هناك فرق بين الحقيقة والواقع . الواقع هو الواقع ملموس بكل حيثياته وادراكات العقل وأما الحقيقة فتختلف حيث لا وجود لمساحة تحدها لأنها الحقيقة لا يهمني هذا ولا ذاك لا يهمني جنگيزهم ! ولا صقرهم ولا أي وظيفة يعطوني لربما أن أكون أخ ولربما أكون أب وربما أكون شخص بائس هذا كله لا يهمني الذي يهمني ان انطلق على بساط الريح وأطير فوق السحاب حيث لا يوجد أي قيود .. أمارس كل شئ حتى لو كان ممنوعا ارقص واغني . لا شئ يمنعني اذا كان البساط تحت يدي وسبابة القلم ابللها بقبلة من ريقي . فأنا أهاجر بقلمي إلى أماكن ومدن لا اعرف اساميها ولم أكن أتصورها . أسافر على اظهر سفن تلتف بها الأمواج من كل جانب . اجلس على شواطئ وأسير على رمالها دون أن اترك اثر من ثم استيقظ واجد نفسي وحيدا إلا لفافة التبغ ! ارجع مرة أخرى إلى الواقع تاركا خلفي الحقيقة حقيقة القلم .. حقيقة خلجات النفس .. فليس كل ما ترسمه ريشة الرسام يكون مطابقا للواقع . فليس هناك من يعطي الحق لأي محكمة ان تصدر الثواب والعقاب على بساطي وسبابتي ولفافتي . فأنا حر وارسم صورا قد تكون معكوسة هذا ليس ذنبي في الحقيقة . وإذا وقع الذنب فيقع على كل حرف صاغه الشعراء وعلى كل لوحة رسمها فنان .

وبالأخير أقول : بأن لا جرم على أي إبداع ان صح التعبير إبداع يخرج من مخيلة انتظرت طيور السنونو وهي تعود إلى أعشاشها .