خبراء: الدينار مرفوع بعكاز وعلى المركزي تغيير سياسته









القى خبراء في الاقتصاد العراقي باللائمة على البنك المركزي كون سياسته "الانكماشية" ادت الى تعطيل التنمية، فيما ادى اعتماده على مزاد الدولار منح سعر صرف "غير حقيقي" للدولار مقابل قيمة "مرفوعة بعكاز" للدينار، داعين المركزي لتغيير سياسته النقدية.



وقال المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عبد الحسين العنبكي ان "سياسة البنك المركزي النقدية المتمثلة بسحب السيولة من السوق ادت الى تعطيل التنمية الكلية في البلد" حيث يتبنى المركزي "رؤية مفادها ان التضخم في العراق نقدي الا ان الواقع يعكس فرضية اخرى تتمثل في كون التضخم لدينا حقيقي نابع من الخلل الهيكلي وقلة الاستثمار الذي حدت عملية سحب السيولة برفع اسعار الفائدة منه".


واضاف العنبكي ان البنك المركزي "منذ اكثر من ثلاث سنوات يمارس سياسة انكماشية دون ان نحصل على نتائج ايجابية مما يؤكد ان التضخم ليس نقديا"، لافتا إلى أن "ان سعر الصرف هو ليس سعر حقيقي بسبب تبني المركزي سياسة دعم سعر الصرف من خلال مزاد الدولار، بمعنى ان الدينار مرفوع بعكاز ولا يعكس القوة الحقيقية من قبل البنك المركزي".


وتابع بالقول ان سعر الصرف "لو كان حقيقيا لحصلنا على سلع وخدمات اكثر بما لدينا من نقود، حيث انفصل سعر صرف الدينار عن التضخم".

وأشار العنبكي إلى ان معالجة ارتفاع الاسعار بالعراق"لاتكمن من خلال علاجات نقدية انما عن طريق اجراءات حقيقية" بمعنى ان "هناك مشكلة في العرض لا تعالج الا من خلال زيادة الانتاج المحلي فالاستقرار المالي والنقدي لاياتي من خلال النقد فحسب، يجب ان يكون هناك انفاق على الاستثمار".


وعن البدائل المتاحة لسياسة البنك المركزي يقول مستشار رئيس الوزراء انها "تكمن في تبني سياسة مالية توسعية مدعومة بسياسة نقدية توسعية ايضا لبناء البنى التحتية ودفع التنمية الى امام، ولا اعتقد ان الاقتصاد يحتاج الى استقرار نقدي فحسب اذ ما فائدته في مستوى متخلف من التنمية".


وأردف قائلا ان ارتفاع المستوى العام للأسعار "لا يمكن ان ينظر اليه عن طريق انخفاض سعر صرف الدولار فحسب فالمواطن لايملك تفاصيل هذه العملية وهو يرى تناقض بين الحالة اذ توقع ان يرى اسعارا منخفضة للسلع تتناسب مع نسبة الانخفاض بسعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي".


وزاد أن "(المواطن) يجب ان ينظر الى العملية من كل جوانبها لان كلف الاستيراد زادت من امن ونقل وكهرباء وهي كلها تنعكس سلبا على اسعار السلع فترفع منها بدل ان يحصل العكس".







بدوره، راى الباحث الاقتصادي عبد الجبار الحلفي ان هناك اسبابا كثيرة تقف وراء العلاقة العكسية التي تربط بين انخفاض سعر الدولار وارتفاع الاسعار في السوق.

وقال لـ(اصوات العراق) ان "التضارب بين السياستين المالية والنقدية للبنك يعتبر احد المسببات لارتباط الحالة عكسيا وليس طرديا كما يفترض ان تكون" حيث "تضخ السياسة المالية للسوق نقود جديدة من خلال زيادة النفقات تؤدي الى حدوث تضخم ينعكس سلبا على السلع الموجودة داخل السوق المحلية".


