الجمعة التاسعة عشر 27 ربيع الثاني 1419

الخطبة الاولى



اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم، توكلت على الله رب العالمي،ن وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم.

انا سوف اقرأ الدعاء طبعا وكلما انتهيت من فقرة فالرجاء ان تقولوا (لا اله الا الله).

بسم الله الرحمن الرحيم، ربي ادخلني في لّجة بحر احديتك ،(لا اله الا الله) وطمطام يم وحدانيتك (لا اله الا الله) وقوني بقوة سطوة سلطان فردانيتك ،(لا اله الا الله) حتى اخرج الى فضاء سعة رحمتك ،(لا اله الا الله) وفي وجه لمعات برق القرب من اثار رحمانيتك، (لا اله الا الله) مهيبا بهيبتك، عزيزا بعنايتك، متجلالا مكرما بتعليمك وتذكيتك، (لا اله الا الله) والبسني خلع العزة والقبول، (لا اله الا الله) وسهل لي مناهج الوصلة والوصول، (لا اله الا الله) وتوجني بتاج الكرامة والوقار، (لا اله الا الله) والّف بيني وبين احبائك في دار الدنيا ودار القرار، (لا اله الا الله) وارزقني من نور اسمك هيبة وسطوة تنقاد لي القلوب والارواح، (لا اله الا الله) وتخضع لدي النفوس والاشباح، (لا اله الا الله) يا من ذلت له رقاب الجبابرة، (لا اله الا الله) وخضعت لديه اعناق الاكاسرة، (لا اله الا الله) لا ملجأ ولا منجا منك الا اليك، (لا اله الا الله) ولا اعانة الا بك ولا اتكاء الا عليك، (لا اله الا الله) ادفع عني كيد الحاسدين، وظلمات شر المعاندين، (لا اله الا الله) وارحمني تحت سرادقات عرشك يا اكرم الاكرمين، (لا اله الا الله) ايد ظاهري في تحصيل مراضيك، ونوّر قلبي وسري بالاطلاع على مناهج مساعيك، (لا اله الا الله).

الهي كيف اصدر عن بابك بخيبة منك، (لا اله الا الله) وقد وردته على ثقة بك، (لا اله الا الله) وكيف تأيسني من عطائك وقد امرتني بدعائك، (لا اله الا الله) وها انا مقبل عليك ملتجأ اليك، (لا اله الا الله) باعد بيني وبين اعدائي، (لا اله الا الله) كما باعدت بين اعدائي، (لا اله الا الله) اختطف ابصارهم عني بنور قدسك، (لا اله الا الله) وجلال مجدك، (لا اله الا الله) انك انت الله المعطي جلائل النعم المكرمة، (لا اله الا الله) انك انت الله المعطي جلائل النعم المكرمة لمن ناجاك بلطائف رحمتك، (لا اله الا الله) يا حي ياقيوم، (لا اله الا الله) يا ذا الجلال والاكرام، (لا اله الا الله) وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد واله اجمعين، (لا اله الا الله) الطيبين الطاهرين، (لا اله الا الله) كافضل ما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد (لا اله الا الله).

اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.

وقع في يدي قبل ايام، وانا اتامل ماذا ينبغي ان اقول في خطبة صلاة الجمعة.وقع في يدي كتاب الاكليل لابي محمد الحسن اليماني المعروف بابن الحائك الهمداني، وهو كتاب يحتوي اكثره على ما يسميه المؤلف، بالقبوريات، وهي اخبار وقصص عن قبور قديمة حصل الكشف عنها. وقد الفت نظري احد تلك الاخبار، صفحة 138 من الكتاب يقول فيه: (فيه عبرة اريد ان اعرضها عليكم)

