الجمعة الثامنة عشر 20 جمادي الثاني 1419

الخطبة الاولى



اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين وصلى الله على خير خلقه محمد النبي الكريم وعلى اله الطيبين الطاهرين.

الهي اليك اشكو نفسا بالسوء امارة والى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك اهون هالك. كثيرة العلل طويلة الامل ان مسها الشر تجزع وان مسها الخير تمنع ميالة الى اللعب واللهو مملوة بالغفلة والسهو تسرع بي الى الحوبة وتسوفني بالتوبة الهي اشكوا اليك عدوا يضلني وشيطانا يغويني قد ملأ بالوسواس صدري واحاطت هواجسه بقلبي يعاضد لي الهوى ويزين لي حب الدنيا ويحول بيني وبين الطاعة والزلفى. الهي اليك اشكوا قلبا قاسيا مع الوسواس متقلبا وبالرين والطبع متلبسا وعينا عن البكاء من خوفك جامدة والى ما يسرها طامحة. الهي لا حول لي ولا قوة الا بقدرتك ولا نجاة لي من مكاره الدنيا الا بعصمتك. فاسألك ببلاغة حكمتك ونفاذ مشيتك ان لا تجعلني لغير جودك متعرضا ولا تصيرني للفتن غرضا وكن لي على الاعداء ناصرا وعلى المخازي والعيوب ساترا ومن البلاء واقيا وعن المعاصي عاصما برأفتك ورحمتك يا ارحم الراحمين.[1]

ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.[2]

لبيك ربي وسعديك وسبحانك اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وال محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد. صلوا على محمد وال محمد.[3]

اللهم ارحم محمدا وال محمد كما رحمت ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.[4]

اللهم سلم على محمد وال محمد كما سلمت على نوح في العالمين اللهم امنن على محمد وال محمد كما مننت على موسى وهارون صلوا على محمد وال محمد (اللهم صل على محمد وال محمد)

اللهم صل على محمد وال محمد كما شرفتنا به اللهم صل على محمد وال محمد كما هديتنا به اللهم صل على محمد وال محمد وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والاخرون صلوا على محمد وال محمد (اللهم صل على محمد وال محمد)

على محمد واله السلام كلما طلعت شمس او غربت على محمد واله السلام كلما طرفت عين او برقت على محمد واله السلام كلما ذكر السلام على محمد واله السلام كلما سبح الله ملك او قدسه السلام على محمد واله في الاولين والسلام على محمد واله في الاخرين والسلام على محمد واله في الدنيا والاخرة. صلوا على محمد وال محمد.[5]

تكلمنا في الخطبة الاولى من الجمعة السابقة عن ان الفرد ينبغي ان يحاسب نفسه وينظر الى اعماله واقواله فان وجد الطاعة حمد الله عليها وان وجد المعصية او التقصير استغفر الله تعالى منه.

فالان ايضا اقول : اسأل نفسك هل انت تعادي بعض المؤمنين الذين ثبت اخلاصهم لله عز وجل وتنتقده وتستغيبه وتقاطعه، ام لا ؟ فان كنت كذلك فاعلم ان هذا ليس لصالح الطرفين ولا لصالح المجتمع ولا لصالح الدين ككل.

اما بالنسبة إلى الطرفين الذين هما انت وصاحبك فاعلم انه وان نال هو منك البلاء الدنيوي بشتمه والاعراض عنه ومقاطعته الا انه هو سيحصل على الثواب الاخروي، وانت ستحصل على العقاب الاخروي وتكون في ذلك شأن يزيد بن معاوية عليه اللعنة والعذاب حين صار سببا لمزيد الثواب للحسين (عليه السلام) واصحابه واهل بيته (عليهم السلام). فانه يكون مسؤولا امام الله تعالى ومعاقبا باشد العقاب، فلعلك تنال من العقاب ما يشبه ذلك وكلما كان صاحبك اكثر اخلاصا وايمانا كان عقابك اكثر واشد الما.

واما بالنسبة الى مصلحة المجتمع والدين، فاعلم انه لا يستفيد من ذلك الا الاعداء المتربصون في خارج الحدود وفي داخل الحدود وبشكل كامل ومركز وبمختلف الاساليب والشعارات.

