الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419

الخطبة الاولى



اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

في الجمعة السابقة اعطينا الطاعة لله سبحانه وتعالى بنعم. وفي هذه الجمعة نعطي الطاعة لله عز وجل بـ( لبيك ) فقولوا معي كما اقول ثلاثا ..

لبيك لبيك يا الله …

لبيك لبيك يا رب …

لبيك لبيك للاسلام …

لبيك لبيك يا علي …

لبيك لبيك يا مهدي …

لبيك لبيك يا حوزة …

الان نؤدي التلبية كما تؤدى بالحج لانها في الحقيقة اعطاء الولاء لله سبحانه وتعالى ولا تختص بالحج.

لبيك اللهم لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك …

الشيء الاخر الذي وددت ان انبهكم عليه انني اود جدا كما علمنا نصب وذكريات لصلاة الجمعة ان نعمل نصب وذكريات بمناسبة الغدير بمناسبة عيد الغدير … فاهيب بالاختصاصيين وغير الاختصاصيين ان بأتوا لنا بما يناسب ذلك المقام الجليل من الان الى يوم الغدير نفسه فلا تقصروا تجاه امامكم امير المؤمنين (سلام الله عليه) وسوف يقول التاريخ ان هذا الشيء وهذا الطلب وقع خلال القصف الامريكي ليكون دليلا على ان المؤمن لا يخاف من احد الا من الله سبحانه وتعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه وكل بهائك بهي اللهم اني اسألك ببهائك كله. اللهم اني اسألك من جمالك باجمله وكل جمالك جميل اللهم اني اسألك بجمالك كله. اللهم اني اسألك من جلالك باجله وكل جلالك جليل اللهم اني اسألك بجلالك كله. اللهم اني اسألك من نورك بانوره وكل نورك نير اللهم اني اسألك بنورك كله. اللهم اني اسألك من رحمتك باوسعها وكل رحمتك واسعة اللهم اني اسألك برحمتك كلها. اللهم اني اسألك من كلماتك باتمها وكل كلماتك تامة اللهم اني اسألك بكلماتك كلها. اللهم اني اسألك من كمالك باكمله وكل كمالك كامل اللهم اني اسألك بكمالك كله. اللهم اني اسألك من اسمائك باكبرها وكل اسمائك كبيرة اللهم اني اسألك باسمئك كلها. اللهم اني اسألك من عزتك باعزها وكل عزتك عزيزة اللهم اني اسألك بعزتك كلها. اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى الحسن المجتبى وعلى الحسين الشهيد بكربلاء وعلى فاطمة الزهراء وعلى الامام السجاد وعلى الامام الباقر وعلى الامام الصادق وعلى الامام الكاظم وعلى الامام الرضا وعلى الامام الجواد وعلى الامام الهادي وعلى الامام العسكري وعلى مولانا صاحب الزمان ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا في الدنيا والاخرة.

بعد ايام قلائل يبدأ شهر رمضان المبارك شهر الله الاعظم وعيد اوليائه فيحسن بنا ان نتحدث اليوم عن فضيلة الصوم زاهميته في الاسلام والدين عنه كثير واكثره مسموع الا ان بعض التكرار لا يخلو من فائدة فانا ذكرت في فقه الاخلاق الجزء الاول قسطا وافيا منه الا ان الذي اريد التركيز عليه في هذا اليوم هو ذكر بعض الاخبار الواردة في فضيلة الصوم وشرحها واول واهم او ما يوجهنا الخطبة المروية في مفاتيح الجنان صفحة 172 : روى الصدوق بسند معتبر عن الرضا (عليه السلام) عن ابائه عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال ان رسول الله (صلى الله عليه واله) خطبنا ذات يوم فقال : يا ايها الناس قد اقبل عليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياله افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاءكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كبرائكم وارحموا صغاركم وصلوا ارحامكم واحفظوا السنتكم وعفوا عما لا يحل النظر اليه ابصاركموعما لا يحل الاستماع اليه اسماعكم وتحننوا على ايتام الناس يتحنن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده يجيبهم اذا نادوه ويلبيهم اذا نادوه ويستجيب لهم اذا دعوه ايها الناس ان انفسكم مرهونة باعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من اوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله تعالى ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين وا لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين. ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل : يا رسول الله وليس كلنا يقدر على ذلك. فقال (صلى الله عليه واله) : اتقوا الله ولو بشق تمرة اتقوا النار ولو بشربة ماء فان الله يهب ذلك الامر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على ما هو اكثر منه.