روى هشام عن ابيه عن صالح الكلبي عن ابن عباس قال: ذكرنا احاديث القبور في مجلس رسول الله (صلى الله عليه واله)، فانشعبت منا فيه فنون كثيرة فلم يبق فينا احد الا حدث حديثا. فاقبل رجل من جهينة، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه واله)، قال: اتانا من يُحدث فيحسن. فلما جاء سلم ثم جلس، فقال: افيكم رسول الله (صلى الله عليه واله) (حيث انه لايعرف رسول الله لانه جالس بين الناس كاحدهم، وفي رواية اخرى يدخل الداخل يقول: من منكم محمد؟ هكذا فقط، من دون تكبر اطلاقا. لانه يلبس كما يلبس الاخرون، ويتكلم كما يتكلم الاخرون، ويمشي كما يمشي الاخرون. على كل حال). فلما جاء سلم ثم جلس، فقال: افيكم رسول الله؟ قلنا نعم ها هو ذا، فقام اليه مسرعا فقبل يده، فقبضها عنه رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم قال: (ان هذه حمقة من حمقات الاعاجم). (ربما الاكاسرة أو القياصرة أو المتنفذين منهم، كانوا يفعلون هذا الفعل، وطبعا تعلمون ان كل غير عربي فهو اعجمي، وليس المقصود امة او لغة معينة). كانوا يستطيلون على الناس بتجبرهم، فاذا جلسوا في مجالسهم، ودخل عليهم من دونهم، تملقهم بمثل هذا، ليستجلب به رافتهم، وان تحية الاسلام المصافحة. فقال: يارسول الله اني اتيتك من بين ظهراني قوم حرشتهم الجاهلية فقست قلوبهم، ومرنت على التكذيب خلودهم، واني احب الاسلام فاتيتك فيه راغبا، فاشرع لي اعلامه لاؤدي فرائضه التي عليّ.. الى اخر الخبر.

فالمهم ومحل الشاهد هو تقبيل اليد، التي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في هذه الحادثة سحبها من هذا الرجل، ولم يقدمها لتقبيل يده.

وفي الوسائل ابواب احكام العشرة، عن علي بن مزيد صاحب السابري، قال: دخلت على ابي عبد الله(عليه السلام) فتناولت يده فقبلتها، فقال: (اما انها لاتصلح الا لنبي او وصي نبي).

وحسب فهمي، فان السر في ذلك هو ان تقبيل اليد، يكون بالنسبة الى من تُقبّل يده، نحوا من التكبر والانانية، والشعور بالاهمية بالنفس الامارة بالسوء، وشكل من اشكال الاستعلاء بالباطل، وعلى غير الحق، وفي يوم القيامة يحشر الفرد ويسأل لماذا قدمت يدك للتقبيل؟ فماذا يجيب؟ مع ان حبال الدنيا يومئذ كلها متقطعة، هل يقول كان ذلك طلبا للدنيا، او للشهرة، او للمال، او للتعارف الاجتماعي، او للتكبر؟‍‍ ‍‍طبعا كل ذلك منقطع في يوم القيامة، ولا يقبله الله سبحانه وتعالى.

ومن هنا ورد كما سمعنا، (انها لاتكون الا لنبي او وصي نبي) اي للمعصومين بالذات، او واجبي العصمة، عليهم افضل الصلاة والسلام. وهم الانبياء والاولياء عليهم السلام، لان نفوسهم ليست امارة بالسوء، لانهم معصومون. اما انا وامثالي، من ذوي النفوس الضعيفة، والقلوب المخلوطة، فهي مؤثرة لامحالة، (اي تقبيل اليد ) تاثيرا دنيويا متسافلا، حتى وان كان قصد الطرف الاخر (اي المقبل) قصدا حسنا وبنية حسنة، الاان فيه جانبا سيئا ايضا حتى على الاخر، لان الفرد الذى تقبل يده اذا تورط امام الله سبحانه، فان الذى ورطه انما هو هذا الذي قبل يده، فهو يضره في الاخرة، فيصير واسطة على ضرره، فيكون هو متورطا ايضا. لانه يضر المؤمن من هذه الجهة.

