الجمعة السادسة عشر 6 ربيع الثاني 1419

الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم

توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

اولا ينبغي ان نقدم المنة الى الله سبحانه وتعالى على هذا الظل الظليل[1] الذي من علينا به في هذا الاسبوع فشكرا له عدد ما في علمه وزنة عرشه وملء كونه ومداد قلمه وانت قلت يا رباه ((اشكروني ولا تكفرون)) وقلت ((لان شكرتم لازيدنكم وان كفرتم ان عذابي لشديد)).

وليت شعري يا سيدي والهي ومولاي اتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة وعلى السن نطقت بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة وعلى قلوب اعترفت بالهيتك محققة وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتى صارت خاشعة وعلى جوارح سعت الى اوطان تعبدك طائعة واشارت باستغفارك مذعنة. ما هكذا الظن بك ولا اخبرنا بفضلك عنك يا كريم يا رب وانت تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على اهلها على ان ذلك بلاء ومكره قليل مكثه يسير بقاؤه قصير مدته فكيف احتمالي لبلاء الاخرة وجليل وقوع المكاره فيها وهو بلاء تطول مدته ويدوم مقامه ولا يخفف عن اهله لانه لا يكون الا عن غضبك وانتقامك وسخطك وهذا ما لا تقوم له السماوات والارض يا سيدي فكيف بي وانا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين. يا الهي وربي وسيدي ومولاي لاي الامور اليك اشكو ولما منها اضج وابكي لاليم العذاب وشدته ام لطول البلاء ومدته فلئن صيرتني للعقوبات مع اعدائك وجمعت بيني وبين اهل بلائك وفرقت بيني وبين احبائك واوليائك فهبني يا الهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف اصبر على فراقك وهبني يا الهي صبرت على حر نارك فكيف اصبر عن النظر الى كرامتك ام كيف اسكن في النار ورجائي عفوك فبعزتك يا سيدي ومولاي اقسم صادقا لان تركتني ناطقا لاضجن اليك بين اهلها ضجيج الاملين ولاصرخن اليك صراخ المستصرخين ولابكين عليك بكاء الفاقدين ولانادينك اين كنت يا ولي المؤمنين يا غاية امال العارفين يا غياث المستغيثين يا حبيب قلوب الصادقين ويا اله العالمين.[2]

اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والزهراء فاطمة والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والتقي الجواد محمد والنقي الهادي علي والعسكري الحسن والحجة الهادي المهدي بقيتك في ارضك وحجتك على عبادك. اللهم انصر من نصره واخذل من خذله وارنا الطلعة البهية بقدرتك ورحمتك يا ارحم الراحمين.

اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.

اود ان اتعرض في هذا اليوم الى موضوعين مهمين، احدهما اكرس له الخطبة الاولى والثاني اكرس له الخطبة الثانية انشاء الله اذا بقيت الحياة.

اما الموضوع الاول فاريد ان افتح اعينكم عليه والظاهر انكم كلكم غافلون عنه. فركوا في امور دينكم اكثر مما انتم تفكرون. ما هو ؟ حبيبي .. مقتضى القاعدة الشرعية ان تكون المساجد والمراقد المقدسة للمعصومين (عليهم السلام) وغير المعصومين (رضوان الله عليهم) ان تكون المساجد والمراقد تحت سيطرة واشراف الحوزة الشريفة والمرجعية الجليلة وليس لاحد حق ان يتصرف فيها الا باذنها وتوجيهها لان المسألة بالاساس هي مسألة دينية والدين كله بيد الحوزة جيلا بعد جيل فليس من الانصاف ان يكون بعض الدين بيد الحوزة وبعض الدين خارج عن يد الحوزة.