ويستمر رسول الله (صلى الله عليه واله) بخطبته الا اننا نكتفي بهذا المقدار لاجل اعطاء بعض الشروح لما سمعناه منها ولعلنا خلال الجمعات الاتية يمكننا تغطية الخطبة كلها نصا وشرحا اذا بقيت الحياة وساعد الحال وهنا لا بد من الاشارة الى عدة نقاط :

النقطة الاولى : انه (صلى الله عليه واله) قال : (يا ايها الناس) ولم يقل يا ايها المسلمون او يا ايها المؤمنون ونحو ذلك … وهذا يؤيد القاعدة التي يقول بها المشهور وهو الصحيح ايضا من ان الكفار مخاطبون بالفروع وتجب عليهم التكاليف الاسلامية كما تجب على المسلمين من صوم وصلاة وحج وزكاة وخمس وغيرها غاية الامر انها لا تصح منهم حال كفرهم فيجب ان يدخلوا في الاسلام لاجل تصحيح عباداتهم فيكون دخولهم في الاسلام من ناحيتين :

اولا : انه مطلوب في نفسه فانه يجب عليهم ان يسلموا على اية حال.

ثانيا : انه مطلوب لاجل تصحيح ما هو مطلوب منهم وجوبا من العبادات والصحيح ان مقدمة الواجب واجبة.

فالمهم ان قوله (يا ايها الناس) يشمل البشرية باديانها واصنافها واجيالها واماكنها ومجتمعاتها والله تعالى يريد الخير لكل البشر ويريد التوبة والتكامل لكل البشر وانه خلقهم من اجل خيرهم ونفعهم في الدنيا والاخرة اي في المدى اللانهائي وانما هم الذين ظلموا انفسهم وتقاعسوا عن العمل الصالح واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.

النقطة الثانية : انه قال (صلى الله عليه واله) : (قد اقبل عليكم شهر الله بالبركة والرحمة). اقول ان الله تعالى يعلم ما في نفوس البشر من النقص وما في اعمالهم من التقصير وما في تفكيرهم من القصور الامر الذي يؤدي بهم الى زيادة الذنوب والعيوب والى كثرة استحقاق العقاب وقلة استحقاق الثواب وبالتالي يؤدي الى ضعف التكامل المعنوي في درجات الايمان واليقين وهذا ما يؤسف له حقيقة وانما جناه الفرد على نفسه من حيث انه مستطيع للتكامل ومخلوق من اجل التكامل ومعطى فرصة السير في التكامل ومع ذلك فهو معرض عنه منصرف الى اللهو واللعب في شهوات الدنيا ومصالحها ومغرياتها وعلى اي حال فقد فتح الله تعالى الفرص الكثيرة جدا من اجل التوبة والانابة والتكامل وهي فرص موجودة على عدد انفاس الفرد بل اكثر حتى كان يعبر بعض اهل المعرفة ان يد الله ممدودة الى المصافحةويكفي بالفرد ان يمد يده اليها فقط وهي عبارة اخرى عن الفرصة المعطاة من قبله جل جلاله للتوبة وللتكامل ثانيا ولذا ورد في القرآن الكريم : ((والله يريد الاخرة)) يعني يريد لنا الاخرة لا لنفسه وهو غني عن العالمين وقال جل جلاله : ((يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون)).