وليس في الاخبار استحباب تقبيل اليد، ولا خبر واحد فضلا عن الكثير. واتحدى اي شخص، ياتي بما يدل على الاستحباب. بل ان نفس الرواية السابقة، بل كلتا الروايتين السابقتين، تدلان على مرجوحيته لغير المعصومين بالذات، لانه يقول : (اما انها لاتصلح الا لنبي او وصي نبي)، يعني اذا لم يكن الفرد هكذا (اي معصوما بالذات) فلا يصلح له تقبيل اليد. وامارة ذلك هو ان تنظر اليه هل يغضب اذا لم تقبل يده ؟ او انه يطلب بلسان الحال ان تقبل يده ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟

فماذا يكون حاله امام السميع العليم القاهر القادر جل جلاله؟ ويكفينا الخبر الذي بدات به هذه الخطبة، للدلالة على الكراهة، انها حمقة من حمقات الاعاجم، واسلوب من اساليب طلب الدنيا، خوفا منه تُقبل يده حتى تتكفى شره، وتنال خيره، لا اكثر من ذلك. وانما كان تقبيل اليد اسلوبا من اساليب المجاملة، والتقرب إلى السلاطين والمسيطرين، لكسب المنفعة الدنيوية منهم لا اكثر، ولذا يعبر عنها النبي (صلى الله عليه واله) في الرواية (انها حمقة من حمقات الاعاجم) وانما هي من عمل الشيطان، وعمل الدنيا، وعمل النفس الامارة بالسوء، فالحماقة ما هي الا امثال ذلك ؟ ولو كانت مستحبة لما وصفها النبي (صلى الله عليه واله) بمثل هذه الصفة. والرواية، وان كانت ضعيفة، الا انها تامة بادلة التسامح بادلة السنن. وهي قاعدة صحيحة يستعملها الفقهاء لتتميم كثير من المستحبات والمكروهات المروية بالروايات الضعيفة.

والمسالة ليست خاصة بالحوزة كما ربما الان في خاطركم. كلا، بل لعل كل وجهاء الناس، واصحاب السطوة والنفوذ في المجتمع، تقبل ايديهم.كرؤساء العشائر، والمتقدمين في السن، وغيرهم، ورب الاسرة مثلا، وهكذا. فالخطاب لهم جميعا، ومن جميعهم يكون ذلك قبيحا امام الله وامام رسوله (صلى الله عليه واله).

ولكن تعالوا بنا الى المصافحة، التي هي الادب الرئيسي من اداب الله، واداب الاسلام عند لقاء المؤمنين، وليس هو تقبيل اليد بطبيعة الحال. ففي الوسائل اخبار تكاد ان تكون متواترة بذلك.

فعن ابي عبيدة، قال: سمعت ابا جعفر الباقر سلام الله عليه، يقول: (اذا التقى المؤمنان فتصافحا، اقبل الله بوجهه عليهما وتحاتت (اي تساقطت) الذنوب عن وجوههما حتى يتفرقا). وفي رواية اخرى: (وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من الشجر).

وعن يونس عن رفاعة، قال: سمعته يقول: (مصافحة المؤمن افضل من مصافحة الملائكة). وعن السكوني عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: (تصافحوا فانها تذهب بالسخيمة).

وعن ابي جعفر عليه السلام، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (اذا لقي احدكم اخاه فليسلم عليه وليصافحه، فان الله عزوجل اكرم بذلك الملائكة، فاصنعوا صنع الملائكة).

وفي حديث اخر عن ابي عبد الله، قال: (انتم في تصافحكم في مثل اجور المجاهدين). وعن ابي عبيدة الحذاء، قال: قال ابو جعفر الباقر (سلام الله عليه): (ان المؤمن اذا صافح المؤمن تفرقا من غير ذنب).