وقد كان ذلك فعلا موجودا منذ زمان المعصومين سلام الله عليهم الى عصر الشيخ صاحب الجواهر (قدس الله روحه) حيث كان العلماء ردحا طويلا من الزمن وعلى مرور قرون ـ في الحقيقة ـ هم الذين يعينون السادن او الكليدار الذي هو المسؤول الرئيسي في العتبة، في هذه العتبة او تلك او في هذا المسجد او ذاك، بيد العلماء صرف حتى آل الامر الى مرجعية الشيخ صاحب الجواهر (قدس سره) فعين شخصا (فلان يسموه انا لا احفظ الاسماء بالضبط) جعله كيلدار لصحن امير المؤمنين ثم توفي الشيخ صاحب الجواهر (قدس سره) وكان المفروض بهذا السادن ان يأخذ الاذن من المرجع الذي بعده او ان يعطيه الحق بعزله ولربما ان الذي جاء بعد الشيخ صاحب الجواهر ما كان راضيا عن تصرفات هذا الرجل واراد تغييره فعصى وبقي على السدانة والكليدارية وتسلسل الامر الى الان وخرجت الكليدارية في كل العراق عن الحوزة الشريفة.

وانا رأيت اذنا مكتوبا من قبل احد المراجع المتأخرين وهو السيد محسن الحكيم (قدس سره) الى سادن حرم الكاظمين (عليهما السلام) في حينه : الشيخ عبد الحميد الكليدار باجازة التصرف باموال الضريح وفيها على ما اتذكر الاذن بان يصرف على نفسه واخوته واسرته واعمامه واخواله بمقدار ما يجد فيه المصلحة ثم يصرف الباقي على الفقراء والمحتاجين ولم يطالبه السيد الحكيم (قدس سره) بان يدفع اليه من اموال الضريح ولا فلس واحد. والمهم ان الشيخ عبد الحميد كان متورعا بهذا المقدار في اخذ الاجازة لا اقل من الناحية الشكلية اذا سألوه انه انت بأي حق تتصرف في اموال الضريح يقول بانه انا آخذ اجازة من المرجع الذي اقلده. ومن المظنون انه انما كانت اجازة بكل المبلغ لانه ليس هناك امل ان يدفع اليه شيئا لو طالبه به بطبيعة الحال.

ونحن نعلم ان السادن في بعض الدول المسلمة رجال دين كما في ايران والسعودية وكل واحد حسب مذهبه ولذا كان يعتقد العوام ولعلهم لا زالوا ـ انت ارجع الى وجدانك ـ اليس تجد ان السادن والخدمة انما هم رجال دين كثير هذا الاعتقاد موجود، كأن الحوزة بدرجة عالية تمثل رجال الدين والخدمة والسدنة يمثلون رجال الدين بدرجة ادنى فلذا يعطوهم الحقوق ويسألونهم عن الفتاوى والمشاكل الدينية ونحو ذلك فهل هذا المطلب صحيح ؟ انا هذا الذي اريد ان احذركم منه.

الا ان المسألة منذ وفاة الشيخ صاحب الجواهر الى الان، قد انفصلت عن الحوزة وعن المرجعية الى ان سيطرت عليها وزارة الاوقاف من حوالي ثلاثين سنة والى الان واصبح السدنة والخدمة مجرد موظفين لا يقيمون وزنا لاي امر ديني او دنيوي الا لوظائفهم الحكومية واوامر وزارة الاوقاف فيتوجهون كـ(زار)[3] اللعبة بيد الموجه لهم، وهم منقطعوا الصلة بالمرة عن الحوزة وعن العلماء والحوزة منهم براء وهم ايضا براء من الحوزة.[4]

ولو ان الامر اقتصر على ذلك لكان وجها وان كان وجه قابل للمناقشة، لكن الى الان مثلا نتننزل بالقبول. الا ان الامر زاد على ذلك حتى اننا لو التفتنا اليهم وتعرفنا على حقائقهم لوجدناهم جميعا الا من ندر ربما اقل من واحد بالمائة منهم خوش آدمي، له باب وجواب انا لا اريد ان استغيب الكل، لكن عمومهم ليسوا كذلك. اننا لو تعرفنا على حقائقهم لوجدناهم جميعا الا من ندر فسقة فجرة شاربي الخمر وزناة واهل لواط ويأكلون المال الحرام ويخدعون الزوار بمختلف انواع الخداع لمجرد الحصول على المزيد من المال، ويعملون امورا لم ترد في الكتاب والسنة اطلاقا كـ(الدود)[5] الذي يوزع ـ يكسب عليه فلوس ـ انما هو يشتريه من البزاز ويبيعه على الزائر وليس فيه اية شرفية ولا بركة اصلا، اصلا من يده النجسة يكون هذا نجس. اعلنه الان امامكم جميعا[6] والخيوط التي يلفونها حول الضريح الشريف ويلمسون النساء بعنوان التبرك وكثير هذا يحدث ربما يوميا يحدث مع شديد الاسف.