لاحظوا .. فكان من جملة هذه الفرص للتوبة والانابة والاستغفار شهر رمضان وكل ايامه ولياليه فرص فهو ليس فرصة واحدة بل ملايين للانابة والتكامل والتوجه الى الله سبحانه وتعالى ونحن نعلم ان الله تعالى جعل فرص من اجناس مختلفة للتوبة والانابة والثواب منها المساجد والمراقد المقدسة وبيت الله الحرام ومنها الازمان او الايام كشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الغدير وعيد الاضحى ويوم عرفةوليلة النصف من شعبان وغيرها كثير وهذه الكثرة انما تكون من سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ومن جليل كرمه والا كان في مستطاع الله ان يقلصها الى اقل مقدار ممكن.

ومنها اي من فرص التوبة والرحمة القرآن الكريم نفسه الذي هو باب الهداية العظيمة والعامة للبشر اجمعين ومنها وجود المعصومين (عليهم السلام) انفسهم فانهم عدل الكتاب وكتاب الله الناطق واحد الثقلين في حديث النبي (صلى الله عليه واله) : (اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتيما ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ابدا).

النقطة الثالثة : انه (صلى الله عليه واله) قال في الخطبة : (شهر رمضان شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام وساعاته افضل الساعات) مع انه قد يحص السؤال عن الوجه في ذلك فان العقل لا يدرك فرقا بين اجزاء الزمان كالايام والاشهر ونحو ذلك فكيف يكون بعض الزمان افضل من بعض كشهر رمضان او غيره.

وجواب ذلك من عدة جهات نذكر منها اثنان :

الجهة الاولى : ان العقل البشري وان لم يمكنه ان يتصور ذلك اي فضل بعض الايام والاشهر على بعضها الا اننا نعترف بان العقل البشري او القسم من العقل البشري لو صح التعبير غير كاف لادراك الواقعيات التي يعلمها الله سبحانه وتعالى في مخزون علمه ومكنون حكمته وليس له الحق اي ليس للعقل البشري الحق في ان يناقش فيما لا يعلم او لا يدرك ويكفينا هنا مجرد الاطروحة في صحة ذلك واقعيا من دون ان يدرك العقل ذلك لقصوره وتقصيره.

الجهة الثانية : ان الله تعالى يتعمد لو صح التعبير ان يفعل ذلك فان كل هذه الاثار والنتائج هي من كرمه وعطائه فهو يبذل فرصة التوبة وينزل الملائكة ويستجيب الادعية وغير ذلك ويستطيع جل جلاله ان يعمل ذلك في زمان دون زمان ويفضل بعض الازمنة على البعض الاخر من هذه الجهة او من اية جهة.

النقطة الرابعة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله) فان السؤال يحصل بان الضيف ينبغي اكرامه واحترامه فان كان الناس في ضيافة الله اذن فهم مكرمون ومحترمون الا ان الامر يبدون للانسان البسيط طبعا يبدو بالعكس فان ضيوف الله في شهر رمضان جائعون خلال الصوم.

وجواب ذلك في نقطتين :

الاولى : ان هذا الجوع والعطش والتعب انما هو دنيوي محض بطبيعة الحال واضح جدا. وليس المقصود من خطبة النبي (صلى الله عليه واله) هو ذلك او قل ليس المقصود هو الاكرام في الدنيا بل الاكرام في الاخرة واعطاء المزيد من الثواب والاجر للعاملين في سبيله. اذن المراد من الضيوف انما هم ضيوف الاخرة وليس ضيوف الدنيا.

الثانية : ان الله تعالى لا يعطي العبد عطاءا مجانيا اطلاقا وهذا قانون ماشٍ بين جميع الناس حتى المعصومين (عليه السلام) وانما يحصل الثواب على العمل. واما بدون عمل فلا يحتمل حصول الثواب اصلا وفي الحكمة : (القدو الاول من العبد والثاني من الرب) وفي الحديث القدسي : (من تقدم الي شبرا تقدمت اليه ذراعا). ويعني ذلك انه لو لم يفعل العبد اي شيء ولم يبادر الى اي طاعة لا يحتمل ان يكون مستحقا للثواب.