وعن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (اذا تلاقيتم، فتلاقوا بالتسليم والتصافح، واذا تفرقتم، فتفرقوا بالاستغفار). والاخبار في ذلك متظافرة ومتواترة.

والنتيجة ان المؤمنين اذا تلاقيا وتصافحا، فقد عملا المستحب والادب الاسلامي الذي يرضي الله ورسوله والمعصومين، وافترقا من غير ذنب.واما اذا حصل تقبيل اليد فقد افترقا بذنب. اما من مد يده فعليه الوزر والمسؤولية. واما الاخر فعليه مسؤولية توريط صاحبه بالذنب.

يبقى شيئ واحد اؤجله الى الجمعة الاتية، اذا بقيت الحياة، وهو انك تسأل وكثيرون يسالون بهذا الصدد، ان تقبيل اليد اكرام لذرية رسول الله (صلى الله عليه واله)، فهذا ما سوف اجيبه في الجمعة الاتية اذا بقيت الحياة، واذا لم تبق الحياة فاسالكم الفاتحة والدعاء.



بسم الله الرحمن الرحيم ويل لكل همزة لمزة * الذي جمع مالا وعدده * يحسب ان ماله اخلده * كلا لينبذن في الحطمة * وما ادراك ما الحطمة * نار الله الموقدة * التي تطلع على الافئدة * انها عليهم مؤصدة * في عمد ممددة *

صدق الله العلي العظيم
الجمعة التاسعة عشر 27 ربيع الثاني 1419

الخطبة الثانية



اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم

لك المحمدة ان اطعتك، ولك الحجة ان عصيتك، لا صنع لي ولا لغيري في احسان الا بك. يا كائنا قبل كل شيء، ويا مكون كل شيء، انك على كل شيء قدير. اللهم اني اعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور، ومن الندامة يوم الآزفة، فاسألك ان تصلي على محمد وال محمد، وان تجعل عيشي عيشة نقية، وميتتي ميتة سوية، ومنقلبي منقلبا كريما، غير مخزٍ ولا فاضح. اللهم صل على محمد واله الائمة، ينابيع الحكمة، واولي النعمة، ومعادن العصمة، واعصمني بهم من كل سوء، ولا تأخذني على غرة، ولا على غفلة، ولا تجعل عواقب اعمالي حسرة، وارض عني، فان مغفرتك للظالمين، وانا من الظالمين. اللهم اغفر لي ما لا يضرك، واعطني ما لا ينقصك، فانك الوسيع رحمته، البديع حكمته، واعطني السعة، والدعة، والامن، والصحة، والبخوع، والقنوع، والشكر، والمعافاة، والتقوى، والصبر، والصدق عليك، وعلى اوليائك، واليسر، والشكر، واعمم بذلك يا ربي اهلي وولدي واخواني فيك، ومن احببت واحبني، وولدت وولدني من المسلمين والمؤمنين، يا رب العالمين. الحمد لله الذي لا تنفد خزائنه، ولا يخاف آمنه. ربي ان ارتكبت المعاصي فذلك ثقة مني بكرمك، انك تقبل التوبة عن عبادك، وتعفو عن سيئاتهم، وتغفر الزلل، وانك مجيب لداعيك، ومنه قريب، وانا تائب اليك من الخطايا، وراغب اليك في توفير حظي من العطايا، يا خالق البرايا، يا منقذي من كل شديدة، يا مجيري من كل محذور، وفر علي السرور، واكفني شر عواقب الامور، فانك الله على نعمائك وجزيل عطائك مشكور، ولكل خير مذخور، وصلى الله على سيدنا ونبينا خير الاولين والاخرين، وخير الخلق اجمعين، وعلى اله الطيبين الطاهرين، افضل واحسن واكمل واجزل وازكى وانمى وافضل، ما صلى على احد من انبيائه ورسله ومن الخلق اجمعين، انه على كل شيء قدير.

اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.

ومن الامور السائرة والمشهورة جدا في الحوزة الشريفة وغيرها نداء المؤمن بضمير الجمع، يقول له: (جئتم، وقلتم، وذهبتم)، ولايجوز في نظره مخاطبته بضمير المفرد. مع اننا نخاطب الله بضمير المفرد ! كقوله في بعض الادعية: (اللهم انك قلت في كتابك المنزل). وفي القران الكريم، ولعلي لا احفظ الاية: ((تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب )). ونخاطب المعصومين عليهم السلام، بضمير المفرد،كقوله في بعض الزيارات: (اني اشهد انك تسمع سلامي وترد جوابي). فهل كان هؤلاء المؤمنين اعظم شأنا من الله ورسوله ؟! الا حسب دعاوى النفس الامارة بالسوء، وطلب الدنيا والشهرة. واصبح هذا راسخا، حتى اصبحت اللغة الفارسية يعيدون فيها ضمير المخاطب وضمير الغائب جمعا، فيقول (هم قالوا، وهم ذهبوا) ونحو ذلك حيث يقصد الواحد بطبيعة الحال. وهذا ايضا من المؤسف بطبيعة الحال. شانه في ذلك شان تقبيل اليد. واما اذا غضب الفرد لعدم تقبيل يده، او لاجل عدم مخاطبته بضمير الجمع، بل مخاطبته بالضمير المفرد. فاعلم انه خارج من رحمة الله، وداخل في غضب الله. وقد رووا في ذلك رواية تقول: (ان المؤمن بجماعة)، فكانه اذا يجب اعادة الضمير اليه، (ضمير جماعة)، او (ضمير الجمع)، وهذه الرواية لاوجود لها اطلاقا، ولو كانت موجودة فهي مرسلة وضعيفة السند وليست بحجة. ولو تنزلنا وقبلناها امكن ان نفهم منها معنى اخر غير اعادة ضمير الجمع، ولا ربط لها بذلك اصلا، وهو التركيز على اهمية المؤمن، ومدى ارتفاع شأنه عند الله، ومدى تاثيره في المجتمع، فان تاثيره كتاثير الجماعة كما يعبرون (واحد كألف) او كما يعبرون عن واحد انه كفرقة كامله في الجيش بكامل اسلحتها. والمؤمن المخلص الشجاع كذلك بطبيعة الحال..

صلوا على محمد وال محمد (فصاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد).

مرة ثانية رجاءا (فصاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد).

مرة ثالثة رجاءا (فصاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد).

مرة رابعة رجاءا (فصاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد).

مرة خامسة رجاءا (فصاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد).

وهذا لايعني انه ليس فردا واحد (إذا كان مهما جدا) بحيث يجب في اللغة ان تعيد الضمير اليه مفردا، ومن الغلط في اللغة اعادة الضمير اليه جمعا. بل الوارد في الروايات، هُو اختصاص الضمير بالمفرد وعدم امكان ارجاعه إليه جمعا. ففي الحديث عن منصور بن حازم عن ابي عبد الله الصادق (سلام الله عليه)، قال: (ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة، وان كان واحدا. عند العطاس تقول يرحمكم الله، وان لم يكن معه غيره. والرجل ليسلم على الرجل فيقول السلام عليكم. والرجل يدعو للرجل يقول عافاكم الله وان كان واحدا، فان معه غيره). وهذه واضحة بالحصر في هذه الموارد الثلاثة ،معناها انه في غير هذه الموارد الثلاثة ممنوع ومرجوح، وليس من الادب الاسلامي. فان قلنا باستحبابها (أي باستحباب هذه الموارد). فلا دليل على الاستحباب في غيرها، مضافا إلى انها لاتدل على الاستحباب حتى في هذه الموارد. لإمكان ان الامام عليه السلام هنا يريد ان يرفع هذه الغرابة في اعادة الضمير جمعا الى المفرد في هذه الموارد. وهذا الاسلوب هنا اسلوب عرفي، وليس اسلوباً خاصاً بالشرع، فيريد الامام (عليه السلام) ان يرفع الغرابة عن هذا الاسلوب العرفي، مضافا إلى ان الامام (عليه السلام) يحاول ان يصحح هذه الاستعمالات الثلاثة، حيث يقول: (فان معه غيره)، يعني من الملائكة. انت، اليس معك ملائكة؟. انا اقول نعم معك ملائكة، وكل فرد منا معه ملائكة بنص القران الكريم: السائق، والشهيد، والرقيب، والعتيد، والحافظ، والولي. ((نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا والاخرة)). اذن فهذه الاستعمالات ليست غلطا، لانها فعلا موجهة لمجموعة أي للمؤمن وملائكته.

