أنظمة إدارة الجودة (Quality Management Systems)

الكل يصبو إلى الجودة, فالجودة تجعل الحياة ذات مذاق خاص في العمل والبيت وهي أساس الابتكار والتطور ووضوح الرؤيا, ومعظم المؤسسات تمتلك نظام جودة معين ولكن بنسب مختلفة ولذلك كان من الضروري تطبيق أنظمة الجودة التي جاءت من خلال تجربة طويلة, ليسهل الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من الجودة, فهي نسبية وليست مطلقة وهي هدف يرموا إليه الجميع في كافة مجالات الحياة وهذا الهدف يبدأ تحقيقه من تبني نظام الايزو 9000 وتطبيقه وتطويره بلا نهاية 0
وفي خضم التقدم العلمي والعملي وصغر المسافات بين دول العالم وارتباط المصالح الدولية مع بعضها وخاصة الاقتصادية والصناعية والتبادل التجاري والمنافسة وفتح أسواق جديدة جاءت الحاجة لنظام إدارة الجودة الذي وضع من قبل المنظمة الدولية للتقييس "الايزو" "ISO " International Organization for Standardization وجاءت مواصفات الايزو 9000 نتيجة تجربة إنسانية طويلة في كيفية إدارة الأعمال الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية , حيث أن منظمة (ISO) أسستها مجموعة الدول الصناعية في سنة 1947 ( ومقرها جنيف / سويسرا ) وأصدرت هذه المنظمة مواصفات الجودة " الايزو 9000" والتي اكتسبت اعترافا عالميا بها كنظام غايته معالجة جميع المقومات المؤثرة في الجودة وإزالة المقومات السلبية وتطوير المقومات الإيجابية بحيث تكون نتيجة تطبيق نظام الجودة وتحسين الأداء ورفع الكفاءة ومستوى الجودة في الخدمات والمنتجات المقدمة وبالتالي الوصول إلى نظام مبني على المساهمة الجماعية يتيح للمؤسسات سهولة التخطيط والتوسع والإبداع وتقليل الأخطاء للوصول إلى الخدمات والمنتجات التي يتوقعها الزبون وقياس مدى رضى الزبون وتكون مطابقة للمعايير والمقاييس الدولية 0
لقد أصدرت منظمة الايزو أول مواصفات الجودة سنة 1987 وهي الايزو (9003,9002,9001 )
وحيث أن هذه المواصفات قابلة للتطوير والتقييم الدوري فان آخر تحديث كان في نهاية عام 2000 حيث تم دمج المواصفات أعلاه في مواصفة واحدة هي الايزو(9001/2000 ) 0

النظريات الحديثة في تعريف الجودة
مع التطور العلمي والتكنولوجي، ظهرت بعض التعاريف الحديثة للجودة والتي أصبحت بشكل كبير تركز على المتعاملين والزبائن ومن هذه التعاريف ما يأتي:
• أداء المنتج بما يتوافق مع المواصفات المتوقعة من الزبائن0
• سد احتياجات الزبون من أول مرة وفي كل مرة 0
• توفير المنتجات والخدمات للزبائن والتي تلبي بشكل متوافق حاجاتهم وتوقعاتهم 0
• إنجاز العمل بالشكل الصحيح من المرة الأولى 0
• الاهتمام الكبير والدائم بالتطوير المستمر 0
• الاهتمام الدائم بإرضاء الزبائن 0

من خلال التعاريف السابقة نستطيع أن نعرف الجودة:
الجودة هي مقياس لتلبية حاجات الزبائن ومتطلباتهم المعلنة والضمنية, وبالتالي لا تعني الجودة بالضرورة التميز, وإنما المطابقة للمواصفات أو الإيفاء بحاجات الزبائن وتوقعاتهم, بينما سيظهر لنا أن الجودة الشاملة تساعد على التميز 0