اذن فضيافة الله في الاخرة منوطة بالعمل ومن هنا امر الله تعالى عباده ذلك عباده بالعمل على مختلف مستوياته وانواعه فشهر رمضان فيه الصوم وشهر ذي الحجة فيه الحج والاموال فيها ضرائب الزكاة والخمس وهكذا.

النقطة الخامسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة) والعبارة وان كانت مطلقة للصائمين وغيرهم لانه يقول (نومكم فيه عبادة) يعني سواء كان الفرد صائما فعلا او لم يكن صائما الا انه لا يحتمل فقهيا ذلك بل هي خاصة بالصائمين فقط نومالصائمين عبادة وليس نوم المفطرين في شهر رمضان عبادة فقد اعطاهم الله تعالى (اي الصائمين) هذه المزية وهي ان نفسه بمنزلة التسبيح لله سبحانه وتعالى ونومه بمنزلة العبادة والمراد به النوم نهارا يعني خلال الصوم وليس ليلا خلال الافطار ومن الواضح ان اية عبادة لا تجتمع مع الصوم اذ كيف يتعبد الانسان وهو صائم الا مع الصوم فانه ينام وهو صائم فيكون متعبدا بهذا المعنى خلال نومه ونحوه في الشريعة ورد : (ان من توضأ ونام فان فراشه مسجده) يعني يكون في عبادة الى ان يستيقظ برحمة الله وفضله وهذه من رحمات الله على العباد وزيادة في فضله عليهم اكثر من الاستحقاق في الحقيقة الا ان هذا لايعني الاكتفاء بهذه العبادة يعني انا انام وازيد نومي بعنوان ان نومي عبادة هكذا قد تسول النفس الامارة بالسوء وطبقةمن المجتمع يفكرون فيه وانا هذا الذي اريد ان ارده . لا. ثم لا. الا ان هذا لا يعني الاكتفاء بهذه العبادة عن ذكر الله والدعاء والقرآن ويقول الفرد لنفسه انه ما دمت صائما ونفسي تسبيح ونومي عبادة اذن فينبغي ان اترك العبادات والمستحبات الاخرى واكثر من النوم لتكثر لي العبادة فانه ليس المقصود من الحديث ذلك بل المراد حسب فهمي ان الفرد الصائم التوجه الى الله والراغب بزيادة اجره وذكرالله سبحانه وتعالى قد يشعر بالخيبة والخسرة والتفريط اذا تعب من دعائه او قرآنه واحتاج الى النوم فتنقطع عبادته بالنوم فهنا يقول له رسول الله (صلى الله عليه واله) انك اذا نمت اعتبر الله نومك عبادة ايضا مثاله الفرد الذي كان ملتزما خلال دهره بعمل معين كصلاة الليل مثلا ثم حصلله مانع معين كالمرض او السجن او الشيخوخة او اية ضرورة فتركها متأسفا فانه يعطى ثوابها لا محالة ولعل هذا من الواضحات شرعا وحسب فهمي من الشرعيات قطعا فاذا كان انت متعبد في النهار حال يقظتك اعطاك الله نفس الثواب حال نومك كما انه ليس المقصود من هذه الرواية طلب زيادة النوم وترك الاعمال الاقتصادية او العلمية او الاجتماعية ونحو ذلك وخاضة اذا كانت محل ضرورة او كانت واجبة شرعا للنفقة واجبة مثلا او غيرها فان النوم في مثل ذلك يكون مرجوحا بل قد يصبح حراما اذا كان مفوتا لواجب كالصلوات الواجبة او النفقة الواجبة.

النقطة السادسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (واذكروا بعطشكم وجوعكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه) وهذا الحديث له مرتبة علة ومرتبة معلول في لغتي واصطلاحي.