وهذا لايصحح اعادة الضمير دائما في الجمع، لأن عافاكم الله، والسلام عليكم، دعاء للمؤمن والملائكة. واما قولنا ذهبتم، وقلتم، ونحو ذلك خطأ، لأن الفرد قال ولم تقل الملائكة شيئاً، والفرد ذهب ولم تذهب الملائكة، والفرد نام والملائكة لاتنام، والفرد اكل الطعام والملائكة لاتأكل الطعام. تقول له نمتم واكلتم والملائكة لم تفعل ! إذن يكون كذبا حبيبي.

الخطوة الاخرى التي لاتخلوا من الاهمية: ومن العيوب المستحكمة في داخل الحوزة وفي خـارجها، الجـلسة الشريفة في المجـلس، أو مـا يسمى بـ(صـدر الـمجلس)، فانه يُقصد من قبل الـكثيرين حتى يـكون فيه ضـيق شـديد علـى الجالسين، ومـع ذلـك يقولـون للـداخلين: يسع، يسع. صلوا على محمد وال محمد (فصاح المصلون اللهم صل على محمد وال محمد) في حين انه يدل ايضا كسوابقه على الانانية والتكبر وتركيز الذات المرجوح اخلاقيـا والـممقوت امـام الله سبحانه وتعـالى. اليس رسول الله اسوة لنا ؟! مـاذا سمعنا قبل قـليل ؟ (مـن هـُو منكم محمد؟). سـبحان الله، لـو كـان مـحمد جـالسا فـي صـدر الـمجلس، لما كان سأل هذا السؤال، هل نحن غفلة ؟). اليس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) اسوة لنا، وكذلك قادتنا وسادتنا المعصومين ؟ اذن فلنسمع الروايات عنهم وعن تواضعهم، فان كانوا اسوة لنا إذن وجب علينا التواضع، وترك العادات التي تركز التكبر والانانية. ومن الواضح انه كلما صعد الفرد في درجات الايمان، قل تكبره، وزاد تواضعه، حتى يصل إلى درجة لايرى لذاته أية اهمية واي وجود. وإنما تحصل مثل هذه العادات نتيجة لنقاط الضعف التي يريد الفرد ان يغطيها ويسترها من نفسه، وهو يعلم ان ذاته الحقيقية ما هي ؟ وما فيها من قصور وتقصير ؟ كما قال الله تعالى ((بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره))، فانه يحملك ويرميك في كذا وكذا وهو كاذب في كل ما قال. صلوا على محمد وال محمد (فصاح المصلون اللهم صل على محمد وال محمد).

واما الاخبار فعن ابي سليمان الزاهد عن ابي عبد الله الصادق (سلام الله عليه)، قال: (من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتى يقوم) وهي نص بالاستحباب الاكيد للرضا بدون الشرف من المجلس ـ ومن ذا الذي لايطمع بصلاة الله تعالىعليه وملائكته ـ وضعف سندها مجبور بادلة التسامح بادلة السنن، وهي صحيحة (اي هذه القاعدة) من هذه الناحية واجماعية.

