أسواق الجمعة جنوبي العراق فرصة للعمل والحصول على سلع رخيصة الثمن


البصرة،العراق 31 اكتوبر 2008 (شينخوا) منذ القدم عرف سوق الجمعة في مدينة البصرة جنوبي العراق بإنه سوق السلعة الرخيصة الثمن والنظيفة لكون من يبيعها لابد أن يكون محتاجا لمبلغ من المال ليسد حاجته، كما انها فرصة للعمل حيث أعتاد الناس وبالأخص الطبقتين الفقيرة والمتوسطة أن يرتادوا هذه الاسواق، ويحرصوا على تواجدهم فيها منذ الصباح وحتى الظهر ليتبضعوا السئ المفيد والذي هم بحاجة اليه.

ويعتبر المزاد الذي يسمى في البصرة (الحراج )، أهم ما في تلك الأسواق حيث يتجمع الأشخاص الذين يبيعون ويشترون السلع المستعملة بأنواعها حول المزاد ويبدأ (الدلال ) وهو الشخص الذي ينادي على السلع مقابل مبالغ مالية ياخذها من البائع والمشتري.

وبعد عام 2003 لم يقتصر المزاد على السلع المنزلية والكهربائية والملابس وغيرها بل أنشأ مزاد خاص لبيع ألسيارات بأنواعها، وهذا شىء جديد دخل إلى سوق البصرة وسهل إجراءات بيع السيارة بسرعة فائقة وبأسعار رخيصة، غير أن مزاد السيارات لايقتصر على يوم الجمعة فقط بل على مدار الاسبوع.

وقال أبو عبدالرحمن وهو رجل في السبعين من العمر ويعد أقدم دلال في سوق الجمعة في البصرة لمراسل وكالة انباء(شينخوا) "منذ الخمسينات أعمل بهذه المهنة وفضلا عن إنها مهنة الرزق والمعيشة بالنسبة لي فإنني أعشق هذه المهنة وأحبها كونها مهنة شريفة وتخدم الناس وجميع الذين يتعاملون بها أعتقد يحبونها مثلي".

واضاف"سابقا كنا نفتح مزادا على سلع مختلفة وأكثرها الملابس وكانت أسعارها بالدراهم وقد تصل إلى الدينار أحيانا ولكن اليوم تطورت هذه المزادات وأصبحت السيارة تباع بالمزاد، ولكنني لست من مؤيدي بيع السيارات بالمزاد لأن هذا الشئ يفقدها قيمتها الحقيقية".

وتابع أبو عبدالرحمن "الأن ورغم كبر سني مازلت أمارس عملي ولكن بشكل خفيف وقد تركت العمل هذا في العام الماضي بسبب مرضي ورقودي بالبيت ،ولكنني بعد أن أستعدت صحتي عدت إلى السوق لأكسب رزقي وامارس مهنة احبها".

من جانبه يقول وئام محمد الذي يعمل ببيع وشراء السيارات "أنا ارتاد مزاد بيع السيارات منذ عام 2003 ولحد الان بشكل يومي وهو مصدر رزقي ورزق عائلتي وقد بدأت العمل حين أشتريت سيارة بقيمة 1000 دولار في عام 2003 وبعتها بعدين بربح 500 دولار، وعندها أحببت هذا العمل واليوم لايكاد يمر يوم دون أن أشتري سيارة من المزاد أو سيارتين وأقوم بتكملة نواقصها، ومن ثم بيعها في معرض بيع السيارات وأحيانا بالمزاد أيضا، حيث أن سعرها يختلف عندما تكون السيارة عند شخص معروف في سوق السيارات مثلي.

ويوضح محمد "أحيانا تباع سيارات في المزاد بصورة غير رسمية وغير قانونية ولكنني أتجنب مثل هذه الأمور حرصا على سمعتي في السوق"، مبينا ان فكرة هذا السوق انتقلت الى البصرة من دولة الكويت المجاورة ، وقال "هذا المزاد أنتقل الى مدينة البصرة وبالذات في منطقة الزبير من الكويت حيث وجدت فيها مزادات للسيارات منذ السبعينات، ولكن عموما هي مصدر رزق ومعيشة لكل العراقيين فمزادنا يزوره اشخاص من كل المحافظات العراقية ".

واكد كامل الشرهان احد المتبضعين من السوق انه من عشاق سوق الجمعة، قائلا"لا اذكر اسبوعا اني تناسيت أو تماهلت في الحضور الى هذا السوق، الا عندما تكون هناك اسباب خارجة عن ارادتي، وأنا أحب التجول بالسوق كونه جامع لكل السلع القديمة والتراثية وأحيانا تعجبني سلعة فاقوم بشرائها بسعر رخيص ولكن قيمتها عندي تجعلني لا ابيعها حتى لو تضاعف ثمنها "، مشيرا الى انه اشترى اليوم صندوقا اثريا مصنوعا من الخشب يسمى "السيسم" بسعر 50 ألف دينار(45 دولار) من شخص محتاج، مبينا أن قيمته الحقيقية لاتقدر بثمن كونه جزء من التراث القديم".

ورأت أم ضياء بائعة ملابس في سوق الجمعة ان هذا السوق يعد مصدر رزق لالاف العوائل قائلة "أنا أعمل في هذا السوق من الثمانينات ولحد الان فهذا السوق هو مصدر معيشتي أنا واولادي وبناتي، لقد فقدت زوجي في الحرب مع ايران في الثمانينات ومنذ ذلك التاريخ اعتمدت على نفسي بتربية أطفالي الصغار، والان ابني الاكبر ضياء تزوج ولديه أولاد وبنات وانا اواصل عملي في السوق لكسب الاموال التي اسد بها احتياجات عائلتي.

وخلصت الى القول" أشتري الحاجات والسلع من البيوت ومن الناس المحتاجة وابيعها هنا بربح مرضي لي وللناس وأحيانا يطلب مني بعض الاشخاص بيع سلع تعود لهم مقابل نسبة من الارباح"، مؤكدة ان اسواق الجمعة والمزادات توفر فرص عمل لالاف الاشخاص من اهالي البصرة والمناطق المجاورة لها.

ويعتقد المراقبون ان ازدهار الحركة التجارية في مدينة البصرة وعودة الحياة الى بعض الاسواق خصوصا سوق الجمعة يعود الى الاستقرار الامني الذي عاد الى المدينة بعد الخطة الامنية "صولة الفرسان"، المتواصلة منذ مارس الماضي،التي طردت الميليشيات وسطوتهم على حياة الناس وتقاليدهم التجارية والاجتماعية.