اما مرتبة العلة فان الجوع والعطش يذكر الانسان بامور عديدة وبتعبير آخر يذكر & او المصابين ومنها جوع وعطش العاملين في سبيل الله اذا وقعوا بمثل هذه الصعوبة ومنها جوع وعطش المضطرين التائهين في الصحراء او البر او الجبال او المسجونين ونحو ذلك كثير هذا في مرتبة العة اما في مرتبة المعلول فان كل واحد من هذه الافكار يعطي نتائجه المحمودة فتذكر جوع وعطش يوم القيامة يذكر بيوم القيامة نفسهواذا تذكر الفرد يوم القيامة والحساب والعتاب والعقاب وقف عند الذنوب واكثر من الطاعات وذكر الله سبحانه وحصل عنده الورع والتقوى وتذكر جوع وعطش الفراء والمسلمين بحيث الفرد بمقدار امكانه على قضاء حاجة المحتاجين واشباع المعوزين وهم كثيرون غالبا في المجتمعات وتذكر جوع وعطش المرضى والمضطرين بحيث الفرد على امرين احدهما السعي في قضاء حاجة المحتاجين مهما كانت ورفع ضرورة المضطرين من اخوانه المؤمنين بمقدار امكانه ثانيهما توجيه الحمد والشكر الى الله سبحانه بعدم الابتلاء والضرورة او هكذا تقول بعدم الابتلاء والضرورة والحاجة كما ابتلى به غيره كما ورد : (نعمتان مجهولتان الصحة والامان) وكلاهما في الحقيقة الصحة والامان من اعظم النعم ومبلغ شكرها الحقيقي وان كان هو الشكر اللفظي الا ان الواقع منه هو استغلالهما اعني الصحة والامان في طاعة الله واكتساب الطاعات وتكامل الايمان والسير في رضا الله سبحانه كما ورد في الحكمة لاحظوا .. هل سمعتم وهل اطعتم هذا الحديث الان اقرءه : (اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك).

بسم الله الرحمن الرحيم اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *

صدق الله العلي العظيم



الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419

الخطبة الثانية



اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

الهي ربيتني ونعمك واحسانك صغيرا ونوهت باسمي كبيرا فيا من رباني في الدنيا باحسانه وتفضله ونعمه واشار لي في الاخرة الى عفوه وكرمه معرفتي بك يا مولاي دليلي عليك وحبي لك شفيعي اليك وانا واثق من دليلي بدلالتك وساكن من شفيعي الى شفاعتك ادعوك يا الهي بلسان قد اخرسه ذنبه ربي اناجيك بقلب قد اوبقه جرمه ادعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا اذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت واذا رأيت كرمك طمعت فات عفوت فخير راحم وان عذبت فغير ظالم حجتي يا الهي في في جرأتي في مسألتك مع اتياني ما تكره جودك وكرمك وعدتي في شدتي مع قلة حيائي رأفتك ورحمتك وقد رجوت الا تخيب بين ذين وذين منيتي فحقق رجائي واسمع دعائي يا خير من دعاه داع وافضل من رجاه راج عظم يا سيدي املي وساء عملي فاعطني من عفوك بمقدار املي ولا تأخذني باسوء عملي فان كرمك يدل عن مجازاة المذنبين وحلمك يكبر عن مكافأة المقصرين وانا يا سيدي عائذ بفضلك هارب منك اليك متنجز ما وعدت من الصفح عمن احسن بك ظنا وما انا يا رب وما خطري هبني بفضلك وتصدق علي بعفوك اي ربي جللني بسترك واعفو عن توبيخي بكرمك وجهك فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته لا لانك اهون الناظرين واخف المطلعين بل لانك يا رب خير الساترين واحكم الحاكين واكرم الاكرمين ستار العيوب غفار الذنوب علام الغيوب تستر الذنب بكرمك وتؤخر العقوبة بحلمك اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكرم تحياتك واعظم الائك كماصليت وباركت وترحمت وتحننت على تمننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.

