النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: رسائل لن تصل..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    7

    افتراضي رسائل لن تصل..

    بسم الله الرحمن الرحيم..

    أخوتي الأعزاء..
    السلام عليكم..
    أحب أن أشاركم بمناسبة عيد الأم هذه القصة التي كتبتها على شكل رسائل مرسلة إلى الأم..
    وبالذات الأم العراقية التي عانت ما عانت من الويلات ..
    فتقبلوا مني ذلك تحية لكم وتحية للأم العراقية..

    رسائل لن تصل..

    إلى أمي مع كل الحب (مع اقتراب عيد الأم) ــ


    رسالة أولى:ــــــــــــــــــــــ
    ما زال تأثير الغربة قائماً على نفسي. شاقاً. ولن يزول. تمنيت لو أني لم أبتعد عنك كل هذا البعد. صحيح أن الغربة غربة، لكن عندما تكون في بلد عربي يخف وطؤها. الغربة في بلد عربي يكمن نسيانها. لكن هنا فهي شيء نسيانه.
    هناك أشياء يحسن أن لا تكون. لكنها قائمة وانتهى! كونها وحدها يكشف واقعة. لا. بل يخلق حقيقة.
    قلبي يرتجف –كالعادة- كلما ذكرتك. وإذ أكتب هذا – هل بل بالفعل سأرسله؟ فهل فيه شبهة من المستحيل؟ لست أدري! أم أني أضفي على المستحيل مستحيلاً! لست ادري!

    * * *
    رسالة ثانية: ــــــــــــــــــــــ
    لست محجوباً عنك. ومؤكد لست محجوبة عني. فقلبك مستحيل أن ينسى – ولو للحظة – ما خرج منه. كل مرة أكلمك فيها على "التليفون"، هناك إحساس ينتابني. وكأني أرجع طفلاً يحبو أمامك. لينشد حناناً من بحرك اللا متناهي. وجودك في قلبي حصار لا يمكن لي أن أتخلص منه. سنون مرت – وأنا هنا – ألغي كل الأمكنة والأزمنة عندما أذكرك.
    أنهض من قبضة حلم غامض لا أتبينه. وأسأل: كيف أنت الآن. هل صحتك جيدة . أمْ أن العد قد أكل منك ما أكل. هل خلفك جثة هامدة، يجتاحها المرض والعزلة والحزن.

    * * *
    رسالة ثالثة:ــــــــــــــــــــــ
    قضيت ليلة أنم فيها. أفكر بك.. هل تذكرين كيف أشاغب، وتعاقبيني. كيف ألعب معك. كيف كنت أنام وأصحو على أنفاسك التي تحميني من كل سوء – حتى في بعدي عنك. كيف كنت أنام وأنت تصحين، بمرضي، بعافيتي، بفرحي وحزني؟؟ دعاؤك – يا أمي – صك نجاح وسعادة لي.
    لعل الأيام سوف تجمع يبننا. من يدري؟! لعلني سأرجع طفلاً صغيراً - بعد أن تجاوزت الأربعين، وأنا أبكي على صدرك لوعةً، وألماً، لفراق طويل.

    * * *

    رسالة رابعة:ــــــــــــــــــــــ
    شوقي إليك سيف جارح.
    شعرت اليوم بسعادة حقيقية بمجرد أن سمعت صوتك في "التليفون". صوتك القديم. كله حنان.
    ذهبت بعد ذلك إلى الحديقة العامة. وأبصرت أشياء لم أبصرها من قبل في المدينة الثلجية هذه. دفء صوتك وحنانك، أنساني برودة الشتاء القاسية…. رجعت إلى الحياة، بعد موت طويل. شعرت بالراحة أخيراً.
    لن تعرفي أبداُ كم أحبك!.
    أرعبني خبر "الغارات" التي تشن على منطقتكم. الكوابيس أرعبتني كثيراً. هواجس وأوهام أخذت تلوح بي لترميني في بئر بلا قرار.
    الأيام تطير، ولسنا معاً. لا في الخوف، ولا في الطمأنينة. ما الذي يستحق كل هذا؟! لم أجد متعة في البقاء هنا, الأيام هنا – على الرغم من كل شيء – تكتسي بمسحة من الرتابة الفارغة. أفتقدك بعمق. أفتقد أصدقائي، رفاقي وكل حجر في الطريق إلى بيتنا. أما من طريقة ليرى أحدنا الآخر، في مكان ما، في زمن ما؟!…

