177 ألف مواطن ومواطنة مؤهلون ولكنهم لا يتزوجون



الزواج المؤجل (!)

الكويت ـ محمود المشوادي


لقطة من حفل زواج جماعي في الكويت

يشير تقرير المجموعة الإحصائية السنوية للعام 2002، وقد أًصدره قطاع الإحصاء والمعلومات في وزارة التخطيط، إلى أن عدد المواطنين الذين لم يتزوجوا بلغ 94 ألفاً وعدد المواطنات اللاتي لم يتزوجن بلغ 83 ألفاً فيكون المجموع: 177 ألفاً، ولهذا الرقم أكثر من دلالة أبرزها ارتفاع معدل سن الزواج، لماذا؟

يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت الدكتور يعقوب الكندري: المجتمع الكويتي مر بعملية تغير اجتماعي وثقافي سريعة، انعكست على الصعيدين المادي وغير المادي، ومن أبرز عوامل ارتفاع معدل سن الزواج في الكويت التعليم، فقد أصبح الشاب والفتاة مهتمين بإكمال تعليمهما لتحقيق الاستقرار النفسي، كذلك هناك دور الاعتماد على الأسرة الصغيرة اليوم، الأمر الذي لم يكن كذلك قبل عشر سنوات، حيث كانت الأسرة الممتدة تكفل تلبية الحاجات المادية والثقافية لأبنائها وبناتها، فكانوا يعتمدون عليها، ولم يكن الفرد يملك حق تقرير مصيره بالزواج، فمتى رأت الأسرة ضرورة لتزويج أبنائها فعلت ذلك في سن مبكرة.

كان الزواج علاقة بين الأسرتين، أما اليوم ونتيجة للتعليم أصبح هناك نوع من الفردية في الاختيار، بلجوء الطرفين إلى إثبات الذات، أصبح الرجل قادراً على اختيار شريكة حياته من محيط العمل أو الجامعة حيث الاختلاط بالآخرين، وفي الماضي كان الرجل يعتمد على أسرته في الحصول على المال ليتزوج، أما اليوم فيفترض في المقدم على الزواج أن يكون قادراً مادياً ومنتجاً.


د. عيسى البلهان
د. يعقوب الكندري
د. يوسف الفيلكاوي
أحمد باقر الكندري


كان معدل السن أقل

لقد ارتفع معدل سن الزواج في الكويت وأصبح هذا المعدل عند الرجال بين سن 23 و 25 عاماً، وعلى رغم أنه ليس لدينا معيار يحدد بدقة سن الزواج خلال السنوات العشر، أو العشرين الماضية، إلا أن معدل سن الزواج كان أقل بنحو 5 سنوات تقريباً.

إننا لا نستطيع تحديد السن الأنسب للزواج والمعيار هو القدرة على الإنفاق وتكوين أسرة.

مخاوف وتوفر الإشباع الجنسي

أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتوى عيسى البلهان: إن متطلبات الحياة اختلفت، وصار من الضروري أن يكمل الشاب تعليمه الجامعي ويملك القدرة المادية على الزواج، والقدرة اليوم ليست مثلما كانت في الماضي حيث كان الزوج وزوجته يعيشان في غرفة داخل بيت والده.

لقد أدى الاستقلال بالسكن إلى زيادة تكاليف الزواج، فالرجل يقول لنفسه «لماذا أتزوج الآن، أريد أن انتظر في ظل الإغراءات المتعددة التي وصلت إلى حد الإشباع الجنسي» ولذلك ينتظر البعض إلى سن الثلاثين.

وهناك خوف الرجل من المرأة، حيث يخشى أن زوجته غير مسؤولة عن بناء البيت، إضافة إلى الخوف من الطلاق المبكر الذي وصلت نسبته «في السنة الأولى من الزواج» إلى 40 في المئة من عدد الزيجات، أضف إلى ذلك تدخل الأهل والخوف من تراكم الديون التي تصاحب الزواج... كل ذلك رفع معدل سن الزواج عند الرجل ليصل إلى 27 عاماً بعد أن كان 23 عاماً في السنوات العشر الماضية.

أما المرأة، فإن السبب الأول في تأخر زواجها هو الخوف من الارتباط بالرجل، فهي تقول: «أنا موجودة في بيت أهلي وعندي سيارة وغرفة وكل حاجياتي، فلماذا أتزوج برجل قد يأمرني لأفعل مايريد، أنا في بيت أهلي أتمتع بحريتي...».

ولولا الضغوط الاجتماعية والرغبة الجنسية لما أقدمت الكثيرات على الزواج، كل هذه الأسباب أدت إلى رفع سن زواج الفتاة من 17 عاماً إلى 23 عاماً.

