معلقة النابغة الذبياني

[poem=font=",5,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.iraqcenter.net/vb/mwaextraedit2/backgrounds/63.gif" border="outset,10,darkred" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""] عُوجُوا فحَيّوا لِنُعْمٍ دِمْنَةَ الدَّارِ، = مَاذَا تُحَيَّونَ مِنْ نُؤْيٍ وأَحْجَارِ؟
أَقْوَى وَأَفْقَرَ مِنْ نُعْمٍ، وَغَيَّرَهُ = هُوْجُ الرِّياحِ بِهَابيْ التُّربِ مَوَّارِ
وَقَفْتُ فيها، سَراةَ اليَومِ، أَسْأَلُها = عَنْ آلِ نُعْمٍ، أَمُوناً، عَبْرَ أَسْفَارِ
فَاسْتَعْجَمَتْ دَارُ نُعْمٍ ما تُكَلِّمُنا، = والدَّارُ لَوْ كَلَّمَتْنَا ذاتُ أَخْبَارِ
فَمَا وَجَدْتُ بها شَيئاً أَلُوذُ بِهِ، = إلاّ الثُّمَامَ وإلاّ مَوْقِدَ النَّارِ
وَقَدْ أَرَانِي وَنُعْماً لاَهِيَيْنِ بها، = وَالدَّهْرُ والعَيْشُ لَمْ يَهْمُمْ بِإِمْرارِ
أَيَّامَ تُخْبِرُني نُعْمٌ وأُخْبِرُها = ما أَكْتُمُ النَّاسَ مِنْ حاجي وأَسْرارِي
لَوْلاَ حَبَائِلُ مِنْ نُعْم عَلِقْتُ بها = لأقْصَرَ القَلْبُ عَنْهَا أَيَّ إقْصارِ
فإنْ أَفاقَ لَقَدْ طَالَتْ عَمَايَتُهُ، = وَالمَرءُ يُخْلِقُ طَوراً بَعْدَ أطْوَارِ
نُبِّئْتُ نُعْماً على الهِجْرَانِ عَاتِبَةً، = سَقْياً وَرَعْيَاً لِذَاك العَاتِبِ الزَّارِي
رَأَيْتُ نُعْماً وَأَصْحابي على عَجَلٍ، = والعَيْسُ لِلْبَيْنِ قَدْ شُدَّتْ بِأَكْوَارِ
فَرِيعَ قَلْبِي، وكَانَتْ نَظْرَةٌ عَرَضَتْ = حَيْناً، وتَوْفيقَ أَقْدارٍ لأقْدَارِ
بَيْضَاءُ كَالشَّمْسِ وَافَتْ يَوْمَ أَسْعَدِهَا = لَمْ تُؤْذِ أَهْلاً وَلَمْ تُفْحِشْ على جارِ
تَلُوثُ بَعْدَ افْتِضَالِ البُرْدِ مِئْزَرَهَا = لَوْثاً على مَثَلِ دِعْصِ الرَّملَةِ الهَارِي
والطِّيبُ يَزْدَادُ طِيْباً أَنْ يَكُونَ بِهَا = في جِيْدِ وَاضِحَةِ الخَدَّينِ مِعْطَارِ
تَسْقِي الضَّجيعَ، إذا اسْتَسْقى، بذي أَشرٍ، = عَذْبِ المَذاقةِ، بَعْدَ النَّومِ، مِخْمَارِ
كَأَنَّ مَشْمُولَةً صِرْفاً بِرِيْقَتِهَا = مِنْ بَعْدِ رَقْدَتِهَا، أَوْ شَهْدَ مُشْتَارِ
أَقُولُ والنَّجْمُ قَدْ مَالَتْ أَوَاخِرُهُ = إلى المَغِيبِ: تَثَبّتْ نَظرَةً حَارِ