وعن عبد الله ابن المغيرة عمن ذكره عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا دخل منزلاً قعد في ادنى المجلس إليه حين يدخل).

وعن هارون بن خارجة عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: (ان من التواضع ان يجلس الرجل دون شرفه). اقول ومن الواضح ان التواضع ليس للناس بل لله، ومن هنا ورد (من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر على الله اذله الله).

صلوا على محمد وال محمد (هنا صاح المصلون اللهم صل على محمد وال محمد).

وعن علي بن ابراهيم عن ابيه عن النوفلي عن السكوني عن ابي عبد الله (عليه السلام)، وهي معتبرة سندا في المشهور وانا اؤيد هذا المشهور، قال: (من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس) أي دون المجلس الذي يناسبك (وان تسلم على من تلقى) كائنا من كان، ليس مثل ذلك الذي يقول : لا الوث شاربي من دم الارنب. بل تواضع له وسلم عليه قربة للعزيز الحكيم، ولا تقل انه ينبغي ان اسلم على شخص (كشخة)[1]، اما الفقير والمتدني فلا اسلم عليه. فاذا فعلت ذلك، اذن انت خارج من رحمة الله وداخل في غضب الله.

صلوا على محمد وال محمد (هنا صاح المصلون اللهم صل على محمد وال محمد).

(من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس، وان تسلم على من تلقى، وان تترك المراء وان كنت محقا) ليس بدافع الانانية تدافع عن نفسك وعن ارائك التي هي غير معلومة صحيحة ام كاذبة. لا، بل تواضع لله واسكت. (ولا تحب ان تحمد على التقوى) انه انا صمت وانا صليت صلاة الليل وانا ذهبت إلى زيارة الحسين (عليه السلام) في ليلة الجمعة !! اسكت. الله يدري أم لايدري ؟ طبعا يعلم. فان كنت ذا اهمية لديه يقبلها منك، واما ان تورط نفسك بالرياء، فتعسا لك.

صلوا على محمد وال محمد (وهنا صاح المصلون اللهم صل على محمد وال محمد).

بل ورد المنع اخلاقيا عن تقديم الطاعة، والتبجح بها حتى إلى الله سبحانه، حتى إلى الله لاتقل انا اطعتك وانا صليت لك، قدم ذنوبك فقط. المعصوم يقول ليس لي عمل استحق به الجنة، فكيف انا وامثالي من المتدنين الحقراء. اعتبروا يا اولي الابصار، إلى متى انتم غفلة (ومنغمسين) بالذنوب والدنيا الدنية والنفس الامارة بالسوء ؟ إلى متى ؟ اشعر حبيبي !

وعن ابن عباس قال: (كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعتقل الشاة) لايعطيها إلى احد انه : شيخنا او سيدنا تعال شدها لي، بل هُو يشدها. ترفس في وجهه ويشدها. (ويجيب دعوة المملوك إلى خبز الشعير)، لا يحتشم من دعوة المملوك فضلا عمن هُو اشرف من رسول الله (صلى الله عليه واله). فهل في الحوزة وغير الحوزة شخص اشرف من رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) حتى المراجع حتى سيد محمد الصدر؟ وهل في الحوزة شخص يقبل بمثل هذه الامور التي كان يقوم بها رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم) حتى المراجع حتى سيد محمد الصدر ؟ وانا اقدم ذنوبي امامكم الان.

هل يقبل احد ان يجلس على الأرض وياكل على الأرض ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير ؟ فليكن الشخص منا كما ورد (حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وعاتبوها قبل ان تعاتبوا) واعلموا ان امامكم عقبا كؤودا ولايمر فيها إلا الافضل عند الله سبحانه وتعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد * صدق الله العلي العظيم







--------------------------------------------------------------------------------

[1] هو الشخص الذي يكون هندامه مرتب ويعتني بمظهره كثيرا.