بسم الله الرحمن الرحيم

((يا ايها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فاقيموا الصلاة واتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير))

من الامور التي يشير اليها النبي (صلى الله عليه واله) في خطبته استحباب ان يفطر الفرد صائما وهذا المعنى شامل للصائم وغيره، يعني يسحب لك ان تفطر صائما سواء كنت صائما ام لم تكن وهذا يدخل في الحقيقة في المنهج الاسلامي العام لقضاء حاجة المحتاجين فليس من العدل والانصاف ان يكون فطور طبفة من الناس اطايب الطعام والشراب وفطور طبقة اخرى يكون متواضعا جدا وان لا يجد له افطار اطلاقا فمقتضى العدل الاسلامي هو تساوي هاتين الطبقتين مهما امكن وذلك ان الله تعالى امر الاغنياء بالاعطاء الى الفقراء في كثير من تعاليمه الواجبة والمستحبة كالزكاة والخمس والفدية والكفارة والعتق ووجوب انقاذ المضطر واستحباب الصدقة واستحباب قضاء حاجة المحتاجين واحيانا وجوب قضاء حاجة المحتاجين وغير ذلك كثير حتى ان تقسيم الارث بين الورثة يدخل في ضمن ذلك كما قال تعالى : ((كي لا تكون دولة بين الاغنياء منكم)) ومع ذلك نجد طبقات من الناس دنيوين يدعون الاشتراكية بمختلف اتجاهاتها وتفاسيرها في حين ان الاسلام بل ان خط الانبياء كله انما هو على ذلك وعلى الشفقة على الفقراء والمحتاجين مع هذا الفارق الرئيسي بين الجماعتين الجماعة الدنيوية والجماعة الدينية وهو ان دعاة الجماعة الاشتراكية الدنيوين يعيشون عيشة مرفهة قد نالوا الشهرة والزعامة والمال بعنوان انهم دعاة الى مسلك معين او مصلحة اجتماعية معينة في حين ان الانبياء والاوصياء والمعصومين عموما يغلب على حياتهم الزهد والتقشف وشظف العيش واغلبهم كانوا من قبيل الرعاة او الفلاحين كما قال تعالى نقلا عن احد الانبياء : (وما كنت لاخالفكم الى ما انهاكم عنه)) يعني انني حينما امركم بشيء او انهاكم عن شيء فليس هذا لكم فقط بل هو لي ايضا وواجب علي ضمنا وانا اولى من ان افعله واطبقه منكم وقال عن موسى (عليه السلام) : (وانا اول المؤمنين)) وقال امير المؤمنين (عليه السلام) ما مضمونه : (كيف ارضى لنفسي ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم (يعني لا اشارك المؤمنين طبعا) شظف العيش وقساوة الحياة) ولم يقصر هو في ذلك بل كانت كل حياته (عليه السلام) مبنية على الزهد المكثثف والابتعاد عن الدنيا وما فيها ومن الاحاديث الواردة في فضل الصوم (انه جنة من النار وعاصم منها) ولا شك ان الاعم الاغلب من الناس يشعرون باستحقاقهم للنار نتيجة للذنوب والعيوب والقصور والتقصير الذي مر به في حياته ومن هنا فتح الله فرصا عديدة كما قلت للوقاية من العذاب وتجنب نتائج الذنوب لانه سبحانه خلق خلقه للرحمة وليس للعذاب ولا يكون العذاب الا في اخر مرحلة عند الياس من العبد تماما كما في المثل: (آخر الدواء الكي). ومن هنا تتعجب ملائكة جهنم في مجيئه وتقول لهم: ((ما سلككم في سقر)) ولماذا جئتم هنا مع ان الله تعالى خلقكم من اجل الجنة ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)) فكان من الطبيعي ان تذهبوا الى الجنة لا ان تأتوا الى النار فيكون جوابهم بالاعتراف بالذنب قالوا : ((لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين فما نفعتهم شفاعة الشافعين)) لان شفاعة الشافعين للمرضي لله سبحانه وتعالى ((ولا يشفعون الا لمن ارتضى)). وعلى اي حال فقد جعل الله تعالى فرصا عديدة وموانع كثيرة للمؤمن عن النار كالبكاء خوفا من الله تعالى كما ورد بما مضمونه : (دمعة واحدة خوفا من الله تطفيء بها النار) يعني على قلة رطوبة الدمعة فانها تطفيء كثيرا من النار بفضل الله ورحمته وقدرته وكذلك قوله : (الصوم جنة من النار( فاذا صام القرد ووجوبا او استحبابا كان ذلك سببا لغفران ذنبه وستر عيبه ووقايته من جهنم وصعوده في درجات الجنان.