    * * *

    رسالة خامسة:ــــــــــــــــــــــ
    قبلّت صورتك بتهيب، وأنا أغالب دموعي بعدما سمعت صوتك آخر مرة… صورتك معلقة في خيالي أينما أمضي، وأينما أكون. وتلك المعلقة على جدار غرفتي الثلجية تعيش معي في كل اللحظات. كأني أسمعك تتحدثين، كأني أعانقك من جديد. العالم في وجود من أحب، يصبح أنيساً – يا أمي – أكثر من أن يكون محتملاً فقط، أما في تأكد غيابهم - فقط – تتأكد وحشيته أكثر فأكثر….
    كتابتي هذه الرسائل – ومئات الرسائل الأخرى – تجعل معاناتي سلسلة ومحددة، في زمن بات التحديد في صعب. معاناتي أفق بلا حدود ، وغربتي مطلقة مُذ أن تركتك وتركت زمني معكم في مدن الدفء. في كتابتي إليك أجد شيئاً من الطمأنينة في زمن الخوف والقلق. زمن الوحشة والصمت.
    صمت الطرق وإلتواءاتها الجبلية في مدينة البرد، يثير صخب أفكاري وجنوني. أين صخب مناطقنا وعلو أصواتنا وضحكاتنا الربيعية…. هنا كل شيء بارد حتى العواطف.
    لا تعرفين- أبداً – كم أفتقدك؟؟!..

    * * *

    رسالة – ما بعد الألف: ــــــــــــــــــــــ
    كان المطر – يا أمي – مطراً شديداً كثيف. تبللت وركضت إلى بيتي. وكم تذكرت كيف كنت أركض حينما يهمي المطر لأصل إليك، وتوبخيني…. ركضت و لا أحد ينتظرني سوى الوحدة وصورتك المعلقة. وأجلس لأتذكر أني رجل وحيد – رغم كل ما يحيط بي – في بلاد بعيدة وأصحاب بعيدون.
    فأكتب كلمات مصفوفة من حزن وفراق . ألم ونشيج داخلي، لأقول كم أكره هذه المدينة، وكم أكره هذا المنزل البارد.
    إذ أكتب هذا – يا أمي – فهل بالفعل سأرسله؟!.. ببساطة، لا. لأن ساعي البريد لا يعرف بيتنا الفقير في الحي الفقير. ولأنك ببساطة – أيضاً – أمية لا تعرفين القراءة والكتابة. ولأن بصرك قد انطفأ وسمعك قد ثقل كثيرا، ولأنك شبه ميتة…. ولأني لن أرسل هذه الرسائل التي لا يمكن لصندوق البريد أن يسعها. فهل سأجتمع معك يوماً. في مكان‏ ما …

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    العراق + سوريا
    المشاركات
    251

    افتراضي

    جميلة هذه الكلمات ربي قر عين كل والدة بولدها

    وشكرا لك اخي طاهر

    شكررررا
    [align=center]



    إن أهنأ الناس عيشاً من كان بما قسم الله له راضياً

    [/align]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    7

    افتراضي شكرا على المرور..

    شكرا على مروركم وتواصلكم معي..
    مع محبتي ودعائي..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    اخي الفاضل حيدر الياسري اهلا بك معنا

    وجمعك الله بامك لتقر عيونها بك

    وشكرا على هذه المشاركة الحزينة
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني