rri







الخطوبة








في اليوم المحدد لعقد الخطوبة كان والد الفتاة يدعو بعض الأقارب و الأصدقاء للحضور إلى البيت ب فكانت الوالدة تحضر وليمة الخطوبة .. وكان والد الشاب هو الآخر يدعو بعض الأقارب و الأصدقاء والعازفين وفي مقدمتهم وكيل العريس بطبيعة الحال لمرافقته و زوجته وابنه إلى بيت الفتاة ... قبيل وصول موكب الشاب كان والد الفتاة يقفل باب البيت ويغلق نوافذه أيضا ..ولدى وصوله كان موكب الشاب يجد بيتا مغلقا وكأنه مهجور .. ..حينئذ كان الوكيل ينادي والد الفتاة و يحاول إقناعه بفتح الباب و استقبال الجماعة ولكن من غير جدوى . ولم يكن له إلا أن يسهر قدراته الإبداعية من جديد وهو كما أسلفت خطيب مفوه طلق اللسان يجيد الإنشاد وإلقاء القصائد و الحكايات .. ويقول إنه مندوب أمير شاب اصطحب ذات يوم رفاقه في رحلة صيد وطاف معهم الجبال ليصطاد القطط البرية و طاف اخترق الغابات بحثها عن الدببة و تجول في التلال بحثا عن الثعالب و اعتلى الجبال ليصطاد الغزال ونزل إلى السهول ليقطف الزهور وأثناء جولاته في الجبال و التلال والسهول اقتفى آثار وحش مجهول والتفت إلى الحكماء والفلاسفة فقالوا إنها آثار فتاة حسناء وساحرة كوردة نضرة .. ويمضي الوكيل في الكلام قائلا إن الحكماء دلوا الصيادين على هذا البيت وإن الأمير يريد أن يقطف الوردة الرائعة التي تنمو في فنائه لزرعها في حديقة قصره ... ويطلب الوكيل من والد الفتاة مرة أخرى أن يفتح لهم الباب و يسمحوا لهم بالدخول وإلا سيعود مع جيش الأمير و يقتحم المنزل .. وفي الأخير يلوح والد الفتاة عند الباب ويدعو الموكب للدخول .. في بعض المناطق جرت العادة أن يخرج والدا الفتاة و ضيوفهم حال اقتراب موكب الشاب من البيت لاستقبل الوافدين في الفناء . وبعد ذلك كان والد الفتاة يدعو الموكب للدخول ..
وفي البيت ترحب والدة الفتاة بالضيوف فيتبادلون التحيات و يجلسون ولكن الوافدين يلاحظون أن الفتاة غير موجودة فتستحوذ عليهم الدهشة . فينهض الوكيل ويسأل والد الفتاة : أين الفتاة الساحرة الوردة النضرة التي يريدها الأمير الشاب زوجة فاضلة .. سنحضرها في الحال تقول والدة الفتاة وتخرج لتعود بعد قليل بصحبة بشاب يرتدي ملابس نسائية و على رأسه منديل وتقول : "أ هذه هي الورد ة التي تبحث عنها .. كلى يقول الوكيل وعلامات الذعر ترتسم على وجهه .. أحضري لنا الفتاة الساحرة التي يريدها أميرنا" .. فتخرج والدة الفتاة وتعود مع جدة الفتاة وهي ترتدي ملابس بالية وممزقة وتقول ها هي الفتاة الساحرة .. ولكن الوكيل يغضب ويقول لها وسط ضحكات الحاضرين و مزاحهم : أحضري الفتاة الساحرة قبل أن ينفد معين صبري وأخيرا تخرج الوالدة مرة أخرى وتعود مع ابنتها وهي منحنية الرأس وخجولة ... فينهض الشاب ويقتادها إلى المائدة فيجلسان جنبا بجنب .. وكانت والدة الفتاة قد مدت المائدة و وضعت عليها غطاء جميلا مطرزا وفي وسطها وعاء مليء بالقمح ... ويضع الشاب في الوعاء عدة نقود فتضع فتاة منديلا صغيرا كانت قد طرزته لتلك المناسبة . ثم يخرج الشاب المنديل ثم ويخلع قبعته ويسلمها لوالد الفتاة الذي يعطيه قبعته ويسلم قبعة الشاب لابنته .أما الفتاة فتخرج النقود من الوعاء ثم تزين قبعة الشاب بريشة طاووس فاخرة وتثبت بعض النقود في وسطها بينما يثبت الشاب المنديل في حزام قميصه .. ثم تعطي والدها القبعة المزينة ليهديها بدوره إلى الشاب الذي يضعها على رأسه أما النقود المتبقية فتأخذها الفتاة وتضعها في كيس صغير و تعتبرها هدية الشاب لها في يوم الخطوبة .. ثم ينهض رجل مسن و ويطلب من الفتاة و الشاب أن يتبادلا خاتمي الخطوبة اللذين كان قد أخفاهما في الوعاء . فيخرجانهما و بعد تبادلهما تصب الفتاة القمح على الأرض وسط تهاني وتبيركات الحاضرين .. بعدها يجلس الجميع إلى المائدة لتناول المأكولات المحضرة وكان الوكيل ينهض و يثني على الشاب و الفتاة عاطر الثناء و يمدح المائدة الزاخرة شاكرا أسرة الفتاة على كرمها .. في بحثه عن العرس التقليدي يقول سيميون ماريان أن الشاب والفتاة كانا شديدي الحرص على عدم ارتكاب أي خطاء أثناء الوليمة خشية فسخ الخطوبة وقال إن الفتاة التي تراجع خطيبها عن الزواج منها كان يصعب عليها إيجاد خطيب آخر وإن الشاب الذي ترفض خطيبته الزواج منه كان يلاقي نفس الصعوبات لاحقا ... وكان الوليمة مصحوبة بالغناء والرقص فكان الجميع يبتهج حتى بزوغ الفجر . وكانت الأسرتان تتفقان على بعض الأمور المتعلقة بحفل الزفاف و تحددان موعده وتتباحثان في اختيار الإشبين عدد الضيوف المزعومين من كل عائلة
في الغالب كان الزواج يتم في غضون بضعة أسابيع من عقد الخطوبة . وبعد تحديد موعد الزواج كان الشاب وخطيبته يذهبان إلى القس ويطلبان منه إشهار خطوبتهما و زواجهما القريب و موعد العرس وكان القس يستغل الفرصة ويحدثهما عن واجبات الزوج و الزوجة وما هو إيجابي و سلبي أيضا في الحياة الزوجية ..في جميع أيام الأحد المتبقية إلى يوم الزفاف كان القس يعلن في الكنيسة عن زواجهما و موعد العرس .. وفي الفترة المتبقية إلى عقد الزواج كان الشاب يفتخر بقبعته المزينة التي يضعها على رأسه كل يوم ..وكان الشاب و الفتاة يستعدان للعرس أيضا فعليهما اختيار أفراد الموكبين المرافقين لهما في يوم الزفاف كما سنرى فيما بعد