يكفي ان يحصل من ذلك احد امرين او كلا الامرين:

الامر الاول: قلة الفائدة الدينية والمصلحة العامة لوضوح انكما او اي فردين في الواقع لو كنتما متكاتفين ومتعاضدين لاستطعتما ان تنفعا المجتمع اكثر بقليل او بكثير، فالتنافر والتناحر يورث قلة الاعمال الصالحة وقلة المصلحة العامة وقلة رضاء الله عز وجل.

الامر الثاني : ما يمكن ان يحصل من التنافر والتناحر من امور مزعجة ومضاعفات مخزية ويكفي ان نتصور او نتخيل ما يعمله البعض، لاحظوا هذه قصة موجودة وموجودة ايضا ومطبقة عند عدد من الناس: انهم يضعون ديكين يتصارعان والحاضرون يضحكون ويستانسون فسوف يكون هذا الضحك في محل كلامنا، ترون ان المؤمنين كالديكين يتصارعان حتى يسقطان ويكون هذا الضحك من قبل الاخرين في مصلحة الشيطان وضد مصلحة الرحمن كما قالوا في الحكمة: (اتفقوا على باطلهم وتفرقتم عن حقكم).

مضافا الى انك ينبغي ان تسأل نفسك عما اذا كان الحق معك وليس معه كما انت ترى لنفسك ان الحق معك وليس معه مع انك قد تكون مخطئا. والخطأ على مثل هذه المستويات قد يسبب كارثة او جريمة ضد المصلحة الخاصة والعامة معا. فقد يكون الحق معه وليس معك وهذا هو مقتضى كونه مؤمنا مخلصا صالحا كما هو المفروض. فلماذا لايكون هو الى جنب الحق وانت تكون الى جنب الباطل والعياذ بالله ؟ المهم ان ماذا ؟ ان تلاحظ نفسك في مثل ذلك في علاقاتك العامة. فتكون قد ناقشت الرحمن بدل ان تناقشه وليس ان تناقش الشيطان. وبتعبير آخر تكون قد مثلت طرف الشيطان وانت تريد ان تمثل طرف الرحمن.

وهذا المعنى شامل لكل قضايا المجتمع على الاطلاق ولكل الطبقات حتى القضايا الحوزوية بطبيعة الحال، بل لعل القضايا الحوزوية اكثرها اهمية وصعوبة سواء في ذلك الافكار التي تدعم السيد محمد الصدر او التي تدعم الاخرين.

وعلى اي حال فانت كمؤمن ومتورع ولا تريد ان تكون خاطئا في رايك ومنحرفا في عقيدتك والعياذ بالله، يجب عليك ان تحتاط في كلامك فانه كما قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد))[6] وكذلك ((اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد)).[7] ورقابة الله سبحانه اهم رقابة وهو اسمع السامعين وابصر الناظرين واشد المعاقبين.

ومعنى الاحتياط هنا : ـ اليس تحتاط في علاقاتك يعني ماذا ؟ ـ هو ان تتاكد من قولك قبل ان تلفظه، ومن فعلك قبل القيام به وانجازه. بحيث يكون لديك قناعة كاملة بانتسابه إلى الدين والى رضا رب العالمين ورضا السادة المعصومين (سلام الله عليهم اجمعين). لا اننا نناقش بالاحتمالات والاشاعات فتكون قد قلت زورا بدل ان تقول حقا، وتكون قد طعنت بالحق بدلا عن الطعن بالباطل ولو احتمالا. فعليك التاكد مائة بالمائة من هذه النواحي فان استغلال الاعداء موجود والصيد بالماء العكر موجود وضعاف النفوس كثيرون. وانا اريد والله تعالى يريد والمعصومون يريدون ان يكون كل المؤمنين اهل نفوس قوية واراء جلية وقلوب نقية وافعال دقية ورضية. لا انهم يلقون انفسهم بالظن والتهمة فيكونون قد بداوا بظلم انفسهم قبل ظلم نفوس الاخرين.

فالمهم فيما ليس لك فيه قناعة حقيقة ان تسكت ولا تشارك فيما يحتمل ان يكون باطلا او ضلالا والعياذ بالله. والا فقد يقال لك كما قيل لغيرك وهو بيت الشعر الذي قاله الشاعر:

اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم

وان وجدت من المصلحة او من الضروري ان تشارك او ان تتكلم او ان تتصرف فليكن كلامك كلام المتورعين وتصرفاتك تصرفات المؤمنين. واذا كنت شاكا فعليك بالسؤال من اهل الفضل والفهم والعلم من الحوزة وغيرها.

والعمدة هنا ـ لاحظوا انا قلت انه تسأل من اهل الفضل والعلم ـ في الحقيقة اهل الفضل والعلم غير كافٍ، بل المهم هو العلم والاخلاص. فاسأل العالم المخلص وهو من تطمئن الى دينه مضافا الى انك تطمئن الى علمه ولا تقتصر على واحد في السؤال بل عليك ان تجمع القرائن والدلائل ووجهات النظر من امثال هذه الطبقة الطيبة من الناس، حتى اذا ما حصل لك الاطمئنان والقناعة برأي معين مرضي لله عز وجل ولرسوله ولأمير المؤمنين فعليك عندئذ ان تتصرف بحكمة وبما تعرف من المصلحة الدينية فليس كل حق يقال وليس كل باطل ينتقد (ظاعرا يعني) بل كل ذلك حسب المصلحة وان كان كذلك في القلب بيننا وبين الله سبحانه وتعالى الا ان بيانه يحتاج الى تشخيص المصلحة وهذا صعب على عامة الناس الا انني اوصيهم بالاحتياط من هذه الجهة ليحصلوا على رضا الله تعالى ويحصلوا على مصلحتهم الخاصة في الاخرة ومصلحتهم الدينية في الدنيا ولا يكونوا من المفسدين والعياذ بالله.



بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد*





الجمعة الثامنة عشر 20 جمادي الثاني 1419

الخطبة الثانية



اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم

وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم ان كنت قد عصيتك فاني قد اطعتك في الايمان مني بك منا علي لامنا مني عليك. واطعتك في احب الاشياء لك لم اتخذ لك ولدا ولم ادع لك شريكا. وقد عصيتك في اشياء كثيرة علىغير وجه المكابرة ولا الخروج عن عبوديتك ولا الجحود لربوبيتك ولكن اتبعت هواي وازلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان فان تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي وان تعف وترحمني فبجودك وكرمك يا كريم. اللهم ان ذنوبي لم يبق لها الا رجاء عفوك وقد قدمت الة الحرمان فانا اسألك اللهم ما لا استوجبه واطلب منك ما لا استحقه. اللهم ان تعذبني فبذنوبي ولم تظلمني شيئا وان تغفر لي فخير راحم انت يا سيدي. اللهم انت انت وانا انا. انت العواد بالمغفرة وانا العواد بالذنوب. وانت المتفضل بالحلم وانا العواد بالجهل. اللهم فاني اسألك يا كنز الضعفاء يا عظيم الرجاء يا منقذ الغرقى يا منجي الهلكى يا مميت الاحياء يا محيي الموتى انت الله لا اله الا انت. انت الذي سجد لك شعاع الشمس ودوي الماء وحفيف الشجر ونور القمر وظلمة الليل وضوء النهار وخفقان الطير. فاسألك اللهم يا عظيم بحقك على محمد واله الصادقين وبحق محمد واله الصادقين عليك وبحقك على علي وبحق علي عليك وبحقك على فاطمة وبحق فاطمة عليك وبحقك على الحسن وبحق الحسن عليك وبحقك على الحسين وبحق الحسين عليك. فان حقوقهم عليك من افضل انعامك عليهم وبالشأن الذي لك عندهم وبالشأن الذي لهم عندك.

صل عليهم يا رب صلاة دائمة منتهى رضاك واغفر لي بهم الذنوب التي بيني وبينك وارض عني خلقك واتمم علي نعمتك كما اتممتها على ابائي من قبل ولا تجعل لاحد من المخلوقين علي فيها امتنانا وامنن علي كما مننت على ابائي من قبل.[8]

اللهم صل على علي امير المؤمنين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على فاطمة بنت نبيك محمد عليه واله السلام والعن من آذى نبيك فيها. اللهم صل على الحسن والحسين امامي المسلمين ووال من والاهما وعاد من عاداهما وضاعف العذاب على من شرك في دمائهما. اللهم صل على علي بن الحسين امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على محمد بن علي امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على جعفر بن محمد امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على موسى بن جعفر امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على علي بن موسى امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على محمد بن علي امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على علي بن محمد امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على الحسن بن علي امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على الخلف من بعده امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وعجل فرجه. اللهم صل علىذرية نبيك. اللهم اخلف نبيك في اهل بيته. اللهم مكن لهم في الارض. اللهم اجعلنا من عددهم ومددهم وانصارهم على الحق في السر والعلانية.

اتقو الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.

الان اسال نفسك هل انت تصافي اعداء الدين وتجاملهم وتصادقهم وتعمل باعمالهم او ببعض اعمالهم مع علمك بحالهم ومقالهم واهدافهم ؟ وهل يكون عندك تجاههم ما يسمى باقل الايمان وهو الاستنكار القلبي ؟ وقد قلت في بعض مؤلفاتي ان هذا الاستنكار القلبي ملازم مع الايمان لا ينفك عنه لان الفرد الذي لا يجد الاسف في نفـسه ليـس بمؤمن اطلاقا، بل هو مثل صاحبه في الانحراف والفساد ويكون مشمولا لمثل قولهم (عليهم السلام): (الراضي بفعل قوم كفاعله) وقولهم: (الله يحشره مع من احب). واذا وجدت عيبا او حراما او فعلا حراما ولم تستنكر قلبيا، فمعنى ذلك انك تحبه وتحب ان تكون مثله فيكون هذا هو العيب الرئيسي لك امام الله سبحانه وتعالى.

مع الالتفات الى ان الاستنكار القلبي خال من التقية لانه لا يعلم به احد الا الله سبحانه وتعالى بخلاف الاستنكار باليد واللسان فانه تابع للظروف فقد يكون محكوما بحكم التقية وقد ورد التقية (ديني ودين آبائي) وورد (لا دين لمن لا تقية له) غير ان الافعال القلبية الخفية خارجة عن حكم التقية كالصوم فانه يمكن الا يعلم به الا الله سبحانه وتعالى فيخلوا من الرياء ومن هنا ورد في الحديث القدسي ( الصوم لي وانا أجزي به) او (أُجزى به).

وكذلك الافعال القلبية الاخرى من الطاعات والمعاصي كلها لا يكون فيها بيان واعلان الا اذا اراد صاحبها الاعلان عنها كالصبر والتوكل والذكر والخشوع وكذلك المعاصي القلبية والعياذ بالله كالاعتراض والشك والوسوسة وسوء الظن بالله او سوء الظن بالمؤمنين وغيرذلك ونعوذ بالله من كل زلل.

فالمهم ان يشعر الفرد المؤمن قلبيا بالمباينة والمفارقة بين اهل الايمان واهل النفاق، أو قل بينه وبين المنافقين، فنحن قوم وهم قوم ايا كانت جهة النفاق هذه وهي عديدة كما نعلم وتعلمون. فقد نكون معا متعاشرين معهم في مجتمع واحد او احيانا في اسرة واحدة او سوق واحد او مصلحة واحدة او دائرة او مستشفى او مدرسة ونحو ذلك ونعاملهم ونجاملهم ولكن هم قوم ونحن قوم عند الله عز وجل لا حشرنا الله معهم كما ورد (كن فيهم ولا تكن منهم) لاننا لا نعتقد باعتقادهم ولا نستهدف هدفهم ولا نقول بقولهم ولا نعمل بعملهم كائنا من كانوا على وجه الكرة الارضية. فنجد الكثيرين جدا ممن لا مانع لديه من عمل المحرمات العامة والخاصة، فهو يكذب ويستغيب ويؤذي المؤمنين وآخر يشرب الخمر ويتعامل بالربا وآخر يزني ويلوط وكثيرون جدا هم الذين يعتبرون سلوتهم التلفزيون بما فيه من اغاني محرمة وصور خلاعية ومسلسلات اجنبية لم توضع ولم تؤسس اصلا الا لاخراج الناس عن ورعهم وعفتهم ودينهم.

وليتهم حينما يملكون جهاز التلفزيون ان يستعملوه بالحلال فلا يغضبوا الله سبحانه وتعالى لكانوا احسن صنعا نسبيا، ولكن لذة النفس الامارة بالسوء انما هي بالعصيان والطغيان والتمرد امام الله سبحانه وتعالى وتجد في ذلك لذة ونشوة، كما قال الشاعر الفاجر

رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى الى مشتاق

وهي الخمر قبحها الله ولعن كل شاربيها على وجه الارض كائنا من كانوا (هنا صاح الناس بالصلاة على محمد وال محمد) او قول الشاعر :

(هيا نعصي جبار السماوات) والعياذ بالله للذة نفسه الامارة بالسوء هذا السرطان الذي لا يمكن قتله الا باذن الله الا من رحم الله وعصم الله.