وكذلك اغلبهم لا يصلون ولا يصومون ولا يخمسون ولا يزكون ـ رأيت واحدا داق بابك يعطيك خمس، حق الامام ـ اتحدى ذلك منذ مئات السنين وليس الان، اما الان تحت الصفر بكثير من الناحية الدينية. ولا يصومون ولا يخمسون ولا يزكون وكيف شارب الخمر يصلي او يخمس او يزكي.

وهم يسرقون اموال الحرم، وما يوقفه الزوار يسرقونه بكثافة شديدة وخاصة السدنة والخدمة المهمون، فمثلا انا اعطي زولية تفرش في الحرم يوم واحد او يومين او ثلاثة ما دام الزائر موجودا قبل ان يسافر حتى يراها، بمجرد ان ركب السيارة ودار ظهره وراح فان هذه الزولية (تتلفلف) والى الابد لا يراها احد وكل الاشياء هكذا، كل الموقوفات هكذا.

واذا ذهبت الى بيوت السدنة واضرابهم تجد التحف والمعلقات والصور والفرش والذهب، كله من السرقة من المعصومين (سلام الله عليهم) وهذا متواتر وقد يصدف انني انا رأيته بعيني ربما كان في سنين قديمة عنده تعزية او كذا واحد منهم نروح فنجد ذلك عيانا وهذا ما يبديه وما عنده مانع ان يروه الناس فكيف ما يخفيه الذي هو اكثر واكثر بطبيعة الحال.

ومن هنا ملكوا البيوت الفارهة والسيارات الثمينة والذهب الكثير. واما الذبائح والغنم وغيرها مما يسحبه الخدم من الزوار فحدث عنه ولا حرج وفي كل يوم على الاطلاق يحصل ذلك ولا يعلم الزائر البسيط انه لم تبرأ ذمته وانه وصلت ذبيحته الى انسان شارب الخمر وتارك الصلاة وغير متورع بل هو من اعداء الله بكل تاكيد حتى اننا نسأل هل ظاهرهم الصلاح ؟ كلا، بل ظاهرهم الفساد وانت بمجرد ان تنظر الى وجوههم وعيونهم والتفاتاتهم تجد فيها الضلال والطمع بالدنيا والبعد عن الاخرة.

وكان بعض الخدمة يقوم بقراءة الزيارة لعدد من الزائرين ويأخذ على ذلك مالا وهذا جيد الا ان الامر تقلص واصبح يأخذ المال بدون مقابل قهرا على الزائرين وبخدعة الزائرين.

فالمهم هو الحذر الحذر من هذا الوضع الفاسد المنحرف فان اعطاءهم المال باطل وغير مفرغ للذمة وليس عليه ثواب بل عليه عقاب لانه تأييد للظلم والاثم ولاعداء الله سبحانه وتعالى. ويكفي ان يحذر الناس منهم فيقاطعونهم لعلهم يتذكرون او يتفكرون او يتوبون وهيهات ان يتوبوا لانهم غير مستحقين للتوبة.

بسم الله الرحمن الرحيم (هذه سورة جيدة طلعت باذن الله)

بسم الله الرحمن الرحيم

ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده * يحسب ان ماله اخلده * كلا لينبذن في الحطمة * وما ادراك ما الحطمة * نار الله الموقدة * التي تطلع على الافئدة * انها عليهم مؤصدة * في عمد ممدة * صدق الله العلي العظيم