ونوه بأن ذلك "بعكس البنك المركزي الذي يمارس سياسة نقدية انكماشية لتقليل نسب السيولة" وهو امر"ليس له علاقة بانخفاض سعر صرف الدولار الذي يحدث نوع من التضخم يسمى التضخم المشتق".


ولفت الحلفي الى ان "الدولة بعد 2003 رفعت يدها من السوق فالقطاع الخاص اصبح المتحكم بالسوق" وبما ان البضائع "اغلبها مستوردة او يتم شرائها بعملات الدول المجاورة فان التاجر حين يقوم بتصريف سلعته لا يبيع بسعر الدولار المنخفض في العراق بل بسعر الدولار المرتفع لدى الدول التي يشتري منها، فالدولار لايزال قوي داخل الاسواق المجاورة".


واعتبر ان "انخفاض سعر الصرف لا يعني ان الدينار ارتفعت قيمته فنحن لا نتعامل به في تعاملاتنا الخارجية" لأن ارتفاع الاسعار "لم يصل الى السلع الغذائية فحسب بل حتى اسعار الذهب ارتفع في العراق بسبب زيادة الطلب عليه كمخزن للقيمة اكثر ضمانا من الدولار".

وبين الحلفي ان هناك متغيرا يجب عدم اغفاله بشكل كبير وهو "ارتفاع اسعار النفط الخام التي انعكست سلبا على اسعار الوقود لذلك نرى ان اسعار السلع ارتفعت"، إذ ان العلاقة ما بين الدينار والدولار "منعزلة وتدور في رحاب البنك المركزي بعيد عن السوق العراقي".

وألمح إلى ان "الحلول تكمن في التنسيق بين السياستين المالية والنقدية عن طريق وزارة التخطيط" بالاضافة الى "تدخل الدولة لانقاذ المستهلك بتحديد اسعار السلع كما موجود في الكثير من الدول وانعاش الاقتصاد الزراعي والصناعي لتفادي استيراد السلع من الخارج بالدولار".






أما مدير القسم الاقتصادي بمعهد الوطن العربي للأبحاث عبد الرحمن نجم المشهداني، فقال ان "المشكلة تكمن في ان العلاقة دائما تكون طردية بين انخفاض سعر الصرف وتحسن قيمة الدينارالعراقي".


وتابع بالقول "اما العلاقة العكسية فهي خاصية تحتفظ بها السوق العراقية، لكونها طردية في كل بلدان العالم"، لافتا الى ان العلاقة لا "تكون طردية لدينا الا في حالة ارتفاع سعر الصرف لكن حين ينخفض لايحصل انخفاض مقابل للأسعار وهي مشكلة يعاني منها العراق منذ التسعينات لان التاجر يحول البيع الى الدينار فور حصول الانخفاض".

اما السبب الآخر لارتفاع الاسعار، بحسب المشهداني، هو"الطلب العالي للسوق العراقية، ذلك ان الطلب يرتفع باستمرار حتى ولو كانت الاسعار في حالة ارتفاع وهذا ناتج عن تحسن المستوى المعاشي وزيادة رواتب الموظفين".


ونوه بأن ذلك من شانه "منح مرونة عالية للتاجر في رفع السعر لأن هناك دائما من يشتري، ناهيك عن السلع الغذائية الذي لايتاثر الطلب عليها باي حال" متوقعا "المزيد من الارتفاع خصوصا في السلع الانشائية بسبب التوجه الحكومي والخاص للبناء".

ورفض المشهداني فكرة تدخل الدولة في تحديد اسعار السلع باعتبار ان "الدولة تتجه نحو سياسة السوق الحرة والخصخصة وتدخلها سيناقض اقوالها تلك" بالاضافة الى ان "سوق المنافسة قادر على ان يحل المشاكل السعرية بنفسه".


ووصف السياسة العامة للدولة بـ"المتخبطة" وذلك "لعدم وجود تنسيق في السياسات او اتجاه محدد لمستقبل السياسة الاقتصادية في العراق".