فهو (هذا الشاعر وكل من يكون امثاله) يعترف بوجود الله ويعترف بعقابه ولكنه يجد للعصيان لذة لا تقاوم فيلقي نفسه على المحرمات ويكثر منها مع ان هذه اللذة هي الامتحان الالهي الكبير الذي يجب تجنبه والخلاص منه مهما كان صعبا كما قال الشاعر :

يا لها لذة آن ان حلت تجلب الذل لهم والعطبا

اعيد البيت :

يا لها لذة آن ان حلت تجلب الذل لهم والعطبا

اي في الدنيا والاخرة معا.

يكفي في ذلك انها تورط الفرد في الدنيا والاخرة، واوضح مثال على اللذة المحرمة: لذة السكر بشرب الخمر، فانها لذة لا تقاوم مع وجود الادمان، مع ان حرمة شرب الخمر من ضروريات الدين ونص رب العالمين في القرآن الكريم.

ومع ذلك، سبحان الله .. في المجتمع نجد كثير من الحانات وبيوت الخمر منتشرة في كثير من بلدان العراق وغير العراق، وهذا من الخزي على المجتمع المسلم والمؤمن بطبيعة الحـال. فنطالب من هنا باغلاقها جميعا عن بكرة ابيها ولا يبقى لها باقية.[9]

اذن فجملة من اللذائذ يجب الاجتناب عنها وهي محرمة وممنوعة والا لا يمكن ان يكون الفرد مؤمنا ولا متورعا اصلا كما هو واضح جدا.

الخطوة الاخرى: ان الإنسان إذا كان مؤمنا ومتورعا لحقته تعاليم اخرى وتمارين اخرى تصعد به في درجات الكمال من حيث ان كل لذة دنيوية، وان كانت مباحة تكون مرجوحة في درجات الايمان العليا، ومنه يقول في الدعاء: (اللهم اني اتوب اليك من كل لذة بغير ذكرك)، لانني حينما تلذذت بهذه اللذة نسيت ذكر الله سبحانه وتعالى وانشغلت باللذة نفسها ونسيت ان الشعور باللذة اساسا من خالقه ؟ ومن جالبها ؟ ومن الذي ركبه بي ؟ جل جلاله انما هو من نعم الله سبحانه وتعالى. فلم اذكر ذلك ولم اشكر على ذلك فخاب عملي في ذلك الحال وهي اوقات كثيرة تمر على الانسان على ذلك بل لعل كل حياته على ذلك كما يقول في القرآن الكريم ((وكأين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)).[10]

بقي ان اشير باختصار إلى مطلب اخر وهي : ان الاخبار تصل عن حصول المنع عن عددمن صلوات الجمعة في بعض البلدان. وهذا من المؤسف ان يحصل ، بعد ان ثبت بالتجربة والعيان:

اولا : انها لا ربط لها بالسياسة اصلا، وانما المراد بها فقط تربية المجتمع وانشاء الافراد الصالحين وتكثير الطاعات والصالحات وتقليل المآثم والعصيان ونشر جو من الاخوة والتكافل بين افراد المجتمع .

ثانيا: ثبت بالتجربة والعيان انها عز للدين وللمجتمع امام كل الاعداء ويحصل بها أيضاً التماثل في التصرف بين مختلف المذاهب الاسلامية، هم يصلون ونحن نصلي . وليس من المعقول ان تمنع بعض صلوات الجمعة من فئة أو مذهب ولا تمنع من فئة أو مذهب اخر ، مع اننا جميعا نشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، ونقدس القبلة والقران الكريم. فالرجاء غض النظر عن اقامة صلوات الجمعة في اي مكان كان.

بسم الله الرحمن الرحيم اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا * صدق الله العلي العظيم



--------------------------------------------------------------------------------

[1] المناجاة الثانية من الخمسة عشر. مفاتيح الجنان ص119.

[2] هنا صاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد.

[3] هنا صاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد.

[4] هنا صاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد.

[5] هنا صاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد.

[6]

[7]

[8] مفاتيح الجنان ص391.

[9] هنا صاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد تكرارا.

[10]