أَلْمَحةٌ مِنْ سَنَا بَرْقٍ رَأَى بَصَري، = أَمْ وَجْهُ نُعْمٍ بَدَا لي، أَمْ سَنَأ نَارِ
بَلْ وَجْهُ نُعْمٍ بَدَا، واللّيلُ مُعْتَكِرٌ، = فَلاَحَ مِنْ بَيْنِ أَثْوَابٍ وَأَسْتَارِ
إنَّ الحُمُولَ التي رَاحَتْ مُهَجِّرَةً، = يَتْبَعَنَ كلَّ سَفِيهِ الرَّأيِ مِغْيارِ
نَواعِمٌ مِثْلُ بَيْضَاتٍ بِمَحْنِيَةٍ، = يَحْفِزْنَ مِنْهُ ظَليماً في نَقاً هَارِ
إذا تَغَنَّى الحَمَامُ الوُرْقُ هَيَّجَني، = وإنْ تَغَرَّبْتُ عَنْهَا أُمِّ عَمَّارِ
وَمَهْمَهٍ نازِحٍ تَعْويْ الذِّئَابُ بِهِ، = نائي المِياهِ عَنِ الوُرَّادِ، مِقْفارِ
جَاوَزْتُهُ بِعَلَنْدَاةٍ مُنَاقِلَةٍ، = وَعْرَ الطَّريقِ على الإِحْزانِ، مِضْمَارِ
تَجْتَابُ أَرْضاً إلى أَرْضٍ بِذِي زَجَلٍ = ماضٍ على الهَوْلِ، هادٍ غيرِ مِحْيَارِ
إذا الرِّكابُ وَنَتْ عَنْهَا رَكَائِبُها، = تَشَذَّرَتْ بِبَعِيدِ الفَتْر خَطَّارِ
كَأَنَّما الرَّحْلُ مِنْهَا فَوْقَ ذِي جُدَدٍ، = ذَبِّ الرِّيادِ إلى الأشْباحِ نَظَّارِ
مُطَرَّدٌ أُفرِدَتْ عَنْهُ حَلاَئِلُهُ، = مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ أَوْ مِنْ وَحْشِ ذي قارِ
مُجَرَّسٌ، وَحَدٌ، جأْبٌ، أَطاعَ لَهُ = نَباتُ غَيْثٍ مِنَ الوَسْميِّ مِبْكَارِ
سَراتُهُ ما خَلاَ لَبَانَهُ لَهَقٌ، = وفي القَوَائِمِ مِثْلُ الوَشْمِ بِالقَارِ
باتتْ لَهُ لَيلَةٌ شَهْبَاءُ تَسْفَعُهُ = بِحَاصِبٍ ذَاتِ إشْعانٍ وإمْطَارِ
وباتَ ضَيفاً لأْرطاةٍ، وأَلْجَأَهُ، = مَعَ الظَّلاَمِ، إلَيها وابِلٌ سَارِ
حتى إذا ما انْجَلَتْ ظَلْماءُ لَيْلَتِهِ، = وأَسْفَرَ الصّبحُ عَنْهُ أَيَّ إسْفَارِ
أَهْوَى لَهُ قَانِصٌ يَسْعَى بِأَكْلُبِهِ، = عَارِي الأشَاجِعِ، مِنْ قُنَّاصِ أَنْمارِ
مُحَالِفُ الصَّيْدِ، هَبَّابشٌ، لَهُ لَحَمٌ، = ما إنْ عَلَيْهِ ثِيابٌ غَيْرُ أَطْمَارِ
يَسْعَى بِغُضْفٍ بَرَاها فَهْيَ طَاوِيَةٌ، = طُولُ ارْتِحَالٍ بِهَا مِنْهُ وَتَسْيَارِ
حتى إذا الثَّورُ، بَعْدَ النَّفرِ، أَمْكَنَهُ، = أَشْلَى، وَأَرْسَلَ غُضْفاً كُلُّها ضَارِ
فَكَرَّ مَحْمِيَّةً مِنْ أَنْ يَفِرَّ كَمَا = كَرَّ المحامي حِفاظاً، خَشْيَةَ العارِ