تطور مفهـوم الجـــــــودة

على الرغم من ظهور مفهوم الجودة منذ زمن بعيد, إلا انه لم يظهر كوظيفة رسمية للإدارة إلا في الآونة الأخيرة, إذ أصبح ينظر إلى الجودة في الفكر الإداري الحديث على إنها وظيفة تعادل تماما باقي الوظائف مثل وظيفة المشتريات, والوظيفة الهندسية, وبحوث التسويق وغيرها 0 وأصبحت تستحق الانتباه من جانب رجال الإدارة العليا بالمنظمات 0 وخلال رحلة التطور في الفكر الإداري فيما يتعلق بإدارة الجودة يمكن أن نلحظ إن تتابع المداخل المتطورة للجودة عبر تطورها لم تحدث في صورة هزات مفاجئة للفكر الإداري, أو في صورة طفرات, ولكنها كانت من خلال تطور مستقر وثابت, وكان هذا التطور انعكاسا لسلسلة من الاكتشافات ترجع إلى قرن مضى وهذه الاكتشافات يمكن تقسيمها إلى أربعة عصور متميزة للجودة وهي: الفحص, وضبط الجودة الإحصائي, وتأكيد الجودة أو ضمان الجودة, وإدارة الجودة الشاملة, أو يطلق عليه في بعض الأحيان إدارة الجودة الاستراتيجية 0
ويؤكد وجهة النظر السابقة ما أورده DALE & COOPER عن تطور إدارة الجودة الشاملة وتقسيمها إلى عدة مراحل عبر رحلة تطور الجودة, إلا أنهما زادا على ذلك بقولهما إن كل مرحلة تالية من مراحل التطور قد اشتملت وتضمنت المرحلة السابقة عليها, ولم تكن منفصلة عنها, فمراقبة الجودة تتضمن الفحص, وتأكيد الجودة يتضمن مراقبة الجودة, وإدارة الجودة الشاملة تتضمن تأكيد الجودة0

المرحلة الأولى: التفتيـــش INSPECTION
وهي مرحلة الاهتمام بتفتيش المنتجات باستخدام الوسائل الفنية في بداية القرن التاسع عشر خاصة مع بداية ظهور نظام الإنتاج الكبير والذي استدعى وجود وظيفة مستقلة تقوم على فحص المنتجات لمعرفة درجة المطابقة للمواصفات 0 إن هدف التفتيش هو منع وصول الوحدات المعيبة إلى المستهلك لكنها لا تمنع وقوع الخطأ0

المرحلة الثانية: ضبط الجودة QUALITY CONTROL
وهي حالة استخدام بعض الأساليب الإحصائية في ضبط الجودة والتي بدا استخدامها مع بدايات القرن العشرين مع قيام G.S RADFORD بنشر كتابه عام 1922 حول ضبط الجودة في المصانع (THE QUALITY CONTROL IN MANUFACTURING) وكان ذلك في بداية وجود قسم مستقل لضبط الجودة يعتمد على استخدام الأساليب الإحصائية حيث شهدت هذه المرحلة إدخال أهم الأساليب الإحصائية في ضبط الجودة مثل (العينات الإحصائية وعينات القبول وخرائط الجودة ) والتي شاع استخدامها في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وطيلة فترة الخمسينات 0

المرحلة الثالثة: تأكيد وضمان الجودة QUALITY ASSURANCE هي مرحلة التأكد من الجودة وضمانها والتي بدأت في الصناعة العسكرية والنووية مع نهاية الحرب العالمية الثانية ثم تطورت لتكون بمثابة الرد الأوربي على مفهوم الضبط الشامل للجودة ( TOTAL QUALITY CONTROL TQC ) الذي استطاعت اليابان بواسطته غزو الأسواق الأوربية في عقدي السبعينات والثمانينات ,وبهذا استخدم الأوربيون مبادئ تأكيد الجودة ثم إدارة الجودة في بناء ألIOS 9000 كنظام لإدارة الجودة مستخدمة إياه كأحد الأسلحة التنافسية الإستراتيجية في مواجهة الغزو الآسيوي والأمريكي لأسواقها من خلال اعتماده مدخلا أساسيا للوصول إلى الإدارة الشاملة للجودة .
المرحلة الرابعة: إدارة الجودة الشاملة TOTAL QUALITY MANAGEMENT
وهي مرحلة الإدارة الإستراتيجية للجودة التي تمثل الطور المتقدم في مرحلة الإدارة الشاملة للجودة المعتمدة على استخدام الجودة كسلاح تنافسي 0 فالإدارة الاستراتيجية للجودة ( STRATEGIC QUALITY MANEGEMENT ) هي عملية تكامل بين أصول فن الإدارة وبين مبادىء ومنهجيات وأنشطة ومداخل, وتقنيات الجودة ( الشاملة أو الاستراتيجية ) لتطوير وتنفيذ استراتيجيات أعمال ناجحة للشركة فهي ترادف ( الشمولية TOTAL ) بـ ( الاستراتيجية STRATEGIC ) وهذا يعني إن الفكر الاستراتيجي يجب إن يشمل جميع أركان الجودة, إن التحسين المستمر
في الأداء يتأتى من خلال التركيز على متطلبات وتوقعات الزبائن مع عدم إغفال متطلبات المساهمين(Stokeholders) وجميع أصحاب المصالح الآخرين (Stakeholders) 0
إن هذا التطور التاريخي يمكن أن يكون أساسا لخطوات يجب القيام بها للوصول إلى الإدارة الشاملة للجودة ومن ثم الإدارة الاستراتيجية للجودة وتأتي الفكرة الأساسية من اعتبار ISO 9000 هو الحد الأدنى للاستمرار في السوق والقاعدة الأساسية لنشوء وتطور حركة الجودة 0


