مأتم على شرف دمعتي

كتبت هذه السطور إثر مجزرة مدينة الصدر الأخيرة والتي راح ضحيتها أكثر من 200 عراقي ما بين قتيل وجريح

بلقيس الملحم *

[email protected]

...................

دخلت في حالة بكاء طويلة..
بكاء يشبه صوت الزجاج الذي أعلن نهايته بتهشيمه..
ولون الفساتين التي دفعت قيمتها مجانا للقوارير..
بكاء استدعى حمامة نفذت بجلدها من سوق الجنة القادم، وسافرت من صدري إلى صدري..
لتواسيني ....
بنواحها الذي أمسك تسبيح الملائكة..
خلف النافذة وقفت..
شاهدتني منكسة أعلامي البيضاء, أمام شاشة حمراء.
تعرض مقاطع من قيامة كانت مشفرة, لتفك شفرتها أمام نفوس ملحدة بالعراق, تفك شفرتها عن بحار أججت..
وكواكب انتثرت..
وقبور انشقت عن أصحابها..
مفسحة المكان و بكرم سومري .....وهي تتحدث عن : ألاّ جديد ممن أخبارهم..
سوى انضمام الشهداء إليهم..
خارجين من رحم ورث المعاناة تلو المعاناة..؟
فلم يجد مخرجا, سوى بلاط أملس تتزحلق عليه دمعة أمه الغالية..
مطأطئة رأسها الحمامة..
كمن يعلن عجزه أمام ضحية فارقت الحياة عن كثب..
مستدعية بذلك النواح ملائكة جدد, كانوا يجوبون الطرقات بحثا عن صلاة جديدة لمذنب..
أو مستغيث-بطران- منهية مهمتها اليومية بكتابة دمعة نسيتُها هناك في سوق مريدي تحديدا..
حيث فشلتُ في ترتيل مناجاة كانت ستشتبه عليهم.
متداولين إياها في حديثهم اليومي عن أهل الأرض...
كحديث المحبين قبل الرحيل, وهم يجمعون:
بقايا الصور
ومُقل النجوم
و نبؤآت القادم من وطن تلعب به الجن, والشياطين الذين هم يطيرون أيضا في السماء..
الحمامة المتسكعة..
كانت قد خرجت من بين صناديق الفاكهة..
والخضار..
في فسحة من سكين تنتظرها..
غير أنها لم تفلح في الهروب...
من قدرها الذي لحق بها بعد انتهائها من النواح..
حيث ماتت احتجاجا على من يحث العراقيين على ألا يفقدوا الأمل إذا ما استغل المسلحون انسحاب القوات الأمريكية لتصعيد هجماتهم..
وعلى شرف دمعتي:
احتضنت ولدي محمد ....
الذي دخل عزلتي معزيا إياي.. ممسكا بيده ورقة.. وقلما..
وهو يسألني بعفوية : كيف تقتص الحمامة من قاتلها يوم القيامة!!
______________________________
* بلقيس الملحم: شاعرة وكاتبة من السعودية