سيدات أعمال عراقيات يجتزن حاجز الخوف وينافسن الرجال في تنفيذ المشاريع

إحداهن أعادت إعمار مركز شرطة.. وأخرى «ساحة السباع» ببغداد


مجموعة من سيدات الأعمال العراقيات («الشرق الأوسط»)

بغداد: هدى جاسم
لم يكن العديد من النساء العراقيات يتصورن أن الأوضاع الأمنية ستمكنهن من تجاوز حاجز الخوف بالخروج إلى ميادين العمل ومنافسة الرجال كسيدات أعمال محترفات وصاحبات مشاريع لها رأس مال كبير، فبمجرد شعور بعض العراقيات بأن انفراجاً أمنياً قد طرأ على الأوضاع العامة في العراق حتى بدأن بالبحث والتقصي عن أماكن يبدعن فيها ويحققن مورداً مالياً يجعلهن في أمان اقتصادي.
عزة حمادي، وبالتعاون مع فيلق المهندسين التابع للجيش الأميركي، استطاعت ومنذ العام 2005 أن تجمع العشرات من النساء العراقيات ليشكلن معها قوة لسيدات الأعمال في العراق حتى بلغ عددهن الآن حوالي 1800 امرأة عراقية.

وتقول حمادي لـ«الشرق الأوسط» إن بدء «البرنامج كان في سنة 2005 وقد حصلنا إلى يومنا هذا على عقود بقيمة 450 مليون دولار، ونحاول العمل على تنظيم دورات شهرية تساعد السيدات على عملية البحث وملء الاستمارات وفهم العملية».

وأضافت عزة لقد «حققنا إنجازات كبيرة منها ضمان تقديم تكافؤ فرص العمل وذلك من خلال الحصول على العقود والأعمال التي هي ضمن برنامج إعادة الإعمار، وتشجيع سيدات الأعمال العراقيات على إنشاء شركات وأعمال خاصة بهن أو الاندماج مع شركات أميركية، وعقد سلسلة من الدورات التدريبية والندوات من أجل تدريب ورفع قدرات سيدات الأعمال في عملية البحث في المواقع الإلكترونية والبحث عن العروض وملء الاستمارات الخاصة بها وعملية تقديمها وعقد المؤتمرات التي ترشد سيدات الأعمال العراقيات إلى كيفية إنشاء شركات خاصة بهن وتوسيع مجال أعمالهن واتصالاتهن وترشيح المرأة العراقية للمشاركة في المؤتمرات الدولية والمحلية وذلك عن طريق البرامج المختلفة التي تقدم من قبل السفارة الأميركية والمنظمات الدولية».

وتعرضت النساء لمعاناة هائلة منذ غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وواكبته سنوات من حكم المحافظين الإسلاميين الذين قيدوا حقوق المرأة. وحولت الحرب آلاف النساء إلى أرامل، في حين دخل السجن أزواج أخريات.

ويأمل العراقيون في أن يسفر التراجع الحاد للعنف على مدى العام الأخير عن طفرة استثمارية. وتقول وكالات تابعة للجيش الأميركي تشارك في إعادة إعمار العراق إنها أرست 1020 عقداً على شركات مملوكة لنساء في 2008.

ومن جهتها، أشارت (ب،ج)، وهي سيدة أعمال عراقية فازت بتنفيذ 69 عقداً (مناقصة) مع الجانب الأميركي، إلى أن الصعوبات التي تواجهها النساء في العراق من سيدات الأعمال، «كبيرة وكثيرة».

لكن (ب.ج) واحدة ممن تحدين الظروف وأسهمن في بناء العراق من خلال فوزها بالعقود بعد أن باعت أثاث بيتها ليكون لها رأس مال جيد تبدأ به كمشروع، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن شركتها أو أي شركة للنساء والمدعومة اعتبارياً من قبل قسم المرأة في فيلق المهندسين يكون عبر تقديم عروض للبدء بتنفيذ مشروع ضمن مشاريع إعادة إعمار العراق، ويكون الفوز من خلال قيمة العقد المقدم ويبدأ تنفيذ المشروع بعد ذلك واستلام قيمته من قبل الجانب الأميركي. وأكدت (ب.ج) وهي متخرجة في الجامعة التكنولوجية كما أنها حاصلة على شهادة البكالوريوس باللغة الإنجليزية بأنها «سعيدة» بما حققته من مشاريع في العراق على الرغم من كل الصعوبات التي تواجهها ومنها التهديدات التي قد تطال أي سيدة أعمال تقوم بتنفيذ مشاريع برأس مال شركتها مع الجانب الأميركي المعني بإعادة الإعمار. وإحدى السيدات، وهي صاحبة شركة الحرير الذهبي، قامت بتنفيذ مشروع تأهيل مركز شرطة حديثة، غرب العراق، وكانت ضمن المناطق الساخنة لكنها أكملته أيضاً بتحدٍ ونجاح باهر.أما ياسمين فقد قامت بتأهيل ساحة السباع في بغداد، لكنها تؤكد أن هناك مشاريع أخرى غير البناء والتصاميم تقوم بها سيدات أعمال أخريات ومنها مشاريع طباعة وإصدار كتب وإعادة بناء مدارس وتأهيل مستشفيات ومشاريع أخرى كثيرة، بينما تقوم أخريات بالعمل في مجال الاستيراد والتصدير أيضاً. ومن جانبها، قالت مجدة إبراهيم محمد، رئيسة منظمة سيدات الأعمال بلا حدود، إن منظمتها، وهي من منظمات المجتمع المدني، قامت مع أكثر من 150 امرأة أخرى بفتح مشاريع صغيرة في مناطق متعددة من العراق لمساعدة هؤلاء النسوة على تحمل أعباء الحياة بقوة وبشكل يؤدي إلى خدمة الآخرين.

وقالت مجدة لـ«الشرق الأوسط» إن منظمتها قامت بفتح عدد من الورش الخاصة بالخياطة تديرها نساء وعدد من المعامل الصغيرة لصناعة المواد الغذائية وقد أثبتت المرأة من خلال هذه الأعمال وغيرها أنها قادرة على إدارة عملها بشكل ناجح جداً.

وحثت سيدات الأعمال الحكومة العراقية على دعم سعيهن للفوز بحصة أكبر من المشاريع التي من المتوقع أن تزدهر الآن في العراق مع انحسار العنف، كما طالبت بطرح مشروع قانون بهذا الخصوص في البرلمان. ونقلت وكالة «رويترز» عن النائبة شذى العبوسي أن «اقتحام المرأة ميادين العمل لا يقل أهمية عن مشاركتها في السياسة وفي العملية السياسية»، وأضافت «إذا احتاج الأمر إلى تشريع خاص سنعمل نحن كعضوات في البرلمان وكناشطات نسويات على هذا وسنقدم لهن الدعم».