الالتزامات المادية

رئيس مكتب الاستشارات والتدريب في كلية الآداب في جامعة الكويت الدكتور يوسف الفيلكاوي يقول: إن الرجل يخشى الارتباط بالمرأة قبل أن يسافر ويرى الدنيا، أما في الماضي فلم يكن السفر رفاهية كما هو الآن، ولذلك فإن خوف الرجل أن يحرم من أشياء لم يرها أو لم يعرفها أثر في ارتفاع معدل سن الزواج.

وفي الكثير من الأحيان نجد أن الأسرة وراء تأخير زواج الفتاة وذلك بغرس أفكار خاطئة في عقلها، كأن تقول لها «إذا تزوجت احتفظي براتبك لك»، فمثل هذا الأسلوب له تأثيراته السلبية على الحياة الزوجية، والرجل يخشى الالتزامات المادية التي تأتي مع الزواج فقد لا يستطيع شراء سيارة وقد لا يستطيع السفر إذا تزوج والعلاقات بين الجنسين قبل الزواج أدت إلى تردد الطرفين في الزواج خشية أن يكون لأحد الطرفين علاقة سابقة فاشلة.

قبل عشر سنوات كان الرجل يتزوج عندما يصل عمره إلى 22 عاماً وفق أقصى تقدير، وكانت الفتاة تتزوج في سن 17 عاماً، أما اليوم فقد ارتفع معد سن الزواج عند الرجل إلى 27 ـ 28 عاماً وعند الفتاة إلى 25 ـ 27 عاماً، وهذا الارتفاع له تأثيره السلبي على الطرفين وعلى المجتمع.

40 ألف عانس

ويقول مدير لجنة زكاة العثمان أحمد باقر الكندري: إن لجنة الزواج التي تم تشكيلها في نهاية عام 1996، بهدف التقليل من نسبة العنوسة والتوفيق بين الطرفين من المتقدمين للزواج وحسن اختيار الزوجة الصالحة ونشر المفاهيم الشرعية بالنسبة للزواج، كانت بمثابة الدافع القوي للقضاء على مشكلة العنوسة في الكويت التي أخذت تتزايد في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد العوانس نحو 04 ألف عانس وهذا مؤشر خطير ينبغي أن يكون أول اهتمامات العمل الخيري في الكويت.

اللجنة تستقبل طلبات الراغبين والراغبات في الزواج عن طريق ملء نموذج طلب الزواج والذي يتضمن الاسم والعمل والمؤهل العلمي والتدين والعنوان وغير ذلك من المعلومات التي تفيد الطرف الآخر، وقد استرشدنا قبل إصدار هذا النموذج باختصاصيين واستشاريين في شؤون الأسرة والزواج وكذلك بعلماء نفس في مكتب الإنماء الاجتماعي بالديوان الأميري، وعلى المتقدم للزواج أن يقابل مسؤول الزواج في قسم الرجال وكذلك المتقدمة مقابلة مسؤولة قسم النساء.

إن من أهم أسباب ارتفاع معدلات سن الزواج وظهور مشكلة العنوسة غلاء المهور والتكاليف المادية التي تفرضها التقاليد والأعراف في إعداد بيت الزوجية، وخصوصاً ليلة البناء، والتي تبقي الزوج مديناً إلى فترة طويلة قد تصل إلى سنوات، بالإضافة إلى سهولة الزواج من غير الكويتيات من حيث المهر وليلة البناء والوليمة، الغلو في شرط الكفاءة الذي يحمل الشباب أن يولي وجهه إلى الاقتران بغير الكويتية، وعدم التفكير في الزواج إلا بعد التخرج مع طول سنوات الدراسة، الابتذال في اللباس والزينة، وشيوع تقليد عدم الزواج لمن لديه امرأة أخرى لحاجة في نفس يعقوب.

إن لجنة الزواج تشترط أن يتقدم إليها الرجل أو المرأة التي تطلب الزواج شخصياً مع إحضار البطاقة المدنية للتثبت من شخصية المتقدم وكذلك صورة شخصية وصورة عن البطاقة المدنية وهذه الصورة لن تكون للعرض لأننا حريصون كل الحرص على السرية التامة، ولا تشترط اللجنة وجود سن معين فهي تستقبل جميع الأعمار من البنات والشباب وكذلك تستقبل الأعزب والأرمل والمطلق ولا تستقبل المتزوج.

إن مهمة اللجنة هي البحث عن صاحب الدين والخلق وكذلك صاحبة الدين والخلق، ثم السعي للتقريب بينهما، فإذا تمت الموافقة المبدئية من كلا الطرفين يأتي دور الأسرتين للبحث والتحري عن الطرف الآخر، وقد خطت اللجنة خطوات فعلية حيث بلغ عدد الزيجات حتى 2003/8/2 (506) زيجة، وبلغ عدد المتقدمين (1680) متقدماً وبلغ عدد المتقدمات للزواج (1240) متقدمة.