الجمعة السادسة عشر 6 ربيع الثاني1419

الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم من وتعبأ وتعبأ واعد واستعد لوفادة الى مخلوق رجاء رفده وطلب نائله وجائزته، فاليك يا رب تعبئتي واستعدادي رجاء عفوك وطلب نائلك وجائزتك فلا تخيب دعائي يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل. فاني لم آتك ثقة بعمل صالح عملته ولا لوفادة مخلوق رجوته. اتيتك مقرا على نفسي بالاساءة والظلم معترفا بان لا حجة لي ولا عذر. اتيتك ارجوا عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخطائين فلم يمنعك طول عكوفهم على عظيم الجرم ان عدت عليهم بالرحمة. فيا من رحمته واسعة وعفوه عظيم يا عظيم يا عظيم يا عظيم لا يرد غضبك الا حلمك ولا ينجي من سخطك الا التضرع اليك. فهب لي يا الهي فرجا بالقدرة التي تحيي بها ميت البلاد ولا تهلكني غما حتى تستجيب لي وتعرفني الاجابة في دعائي واذقني طعم العافية الى منتهى اجلي ولا تشمت بي عدوي ولا تسلطه علي ولا تمكنه من عنقي. اللهم ان وضعتني فمن ذا الذي يرفعني وان رفعتني فمن ذا الذي يضعني وان اهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك او يسألك عن امره وقد علمت انه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة وانما يعجل من يخاف الفوت وانما يحتاج الى الظلم الضعيف وقد تعاليت يا الهي عن ذلك علوا كبيرا. اللهم اني اعوذ بك فاعذني واستجير بك فاجرني واسترزقك فارزقني واتوكل عليك فاكفني واستنصرك على عدوي فانصرني واستعين بك فاعني واستغفرك يا الهي فاغفر لي آمين آمين آمين.[7] برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على خير خلقه وسيد انبيائه ورسله محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين السلام على اولهم وآخرهم والسلام على ظاهرهم وباطنهم والسلام على قولهم وفعلهم والسلام عليهم جميعا ورحمة الله وبركاته.

اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.

في هذه الخطبة اود ان اذكر واتعرض الى ما يسمى بالسلوكيين الذين اصبح امرهم مشهورا وعلنيا لكي احذر المجتمع منهم واحذر المؤمنين منهم واحذر المسلمين منهم. هل تعلم نواياهم ؟ هل تعلم اهدافهم ؟ هل تعلم عقائدهم ؟ هل تعلم دينهم ؟ لكي تصدقهم وتركن اليهم وتأخذ بقولهم ! مجرد انك تجده ظاهر الوثاقة والصلاح ويتكلم معك بعدة مفاهيم ملفتة للنظر ومعجبة لك حينئذ تركن اليه وتصدقه. ولكن هذا اولها وانت لا تعلم آخرها الى اين يوصلك ؟ الله العالم. انا اقول ان اولها بديع وآخرها شنيع. هل تعلم انه يريد مصلحتك ؟ او انه لعله يقصد اخراجك عن دينك وعن ايمانك وعن اسلامك وان يجعلك لقمة لجهنم وبئس المصير !

انا اقول اتبعوا حوزتكم واتبعوا علماءكم واتبعوا القرآن واتبعوا كلام المعصومين (عليهم السلام) ما واحد غشكم من هؤلاء. اما واحد مشبوه يتكلم بامور اخرى لا تفهمها ولا تعلم نتائجها فهذا ما ينبغي الحذر منه والبعد عنه، وكل ذلك اي كلام الكتاب الكريم والسنة الشريفة بعيد كل البعد عن كلام هؤلاء الشذاذ المبطلين السائرين في غير طريق الله سبحانه وتعالى.

لو كان الله ـ لاحظ ـ لو كان الله تعالى يريد للمجتمع ذلك لبينه في كتابه الكريم ما عنده مانع قادر على ذلك مع العلم انه لم يبين. ولو اراده النبي (صلى الله عليه واله) او المعصومون لقالوه للناس ولربوا الناس عليه وسلكوا الناس عليه (كما يعبرون هؤلاء). اذا كان التسليك واسعا كما يدعي هؤلاء فلماذا لم يسلك المعصومون اصحابهم ؟ ولماذا لم يأمروهم بتسليك الآخرين ؟ من هو الافضل ومن هو الاعلم هؤلاء ام المعصومون (سلام الله عليهم) ؟ ومن هو فعله ارضى لله سبحانه وتعالى هؤلاء ام المعصومون (سلام الله عليهم) ؟ طبعا المعصومون (سلام الله عليهم).

خذوا بقول المعصومين وقول علمائكم وقول ثقاتكم واهل الحل والعقد فيكم واحذروا هؤلاء وابتعدوا عنهم فانهم يخرجوكم عن دينكم ويبذروا فيكم بذور العقائد الفاسدة ويصوروا لكم الباطل بصورة الحق ويبعدوكم عن رضا الله سبحانه وتعالى وعن الجنة.

