانضباط الذاتي هو القدرة على مواجهة مصاعب الحياة سواء كانت بدنية او نفسية او عقلية. وهو القدرة على رفض الملذات الانية من اجل مكاسب ابعد مدى واكثر اهمية يتطلب الفوز بها بذل جهد ووقت.

وكثيرا ما يحول التكاسل او الخجل او الضعف بيننا وبين ما نريد عمله. ان بامكاننا ان نحقق قوة ذاتية داخلية وان نطور قدرة على اتخاذ المبادرة. وليس من المتعذر ان نطور قوة الارادة والانضباط الذاتي اذا كنا نريد ذلك بالفعل.

ونحن بحاجة الى كلا القوتين معا للسيطرة على افكارنا وعواطفنا وابداننا. وعندما نسيطر على عقولنا بامكاننا ان نستمتع بالسلام والسعادة. وفي هذه الحالة فان الاحداث التي تجري حولنا لا يمكن ان تنال من قدرتنا على التركيز ومواصلة الطريق. وقد يبدو هذا غير حقيقي في الوهلة الاولى، ولكن الخبرة ستثبت لك انه حقيقي.

هذه القدرات على جانب كبير من الاهمية لبناء النفس وبناء الروح. وبها نسيطر على حياتنا اليومية وهي تساعدنا في تحسين نوعية حياتنا. وهي المفتاح لكل نجاح.

وفي ما يلي بعض التمارين الاولية لتطوير قوة الارادة والانضباط:

*تعود الى البيت من العمل وانت متعب. تجلس امام التلفزيون وتشعر بالكسل بحيث لا تذهب الى الحمام لتغتسل. اتخذ قرارا بان تنهض وتذهب الى الحمام لتغتسل. ونفذ القرار دون تردد.

*في المطبخ اكوام من الاطباق الوسخة التي تنتظر من ينظفها. ولكنك تؤجل غسلها يوما او يومين وربما اكثر. انهض الان واذهب الى المطبخ واغسل الاطباق. بهذا تطور قوة ارادتك وقوة انضباطك. واذا كنت مقتنعا باهمية قوة الارادة وقوة الانضباط فانك ستجد من الاسهل القيام بما يجب القيام به من عمل.

*انت تعلم ان جسمك بحاجة الى بعض التمارين الرياضية، ولكن الكسل والتأجيل يحولان دون ذلك. انت تفضل مشاهدة التلفزيون. انهض وسر في الشارع او مارس بعض التمارين الرياضية.

*انت تحب القهوة بثلاث ملاعق من السكر. قرر ان تشرب قهوتك بلا سكر لمدة اسبوع. اذا كنت تشرب ثلاثة فناجين من القهوة كل يوم، جرب ان تشرب فنجانا واحدا. ان لم يكن من أجل أي شيء آخر فمن اجل هذا التمرين!

*عندما تريد احيانا ان تقول شيئا غير مهم او غير ضروري او غير ايجابي، جرب ان لا تقوله. اتخذ قرارا بذلك. ونفذ القرار.

*جرب ان تتغلب على كسلك. جرب ان تقنع نفسك باهمية ما تريد ان تفعله. جرب ان تقنع عقلك بانك تكسب قوة داخلية عندما تتخذ قرارا ذكيا وتعمل على تنفيذه.

What is Self -Acceptance
Dr Ziad Hakim
[email protected]