أهم أهداف وفوائد أنظمة الجودة العالمية

أولا: للشركة
1- توضيح المتطلبات والواجبات والصلاحيات لكل الكوادر في الشركة ليكون العمل مسؤولية جماعية وبناء نظام فعال للإدارة كحجر أساس يساهم في تطوير وتنظيم المؤسسة مستقبلا.
2- تحليل وتصميم وقياس جميع العمليات التي تقوم بها الشركة الإنتاجية أو الخدمية كقياس مستوى رضى الزبائن أو قياس مدى فاعلية العملية الإنتاجية أو الخدمية.
3-التخطيط السليم لطرق العمل والإرشادات ومحاولة عمل المنتج أو الخدمة بصورة مرضية وعلى وجه الكمال ومن المرة الأولى وبالتالي التقليل من عمليات التصحيح الدائم في المنتج والخدمات وتقليل كلفة الإنتاج.
4-المماثلة في طرق الإنتاج والخدمات التي تكون بنفس المواصفات وبكميات كبيرة سيكون التغيير في أي مرحلة مسببا إلى تغيير المواصفات لجميع الكمية الإنتاجية وهنا يأتي دور نظام الجودة من خلال التدقيق الداخلي ومتابعة إجراءات التعديل والتصحيح والاجتماعات الدورية لغرض مواكبة الإنتاج ورفع الكفاءة وزيادة أرباح الشركة.
5-علامة الجودة تكسب الشركة شهرة واسعة وسمعة جيدة وتعطيها الثقة الكاملة للمنافسة في السوق العالمية وكذلك تفهم متطلبات الزبون وتوثيق الخطوات والواجبات المتخذة للوصول إلى تأمينها وبصورة مرضية وبالتالي كسب ثقة الزبون وزيادة المبيعات.
ثانيا: للزبائن
1-تسهيل اتخاذ القرار السريع والمناسب لشراء المنتجات أو استعمال الجهات الخدمية معتمدا على حصوله على منتج أو خدمة بمواصفات الجودة المعتمدة والموثوق بها دوليا وتسهيل عملية الاختيار بما يلبي احتياجاته وبدون إرسال فريق تفتيش وتدقيق إلى جهة الإنتاج لمعرفة صلاحية الإنتاج مما يقلل الوقت, المصاريف ويسهل عملية التعاقد.
2-المساعدة في حماية المستهلك من خلال الحصول على مقابل عادل للثمن الذي يدفعه مقابل هذا المنتج أو هذه الخدمة وكذلك إعطاء مؤشر معتمد لضمان السلامة وحفظ الصحة.
ثالثا: للبلد بشكل عام
1-التطور في الإنتاج الصناعي والزراعي والتجاري والخدمي ينعكس بصورة واضحة وإيجابية على البلد الذي يمارس ويدعم هذا النشاط في اتباع المواصفات والمعايير العالمية للنظم الإدارية..
2- تنشيط التقدم الإداري والعلمي وبصورة مدروسة وذلك باستخدام الأساليب العالمية الحديثة في الإنتاج والخدمات وتأهيل كوادر محلية لإدارة الشركات بصورة عامة وبأسس علمية وعملية.
3-مناطق العمل دائما منظمة ونظيفة مما يعطي واجهة حضارية متطورة.