واذا كانوا يعتقدون برأيي كما يزعمون ويأخذون بقولي كما يدعون وانا المفروض اذا لم تسيطر علي النفس الامارة بالسوء انا لا اريد لاي فرد الا الصلاح والفلاح فليغيروا حالهم وليبدلوا حالتهم ومقالتهم فانهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله الا خسارا.

هم عصوني في كثير من الامور المهمة، واساؤوا فهمي في عدد آخر منها واضافوا من عند انفسهم عددا آخر منها وكل ذلك انا منه بريء في الدنيا والاخرة واسفا على سوء العاقبة على هذه المجموعة التي كنا نتوقع منهم الخير والصلاح فانقلب الى الشر والفساد والضلال.

وسوف يقولون لكم وقد قالوا فعلا لكم وللمجتمع ان السيد محمد الصدر لا يقصد ما يقول وانما يريد حفظ الظاهر وانما يعمل بالتقية وان لنا اتصال باطني بالسيد محمد واننا نفهم مقاصده الواقعية وانه عميق بحيث لا تستطيعون ان تفهموا كلامه وكل ذلك من استطيع ان اسميها (كلاوات)[8] شرعية وهي كذب محض وانا منهم بريء وانا منهم بعيد واصبحوا كلما انهاهم واردعهم فانهم يزدادون عتوا ونفورا.

فانا اخاطب المجتمع المؤمن ذوي العقول الصافية والنفوس البريئة ان يقاطعوا هؤلاء ويتبرؤوا منهم ويبتعدوا عنهم بعد السليم من الاجرب. وما لم يتب هؤلاء ولن يفعلوا لانهم غير مستحقين للتوبة.

صحيح ان الزهد مستحب وحب الدنيا رأس كل خطيئة ورين القلب ودغله مذموم، الا ان هذه هي تعاليم ديننا الحنيف ولا دخل له بالتفاصيل والعقائد الفاسدة التي ذكرها هؤلاء، وهل هم زهدوا في الدنيا وابتعدوا عنها. صحيح هم زهاد اذا كانوا يدعون الى الزهد لا ليسوا زهاد حبيبي .. دنيويين صرف وانما يريدون باعمالهم هذه واقوالهم هذه الشهرة والسيطرة والمال وتكوين تكتلات وقلاقل في المجتمع وانا من كل ذلك بريء اعاذنا الله من كل مكروه.

واما هذا الذي يحتج به البعض عليّ من انك قلت في الجزء الثاني من فقه الاخلاق هذه العبارة القديمة التي هي موجودة في بعض كتب ابناء العامة (من لا شيخ له فشيخه الشيطان)، فكأنه اذن لا بد ان يكون للفرد شيخ مثل هؤلاء لكي يربيه ويدربه ويسلكه، كأن هذه الرواية تشير الى هذه المجموعة بالذات ! اسفا على العقول القاصرة والتأويلات الفاسدة.

اولا: انها ليست رواية اصلا وانما هي من موضوعات بعض الصوفية.

ثانيا: انني اذكر كثيرا من الاشياء والمفاهيم بصفتها اطروحة لا بصفتها امرا جزميا وهذه الفكرة منها.

ثالثا: انها على تقدير وجودها كرواية فهي رواية ضعيفة جدا ومرسلة ولا حجية فيها ولو كنا في الفقه والتفسير لرفضناها بالكلية.

رابعا: انه من الواضح اننا ان صدقناها فانما يراد بالشيخ حينما يقال (لا شيخ له فشيخه الشيطان)، اي من لا مربي له فمربيه الشيطان. ليس المربي هو المربي الذي يدعوا اليه هؤلاء وانما كل شخص يهدي ويوجهه ويعلمه الخير والصلاح. طبعا اذا واحد لا يوجد من يعلمه الخير والصلاح فشيخه الشيطان لانه تتسلط عليه النفس الامارة بالسوء والشيطان ويذهب الى حيث لا رجعة هذا له باب وجواب. لكنه من قال ان الشيخ هو الشيخ الباطني ؟ لا. هو الشيخ الظاهري الذي يدلك على طاعة الله وعلى ولاية امير المؤمنين واهل البيت (سلام الله عليهم) ولا موجب لان نفهم من الشيخ الشيخ في علم السلوك او علم الباطن او على الطريقة الصوفية. كلا ثم كلا.