من الاحاديث الواردة في فضل الصوم ما ورد في الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى : (الصوم لي وانا اجزي به) وانا رويته في جمعة سابقة وقرأته بالالف المقصورة (الصوم لي وانا اجزى به) وقال لي احد فضلاء الحوزة ولعله حاضرا الان جزاه الله خيرا ان هذا غير ممكن وان احتمالات الحديث (اجزي) بالياء وفتح الالف او (اجزي) بالياء وضم الالف واما (اجزى) فلا يصح لان الله غني عن العالمين لان الله لا يجزى بشيء جل جلاله. لاحظوا .. وهذا معناه بوضوح انه لم يقرا ما كتبته في فقه الاخلاق الجزء الاول عن هذا الحديث حيث قلت هناك هكذا اقول : هذا بينما ترى الصوم خاليا من اي طرف آخر من العبادات التي لها اطراف المصلي يروه الناس ودافع الزكاة يأخذها الفقير او الحاكم الشرعي الخمس يأخذه الفقير او الحجاكم الشرعي الصوم فقط لله سبحانه وتعالى ولا يراه احد ولا يسمعه احد ولا يلمسه احد اطلاقا سبحان الله خالية من اي طرف آخر.

من هنا يمكن ان يكون الصوم عبادة سرية عن كل البسر لا يطلع عليها الا خالقها سبحانه وتعالى وفعلا نجح الكثيرون ممن يودون كتم عباداتهم بالاسرار بهذه العبادة المباركة ومن هنا ورد في الحديث القدسي : (الصوم لي وانا اجزي به) اما ان الصوم لله سبحانه وتعالى فلانه يمكن ان يكون مكتوما عمن سواه كما عرفنا فيتمحض لله عز وجل ويكون خاليا من الرياء والدوافع الدنيوية جميعا واما سائر العبادات فقد لا تكون لله او لا تتمحض له عز وجل بالشكل التام المرضي له سبحانه وتعالى لان لها مظاهر خارجية التي يمكن ان يطلع عليها الاخرون صحيح ان الصوم يمكن ان يعلن كما ان الصلاة يمكن ان تكتم او اية عبادة اخرى الا ان الافضلية مع ذلك تبقى للصوم لانه اسهل كتمانا من غيره ولا يوجد فيه اي مظهر يمكن الاطلاع عليه واما قوله في الحديث القدسي (وانا اجزي به) فقد تقرأه بالبناء على الفاعل (أُجزي) وقد تقرأه بالبناء على المفعول او المبني للمجهول (أَجزى) اما اذا بنيناه على المعلوم فيكون لهذه الفقرة عدة اساليب من الفهم نذكر بعضها:

الاسلوب الاول : (أجزي). ان الله سبحانه يجزي على الصوم يعني يعطي الثواب عليه وبهذا لا يفترق الصوم عن غيره من العبادات التي يعطي الله عليها انواع المثوبة ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم (انا اجزيء به) هو يجزي على كل العبادات ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم والفقرة الاولى خاصة به الصوم لي خاصة بالصوم وانا اجزيء به عامة لكل العبادات بناءا على هذا الاسلوب من التفسير.