فَشَكّ بالرَّوْقِ مِنهُ صَدْرَ أَوَّلِها، = شَكَّ المُشَاعِبِ أَعْشاراً بأَعْشارِ
ثُمَّ أَنْثَنَآ بَعْدُ للِثَّاني، فَأَقْصَدَهُ = بذَاتِ ثَغْرٍ، بَعِيدِ القَعْرِ، نَعَّارِ
وَأَثْبَتَ الثَّالِثَ الباقي بِنَافِذَةٍ، = مِنْ بَاسِلٍ، عالمٍ بالطَّعْنِ، كَرّارِ
وظَلَّ في سَبْعَةٍ منها لَحِقْنَ بِهِ = يَكُرُّ بالرَّوقِ فيها كَرَّ إسْوارِ
حتّى إذا ما قَضَى مِنْها لُبانَتَهُ، = وَعَادَ فيها بإقْبالٍ وإدْبارِ
إنْقَضَّ كالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ مُنصَلِتاً = يَهْوي، ويَخلِطُ تَقْريباً بإحضارِ
فَذَاكَ شِبْهُ قَلُوصيَ، إذ أَضَرَّ بها = طُولُ السُّرَى والسُّرَى مِنْ بَعْدِ أسفارِ
لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيَانَ عَنْ أُقُرٍ، = وَعَنْ تَرُبُّعِهِمْ في كلِّ أَصْفَارِ
فَقُلْتُ: يَا قَوْمُ إنَّ اللَّيْثَ مُنْقَبِضٌ = على بَراثِنِهِ لِوَثْبَةِ الضَّارِي
لاَ أَعْرِفَنْ رَبْرَباً حُوراً مَدَامِعُهَا، = كَأَنَّهُنَّ نِعاجٌ حَوْلَ دَوَّارِ
يَنْظُرْنَ شَزْراً إلى مَنْ جَاءَ عَنْ عُرُضٍ، = بِأَوْجُهٍ مُنْكِراتِ الرِّقِّ أَحْرَارِ
خَلْفَ العَضارِيْطِ لا يُوقَيْنَ فَاحِشَةً = مُسْتَمسِكَاتٍ بِأَقْتَابٍ وَأَكْوَارِ
يُذْرِينَ دَمْعَاً على الأَشْفَارِ مُنْحَدِراً، = يَأْمُلْنَ رِحْلَةَ حِصْنٍ وابنِ سَيَّارِ
إمَّا عُصِيتُ، فإنِّي غَيْرُ مُنْفَلِتٍ = مِنِّي اللِّصابُ، فَجَنْبَا حَرَّةِ النَّارِ
إذْ أَضَعُ البَيْتَ في سَودَاءَ مُظْلِمَةٍ، = تُقَيّدُ العَيرَ، لا يَسْري بها السَّارِي
تُدافِعُ النَّاسَ عَنَّا، حينَ نَرْكَبُها، = مِنَ المَظَالِمِ تُدْعى أُمَّ صَبَّارِ
ساقَ الرُّفَيْدَاتِ مِنْ جَوْشٍ وَمِنْ خَرَدٍ = وَمَاشَ مِنْ رَهْطِ رِبْعيٍّ وَحَجَّارِ
قَرْمَيْ قُضَاعَةَ حَلاَّ حَوْلَ حجْرَتِهِ = مَدَّا عَلَيْهِ بِسُلاَّفٍ وأَنْفَارِ
حتّى استَقَلّ بِجَمْعٍ لا كِفَاءَ لَهُ = يَنْفِيْ الوُحُوشَ عَنِ الصَّحْراءِ جرَّارِ
لا يَخْفِضُ الرِّزَّ عَنْ أَرْضٍ أَلمَّ بِهَا = ولا يَضِلُّ على مِصْبَاحِهِ السَّارِي
وَعَيَّرَتْني بَنُو ذُبْيَانَ خَشْيَتَهُ، = وَهَلْ عَليَّ بأَنْ أَخْشاكَ مِنْ عَارِ؟
[/poem]