واريد الان ان ذكر لكم جانبا من عقائدهم الفاسدة باختصار:

اولا: انهم تاركون لتعاليم الشريعة للصلاة والصيام وغيرها تأويلا للاية ((واعبد ربك حتى يأتيك اليقين))[9] وقد جاءهم اليقين بزعمهم اذن فلا موجب للعبادة.

ثانيا: انهم يرون انفسهم اعظم من النبي والقرآن اذن فلا موجب لطاعة النبي (صلى الله عليه واله) وطاعة القرآن.

ثالثا: انهم ينكرون يوم القيامة والثواب والعقاب في الجنة والنار. وانما الثواب والعقاب في نظرهم نفسي وباطني وليس كما يقول الدين الاسلامي الحنيف من انه هناك حشر ونشر وقيامة وثواب وعقاب وجنة وجهنم، كل ذاك غلط اي في نظرهم الفاسد.

رابعا: انهم يأمرون الناس بالتخلي عن عقولهم وعزل تفكيرهم والطاعة العمياء لهم اي لهم بصفتهم شيوخ سلوك وطريقة، مع ان النتيجة الصريحة والاولية لذلك اي للتخلي عن العقل هو الكفر والالحاد لان العقل هو الدليل او الدال الرئيسي على وجود الله سبحانه. فاذا زال العقل او زال الاعتماد عليه انسد باب الاستدلال بالخالق فيصبح الفرد في لحظة من حيث يعلم او لا يعلم ملحدا.

وفي الرواية : ان الله تعالى خلق العقل وخاطبه : بك أُعبد وبك اثيب وبك اعاقب. فاذا رفضناه كنا من الخاسرين بطبيعة الحال. وكذلك في الرواية ان العقل نبي من الباطن والانبياء انبياء من الخارج، يعني ماذا ؟ يعني كل واحد الله تعالى مرسل له نبي في باطنه عليه اتباعه فاذا ازالونا وفرغونا من عقولنا معناه قتلوا النبي الذي الله تعالى ارسله الينا وعلينا ان نطيعهم صرفا على شهواتهم وانحرافاتهم.



خامسا: انهم يؤمنون بالحلول وان روح علي حلت بفلان وروح سلمان حلت بفلان وروح ابو ذر حلت بفلان وروح الزهراء حلت بفلانة وهكذا يقسمون الوظائف فيما بينهم وهذا من المضحكات المبكيات والذي ترفضه الشريعة بصراحة. ويوجد هناك اخبار عن قضية الشلمغاني والحلاج وغير ذلك. الائمة شنوا حربا شعواء ضد هذه المقولات وامثال هذه المقولات.

واوضح اشكال يتوه عليهم هو انهم يعدون انفسهم ويظنون انهم اعلى من النبي والمعصومين اذن فهم اعلى من علي وسلمان وابو ذر وكل البشر فما معنى لتلبسهم الا لمجرد الدعاية لانفسهم وجذب قلوب البسطاء اليهم وانا لله وانا اليه راجعون.

بسم الله الرحمن الرحيم تبت يدا ابي لهب وتب * ما اغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى نارا ذات لهب * وامراته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد *

جزاكم الله خيرا





--------------------------------------------------------------------------------

[1] كان الوقت صيفا وفي شهر تموز طبعا فمن الله سبحانه وتعالى علينا بأن امتلأت السماء غيوما تقي الحاضرين حر الشمس وامطرت السماء في العديد من البلدان العراقية.

[2] دعاء كميل. مفاتيح الجنان ص64.

[3] الزار هو النرد الذي يستخدم في بعض الالعاب.

[4] وهنا صاح الناس بالصلاة على محمد وال محمد.

[5] الدود عبارة عن قطعة قماش عادة تكون خضراء يبيعها السدنة على الزوار باعتبار انها مباركة وتسمى في بعض اللهجات العامية الاخرى (علك).

[6] وهنا صاح الناس بالصلاة على محمد وال محمد مرتين.

[7] مفاتيح الجنان ص32.

[8] كلمة عامية تعني حيلة.

[9]