الاسلوب الثاني : ان الله تعالى يستقل دون عباده وخلقه من الملائكة او الاولياء او غيرهم يستقل باعطاء الجزاء للعبد الصائم لان الحديث في الصوم باعطاء الجزاء للعبد فبينما يكون جزاء العبد في سائر العبادات على الخلق وبواسطة الخلق فانه يكون في الصوم على الله مباشرة (انا اجزيء به) وهذا يعني عدة امور منها كثرة العطاء طبعا لان العطاء الوارد من الله سبحانه لا شك هو اجزل من الوارد من المخلوقين وان انتسب ذلك ايضا الى الله تعالى في نهاية المطاف ومنها كتم العطاء عن الاخرين فما ان العبد في الصوم يعطي لربه عبادة مكتومة لذلك الله يعطي لعبده ثوابا مكتوما عن الاخرين وهذا فيه لذة للعبد معنوية لا يعرفها الا ذووها هذا اذا بنينا الفقرة في الحديث الشريف للفاعل المعلوم اقول (اجزي)، واما اذا بنيناها للمجهول (أُجزى) فستكون المسألة الطف واعجب لان معنى قوله (وانا أُجزى به) ان الصوم بنفسه سيكون جزاءا من العبد لربه على نعمه وافضاله والله سبحانه غني عن العالمين لا يمكن اليه النفع والجزاء من احد وانما هو معنى مجازي يمثل اهمية الصوم الى درجة تصلح ان تكون لله عز وجل بازاء نعمه اللامتناهية والائه المتواترة المستمرة ومن هنا نرى ان في الحديث تفخيما من جهة اخرى وهي ان الاء الله سبحانه وتعالى غير محدودة فلا يمكن ان يكون جزاؤها عبادة محدودة مهما كانت صفتها وانما ذلك اعطاء والتفخيم والاهمية للصوم الى هذه الدرجة الى حد جعله وكأنه عبادة غير محدودة بحيث يوازي ويساوي النعم غير المحدودة لله سبحانه وتعالى ولكن لا ينبغي ان ننسى ان ما جعله الحديث الشريف جزاءا لنعم الله سبحانه ليس كل صوم بطبيعة الحال بل لبصوم المكتوم حيث قال (الصوم لي) يعني الذي لا يعلمه غيري ومن الممكن القول بهذا الاعتبار ان العبادة مع تمحضها لله عز وجل ستكون من الناحية المعنوية غير محدودة بخلاف العبادة التي تشوبها الشوائب فانها ستكون عبادة محدودة او بالاحرى هزيلة لا تصلح لان تكون جزاءا لنعم الله العظيمة. فاذن الصوم المكتوم لا محدود فيمكن ان يكون جزاءا للنعم غير المحدودة هكذا بفضل الله ولا يخفى على كل حال ان في هذا تسامحا من جهة الله سبحانه وتعالى ورحمة من قبله لعبده اكثر من استحقاق المورد مهما كان عظيما لان الله عز وجل لا يمكن حقيقة ان تجازى الائه او تشكر نعمائه او يطاع حق طاعته او يذكر حق ذكره كما ورد في الاخبار واما قول هذا الواحد من فضلاء الحوزة بان امر هذا اللفظ مردد بين فتح الهمزة وضمها (أجزيء) و(أُجزيء) فهو قابل للمناقشة فـ(أُجزيء) لا معنى له حبيبي .. بل يتعين بالفتح (أجزيء) لانه من الثلاثي جزى يجزي واما الضم فلا يكون الا للرباعي او المزيد كادحرج واطعم من دحرج واطعم ولم يرد المزيد من هذه المادة فانه يقال جزى ولا يقال أجزى فيكون منه المضارع أجزي وانما يكون ذلك من الاجزاء لا من الجزاء وهو معنى اخر اجنبي عن المقصود في الحديث قطعا.

بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد * صدق الله العلي العظيم